البحيري: المثقف يريد زوجة بلا دماغ
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
حوار مع الكاتبة والأديبة المصرية نعمات البحيري (1/2)
سلوى اللوباني من القاهرة: نعمات البحيري كاتبة جريئة، صادقة مع نفسها، قادرة على مزج الخاص بالعام بمهارة شديدة، علاقتها مع الكتابة علاقة يومية فاسلوبها القصصي يعتمد على الوصف السردي للمواقف الحياتية بتفاصيلها الدقيقة، تنتقل من خلال قلمها وفكرها ورؤيتها الثاقبة بقارئها ين الماضي والحاضر والمستقبل، بدأ مشوارها الابداعي م
*ما هي الصعوبات والمعوقات التي رافقت رحلتك الابداعية؟
-لن أتحدث فقط عن صعوبات ومعوقات الرحلة مع الإبداع، وخاصة عندما يكون المبدع إمرأة، إمرأة خارج إطار المنظومات المتعارف عليها، كأن تكون المبدعة ثرية، تنفق على الإبداع أو تعمل في مؤسسة ثقافية أو إعلامية، تقوم بتلميع الكتاب والكاتبات الذين يقدمون لها خدمات جليلة، فيتبادل الكل التواطؤ والمنافع والواجبات، أو أن تكون المبدعة زوجة لأحد المسئولين عن صفحة ثقافية، فى جريدة أو مجلة أو زوجة لمسئول ثقافي أو اعلامي، فيبذل جهداً من أجل فرض إبداعها حتى لو كان غير تافهاً وغير حقيقي على الواقع الثقافي، أو أن تكون المبدعة عضو بارز فى حزب تتبنى أفكاره وشعاراته، ويتبنى هو مهمة في النفخ في رمادها، ليتحول اسمها بقدرة قادر الى نيران متقدة، وغيرها من الأسباب البعيدة كل البعد عن الإبداع،
كل الكاتبات داخل منظومة الاتجاهات السابقة نجدهن لامعات شهيرات، ولا تتناسب حجم الشهرة والألمعية، وكم المكاسب التي يجنونها مع حجم العطاء الفني والإبداعي الذى يقدمنه للواقع الثقافي وديناميكية الحياة، لكن ليس مهماً حجم العطاء الفني والإبداعي، فهن كاتبات مدعومات وغالباً ما تنزل عليهن النقد والجوائز والشهرة والترجمة كالمطر.
*وماذا عن الكاتبات خارج منظومة الدعم باتجاهاتها المختلفة السابقة؟
-تواريهن الظلال الشاحبة، وينحتن مكانتهن فى الصخر، ويدخلن الواقع الثقافي مثقلات بهَم كبير اسمه الابداع، تنذر الكاتبة نفسها له ليظل مغامرتها الكبرى، وتظل طيلة حياتها في مواجهة مع الرجل والمجتمع، والشروط غير الانسانية التى تعيشها وتدخل في صراعات مع الرجال والنساء داخل المنظومة الظالمة السائدة، وتٌحاصر من قبل الأهل والجيران وزملاء العمل وزملاء الواقع الثقافي، الذين لا يرونها إلا "نتاية"، رغم ادعائهم الثقافة والتحضر، فتظل فى مواجهات حادة حتى تنتزع لنفسها مكانة خاصة بين الكتاب والكاتبات، أغلب "كاتبات خارج الدعم" يعملن فى مؤسسات حكومية تقليدية تستنزف طاقتهن الإبداعية والوقت والجهد، وعليه فرحلة الإبداع فى ظل إشتراطات صعبة تصبح أشبه بمغامرة غير مأمونة العواقب، وتجر الكاتبة من قهر إلى قهر، ومن تهميش إلى تهميش، ومن نفي إلى نفي، وخاصة اذ كانت ذات وحيدة فاعلة، تصر على ألا تكون ذات غير مفعول بها فى مواجهة العالم، تصر على إنصاف ذاتها من أنواع الإضطهاد الذكوري والحكومي والمؤسسي الموجه، من قبل الأب والزوج والأخ والجار والرئيس فى العمل وزملاء العمل، والمناخ الاصولي والسلفي السائد فى المجتمع.
*وهل انتزعت مكانة لك في ظل ما ذكرت؟
-بعد تلك الرحلة المضنية، نعم، انتزعت لنفسي مكانة فصرت أكتب وأتحرك فى العالم، وكأن العالم هو بيت أبي، أزهو بذات خاصة متفردة، شديدة الأتساق مع عالمها وسلوكها وأفعالها، ففي الإبداع أطرح العالم أمامي وأعيد صياغته وترتيبه وفق منطق فني، توحي لي به لا منطقية الحياة أحياناً، فالواقع حولنا فاق الفن والخيال، وللأسف كل يوم يتأكد لي أن الإبداع بديل لكل القيم غير المتحققة فى الواقع من خير وحق وجمال وعدل وحب وحرية، كما أن الابداع أيضاً بديل لعدم تحقق الكاتبة نفسها في الحياة، باعتبارها البشر الحقيقي الذى تجسدت فيه كل هذه القيم، فيصير الإبداع أحد الوسائل لمقاومة الموات والسكونية والخواء، وكل أسباب القبح الذى نعيشه فى منطقتنا العربية، رحلة الإبداع رحلة شاقة، ضاع فيها الاستقرار الاجتماعي وألغي فيها الانسجام العاطفى، لكن خفف من وطأة هذا إيماني الحاد والكثيف أن ثمة رسالة ما، إن لم تكن رسائل لابد أن تقال من خلالي، وهذا قدر الموهوبين والموهوبات دوز زوائد أخرى.
* ماهي الإشكاليات التي تواجه المرأة المثقفة في المجتمع العربي؟
- المجتمعات العربية ليست كتلة واحدة، وتتفاوت فيها نسب القمع والحرية، لكنها جميعاً وفي الغالب تعاقب المرأة المثقفة، والمرأة المبدعة الحقيقة، ولا ترغب فيها إلا اذا كانت امرأة جميلة على غرار جمال فتيات الاعلانات فيتم "تسليعها"، وجعلها واجهة اعلامية على أعمدة المجلات والجرائد العربية الملونة الفخيمة، والتي فى مجملها لا تقول كلمة مفيدة للمرأة أو للرجل، غير التكريس للسائد والمألوف لقمع الرجل والمرأة معاً، والكاتبة خارج هذه المواصفات يتم تهميشها ونفيها خارج الوجود الاجتماعي والإعلامي والثقافي.
* وكيف يتم هذا النفي والتهميش؟
-المجتمعات العربية تضع المرأة الكاتبة المثقفة فى مأزق اجتماعي قد يفقدها توازنها النفسي، ويصدع حولها الكثير من العلاقات الإنسانية، فالمرأة الكاتبة تقع بين طرفي مقص حديدي، هما المؤسسة التقليدية بموروثاتها وجمودها وآلياتها، التى تسجن البشر داخل إطار أدوارهم الطبيعية من منظورها، فترفض آية وضعية للمرأة خارج هذا الإطار، فالدور الطبيعي من منظورها هو خدمة الرجل وإنتاج الأطفال، والطرف الآخر من المقص المؤسسة الثقافية وآلياتها التى أصابها الصدأ، فحولت مثقفيها إلى دواليب كتب متحركة، يتعاطون الثقافة ويمارسون الحياة عبر منظومة من القيم الذكورية شديدة التخلف، هذه الازدواجية بين الوعي النظري للثقافة وممارستها وخاصة فى المسألة الاجتماعية، تدفع عنها المرأة الكاتبة الفاتورة كاملة، وتصبح النتيجة الحتمية هي إما الرضوخ لاشتراطات المؤسسة التقليدية، أو الرضوخ لازدواجية المؤسسة الثقافية، أو التمرد على الأثنين والبعد والتنائي لتنسج مشروعها الابداعي، ولتقول كلمتها للحياة عبر ابداعها الخاص، الأمر الذى ينتج عنه نفي المرأة الكاتبة وإقصائها خارج المجتمع، فلا هي قادرة على أن تقيم علاقة سوية بالرجل التقليدي، لأنه لا يتحدث لغتها ولا يحمل أفكارها وهمومها وأحلامها، ولاهي بقادرة على إقامة علاقة سوية بالرجل المثقف الذى يشترك معها فى الهم واللغة والأفكار والأحلام، وهو ابن شرطها التاريخي والاجتماعي، وكان عليهما الوقوف جنباً الى جنب لطرح الرؤى الجديدة الخاصة بإعادة صياغة الحياة داخل إطار من الحب والعدل والحرية والجمال.
*لماذا هي غير قادرة على اقامة علاقة سوية بالرجل المثقف؟
-لأنها كثيراً ما تفاجأ بأن الرجل المثقف لا يستطيع إلا أن يصادقها أو يدعوها للشاي أو الحوار، لكنه حين يقرر الزواج يذهب بعيداً لامرأة أخرى، ليس لها "دماغ" على حد قول أحد المثقفين، وهو يدعو كل نساء العالم للتحرر فيما عدا أمه وأخته وإبنته، لذا فكثيراً ما نجد أنه بدلاً من أن يتحد المثقف العربي والمثقفة العربية ليقفا فى خندق واحد لمواجهة الصيغ الجامدة والفاسدة للعلاقات الاجتماعية، والتي تجر المجتمع كله للخلف، فيواجهان معا التيارات السلفية التى تختزل الأفكار والبشر فى إطارات ضيقة داخل علاقات الخطاب السائد، واتخاذ موقف جماعي مستنير ضد قهر المرأة، وضد التمييز والتباينات بين قوى اجتماعية وأخرى، لكن ما يحدث أننا نرى الواقع الثقافي بكل آلياته يساهم فى قهر المرأة المثقفة والمبدعة الحقيقة، دون زوائد أخرى ويعمل على نفيها وإقصائها.
*وماذا عن حرية التعبير؟
-هناك إشكالية فى حرية التعبير عن قضايا شديدة الخصوصية للمرأة، باعتبار أن وضع المرأة فى المجتمعات العربية ومجتمعات العالم الثالثة خصوصية داخل السياق الإجتماعي، حيث تتضاعف الضرورات التى تحكم المرأة نتيجة لوضعها الأدنى في مجتمع طبقي ذكوري، فيتم التعامل على أنها جسد ليس له أي حق في مشاركة الرجل في النشاط الفكري والإبداعي، وغالباً ما يتعامل مع إبداع المرأة على أنه فن لم ينضج بعد، فيوضع هذا الإبداع على هامش إبداع العقل والوجدان الجمعي للمجتمع، فيتم وضع إبداع المرأة داخل "قفص الحريم"، وبذلك يعيد إنتاج قهرها بإعلاء الأسوار حول إبداعها.
*ما رأيك في مصطلح الأدب النسائي؟
-هناك مقولات يكتنفها الكثير من الرفاهة والرغد الفكري، كأن تصرخ كاتبة وتقول أن الأدب هو الأدب، بغض النظر عمن يكتبه، سواء أكان رجلا أم إمرأة، فهذة المقولة لا يتحقق منها الواحد فى المائة للكاتبات، وخاصة من ينضوين تحت مظلة مثقوبة هي مجتمعات العالم الثالث.
* وما السبب في ذلك؟
-الأسباب تكمن في تصوري في قصور فهم المجتمع لإبداع المرأة أو الأدب النسائي، الذي لايقف عند تخوم التجربة الإجتماعية الذاتية، فعن نفسي سوف أكون سعيدة جداً ومتسقة مع نفسي للغاية إذا ما كتبت أدباً نسائياً، لأنني إمرأة وموظفة بإحدى الشركات التى أدركتها الخصخصة، ومقهورة ولي تراث كبير في القهر، وعورة في ثقافة الخطاب السائد، وكل محاولاتي للوعي والإستنارة والتحضر، لم تجد مظلة تحميني في الحفاظ على حقي في الحرية والعدل والجمال، لذا سأظل أكتب كتابة تخرجني من دوائر العجز عن الإسهام في إثراء الحياة، سأظل أكتب تجارب تدخل في خبرتي الحياتية المباشرة كإمرأة وكإنسانة، أعيش مناخ يكتنفه الكثير من الإنصاف والتحيز للرجل، وليس للرجل ذنب في ذلك، إلا أنها إشتراطات وقيم المؤسسة الذكورية، أكتب في محاولة لتجاوز أسوار التحدي، ففي حين يمنح المجتمع الرجل صلاحيات الحركة في الحياة، وحرية التعبير عن مشاكله وأحلامه ونزقه العام والخاص، نجد نفس المجتمع يضرب الأسوار ويفرض الوصاية على إبداع المرأة.
*ماذا تقصدين بالوصاية على ابداع المرأة؟
- يتجلى ذلك واضحاً عند صدور عمل أدبي لكاتبة، يتم نبشه طولاً وعرضاً، ووضعه تحت مبضع التشريح والتلصص والتجسس على ما يمكن أن يكون ظلالا لحياتها الشخصية، وهذا ما لا يمارس على الكتاب من الرجال، ومن هنا تبرز أهمية النقد الموضوعي الذي يتعامل مع إبداع المرأة بإعتباره نتاج طبيعي لإشتراطات حياتية وإجتماعية تعيشها المرأة، ولاينتزع النص من سياقه الإجتماعي والتاريخي، لا لشيء إلا لأن كاتبته إمرأة، ففي أوروبا الآن تنهض نزعات نقدية تسمى بالنقد النسائي، يتم من خلاله التعامل والفصل بين إبداع الرجل وإبداع المرأة.
*ماذا بعد "إرتحـالات اللؤلؤ"؟
-في سلسلة "مختارات فصول" تقبع روايتي الأولى "ضلع أعوج" منذ ثلاث سنوات، وآمل أن تصدر قريباً، وروايتي الثانية "خيط حرير" سأعيد كتابتها، وهي الرواية التي كتبتها في مشروع منحة التفرغ التي حصلت عليها من المجلس الأعلى للثقافة العام الماضي، وكذلك هذا العام لدي في مشروع منحة التفرغ روايتي الثالثة مدينة النساء، وهي عن مجموعة من النساء، تم دفعهن للهامش الإجتماعي، وللهامش العمراني أيضاً، فعشن في مدينة جديدة على أطراف المدينة الأم، في محاولة لإحلال الشكل المأساوي للفشل الإجتماعي، بقوة عمل داخل الحياة الجديدة بما تبقى من أحلام.
*ألا ترين أن التجربة الإبداعية لديك شديدة الذاتية؟
-لست ضد دخول التجارب الذاتية في الإبداع والفن، فالفن قضية كيفية، والفنان الصادق هو الذي يجعلنا نشعر عبر صياغته لتجربته الذاتية أنها تجربة بشر كثيرين في المجتمع كله، وليست تجربة فرد بعينه، وأعتقد أن هذا واضح الى حد كبير في القصص، ولا ننسى أن المحاكم المصرية تدفع كل يوم الى الهامش الإجتماعي أعداداً هائلة من المطلقات، جميعهن يعاملهن المجتمع مثل كائنات فاقدة للأهلية الإجتماعية، ويستوجبن فرض الوصاية والحصار والرقابة، ولا ننسى أن الأزمة الإقتصادية الطاحنة التي يعيشها المجتمع المصري خاصة والمجتمع العالمي عامة يؤجل فعل الزواج وربما يلغيه في السنوات القادمة، ليصبح فعل الوحدة للنساء والرجال، فيتحول المجتمع الى فرادى، يعيشون مثل جزر منفصلة وبالتالي لن تكون تجربتي هذة تجربة ذاتية.
*كيف حولت تجربتك الذاتية الى تجربة جماعية؟
-المجتمع المصري على سبيل المثال يعيش أزماته الإقتصادية المتتالية ولا يواكب هذا أي تغير في كثير من المفاهيم المرتبطة بمسألة الزواج والطلاق، فمازال المغالاة في المهر والشبكة والقائمة وجهاز الثلآث والأربع غرف والمؤخر مشكلات أساسية، تضع دائماً المسألة المادية في مقدمة المعايير الخاصة بالزواج، فيأتي ذلك على حساب التوافق الإنساني بين الإثنين، والإنسجام والتكافؤ الإجتماعي والعقلي والعلمي، والمساحات المشتركة في الإهتمامات والميول، التي تؤدي غالباً الى إنحسار مسافات الإختلاف، فتصبح النتيجة الحتمية لتغليب الجانب المادي على الجانب الإنساني هي سوء الفهم وعدم التواصل، ليصل الإثنان دائماً الى الحائط المسدود والجدار الأصم، فيصبح الحل الجذري الوحيد دائما هو أبغض الحلال، هذا فضلاً عن التباين الواضح في نسبة مواليد الذكور الى الإناث، كما وصل عدد النساء الوحيدات في المجتمع الآن عشرة مليون إمرأة، منهن ستة مليون فقط مطلقات، وهي نسبة مرعبة بالقياس لعدد السكان، إذن التجربة ليست ذاتية على الإطلاق، عندما دخلت المدينة السكنية الجديدة تخيلت أنني سأدخل مجتمعاً جديداً، يبدأه العرائس والعرسان الجدد، فإذا بي ألحظ عدداً مهولاً من النساء الوحيدات اللائي يتحصن بأقنعة الصمت والغموض، وخلف هذة الأقنعة قصص مروعة، هذا ما أحدثته التغيرات الإقتصادية والإجتماعية في العشرة سنوات الماضية، فكان لابد من تعميق التجربة الذاتية لتصبح تجربة جماعية لفئة لا يستهان بها من المجتمع، هن النساء الوحيدات.
*لهذا السبب تناولت النساء الوحيدات في كتابك "حكايات المرأة الوحيدة"؟
- في المجتمعات العربية وليست مصر فقط، تبرز هذه الظاهرة الاجتماعية، وهي شديدة الضراوة، تفتك بالنساء والرجال معاً، وهي تفاقم عدد النساء الوحيدات، فآخر الإحصائيات تشير الى أعداد تثير الفزع كما ذكرت سابقاً، لدرجة انه صارت النساء الوحيدات هن المتن، والمتزوجات هن الهامش، والنساء الوحيدات يتراوحن ما بين أرامل وعوانس ومطلقات.
* ولكن الا تستطيع المرأة الوحيدة أن تحيا حياة جيدة؟
- يمكن للمرأة الوحيدة أن تتمتع بحياة نفسية وصحية وإجتماعية جيدة، فيما لو كانت أكثر وعياً بحركة مجتمعها، ولو توفر لها الوعي بحقوقها في الحياة بلا رجل، ولا تلمس من سلوكيات الآخرين أنها الفاكهة المعطوبة بين النساء، ولكن الذي يحدث أن المجتمع يجعل المرأة الوحيدة سواء المطلقة أو الأرملة أو التي لم تتزوج بعد، تتحمل وحدها الفاتورة كاملة، فيدخلها في حصار شائك، يحصي عليها حركاتها وسكناتها، وحتى أنفاسها، فيضرب حولها أسوارالعزلة، فهي بين الجارات متهمة دائماً بسرقة الأزواج، أو سوء السمعة، فتتجنب كل جارة إقامة علاقة مع المرأة الوحيدة، على الرغم من أن زوجها يلاطفها ويغازلها وحين تتمنع، تصبح هي التي تراوده عن نفسه، وتصبح محاصرة ومراقبة مثل كائن مشكوك فيه طول الوقت، حتى تدرك أبعاد المأساة فتتحصن بالعزلة والغموض وأسوار الصمت.
يتبع