جراح: الغرب يسأل عن بن لادن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
حوار مع الباحثة سمر دهمش جراح:
يجب على العرب التوقف عن القاء اللوم على الآخرين.
يجب عليهم القيام بشئ تجاه هذا التجاهل العالمي.
الغرب لا يسمع الا صوت بن لادن والظواهري والزرقاوي
أغلب ردود العرب متخاذلة وحمقاء.
أغلب الناس يجيدون العبادة ولكن لا يعيشون الاسلام.
لماذا نتوقع أن يحترم الآخر ثقافاتنا وميراثنا اذا كان العرب أنفسهم يهربون منه.
سلوى اللوباني من القاهرة: الباحثة والصحفية سمر دهمش جراح، محاضرة في العلوم السياسية في جامعة جنوب فلوريدا منذ 16 سنة، بدأت مشوارها الاعلامي من التلفزيون
* ما هي انطباعاتك عن الامريكيين بعد 16 سنة من الحوار معهم من خلال محاضراتك؟
- أولاً ليست لديهم معرفة كافية عن شؤون العالم والتاريخ، ولكنهم لا يمانعون على الإطلاق التعرف على الآخرين، ثانياً الأمريكييون لديهم صفات متفردة خاصة عن أنفسهم، فعندما يكتشفون حقيقة شيء ما يحاولون تغييرها، وهذا ما يحدث مع عدد كبير جداً من الأمريكيين الذين يحضرون الدروس والمحاضرات التي أُلقيها، أو الذين قرؤوا كتابي، فبمجرد أن يفهموا العرب بصورة أفضل، يحاول الأمريكيون تغيير وجهات النظر الأمريكية الأخرى أيضاً، من خلال مشاركة الكتاب مع الأصدقاء والأقارب، وعلى وجه الخصوص الأشخاص الذين لديهم وجهات نظر سلبية تجاه العرب، ثالثاً يحتاج العرب والأمريكيون المسلمون وكذلك العرب في العالم العربي، إلى بذل المزيد من الجهد لتوصيل أصواتهم إلى جميع أنحاء العالم، يجب أن يتوقف العرب عن إلقاء اللوم على الآخرين، بسبب عدم معرفتهم أي شيء عن الثقافة والسياسة والديانات العربية، ويجب عليهم القيام بشيء تجاه هذا التجاهل العالمي.
* وكيف بدأت فكرة إعداد الكتاب؟
- بصراحة والدتي هي التي دفعتي لكتابة وإصدار الكتاب، فقد اعتادت على مصاحبتي في جميع الأحاديث التي ارتبطت بها في جنوب غرب ولاية فلوريدا، وكانت والدتي تندهش دائماً عندما ترى مدى الإيجابية والاستجابة التي يتفاعل بها الأمريكيين لمحاضراتي وحضوري، لذلك ظلت والدتي تشجعني وتحثني على كتابة وإصدار كتاب للوصول إلى عدد أكبر من الأمريكيين، وذات يوم قررت أن أحاول ما نصحتني به، ولكن كان أصعب شيء هو تحديد ما سوف أكتبه بالضبط، واستغرق الأمر معي شهوراً عديدة للوصول إلى نوع وشكل الكتاب الذي سوف أكتبه. كما منحتني خبرتي الطويلة في التحدث إلى الأمريكيين فكرة الكتاب، وهي أنني يجب أن أجد - طريقة لكي آخذ الأسئلة التي يطرحها الامريكيون دائماً، ليجيب عنها الكتاب نيابة عن العرب، من خلال إعطاء تلك الأسئلة إلى العرب ليجيبوا عليها بصورة مباشرة، ولذلك أنتهى بي الأمر وأنا أجمع الأسئلة من الأمريكين من جميع مجالات الحياة، وقمت بشراء جهاز تسجيل وسافرت إلى الأردن والكويت ومصر لكي أجمع بعض الأشخاص "بصورة عشوائية" للإجابة عن تلك الأسئلة.
* ما نوعية الأسئلة التي طرحت في الكتاب؟
- يسأل الأمريكيون الكثير من الأسئلة المرتبطة بالدين والمرأة والثقافة والسياسة، والبعض يتساءل عما إذا كان العرب قد سمعوا من قبل عن يسوع المسيح عليه السلام، وكيف تشعر المرأة العربية التي تُولد في مجتمعات لا تمنحها أي حقوق؟ كيف يمكن للأمريكيين والعرب اختراق الفجوة الموجودة بينهما؟ وهل يمكن أن تعمل المرأة في وظيفة طبيبة؟ وكيف ينظر العرب إلى فضيحة سجن أبو غريب؟ في أي نص يذكر القرآن الكريم أن العرب يجب أن يكرهوا ويقتلوا الأمريكيين؟ هل أسامة بن لادن زعيم ديني أم زعيم سياسي؟ هل يقبل العرب إسرائيل كدولة مجاورة؟ هل يكره العرب أمريكا بسبب الدعم الأمريكي لإسرائيل؟
* هل اتبعت خطة معينة في اختيار المستهدفين في الحوار؟
- بذلت قصارى جهدي للتوفيق بين العرب الذين أجابوا على الأسئلة، والأمريكيين الذين طرحوا الأسئلة، كان الأمريكيون من الطبقة الوسطى، وجميعهم يمتلكون جهاز كمبيوتر، وإلى حد ما متعلمون، وكان بينهم الشباب والكبار والرجال والنساء، وكانوا من خلفيات متعددة، (جدة، فنان، مذيع، جنرال متقاعد، طلاب جامعة..) ولم أقم أبداً بإجراء أي مقابلة مع شخص أعرفه من قبل، أو من الأقارب، أو يعمل بوظيفة حكومية، كنت اختار العرب العاديين بصورة عشوائية من جميع مجالات الحياة، وكنت أقوم شخصياً بإخبار القراء قبل كل مقابلة عن كيفية اختياري لكل شخص، وقد أحب القراء هذا الجزء من كل مقابلة.
* يٌعد الكتاب وفكرته محاولة فردية من قبلك، هل تنوين المتابعة؟
- تطلب كتابة الكتاب ونشره على نفقتي الخاصة، بذل الكثير من المجهودات والعمل الشاق، وبالرغم من ذلك فإن الأمر يستحق المجهوذ المبذول، وأقول ذلك كلما رأيت كيف أن مجرد فكرة بسيطة نجحت في تغيير الطريقة التي يفكر بها الإمريكيين في العرب، وبصورة غير مباشرة في الإسلام أيضاً، ويعتبر الكتاب من النوع التفاعلي لأن الناس يمكن أن يزوروا الموقع الإلكتروني الخاص بالكتاب، وتسجيل تعليقاتهم ويمكن أيضاً أن يتبادلوا وجهات النظر والحوار، لذلك فأنا احتاج إلى بناء طريقة أكثر فاعلية لإشراك كل من العرب والأمريكيين في حوار مباشر، وأيضاً احتاج إلى كتابة الجزء الثاني من الكتاب الذي يجيب فيه الأمريكيين عن الكثير من الأسئلة التي يسألها العرب، لقد كانت زيارتي الأخيرة إلى مصر والأردن ملهمة جدا بالنسبة لي، وجلعتني أدرك أنه مازال هناك الكثير من العمل الذي يجب انجازه، ويجب عليّ أن أجد طرق ملموسة بصورة أكبر لإفساح الطريق للحوار المباشر بين الأشخاص العاديين من الأمريكيين والعرب، ولذلك فقد طلب مني الكثير من العرب أن أعود ثانية وأعطي بعض ورش العمل، لكي أوضح لهم كيف يمكن أن يكونوا متفاعلين في الحوار المباشر، ولذا أعتقد أنه يجب عليّ القيام بأشياء أكثر من مجرد كتابة كتاب واحد.
* أي من الافضل التوجه الى الحوار المدني بدل السياسي في الوصول الى الآخر؟
- تعتبر الدول العربية ضعيفة جداً من الناحية السياسية، والاقتصادية، والدبلوماسية، والعسكرية لأن تكون قادرة على إجراء حوار ناجح مع باقي دول العالم، إننا فشلنا كدول، ولذلك أتمنى أن ينجح الأفراد العرب في سد الفجوة، وأن يكونوا قادرين على الوصول إلى الغرب وشرح الثقافة والسياسات العربية.
- ولكن هل الآخر ملتزم بالموضوعية أثناء حواره معنا!! هل لديه الرغبة في الفهم والمعرفة؟
- يرغب "الآخر" في إجراء حوار مع باقي العالم، ولكن بالرغم من ذلك فإن أغلب الناس في العالم لا يكرهون بعضهم البعض، ولكنهم فقط يكرهون ما يخافون منه وما لا يفهمونه، لا يعرف الإمريكيون العرب والإسلام سوى من المشاهد التلفزيونية التي يشاهدونها، وتلك المشاهد سلبية وتجسد وتلقي الضوء على ما يفعله الارهابيون، وليس ما يقوم به العرب العاديين في حياتهم اليومية، ولذلك أعتقد أن هناك رغبة هائلة لدى الكثيرين من غير العرب في أن يفهموا الثقافة العربية، ولكن من يقوم بذلك؟ أين أصوات العرب العاديين المعتدلين؟ يسمع الغرب أصوات بن لادن والظواهري والزرقاوي، ولكنه لا يسمع أصوات زويل ونجيب محفوظ والكثير الآخرين، و"الآخر" في حالتي هم الأمريكيين، الذين كانوا دائماً يتسمون بالأدب والاحترام في محاضراتي، حتى إذا كانوا يعارضون تماماً ما كنت أقوله، والواقع أنني تعلمت منهم كيف أكون هادئة وألا أفقد أعصابي أبداً، أنني أتكلم عن أشخاص اختاروا حضور محاضراتي التي تشرح الثقافة العربية والدين.
* والى متى يبقى المثقف العربي في حالة دفاع مستمر عن الذات من خلال حواره أو خطابه،؟
- يعرف أغلب العرب الكثير عن التاريخ وسياسات العالم أكثر من أي شخص أخر، وأعتقد أن ذلك نتيجة لتعرض العالم العربي للاحتلال على يد الكثير من الغزاة، وبسبب موقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية ستظل المنطقة العربية دائماً تجذب أطماع القوى الأجنبية، ولذلك سوف تشترك بقوة جميع القوى في تحديد مصير العرب، وهذا ما يجعل العرب على دراية أكثر بالسياسات، وبناء على ذلك علق عدد كبير من الأمريكيين الذين قرؤوا الكتاب عن مدى معرفة العرب العاديين بالسياسات الأمريكية وأحداث العالم، ولكن لا تتوافر لدى جميع الاشخاص في العالم معرفة عن أي شئ خاص بسياسات بلدانهم، لذلك فهم لا يجهلون السياسات العربية وحدها، يجب على العرب أن يكونوا أكثر صراحة مع باقي شعوب العالم، في شرح لماذا يهتم كل شخص في الاستيلاء على مواردنا الطبيعية، ويشنون الحروب مثل الحرب على العراق.
* والمطلوب أن نكون شارحين وموضحين طوال حياتنا؟
- العرب دائماً في حالة دفاع عن النفس لانهم فشلوا في أن يكون لهم صوت في الخريطة الدولية، ليس من الناحية السياسية ولكن الأكثر أهمية من الناحية الثقافية والإعلامية، أمريكا تفعل ما يحلو لها لأنها تستطيع القيام به، فلماذا لا نقوم نحن الأشخاص العاديين بمحاولة تغيير الطريقة التي يشعر ويفكر بها الأمريكيين تجاه العرب والمسلمين، حتى يمكنهم التأثير على صانعي السياسات في بلادهم، في يوم الأحد تجمع حوالي 35 ألف من المواطنيين الأمريكيين، وخرجوا إلى الشوارع وطالبوا الحكومة الأمريكية بوقف الحرب في العراق، لو كان العرب قد نجحوا في الوصول إلى الملايين من الإمريكيين، لكان هناك الملايين الذين خرجوا في ذلك الأحد! إذا تظاهر الملايين من الإمريكيين ضد الحرب على العراق، سوف يجبرون الإدارة الأمريكية على الاستماع إلى شعبها، لا توجد وسائل إعلام عربية تنطق باللغة الإنجليزية أو اللغات الأخرى التي يتحدث بها الغرب، لماذا يرسل إلينا الغرب قنوات مثل الـ سي إن إن و بي بي سي ونحن لا نرسل إليهم أي شيء؟ لذلك سنظل دائماً ضعفاء وسنكون دائماً في حالة من الدفاع عن النفس.
* أي نتحمل مسؤولية جهل الآخر بنا؟
- يمتلك الآخر وسائل إعلامية أفضل ولها تأثير أكبر وهي متحيزة بطبيعتها، وإذا كان الغرب يعرف أي شيء عن العرب، فسيكون شيء سلبي بالأساس، تركز وسائل الإعلام الغربية على الأشياء السلبية التي تخرج عن العالم العربي، ولا تركز أبداً على إظهار الأشياء الإيجابية، إن الغرب يتسلل إلى الحياة العربية في جميع العناصر والموسيقى والغذاء والملابس، والعرب يقعون في خطأ فادح ذلك لأننا نمتلك الثروة في كل من المال والميراث والثقافة، وبالرغم من ذلك فإن العرب يفشلون في إخبار الآخر عن كل ذلك، لماذا نتوقع أن يحترم الآخر ثقافاتنا وميراثنا إذا كان العرب أنفسهم يهربون منه؟
* نحن مجتمع الفزعة، أي نهب للعمل بجدية عند وقوع الحدث، هل تعتقدين انه احد أهم الأسباب التي دعت إلى استنزاف كل الوسائل بعد 11 سبتمبر في حوارنا مع الآخر لنثبت أننا لسنا إرهابيين؟
- نعم، أغلب العرب والمسلمون تكون ردود أفعالهم متخاذلة وحمقاء، ورد الفعل على الرسوم الكرتونية الدنماركية تعتبر مثال على ذلك، شعر الناس بالغضب الشديد وحرقوا
* نعود ثانية الى الكتاب، كيف يمكنك تفعيل الكتاب للاستفادة منه أكثر؟
- يجب أن يصل هذا الكتاب إلى أيدي كل أمريكي يخطط إلى زيارة العالم العربي، فهو يعطي لهم فكرة ولمحة عن العقل العربي، وسيكون مفيداً جداً أن يكون متوفراً في جميع متاجر الكتب في الفنادق، حيث يرغب السياح أحياناً في قراءة كتاب لفهم الدول العربية التي سوف يزورونها، وستكون قراءة الكتاب أيضاً مفيدة جدا بالنسبة لطلاب المدارس الثانوية والجامعات، لأن الكتاب سوف يقدم لهم الكثير من الموضوعات التي يمكن البحث عنها لاحقا، وأهم شيء هو الموقع الإلكتروني للكتاب، كما ذكرت الكتاب من النوع التفاعلي حيث يستطيع الناس زيارة الموقع وكتابة وإرسال تعليقاتهم، ويتبادلوا وجهات النظر والحوار. www.arabvoicesspeak.com
* ما أهم النتائج التي خرجت بها من الإجابات؟
- يوضح الكتاب أن العرب يرغبون في الحوار مع الإمريكيين بصورة مدنية، وأن العرب أيضاً لا يكرهون الشعب الأمريكي على الإطلاق، يشعر العرب بالغضب تجاه السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية خاصة إزاء الشعب الفلسطيني، لقد عبر جميع الأشخاص في كتابي "الصغار والكبار والمسلمون والمسيحيون والرجال والنساء"، أن فلسطين تحتل المكانة الأولى بالنسبة لهم أكثر من الحروب أو أي شيء آخر في الحياة، وهذا يعتبر أهم استنتاج يخرج به الكتاب، خاصة وأن الإدارة الأمريكية ووسائل الإعلام ترفض التصريح بذلك كسبب للعداء الصريح تجاه السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، وهناك استنتاج أخر مهم في الكتاب وهو أن العرب متعددون ومختلفون في آرائهم السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية وكذلك أيضا في مظهرهم، جميع الأشخاص الذين تحدثوا في كتابي عبروا عن رغبتهم في الحصول على المزيد من حرية التعبير، ويطالبون بالتغيير في جميع عناصر المجتمع.