البنا: منع إمامة المرأة تمييز جنسي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
حوار مع جمال البنا:
لعن معاوية وتصويره في السينما إنصاف
حيان نيوف من دبي: عبّر المفكر المصري البارز جمال البنا عن تأييده لقيام أعمال سينمائية في العالم العربي تصوّر حياة بعض من كانوا صحابة للرسول. وأشار إلى شخصية معاوية بن أبي سفيان قائلا إنه "لو لعن من سنة 40 هجرية، عندما جعل الخلافة ملكا عضوضا، حتى اليوم فهذا انصاف، لأنه من سن سنة سيئة عليه وزرها حتى يوم القيامة".
وُلد جمال البنا عام 1920 في المحمودية بمحافظة البحيرة، وهو الشقيق الأصغر للشيخ حسن البنا المرشد الأول والمؤسس لجماعة الإخوان المسلمين. بلغت مؤلفاته، الصادرة بالعربية والمترجمة، قرابة مائة كتاب في الموضوعات الإسلامية والنقابية والسياسية. دخل عالم السياسة عام 1946 عندما أسس حزب العمل الوطني الاجتماعي، الذي تحول فيما بعد جماعة العمل الوطني الاجتماعي. ويعتبر جمال البنا من أوائل نشطاء حقوق الإنسان في العالم العربي حيث أسس في عام 1953 "الجمعية المصرية لرعاية المسجونين وأسرهم". وفي عام 1981 أسس"الاتحاد الإسلامي الدولي للعمل" في جينيف، كما أطلق "مجلة الفكر". ومن أبرز مؤلفات البنا : "ما بعد الإخوان المسلمين"، "مسؤولية فشل الدولة الإسلامية في العصر الحديث"، "المرأة المسلمة بين تحرير القرآن وتقييد الفقهاء"، و"روح الاسلام". التقيت المفكر المصري جمال البنا في دبي وأجريت معه الحوار التالي:
منع إمامة المرأة "تمييز جنسي"
* في الوقت الذي تتم فيه غزوات للفضاء، هناك انشغال لدى عدد كبير من المفكرين والعلماء في العالم الاسلامي بموضوع الحجاب، كيف تنظر إلى هذه القضية وأنت صاحب الآراء المثيرة في هذه القضية؟
- العالم كله يهتم بوسائل القوة والعلم ويقدمون ابحاثا خطيرة عن المستقبل ونحن ليس لدينا إلا قصة قطعة القماش الصغيرة، وتغطية المرأة لشعرها، وإذا لم تقدم المرأة على تغطية شعرها تنقلب الدنيا ويعتبرون أن الاسلام انتهك وهذا كلام فارغ لا قيمة له. هناك سيدات غير محجبات وأحسن ممن يدعون الاسلام. كما يمكن أن يكون الحجاب زيا عمليا يريح المرأة من عملية تصفيف الشعر خصوصا المرأة العاملة التي ليس لديها الوقت لتصفف شعرها فتلف رأسها بالقماش وهو زي عملي ويبقى وجهها ظاهرا ويداها كذلك مثل الرجل.
* طالما وصفت أفكارك بالجرأة العالية، ما هي أبرز ثلاث قضايا تدعو البلدان العربية والاسلامية للنقاش فيها بجرأة؟
- الحرية، العلم والمعرفة، والعدالة. الحرية بالنسبة للمجتمع كالهواء بالنسبة للإنسان، وهي تنقصنا وهي أصل كل متاعبنا إذا وجدت ستظهر المواهب.
* وبرايك من يحجب هذه الحرية، هل هو الدين كما يقول البعض؟
- الدين يأمر بالحرية، لأنه لا إيمان دون اقتناع ولا اقتناع دون تفكير ولا تفكير دون حرية. أما الإيمان الوراثي لا قيمة له، من طبيعة الدين أن يقوم على حرية وإلا لن يكون دينا ولا إيمانا وإنما يصبح إزعانا وتقليدا. المسلمون يأخذون كل شئ عن أبائهم دون تجديد والحكام لا يريدون أي تغيير لأنه يعني الإطاحة بهم.
* في موضوع آخر ما هي رؤيتك لقضية إمامة المرأة للرجال في الصلاة؟
- الأساس الأصولي لهذه القضية هو العلم بالقرآن. الرسول فضل صبيا (سالم) على مشيخة قومه لأنه كان أعلمهم بالقرآن فجعله يأم كبار الصحابة ومنهم ابو بكر وعمر لأنه كان أعلمهم بالقرآن. إذن، العنصر المؤهل للإمامة هو العلم بالقرآن، إذا وجدت امرأة أكثر علما بالقرآن من الرجل هل نحرمها من الإمامة بحجة أنها امرأة ونجعل الإمام هذا الذكر الجاهل فقط لأنه ذكر - هذا ليس منطقا، ولا يستقيم في الإسلام لأنه يحدث تمييزا على أساس الجنس.
* بين فترة وأخرى تصدر فتاوى تكفيرية ضد أدباء وكتاب ومفكرين وتحدث ضجة في المنطقة، كمفكر اسلامي كيف ترى هذه الفتاوى؟
- اعتقد أنه بدلا من البحث عن الظاهرة يجب البحث عن أسبابها، وإما السبب في المؤلف نفسه أو المجتمع الذي يريد هذه المادة ويكون عادة مصابا بكبت ويعاني من نقائص، ولولا وجود هذا الكبت لما كان مثل هذا الأدب يلقى رواجا. كما أن بعض المؤلفين يمرون بتجارب مؤلمة وعاشوا تشردا مثل كاتب "الخبز الحافي"( رواية الكاتب المغربي محمد شكري الذي رحل عن هذا العالم سنة 2003، وعمل في حياته في المقاهي كما عمل بائعا للجرائد وماسحا للأحذية وتعتبر حياته مأساة حقيقة برزت في أعماله الأدبية ومنها "مجنون الورد" و"زمن الأخطاء" - حيان نيوف).
لكن كما يقال " كل فولة ولها كيال". في الخمسينات بمصر كانت هناك محاربة للرقص الشرقي وكان منعه مستحيلا لأنه كان يقوم بوظيفة معينة في المجتمع. هناك عرَض ما في المجتمع يجب أن نعترف به أو نصلحه، وأما أن نكفر الكاتب لا يجوز ذلك ابدا. رواية سلمان رشدي ( آيات شيطانية) ساقطة بكافة المعايير فنيا وأدبيا ولما كان سمع أحد عنه لولا فتوى الخميني التي صنعت منه بطلا وصرفت بريطانيا مئات الألوف على حراسته في فترة أزمة اقتصادية لديها.
أؤيد تصوير الصحابة في السينما.. ولعن معاوية
* طالما أنك تدعو للحرية وتدافع عنها.. جمال البنا ما هو موقفك إزاء أزمة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول؟
- المجلة التي نشرت الرسوم تقول إنها ليبرالية علما أن ماضيها محافظة متشددة وصاحبها على علاقة بمجموعات أمريكية من المحافظين الجدد، ونشر الرسوم كانت عملية تقوم على بث الكراهية والاحتقان فضلا عن أنها نوع من القذف.. وهذه ليست حرية تعبير، هل أنا حر أن أشتم الناس؟ هذه الرسوم كانت شتيمة.
* ولكن في الغرب تعودوا على نشر رسوم للمسيح؟
- ليس بهذا الشكل، المسيحية واليهودية محميتان بالقانون في الدول الأوروبية ولكن ليست هناك حماية للإسلام، وهذا من ضمن المعايير المزدوجة.
*حتى في السينما هناك شخصيات عندهم مثلت شخصية المسيح؟
- فيلم شفرة دافنشي نجح وقوبل باحتجاجات أحد الذين عملوا في الفيلم قال إنه يجب على المسيحيين أن يفرحوا لأن المسيح تزوج وهذا يدل أنه ليس مثليا.
*وأيضا فيلم آلام المسيح لم يثر احتجاجات.. وهناك من يرى أن هذا سوف يشجع في المستقبل السينما العربية أن تقترب من الخلفاء و الرسول في السينما فماذا تجيب أصحاب هذا الرأي؟
- لا مانع من الاقتراب من الخلفاء فهم غير معصومين. معاوية بن أي سفيان لو لعن من سنة 40 هجرية ،عندما جعل الخلافة ملكا عضوضا، حتى اليوم فهذا انصاف، لأنه من سن سنة سيئة عليه وزرها حتى يوم القيامة، خاصة عندما يحول الملك الشوري القائم على المبايعة والشعب يراقب الحاكم ويعزله عند الضرورة إلى ملك عضوض يقول الرجل فيه من قال لي اتق الله قطعت عنقه.
ولما يخرج فيلم يندد بمعاوية علما أنه كان صحابيا وكان من كتاب الوحي كما يقولون ولو كان إخواننا الشيعة لهم رأي آخر أنه طليق ابن طليق. و ابوه أراد من الرسول أن يشمله عفوه ويعطيه صفة أنه كتاب الوحي إعلاء له وتعويضا عن الماضي السيئ لأمه وابيه وهو لم يكن من كتاب الوحي. وعمر بن العاص الذي وضع المصاحف على الرماح وقال أدعوكم إلى حكم القرآن. "حكم القرآن إيه... أنت بتاع قرآن"!!.. هؤلاء من كبار الصحابة.. المغير بن شعبة اتهم بالزنا لأنه شهد عليه 3 من أصل 4 أنه مارس الزنا والرابع قال إنه ليس متأكدا من أن العملية تمت تماما. الصحابة ليسوا معصومين.
عزرائيل سيخلصنا من الطواغيت!
* تصدر فتاوى عن أدق تفاصيل الحياة الزوجية من الفراش إلى أن التجرد من الملابس أثناء ممارسة الجنس يبطل الزواج، كيف تعلق على هذه الفتاوى؟
- كلام فارغ. نحن لا نفتي ولا نشجع الفتاوى وعندما يخرج مفتي ويرد آخر عليه كله يخالف ما قاله الرسول عندما قال لأحد أصحابه (استفتي قلبك وإن افتوك وإن أفتوك)، لأن قلب الشخص أكبر دليل على وضعه وهو يتحرك يعرف إذا وقع في إثم أو خطأ، المفتي لا يعرف شيئا وهم يعرضون عليه اي قضية عرضا مقتضبا، دون أن يملك سعة أفق ولا سعة تفكير كما أنه مقيد بمذهب معين وكل العملية خطأ بخطأ.
* هل انتشار هذه الفتاوى عن الفراش والجنس يدفعك للتشاؤم وهل برأيك هذه الفتاوى تساعد في منع قيام عصر نهضة آخر في البلاد العربية وتؤدي إلى مستقبل مظلم؟
- بلا شك، ولكن هذا الحاضر سيتغير بطريقة أو أخرى وإذا عجزت الشعوب سيدنا عزرائيل سيقوم بالمهمة ويخلصنا من الطواغيت.
* طواغيت السياسة أم الدين؟
- الاصلاح الديني أهم من الاصلاح السياسي، لأن الإصلاح الديني هو اصلاح الإنسان وإذا أصلحنا الإنسان عندها تفيد السياسة، ولكن السياسة الجيدة مع إنسان عاجز لا يفكر وضميره كله عبادي طالما صلى وصام يبقى انتهازيا وكذابا ومستغلا لا ينفع فيه أي اصلاح سياسي.
"سلفية" المفكرين تمنع التجديد..
*ما هو جديدك في عالم النشر؟
-كتاب تفنيد دعوى حد الردة الذي يطبع الآن في القاهرة، وتكلمت فيه عن المفكرين المصريين وتحفظهم على حرية الاعتقاد. المادة 18 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان المتعلقة بتغيير المعتقد.. معظم كتابنا تحفظوا عليها مثل فتحي عثمان ومحمد عمارة سلوم العوا ( له فصل خاص ) والدكتور طه علوان الذي كان رئيسا للمعهد العلمي للفكر الاسلام في واشنطن وهو من أبرز المفكرين وأصدر كتاب (لا إكراه في الدين قضية الردة ) وتلكم عن نقاط جيدة، ولكنه تهرب من نقطة معالجة الأحاديث التي استند عليها الفقهاء في توقيع حد الردة لأنهم كلهم سلموا أن القرآن لا يوجد فيه أي نص على عقوبة للردة رغم أنه ذكر الردة مرارا وصراحة، إذن على أي أساس ستبني هذا الحد؟ الشيخ طه تهرب من مناقشة هذه الأحاديث وهذا لا أفهمه. أكبر المفكرين عندنا هم سلفيون لا يستطيعون التحرر من إطار السلفية في حين نحن نقول إنه لا تقدم إلا بعد مجاوزة السلفية.. عندما يكون كل مسلم ينتمي لمذهب من المذاهب الأربعة ويسلم بكلام المفسرين والمحدثين لن يحصل اي تجديد.
* والأفكار الأخرى البارزة في الكتاب؟
- الديمقراطية والاسلام. الديمقراطية ليست شفاء من كل داء وفيها عيوب وطبعا تبقى أفضل من الديكتاتورية، وليس شرطا أن توضع البشرية بين الديمقراطية أو الديكتاتورية. هناك لسان حكم القانون، علماء أثينا افلاطون وسقراط وأرسطو لم يكونوا سعداء بالديمقراطية الأثينية وأرادوا حكم القانون وليس الحكم بالأصوات ولكن عجزت أوروبا أن تتوصل إلى القانون القاضي وليس القانون المحامي.
وكل جميعة تأسيسية تعمل قانونا لمصلحتها؛ فالقانون الروماني وضعه المشرعون الرومان لمصلحة روما (كل الطرق تؤدي إلى روما)، والرومان أسياد ولهم كذا وكذا.. نابليون وضع القانون لمصلحة الطبقة البرجوازية الصاعدة حينها وقاسى العمال والبؤساء. السوفييت عملوا القانون وركزوا كل السلطة في الحزب كما لو كان الحزب منزها وعصوما.
لذلك عجزت أوروبة أن تعمل قانونا يكون قاضيا ولم تتوصل إلا إلى القاوني المحامي الذي لا يتسم بالموضوعية والحياد، ويدافع عن مصالح معينة. إذن، لا يوجد حل إلا أن يكون القانون من عند الله، وهذا الكلام قاله أفلاطون في "كتاب القوانين"، متسائلا "هل الآلهة هي التي تصنع القوانين أم البشر؟"، وهو سؤال ساذج عن آلهة الرومان، ولكن الفكرة واضحة أن الله يعمل القانون وليس البشر. القرآن فيه مبادئ عظيمة بالنسبة للحكم وهي مبادئ الديمقراطية، و كون القرآن يقولها يكون لها مصداقية وحصانة أكثر من القانون الذي يمكن أن يغيروه أو يزيفوه بين أونة وأخرى.