أبو نصار: إسرائيل غير معنية بإضعاف سورية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الإدارة الأميركية الحالية هي ألد أعداء إسرائيل
أبو نصار لـ "إيلاف": إسرائيل غير معنية بإضعاف النظام السوري
طلاق بيرتس من اولمرت قريب جدا
سمية درويش من غزة: قال المحلل السياسي وديع أبو نصار مدير المركز الدولي للاستشارات، بأن قادة إسرائيل غير معنيون حاليا بإضعاف النظام السوري أكثر مما هو ضعيف حاليا ، معربا عن خشيته من تصعيد إسرائيل هجماتها العسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة لردع القدرات القتالية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي. وتحدث المتخصص بتقديم خدمات استشارة سياسية وإعلامية لعدد من الحكومات الأجنبية في مقابلة خاصة مع "إيلاف" ، عن رؤيته للحرب الدائرة على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية بعد مرور أكثر من شهر على اندلاعها، حيث تطرق لقرار مجلس الأمن الدولي ، كاشفا في السياق ذاته، خفايا الزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس لإسرائيل.
وفي ما يلي نص المقابلة:
ما هي قراءتك للحرب الدائرة منذ أكثر من شهر على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية ، وهل فعلا دخلت إسرائيل للحرب لأجل الإفراج عن جندييها ؟
هنالك رأيان رئيسيان حول السبب الرئيسي للحرب التي نشهدها حاليا في لبنان ، الرأي السائد يدعي بأن إسرائيل خططت لهذه الحرب ، وبأن حزب الله "وقع في الفخ" عندما ساهم بمنح إسرائيل ذريعة لاجتياح لبنان. أما الرأي الثاني فيقول بأن إسرائيل انجرت لهذه الحرب وذلك "لرد اعتبارها" بعد الضربتين المتتاليتين من حماس (مقتل جنديين واختطاف آخر) وحزب الله (مقتل ثمانية جنود واختطاف اثنين). ومن الصعب القول أيهما أكثر تفسيرا لما نراه، لأنه من جهة هنالك مؤشرات حول عدم رضى إسرائيل عن تسلح حزب الله في الأعوام الست الماضية بمعنى أنها كانت تبحث عن فرصة للجم هذا التسلح، لكن بالمقابل، متابعة ما يجري في الميدان يدل على أن الجيش الإسرائيلي لم يكن يملك خططا واضحة حول كيفية العمل في جنوب لبنان، مما قد يدل على عدم وجود خطط على الأقل ليس للفترة التي بدأت فيها الحرب.
برأيك قرار مجلس الأمن 1701 سينهي الحرب ، وسيوقف الهجمات العسكرية الإسرائيلية ضد لبنان؟
ما من شك بأن قرار سيغير طبيعة الحرب لكنه حتما لن ينهيها بشكل تام، حيث تطبيق هذا القرار يحتاج إلى تفسيرات وتطبيقات متفق عليها ليس فقط بين الجهات المعنية (إسرائيل ولبنان وحزب الله) ولكن أيضا بعض اللاعبين الدوليين. في هذه الأثناء من الممكن أن نرى مواصلة القتال البري بين الجيش الإسرائيلي (الذي لن ينسحب على الأرجح من جنوب لبنان قبل أن يستبدل بالجيش اللبناني واليونيفيل) وبين عناصر حزب الله. كما من الممكن أن نرى في المستقبل المنظور محاولات إسرائيلية لاغتيال شخصيات قيادية في حزب الله ناهيك عن ملف تبادل الأسرى الذي سيبقى تطبيقه شائكا ومتطلبا لوقت وجهود مضنية.
وسائل الإعلام الإسرائيلية وقفت إلى جانب الحرب مع اندلاعها ، وسرعان ما انتفضت ضد حكومة اولمرت ، برأيك ما هي الأسباب التي دفعت الكتاب والصحف الإسرائيلية لمهاجمة الحكومة وقادة الجيش؟
من الطبيعي أن نرى وسائل الإعلام الإسرائيلية تتجند إلى الحرب مع اندلاعها لأن هذه هي طبيعة الأمور لدى معظم وسائل الإعلام التي لا تعتمد المهنية المطلقة في تعاملها، الأمر الذي لا ينطبق فقط على وسائل الإعلام الإسرائيلية. غير أن الانتكاسات التي مني بها الجيش الإسرائيلي في لبنان والوعود التي لم تحقق بإنجاز نصر سريع وجلوس الآلاف في الملاجئ ونزوح آلاف آخرين ساهم في تقليل الدعم لهذه الحرب وتزايد الانتقادات لها. لكن ما نشهده ونسمعه حاليا من نقد ما هو إلا رأس الجبل الجليدي لبركان من الانتقادات الذي سينفجر بعيد تطبيق وقف إطلاق النار.
كيف تفسر سكوت الشارع الإسرائيلي ، وعدم خروجه للتظاهرات المنددة بالحرب ، في حين تشير استطلاعات الرأي إلى تراجع شعبية القيادة في تل أبيب؟
إن الغالبية العظمى من الإسرائيليين تعتقد بأنه "لا صوت يجب أن يعلو على صوت المعركة" خاصة وأن المعارك مازالت مستمرة. لذلك، ومع تراجع شعبية القادة الإسرائيليين، وهو الأمر الذي نراه جليا في جميع استطلاعات الرأي التي اطلعنا عليها مؤخرا، فإنني أعتقد بأن محاسبة القادة السياسيين والعسكريين بدأت تتصاعد وأن الزخم الأكبر لهذه المحاسبة سيبدأ مباشرة بعد توقف الحرب.
هل الموقف العربي داخل الخط الأخضر من الحرب له تأثيره على صناع القرار في إسرائيل؟
الموقف العربي برمته يحظى بتأثير طفيف جدا وغالبا ما لا يحظى بأي وزن حقيقي لدى صناع القرار في إسرائيل خاصة وأن الكثير من قادة الجماهير العربية لا يفلحون بإقناع الشارع اليهودي بأنهم ضد الحرب من الناحية المبدئية بل يفشلون بدفع وسائل الإعلام لإظهارهم كدعاة سلام وغالبا ما يقعون في مطبات تظهرهم وكأنهم يدعمون "أعداء الدولة" ويتصرفون على أنهم "طابور خامس" مما قد يؤثر سلبا على العلاقة العربية-اليهودية المتردية أصلا.
انتم كمثقفين عرب ما هو الدور المنوط بكم للتعبير عن رفضكم للحرب ، وما هي تأثير رسالتكم على الأوساط اليهودية الشعبية ؟
للأسف، لا يمكن الحديث عن دور كبير للمثقفين العرب في إسرائيل، لأن هنالك الكثير من المتعلمين وقليل من المثقفين من جهة ولأن هؤلاء ليسوا منظمين وغير فاعلين على نفس القدر، لا بل ان الكثير من هؤلاء عازل نفسه عن المحيط اليهودي مما يؤثر سلبا على إمكانياته في التأثير.
بالمقابل هنالك البعض الذين يستثمرون علاقاتهم الواسعة في الشارع اليهودي سواء في إسرائيل وخارجها للشرح بأن القيادة الإسرائيلية لن تجلب في أدائها الحالي السلام والاستقرار المنشودين. وهنا لا بد من الإشارة بأن هذا العمل مضني ويحتاج إلى وقت وجهود جبارة وقلما نجد "مثقفين" عرب يقومون بذلك، إما لأنهم يدركون صعوبة الأمر وإما لأن بعضهم يفضل البحث عن "نجومية" من خلال الفضائيات بدلا من العمل الميداني.
لذلك، فإن تأثير الرسالة للأوساط اليهودية محدود جدا، حيث أتكلم عن نفر قليل يعمل بصورة متواصلة مع اليهود، وهذا بتقديري خطأ استراتيجي لأن العمل مع اليهود من شأنه أن يؤدي إلى تغييرات جذرية في سياسة إسرائيل وإن كنت أعتقد أن هذا الأمر ليس بالسهل.
حسب قراءتك للواقع الإسرائيلي ، هل من الممكن أن تقدم إسرائيل بعد معاركها في الجنوب اللبناني ، على فتح جبهة حرب جديدة ، كتوجيه ضربات لسوريا مثلا؟
أنا أستبعد ذلك في المرحلة الراهنة، حيث أعتقد بأن قادة إسرائيل غير معنيون حاليا بإضعاف النظام السوري أكثر مما هو ضعيف حاليا بل توجيه رسائل له مما يعني بأن إسرائيل لن تقوم بتوجيه ضربات إلى شاحنات سورية "مشبوهة" في لبنان أو حتى ربما اغتيال قيادات لفصائل فلسطينية و/أو لبنانية في سورية. لكن أكثر ما أخشاه هو أن نشهد تصعيدا إسرائيليا في الضفة الغربية وقطاع غزة بحجة عدم السماح للفصائل الفلسطينية ولاسيما لحركتي حماس والجهاد الإسلامي تطوير قدرتهما القتالية كما فعل حزب الله في لبنان.
ماذا عن خفايا زيارة وزيرة الخارجية الأميركية لإسرائيل ، وهل فعلا واشنطن ورطت إسرائيل بالحرب ، حسب ما ذكرته مصادر إسرائيلية؟
إنني أعتقد بأن الإدارة الأميركية الحالية هي ألد أعداء إسرائيل، فهي التي ورطتها في الحرب الحالية معتقدة بأنها جزء مما تسميه "بالحرب على الإرهاب،" وهي التي تواصل تقديم دعم أعمى لإسرائيل بدل أن تفتح عيون قادة الدولة العبرية ليتعايشوا مع جيرانهم العرب سيما وأن غالبية هؤلاء لم يعودوا يتكلمون بمصطلحات القضاء على إسرائيل لا بل لديهم الاستعداد للتعامل معها. غير أن العنجهية المتبعة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل في التعامل مع العرب، بما في ذلك الأنظمة التي تقيم علاقات "صداقة" معهما، تؤثر وستؤثر سلبا في نفوس العرب والمسلمين ليس فقط على نظرتهم لإسرائيل بل ستؤجج أيضا عدائهم للولايات المتحدة.
إن إدارة أميركية برئاسة شخص ينظر إلى الأمور بمنظار "أبيض وأسود" معتقدا نفسه بأنه "مفتي العالم" لن يستطيع مساعدة إسرائيل في أن تصبح جزءا من الشرق الأوسط، لا بل سيجلب لها المزيد من العداء والكراهية في صفوف جيرانها خاصة والعرب والمسلمين عامة.
كما أن عدم وجود قادة أقوياء في إسرائيل، على غرار أرئيل شارون ويتسحاق رابين، يؤثر سلبا على قدرتها لرد "احتضان الدب" الأمريكي لها الذي يضرها أكثر مما يفيدها.
كيف تقرا الخطابات التي يخرج بها زعيم منظمة حزب الله من حين لأخر ، وهل لها تأثير على العرب والشارع الإسرائيلي؟
إن خطابات زعيم حزب الله تندرج في إطار الحرب النفسية المتبادلة بين هذا الحزب وإسرائيل، إلا أن المصداقية العالية التي يتمتع بها حسن نصرالله تساهم في تضخيم أثر خطاباته لدى الرأي العام، بما في ذلك الرأي العام الإسرائيلي والعربي، وإن نزوح الآلاف من سكان حيفا العرب واليهود منها إثر التهديد الأخير لنصرالله يدل بوضوح على ذلك.
ما مدى خطورة الانقسام داخل الأوساط السياسية في إسرائيل على حكومة اولمرت الوليدة؟
بعد أن ينتهي القتال الحالي أو على الأقل بعد أن يقتصر على مواجهات محدودة في جنوب لبنان بين الجيش الإسرائيلي وعناصر حزب الله فإنه من المحتمل أن تشهد إسرائيل عدة أزمات حول اتخاذ القرارات قبل وخلال الحرب حتى التوصل إلى التفاهم الذي أفضى إلى تبني مجلس الأمن القرار رقم 1701.
وما من شك بأن رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزير دفاعه عمير بيرتس سيكونان تحت أسهم النقد اللاذعة، ومن ثم فإنه ليس من المستبعد أن يقوم أحدهما أو كليهما بإلقاء اللوم على الآخر محاولا تخفيف مسؤولياته عما قد يبدو كإخفاقات سياسية و/أو عسكرية. ونظرا لأن أولمرت وبيرتس يقودان حزبين مختلفين فإن خلافات شخصية بينهما قد تؤثر سلبا على الائتلاف المعتمد عليهما.
إضافة إلى ذلك، فإنه في حال تم تشكيل لجنة تحقيق رسمية أو حتى لجنة تقصي حقائق فإن أولمرت لن ينجو من هزات سياسية عنيفة التي قد تضطره إلى الاستقالة أو إلى تقريب موعد الانتخابات للكنيست.