لقاء إيلاف

الأسواني: الشذوذ الجنسي حجة لايقاف الفيلم

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

حوار مع الكاتب د. علاء الاسواني

سلوى اللوباني من القاهرة: رواية "عمارة يعقوبيان" تعتبر وثيقة هامة وصادمة على تحولات المجتمع المصري في الخمسين سنة الاخيرة، كما اعتبرت من أهم الاعمال الروائية المعاصرة ووضعت كاتبها د. علاء الاسواني في الصف الاول من كتاب اليوم، فهي من أكثر الروايات انتشاراً ومبيعاً منذ صدورها في طبعتها الاولى عن دار ميريت عام 2002، أثارت جدلاً نقدياً واسعاً وضجة إعلامية كبيرة.. وازداد الجدل عند ظهور الفيلم المقتبس عنها لتثير تعليقات وإنتقادات جديدة حتى داخل البرلمان المصري، استمر الاسواني بكتابتها 3 سنوات وترجمت الرواية الى الانجليزية والفرنسية والايطالية وتحقق مبيعات مرتفعة جداً، وهي الرواية الثالثة للاسواني فقد أصدر مجموعتين قصصيتين وهما "الذي اقترب ورأى" و"جمعية منتظري الزعيم"، تحدث د. علاء ل إيلاف عن روايته عمارة يعقوبيان وروايته الجديدة "شيكاغو".. وعن الجدل القائم حول الفيلم.. والسبب في عدم دعوته لحضور العرض الخاص للفيلم...كما دار الحديث حول تأثر مصر بالفكر الوهابي ونتائجه على الفن والأدب...

* لماذا لم تتم دعوتك لحضور العرض الخاص لفيلم عمارة يعقوبيان في مصر؟
- الموقف غامض.. وقلت لا اعتقد أن يكون سهواً فأنا مؤلف الرواية، ولا عمداً لأن علاقاتي مع الجميع هي علاقة طيبة، فقبل ذلك تم توجيه دعوة لي في برلين ولكن كان لدي رحلة برنامج عمل من قبل الناشر الايطالي لرواية يعقوبيان فلم أستطع الذهاب الى برلين بل وكنت محرجاً لعدم قدرتي على تلبية الدعوة، وشرحت لهم أن نظام النشر مختلف في فرنسا وفي ايطاليا عن العالم العربي، فالناشر يرتب لي عروض لتقديم الرواية ومؤتمرات صحفية فلا أستطيع عدم الذهاب أو الاعتذار فذلك يعني أنني أُخل بعملي، كما أن هذه الرحلات تعمل على زيادة مبيعات الرواية، وأيضاً عندما كنت في نيويورك لحضور مؤتمر أدبي خاص بالرواية كان فريق عمل الفيلم في مهرجان تربيكيا وتلقيت دعوة من المسئولين لمشاهدة الفيلم، أما حول ما نشر عن عدم دعوتي أنا أصدق ما نشرته جريدة المصري اليوم وهو أن هناك اعتراضات أمنية لانني أكتب في المعارضة، لأنها ليست المرة الاولى بل ثالث مرة تحدث معي ولكن ليس كمؤلف، أي في مناسبات معينة وبحضور شخصيات معينة يتم استبعادي مع أنني لست إنساناً خطيراً (ضاحكاً) بل شخصية مسالمة جداً، وأرى أن هناك تناقض في الأمر فهؤلاء المسئولون الكبار أتوا ليشاهدوا الفيلم أي يشاهدوا أفكاري بينما لا يريدون مشاهدتي!! على فكرة أنا كنت نصف متوقع أنه لن تتم دعوتي للفيلم لأن هناك شخصية كبيرة ستحضر الفيلم.

ولكنك لم تراجع إدارة شركة جود نيوز المنتجة للفيلم؟
يا سيدتي من أصول المعاملات أن الدعوة لا تطلب ولا تستعجل، الدعوة تأتي أو لا تأتي.

* هل شاهدت الفيلم؟ وما رأيك بأنه تم حذف بعض الاحداث كما وردت في الرواية؟
- نعم، شاهدته في نيويورك مع فريق العمل وكنت سعيداً جداً وهنأتهم وشاركتهم المؤتمر الصحفي وقضيت اليوم بأكمله معهم، وثم شاهدته في العرض المسائي مع الناس، أعجبني الفيلم جداً إضافة الى المستوى الفني المرتفع للفيلم، ولم اتضايق لحذف بعض الاحداث لأن السينما وسيط فني مختلف تماماً عن الكتابة الادبية له قواعد وظروف مختلفة، أنا كأديب يمكن أن أكتب رواية من 3 الاف صفحة وأنا صاحب الحق الاوحد في العمل، أما في السينما فالامر مختلف لان السينما صناعة وأيضا محكومة بالرقابة وهو الامر الخطير لانها رقابة شرسة، وحقيقة الرقابة قامت بأمر إستثنائي مع هذا الفيلم، وكنت متفهماً عندما دخلت لمشاهدة الفيلم أنني لن ارى روايتي ولكن كان يهمني جداً أن لا يحصل خيانة للرواية بمعنى عدم إظهار رسالة العمل الروائي، ولكن السيناريست "وحيد حامد" ظل مخلصاً للرواية.

* هناك تعليقات كثير حول الفيلم مثل أنه يشوه سمعة مصر، ويشجع على الشذوذ الجنسي كما جاء في انتقادات النائب مصطفى بكري والبيان الذي أصدره البرلمان المصري، ما رأيك؟
- هذا كلام سخيف حقيقة، كما أنها ليست المرة الاولى التي يتم فيها يتم توجيه إتهام لفيلم بدعوى أنه يشوه سمعة مصر، وهي بقايا من تفكير استبدادي لا يرضى أن يعترف بمشاكله وإضافة الى ذلك يدل على عدم معرفة بقواعد الفن، وأنا اتحدث هنا بشكل عام فليس من حقي أن أدافع عن الفيلم، فإذا كان العمل الذي يعالج أو يقدم نماذج إنسانية معذبة أو منحرفة يشوه البلد فهذا يعني أن أعظم الافلام الامريكية شوهت تاريخ امريكا، وأن أعظم الافلام والروايات الخاصة بالفن والادب الايطالي شوهت ايطاليا لذلك سينتهي الأمر بنا الى إنتاج أفلام تشيد بعبقرية الرئيس، كما أنني أستطيع أن أتفهم هذا الكلام أو الخلط في المفاهيم إذا كان موجوداً في بلد حديثة أو في جزيرة لم يسمع عنها أحد في المحيط الهادي إنما عندما يصدر من أشخاص في بلد هي من أعرق البلاد العربية على الاطلاق في الفن والادب أعتقد أنه "عيب جدا"، بعد 100 سنة سينما و200 سنة أدب حديث لا زلنا لا نعرف الفرق بين العمل الادبي والنشرة السياحية، أنا لا اكتب رواية لاقنع السياح بقضاء اسبوع في شرم الشيخ لأن هذا ليس عملي، ولا أكتب رواية ضد مصر أو معها بل أكتب رواية لنماذج إنسانية سيقرأها المصري والعربي والاجنبي، رواية عمارة يعقوبيان تحقق مبيعات مرتفعة جداً في فرنسا وإيطاليا وهم لا علاقة لهم بسمعة مصر وغيره، ولكن هل وراء هذا الكلام نوايا صحيحة؟ قد لا تكون صحيحة وهذا موضوع آخر!

* ماذا تقصد بنوايا غير صحيحة؟
- أنا أرى أن النظام في مصر قد لا يتحمل الفيلم للنهاية، أي أن إحتمالات وقف عرضه مفتوحة، وأنا أضع "مصطفى بكري" جانباً في موضوع البيان الذي صدر عن البرلمان بشأن الفيلم لأنه رجل يدافع عن الحريات عادة.. وأنا مندهش من موقفه جداً، وإنما البقية وهم 111 نائباً فهم حزب وطني!! وموضوع الشذوذ الجنسي ما هو إلا تغطية على الامور الاخرى في العمل، ومن هذه الامور مثلا قولهم "أنتم تقدمون الارهاب كرد فعل وليس فعل"، وأيضاً أن الذي كان مسئولاً عن التعذيب في التسعينات هو وزير الداخلية الحالي فهو كان رئيس مباحث الدولة آنذاك، إضافة الى ذلك أن العمل يتناول الفساد مما يدعو الناس الى تسمية شخصيات من واقع الحياة يرمز لها العمل، لذلك النظام برأيي لن يتحمل هذا الفيلم طويلاً، وهذه حكاية يقوم بها النظام دائماً أي رفع راية الاخلاق الحميدة والمحافظة على قيم القرية وبدأت من أيام أنور السادات عندما زج بالمعارضين الى السجن قبل اغتياله وقام باصدار قانون العيب، وانه هو كبير القرية ويتحلى بأخلاق إبن القرية، وعادة هذا ما يحصل في الانظمة الفاشية..قد تندهشي من التشابه.... فهذا ما حصل في إسبانيا أيضاً، أي نظام فاشي يعتبر أنه هو الاب فأنت لا تستطيع أن تنتقد الرئيس لانه لا يصح أن تنتقد والدك، لان والدك يرى ما لا تراه أنت، والدك يعرف مصلحتك أكثر منك، لذلك تصوير الرئيس على أنه الاب وتصوير المجتمع على أنه مجموعة من الناس الذين لا يعرفون مصلحتهم وهناك جهة اكبر منهم تعلم اكثر ما يصح لهم وما لا يصح لهم وما يفسد اخلاقهم وما لايفسدها هي منظومة عقلية فاشية، إضافة الى ذلك ما كتبه عبد الحليم قنديل في جريدة "الكرامة" قال: "أن الرواية ظاهرة في الادب العربي، أما الفيلم فهو يوماً بعد يوم يتحول الى حزب سياسي، فهناك اقبالا يومياً على الفيلم الذي يعتبر استفتاء على تقدير الناس لنظام الرئيس"، لذلك أنا لا اعتقد أن الامر سيُحتمل كثيراً فيستخدم موضوع الشذوذ الجنسي لتغطية إيقاف الفيلم، وأريد أن أذكر أمراً مهماً وهو أن الاخوان المسلمين رفضوا إدانة الفيلم، وكنت متوقعاً الاحتجاج على الفيلم من طرفهم انما رفضوا ادانة الفيلم والتوقيع على البيان.

* ولكن الجمهور العادي مصدوم ويقول هذه ليست مصر!! مع العلم أن الرواية منشورة منذ عام 2002!
- جمهور السينما يختلف عن جمهور الادب، فالجمهور الادبي هو النخبة في العالم أما جمهور السينما هو من يملك تذكرة السينما، السينما هي فن الجماهير العريضة وهذا في العالم كله ليس فقط في مصر، لذلك متعارف عليه أن جمهور السينما أقل وعياً أما جمهور الادب فهو نخبة كما ذكرت، إضافة الى ذلك في الادب لديك صلاحيات أكثر من السينما، وأنا أتكلم معك الان كمتفرجين شاهدنا الفيلم... في نظري كل ما يحدث هو إيجابي وليس سلبي، أي إذا كان الفيلم يشكل صدمة فهذا أمر ايجابي لانه يجب أن نستفيق، لو فتحت القناة الاولى المصرية أو الثانية ستجدي أكاذيب الى ما لا نهاية... إننا نحن أعظم ناس... وأن كل شئ بخير... وأمور تصل الى درجة الفكاهة، لذلك أرى صدمة الناس شئ إيجابي فهي مصدومة من الاكاذيب التي يغرقها بها النظام عن عظمة مصر وعن عظمة الانجازات، كما يجب أن نترك جانباً هذه النغمة "حكاية مصر وسمعة مصر" لأن مصر ليست شخص واحد، بل بالعكس أنا أقول بأنه يوجد في مصر مبدعون يستطيعون تقديم هذه الصورة وهذا أمر رائع بالنسبة لمصر.

* من هي الشخصية التي تعاطفت معها أكثر في روايتك؟
- جميع الشخصيات أحبها ولا أستطيع أن أكتب عن شخصية لا أحبها، والشخصيات هي أهم وأصعب أمر في الرواية، أنا أهتم بشخصيات أعمالي وأقوم بوضع التفاصيل الخاصة بكل شخصية على مدى شهور طويلة، تفاصيل كثيرة قد يجدها البعض تافهة ولكنها بالنسبة لي مهمة جداً مثل طريقة الماكياج ونوع السجائر وغيرها من التفاصيل، وهناك روايات كثيرة تفشل لانني غير مقتنع بأن هذه الشخصيات موجودة...يجب أن أرى هذه الشخصيات وأصدقها ثم أبدأ الكتابة، لذلك أقرأ مجلات المرأة لانها مفيدة جداً لي عند الكتابة، كما أقرأ أخبار الحوادث..الجرائم كل ذلك مفيد جدا للتعرف على تفاصيل الشخصيات، وجاء هذا الاهتمام بناء على كلام والدي-المحامي والكاتب عباس الاسواني- قال لي: "اذا كنت تريد أن تصبح كاتبا فيجب أن تكون الكتابة أهم أمر في حياتك، واذا وجدت أن الكتابة ليست أهم ما في حياتك فتوقف عن الكتابة"، لذلك حياتي هي الكتابة.

* بدأت الرواية بشخصية زكي باشا وانتهت به، هل تقصد أن مصر كانت بالف خير قبل ثورة 1952؟
- بالطبع لا...لأن الروائي لاعب مسرح عرائس ويجب عدم ظهوره أبداً، ليس من المفروض أن يظهر رأيي في الرواية، فمثلاً زكي الدسوقي شخص دمرت حياته الثورة.. من المفروض أن أتحدث بلسانه وليس بلساني، فيخرج كلامه منطقياً بالنسبة لظروفه وشخصيته، يجب أن أتقمص الشخصيات وأتكلم بلسانها إنما آرائي أكتبها في مقالات، وبالنسبة لثورة يوليو على العكس تماماً مما ذكرت.. أنا مع الثورة ويجب أن تعلمي أن مصر لم تكن وسط البلد فقط، مصر كان فيها أشخاص حفاة لا يجدون الطعام، رأيي هو أقرب الى الفكر الناصري أكثر من أي فكر آخر، ولكن في نظري عبد الناصر أخطأ خطأ كبيراً جداً وندفع ثمنه حتى الان وهو أنه كان الزعيم الوحيد الذي كان مؤهلاً أن يتجه بالعالم العربي نحو الديمقراطية ولكنه لم يفعل وهذا هو خطأه، وعدا ذلك... هو حلم... عبد الناصر حلم... هو شخص أكبر من زعيم.. علماً أنني لم أعاصره كثيراً لأنه عندما مات كنت صغيراً في السن، وإضافة الى ذلك أنني تربيت في بيت ضد عبد الناصر لأسباب كثيرة جداً، ولكنني عرفت قيمة عبد الناصر وأنا أدرس في امريكا، كنا مجموعة من الاصدقاء العرب وجئت بوجهة نظر مختلفة عنه ولكني تفاجئت بأن عبد الناصر يمثل رمزاً كبيراً في العالم العربي، فقلت ليس من المعقول أن كل هؤلاء الرفاق الاذكياء جداً يعتزون به وأنا لا أعتز به، فبدأت اقرأ التجربة الناصرية منذ البداية.. فوجدته حلم، وكان معروفاً لدى الغرب أن مرور هذه التجربة بما تحمل من مشاريع وأفكار ستجعل من العالم العربي قوة عظمى... لذلك لا يمكن يسمح بها، وأريد أن أقول لك أن القراءة السياسية للرواية قد جعلتني مهاجماً من أكثر من إتجاه، أي هوجمت من بعض الناصريين بسبب شخصية زكي باشا، وهوجمت من بعض الماركسيين لانني قدمت للارهابي للفاشية الدينية صورة جميلة جداً.. ولكن عادة هذا ما يحصل في أي عمل روائي.

* هناك جملة مثيرة للانتباه في الرواية وهي "أن الناس يشغلهم الطعام والجنس والحشيش"، ما أبعاد هذه العبارة؟
- أي أن المجتمع تحول تحولاً حقيقياً بناء على التغييرات التي حصلت في مصر فأصبح هناك مجتمع فقير عشوائي ساكن فوق عمارة يعقوبيان العمارة البرجوازية، فأصبح الناس يشغلهم ثلاثة أمور وهي الطعام والجنس والحشيش، وهذا أمر طبيعي جداً لأن الطعام يستغرق 80 % من يومهم.. أي أن يأتي أو لا يأتي.. الطعام بالنسبة لهذا الجتمع الفقير العشوائي قضية كبيرة، أما الجنس فهو ما يخرجهم من حالة البؤس التي يعيشونها، ولا تنسي -في هذا المشهد من الرواية- كل ذلك يتم في غرفة واحدة..العائلة بأجمعها تعيش في غرفة واحدة فممارسة الجنس يتم في هذه الغرفة بعد أن ينام أطفالهم.. فهذا أمر بالتأكيد سيشغل تفكيرهم، أما الحشيش فالناس-الشارع والريف والصعيد المصري- لديهم قابلية نحو الحشيش في مصر أكثر من بلاد أخرى.. وذلك من منطلق أن "الخمرة" حرام وإنما الحشيش لا يعتبرونه حرام فهناك أمور مختلطة لم تحسم في الفقه والاجتهاد، كما أعتقد أن الناس لديها قابلية نحو الحشيش لانه يساعدهم على التكيف مع ظروف الحياة، بينما الطبقة البرجوازية التي تأثرت بالثقافة الغربية فتجدي أن الخمر منتشر بينهم كما في شخصية زكي باشا في الرواية، حتى في الافلام قديماً كان البطل أو البطلة التي تتوحدي معها وتتعاطفي معها في مشهد ما تشرب الخمر وكان أمراً عادياً ومقبولاً، وهذه مشكلة أخرى وهي القراءة المصرية للاسلام والقراءة السعودية الوهابية، وبرأيي الشخصي التأثير الوهابي على مصر كارثة لا تقل عن كارثة عام 1967!! لأن الدين هو الدين..بينما تختلف القراءة الايجابية عن السلبية له، نحن في مصر استبدلنا القراءة المنفتحة للاسلام بهذه القراءة المنغلقة، فلم يكن يستخدم الدين الاسلامي في العمل الوطني السياسي سابقاً، فمثلا زكي باشا الدسوقي هو إمتداد للثقافة الوفدية الطبيعية بمعنى شربه للخمر لا ينفي وطنيته، سعد زغلول كتب في مذكراته أنه كان يلعب الكرت ويشرب الخمر ومع ذلك كان وطنياً، بينما الآن يستخدم الدين في السياسة والفن والأدب.

* وما الذي أدى الى تغيير هذا الفكر أو هذه القراءة الايجابية؟
- بدأ التغيير عندما بدأت الأنظمة تستخدم الدين.. وبدأ في عهد أنور السادات الى جانب الدكتاتورية والفساد الى أن أصبحت الحياة مستحيلة على ملايين المصريين، فخسرنا الاكثر تعليماً بذهابهم الى الغرب.. لدينا 150 ألف عالم مصري في الغرب وهم ثروة بالنسبة لأي بلد، أما الاقل تعليماً فذهبوا الى الخليج وعادوا بأفكار إسلامية وهابية ظهرت على سبيل المثال على لباس النساء فتجديهم الان منقبات ويلبسون الجوانتي.. ولا يسلمون على الرجل خوفاً من أن تحسب شهوة!! بعد أن كانت مصر تفخر بأول وزيرة وأول خريجة جامعة، الفكر الوهابي 70% منه جسم المرأة...هذا ما يشغلهم، إضافة الى ذلك أن الفكر الوهابي لا يوجد به حقوق سياسية..بند الحقوق السياسية ملغي، وهذا نص من الفكر الوهابي "أن إجماع الفقهاء أن الخروج على الحاكم المسلم الظالم حرام"، وهذا ما يهم النظام في مصر لذلك أسس وروج له،
فالفكر الوهابي يعتبر أن الفتنة المترتبة على الخروج على الحاكم الظالم ستكون أكثر ضرراً من ظلمه!! ومن يعصي ويخالف هذا النص يكون قد خرج عن إجماع الفقهاء!! كما أن الفكر الوهابي لا يحاسب الحاكم على طريقة توليه الحكم ولكن يحاسب الحاكم بعد توليه السلطة، ما أريد أن اقوله أن الاسلام بعيد تماماً عن هذا الكلام... إنما هذا هو فقه السلاطين لحماية الحكام الظالمين، عندما تولى أنور السادات الحكم كان الفكر اليساري قوي جداً في مصر فوجد أن الفكر الوهابي مناسباً تماماً لادارة الحكم، فبقينا نشاهد على التفزيون لمدة 25 سنة وأكثر شيوخاً تصرح بأفكار غريبة لا يوجد فيها أي تحليل موضوعي.

* هل يمكن أن تحدثنا عن روايتك الجديدة "شيكاغو"؟
- لا استطيع الحديث عن محتواها.. وإنما هي تجربة مختلفة عن رواية عمارة يعقوبيان، وربما الاختلاف بينهما هو أن أحداثها تدور بالكامل في شيكاغو، والأمر الآخر أنها تضم شخصيات رئيسية مصرية وأمريكية، فما هو شائعاً في كتابة المهجر أن الشخصيات الرئيسية في العمل الادبي هي شخصيات أمريكية..أقوم بكتابة هذه الرواية منذ سنتين وستصدر قبل نهاية السنة الحالية عن دار الشروق.

salwalubani@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف