آلاء الهذلول: الحجاب ليس واجبا دينيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
حوار مع الروائية السعودية الشابة آلاء الهذلول
حاورها عبدالله المغلوث: لا تحتاج أن تتسلق قلاع سومور(تبعد 315 كيلومترا جنوب غرب باريس) لتتعرف على الشابة السعودية آلاء الهذلول، وهي تضع مكياجا للسماء أثناء قفزها ببراشوتها الملون. باستطاعتك توفير ثمن تذكرة باهظة ورحلة وعرة من خلال اقتناء روايتها"الانتحار المأجور"- تقع في 126 صفحة-، مقابل 3.6 دولار أميركي، لتكتشف
طفولة ناقصة
ولدت السعودية، آلاء الهذلول في ميلواكي، ولاية ويسكانسون (شمال أميركا)، وعلى وجه التحديد بمحاذاة الشاطئ الجنوبي الغربي لبحيرة ميشغان التي تبعد 90 ميلا( 145 كليومترا) شمال شيكاغو الشهيرة بناطحاتها وشغبها. خلال سنواتها الست الأولى لم تكف أسرتها عن الارتحال قبل أن تستقر في جدة (غرب السعودية) التي شهدت تفتحها. كانت طفولتها "عادية" حسب وصفها إلا أنها كانت وجيزة "عوملتُ كامرأة قبل أن أبلغ العاشرة، توقفتُ عن اللعب بالدراجة الهوائية في الحي بسبب طول قامتي". أما الإجازات فكانت تقضيها في القصيم (وسط السعودية) حيث تعود جذورها إلي محافظة البدائع، تتذكرها قائلة:"حرمتني الشعور بالطفولة، أجبرتني على النضج مبكراً، لكن أجمل ما في تلك الفترة هو خروجي وحدي مع والدي في كل يوم جمعة(حسب ظروفه) حيث نتناقش في كل الأمور، كأنه صديق، أكثر من أب". أثناء مراحلها الدراسية الأولى لم تتغزل آلاء بصديقاتها البنات "كما تفعل البنات مع بعضهن" فهي تقول:"كنت مشبعة عاطفيا ولم أكن في حاجة للتغزل بزميلاتي للتفريغ عن عواطفي، كنت كذلك معتزة بنفسي ولا أشيد بأحد بتاتا لكن تغيرتُ الآن".
لحظات مرعبة
أمضت الهذلول مرحلتها المتوسطة متنقلة بين العيينة(قرب الرياض)-التي ولد فيها الشيخ محمد بن عبدالوهاب وشهدت انطلاقة دعوته الشهيرة-وجدة. كانت أيامها في العيينة"مريحة نوعا ما" وفق تعبيرها. ترجعها إلى كون المعلمات والفتيات في المدرسة يتحدثن لهجتها النجدية"لم أكن في العيينة بحاجة إلى تصنع اللهجة كي أكون شبيهة بقريناتي كما كنت أفعل في جدة". لكنها لا تنسى لحظات التفتيش "المرعبة" التي مرت بها"عند الدخول والخروج من المدرسة للتأكد من تطابق العباءات مع المواصفات والمقاييس العرفية".
مازالت تعلق في ذاكرة آلاء بعض المواقف التي صاحبت دراستها في السعودية من بينها طريقة اللبس، حيث كان عليها ورفيقاتها الالتزام بألوان محددة لربطات الشعر، الأحذية،
موعد مع باريس
قبيل انتقالها إلى المرحلة الثانوية، انتقلت أسرتها إلى فرنسا بسبب طبيعة عمل والدها، الضابط في البحرية السعودية، تنفض الغبارعن أيامها الأولى في باريس:"كنتُ أواجه ضغوطا شديدة عند وصولي إلى فرنسا، لأني لم أكن أتحدث اللغة، وانتظمتُ في مدرستين فرنسية وسعودية حيث لم نكن نعلم متى سنعود للمملكة". وترى آلاء أن عامها الأول في المدرسة الفرنسية كسنتها الأولى في روضة الأطفال"قلق في الصباح عند الذهاب إلى المدرسة، وفرح عند العودة إلى المنزل". عند انتقالها إلى باريس كانت متشوقة جدا إلى حمل لقب"فتاة مستقلة" وتحقيق ذاتها دون حاجة إلى شخص يتولى أمرها.لكنها أصيبت بخيبة أمل في أيامها الأولى في باريس عند التسجيل في مدرسة قيادة "فوجئت بالمسئول في المدرسة يطلب مني موافقة ولي أمري، وأنا أكره ذلك، لم يكن السبب في هذا الطلب جنسي أو جنسيتي بل كان بكل بساطة أني كنت في نظر القانون الفرنسي قاصرا، حيث لم أبلغ آنذاك 18 عاماً".
تعتقد آلاء أن النقطة المشتركة بين فرنسا والسعودية هي "البيروقراطية المهلكة" فإنجاز معاملة في فرنسا حسب الهذلول يفرض على الشخص "المرور بعدة مكاتب حاملا ملفا لإثبات كل شيء يتعلق به". وأكثر ما يضايقها في فرنسا ما يتعلق بتجديد الإقامة"أتمنى أن يتباحث الجانبين السعودي والفرنسي لمناقشة هذا الموضوع. أتوقع أن توقيع اتفاقية بين البلدين أمرا غير مستحيل". تستدل بعملها في قسم التأشيرات في القنصلية السعودية بباريس"ذهلت من سهولة حصول الفرنسي على تأشيرة و إقامة في السعودية خلاف نظيره السعودي حينما يتقدم للحصول على تأشيرة إلى فرنسا ".
الانتحار المأجور
في الأول من تشرين الثاني(نوفمبر) 2004، أصدرت آلاء روايتها الأولى بعنوان:"الانتحار المأجور" تناولت فيها ظاهرة: الإرهاب، وحاولت أن تحيط بالأسباب التي تدفع شاباً في مقتبل العمر إلى أن يصير إرهابياً وقاتلاً، ولماذا يفعل ذلك، وهل يختار طوعاً أن يقتل نفسه انتحاراً؟ تقول آلاء أنها هي من شجع نفسها على كتابة الرواية بعد أن أخبرت والديها عن المشروع. تعزو اختيارها "دار الساقي" لنشر تجربتها الأولى"لأن كتب كاتبي المفضل تركي الحمد تصدر من هذه الدار". وتتمنى الهذلول أن تفخر يوما بدار نشر سعودية يتهاتف عليها كبار الكتاب العرب لنشر أعمالهم لديها بعد أن تتحرر من الآليات التقليدية التي تتحرك وفقها"في الحقيقة كان بودي نشر كتابي لدى دار نشر سعودية لكنني كنت متأكدة من الرفض رغم عدم محاولتي الاتصال بأي واحدة منها". وقد بعثت فكرتها وجزء من مشروعها إلكترونيا إلى "دار الساقي" التي استقبلتها بحفاوة وشجعتها على استكمال ما بدأت به حتى خرج إلى النور. وأشارت الهذلول إلى تجاهل "دار الساقي" منحها حقوقها المالية، تقول:"أنا ساخطة مع الساخطين، لكنني كنت متوقعة هذا الأمر".
تعترف آلاء أن ظهورها إعلاميا بعد صدرو الرواية أثار غضب بعض أفراد عائلتها "كانت هناك ردود سلبية من بعض أطراف عائلتي لظهوري في وسائل الإعلام". لكن والدها لم يتضايق أبدا بل "هو فخور بي جداً و لا يعطي اهتماما لمحاربي النجاح". تقول:" أنا من تضايق من هذه الردود فكنت أظن أن عائلتي هي من ستساندني و تدفعني للأمام. لكنني في نفس الوقت متفهمة جدا لهذه الردود كوني في مجتمع لا يقبل بأن يفصح باسم الأم أو البنت فكيف سيكون الرد عندما يظهر الاسم مرفقا بصورة". تعتز آلاء بدور والدتها في نموها وروايتها الأولى حيث ساهمت في مراجعة عملها لغويا، ولا تستبعد أن تطرح معها عملا مشتركا معها:"بالفعل أمي تحمل فكرا نيرا وحبا للعطاء، قد يحصل هذا يوما ما".
نقد واستعجال
وصفت الناقدة السعودية، خلود الحارثي في جريدة "الوطن" في السادس من أيلول(سبتمبر) 2005، رواية"الانتحار المأجور" بأنها"درامة راكضة بلا فنية". وقالت في سياق رأيها:"ما قامت به آلاء الهذلول يستطيع أن يقوم به أي شخص يعرف الكتابة، وليس ثمة إبداع أو تميز في عملها إطلاقاً". تقول آلاء حول هذا النقد أن خلود الحارثي نست أن وراء هذا العمل "قصة إنسانية وليس كل من عرف الكتابة وجه قلمه لمناقشة قضايا غيرت ملامح البلد". تشير آلاء أنها عندما بدأت كتابة "الانتحار المأجور"بحثت عن أعمال أدبية تناولت هذا الموضوع لكنها لم تجد شيئا"فأنا أرى أن الإبداع هو الجرأة في طرح مواضيع شائكة". أما عن التميز "فأظن أنني أول من كتب عن هذا الإرهاب في قالب روائي. لكن قد يكون لدى خلود مفهوم آخر لمعنى الإبداع والتميز وأنا حريصة على معرفة ما تخبئه هاتين الكلمتين من معاني غائبة عن ذهني". وتتفق الهذلول مع الناقدة السعودية حول"بساطة"الأسلوب الفني للرواية. توضح"تعمدت استخدام أسلوب البساطة لكي يكون العمل في متناول الجميع حتى طلبة المرحلة الإبتدائية". وبخصوص الرأي الذي سجله الكاتب السعودي، نبيل فهد المعجل في موقع "النيل والفرات" في 16 من نيسان(ابريل) 2006 حول راويتها عندما قال: "رواية قصيرة كان من الممكن أن تكون أفضل لو لم تستعجل النشر" ردت الهذلول قائلة:"قصر الرواية هو ماجعله يستنتج هذا الرأي. أتوقع أن أسلوب البساطة، أسلوب كتابي جديد لم يتعود القراء عليه بعد".
بنات الرياض وأبو دهمان
تبررعدم كتابتها باللغة الفرنسية رغم حرصها على خوض التجربة إلى "إيقاع الحياة في باريس، الوقت يمضي بسرعة، وعندما يسمح لي الوقت سأعاود الكتابة". وتأسف لعدم قراءتها رواية الكاتب السعودي أحمد أبو دهمان "الحزام" التي كتبها باللغة الفرنسية وتتمنى أن تطلع عليها لاحقاً. حصلت آلاء أخيراً على رواية "بنات الرياض" للشابة رجاء الصانع وستبدأ قراءتها وشيكا لذلك تمتنع عن إعطاء رأيها حولها حاليا لكن تتوقع أن الاهتمام التي حصلت عليه"نابع من تقديم غازي القصيبي لها". وترى الهذلول أن جميع الأعمال الأدبية للشباب السعودي تستحق الاهتمام بعد الركود الذي حصل في الساحة الأدبية خلال الأعوام الماضية. تقول :"نحن الشباب نمثل أكثر من 70% من الشعب بينما لا نحس بأن لنا ثقل ونشعر بأن صوتنا غير مسموع، نحن بحاجة إلى أن نتعلم و أن نتعاون و ننبذ ديكتاتورية و احتكار الثقافة. فالأمم تتطور عندما يكون هناك تفاعل بين الأجيال".
تعتقد الهذلول أن خجل المرأة في السعودية من المطالبة بحقوقها لا يساعد المجتمع على التطور. وتؤمن أن التربية "تبذر في الفتاة الخوف" فتكبر الفتاة وكلها اعتقاد بأن الرجل يجانبه الصواب دائما وكلمته هي الأساس و"تحسب الفتاة أن هذه هي طبيعة الحياة. وترى أن المدرسة تتحمل قدرا كبيرا من المسؤولية،هذه مؤسسات ليست تعليمية فحسب بل تربوية وتثقيفية". تشعر آلاء بالحزن تجاه وضع الشباب في السعودية"أكثر شيء يضايقني هو التضييق على الناس سواء نساء أو رجال فمنع الشباب من الدخول إلى المراكز التجارية أو بعض الأماكن الأخرى دون رفقة إمرأة غير مقبول إطلاقا". وتشير أن الحديث عن وضع المرأة في السعودية"هو حديث ذو شجون" في ظل الوصاية المفروضة عليها. تقول:"بجواز سفري السعودي في فرنسا استطيع أن أعيش. بينما عندما أزور السعودية، عليّ دائما الاعتماد على الرجل في كل أموري". وتسمع آلاء من أمها وجدتها أن وضعهن في السابق أفضل بكثير من الآن. لذلك تتمنى أن يكون"هضم حقوق المرأة موضة عابرة حتى لو استمرت 20 عاماً".
وصمة عار
ترجع آلاء عدم ارتدائها الحجاب خارج السعودية قائلة: "أنا لا ارتدي الحجاب خارج المملكة، لأنني مؤمنة أن أساس الحجاب هو دفع الأذى فإذا كان الحجاب مصدر أذى فلست مجبرة على ارتدائه، وبالنسبة لي الحجاب هو نابع من العادات والتقاليد وليس واجب ديني". وحول ما يتردد حول أن الحجاب مجرد "قطعة قماش"، تقول لـ "إيلاف": أنا لا أحب الاستخفاف بأي شيء. أنا أتضايق جدا عندما أرى نساء أجنبيات في السعودية غير مكترثات بالحجاب. أعتبر تصرفهن إهانة و استخفاف بنا". تصف آلاء ما حدث لها في معرض الكتاب الأخير في الرياض"وصمة عار على المعرض". حيث تعرضت للمضايقات أثناء توقيعها على روايتها إثر عدم تغطيتها لوجهها، تقول"دُعي عليَ وعلى أختي أثناء تجولنا في المعرض من قبل أحد المشائخ بصوته الجهوري الذي ينتزع الخشية من القلوب ويحرض على التمرد".
حيث قال لها الشيخ حسب الهذلول:" اللهم ألجمهم بلجام من نار، اللهم أنهم لا يعجزونك". تعلق على دعائه:" إذ كان خائفا إلى هذه الدرجة من الفتنة فما عليه إلا أن يغض بصره فهو أفضل له و أرحم للعباد". و استطاعت في النهاية التخلص من هذا الموقف "دون أن أتنازل عن رأيي و أخنع لرأي شخص يحب التسلط على من ينتمي لمذهب غير مذهبه يجيز كشف الوجه". وما زاد من جرحها هو أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(السلطة الدينية في السعودية) هي الجهة المسئولة عن هذا النوع من القضايا. تتساءل:" إذا كان خصمك القاضي فمن تقاضي؟".
القفز بالبراشوت
وتتابع الكاتبة السعودية عدد من كتاب جريدة"الرياض" و"الوطن" السعوديتين. تقول:" أحب جريدة الوطن حيث تضم العديد من الكتاب الشباب ذوي الطرح المفيد و الجريء".
تحمل آلاء درجة الماجستير في الضرائب وقانون الأعمال، تعزو اختيارها هذا التخصص إلى رغبتها في حماية نفسها من "تعقيدات مصلحة الضرائب" عندما قررت إنشاء شركة خاصة في فرنسا"فكما تعلم نظام الضرائب هنا شائك جداً، و كنتُ خائفة من أن أقع ضحية الضرائب". أما عن سبب تعلمها للغة العبرية فترجعه إلى انجذابها إلى اللغة منذ سن مبكرة، أو بسبب"حبي لمعرفة أصل اللغة العربية". تقول عن عملها في السفارة السعودية"هنا تحكمنا عقلية بعض السعوديين الذين لا يثقون في عمل المرأة لذلك يحدون من مجال عملها حتى لو أن لديها الكفاءة و القدرة. فأصبح عملنا نحن النساء فقط صوري لكي نستطيع أن نقول: في سفارتنا نساء سعوديات". وتقول أنها تنوي العودة للرياض يوما ما لكن لا تعلم متى.
تمارس الهذلول هواية القفز بالمظلات "البراشوت" في مدينة سومور(جنوب غرب باريس)، مؤكدة أن لديها هوايات أخرى عديدة لكن "الوقت محدود في باريس". تبتغي الهذلول أن تنقل إلى اللغة العربية "الفكر القانوني"، تقول:" فأجمل ما وجدته في فرنسا هو القانون المدني و قانون العائلة" تستشهد بنابليون عندما قال: "مجدي الحقيقي لا يتمثل في أنني انتصرت في أربعين معركة، فواترلو كفيلة بأن تمحو كل هذه الانتصارات. الشيء الذي لن ينمحي وسيبقى إلى الأبد هو قانوني المدني". لكنها لا تدعو إلى تطبيق القانون المدني في السعودية لكن إلى "التفكير في تقنين الشريعة الإسلامية لتسهيل أمور القضاء".