لقاء إيلاف

حوار مع رئيس متحف اللوفر بباريس

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

هنري لوريت: المال مهم، غير أنه ليس محرك عملنا في الخارج


ترجمة عبد الله كرمون: نترجم هذا الحوار الذي أجري مع رئيس اللوفر إثر الضجة التي أثيرت حول احتمال انزلاق اللوفر في سوق المال الخليجي مضحيا بقيمته العتيدة ودوره الفني. أجرى الحوار إيمانويل دو رو، الذي عودنا منذ سنوات على متابعاته لقضايا المتاحف خاصة، سواء متحف الإنسان ومتحف كي دو بغونلي منذ أن كان فكرة حتى تجسد في يونيو(حزيران) الماضي. وقد نشر الحوار بجريدة لوموند ليوم 9 يناير (كانون الثاني) 2007.

* ما رأيك في المقال المنشور في جريدة لوموند والذي وقعه ثلاثة مسئولين قدماء عن المتاحف الفرنسية، والذي تحول إلى عريضة ضد انحرافات اللوفر التجارية؟
لا أتبين جيدا ما هو موضوع السجال. يلزم أن نفرق بين أمرين. كراء عمل فني والمعارض التي ترعى الفنون. لقد رفض اللوفر دوما أن يكتري عملا فنيا مقابل دفع ما، العملية التي تعرفها مع ذلك متاحف كثيرة. وإن كانت أكثر الاعارات التي نُقدِم عليها، سواء داخل فرنسا أو خارجها، مكلفة، معالجة الملف، ومراقبة حالة العمل الفني من طرف مصلح، وإصلاح محتمل للقطعة الفنية، إلخ.
أما إذا تعلق الأمر، خلاف ذلك، بمعرض مهم يتطلب عملا ماديا ضخما (إصلاح بعض القطع الفنية) وعلميا (إعداد قوائم)، يمكن أن يكون ثمة مقابلا: سواء تعلق الأمر بريع مادي مباشر أو أخذ نسبة مئوية من ريع المعرض. معارض رعاية الفنون معروفة في فرنسا منذ زمن بعيد، خصوصا وبشكل مطرد من طرف هؤلاء الذين يعارضونها اليوم. أستغرب أن أرى بعض القيّمين على المتاحف، الذين قاموا أنفسهم بهذه المعارض ورعوها، يحتجون عليها اليوم.

* على سبيل المثال؟
في الذكرى العشرين (2005) لتأسيس متحف بيكاسو. قام جان كليير، مسئول هذه المؤسسة وأحد الموقعين اليوم على المقال المنشور في لوموند، بإعارة 180 قطعة فنية لNeue Galerie ببرلين وتقاضى منها مقابل ذلك 700000 يورو، استعملت لإعداد المعرض الذي أطلق عليه "كآبة" كان من أجمل معارضه في Grand Palais. فخلال عشر سنوات جمع جان كليير أكثر من أربعة ملايين من اليورو بفضل ذلك النوع من المعارض. ما مكنه من أن يمول حوالي 27 في المائة من مقتنيات معرض بيكاسو.
فرنسواز كاشان الموقعة أيضا على العمود، تدرك جيدا أنه يلزم أحيانا أن ندفع مالا لتنظيم معرض. فعندما كانت تدير متحف أورسي، استعارت سنة 1993 روائع المجموعة الأمريكية بارنيس. لقد طلبت من بنك BNP سلفا قدره اثنتي عشرة مليون فرنك ما يكلفه ذلك المعرض تماما. ولما كانت فروانسواز كاشان هذه على رأس إدارة متاحف فرنسا، قبلت أن ترسل إلى مناطق في العالم روائع متحف لورونجري، المغلق آنذاك نظرا للأشغال المنجزة فيه. وكان مقابل تلك "الجولة" ريع سبعة ملايين يورو، استعملت خمسة منها في ترميم البناية. وهناك أمثلة كثيرة.

* بالنسبة إلى عملية أتلنتا، ليست هناك عملية تبادل لأن المتحف الأعلى للفن لا يمنح أي شيء بالمقابل، لكنه يمنح عددا من الملايين من اليورو. أليس هذا كراء للأعمال الفنية؟
أن تنظم تسعة معارض على مدى ثلاث سنوات لعرض تاريخ مجموعات اللوفر داخل تجمع سكاني يزيد سكانه على أكثر من أربعة ملايين نسمة، فهذا الأمر يبدو لي مبرَّرا. وإن كان الموقعين على المقال لا يرون في ذلك سوى "مدينة الكوكاكولا"، هذه المدينة ذات أغلبية سوداء هي أيضا مدينة مارتان لوثر كينغ، بكيانها الثقافي القوي.
فالشراكة بين المتحف الأعلى وبين اللوفر هي مشروع علمي، ثقافي وتربوي بلا نظير بين مؤسستين.
فهو يأخذ أولا بعين الاعتبار الخريطة الثقافية الأمريكية الجديدة والتي لم تعط حقها في فرنسا. كما أنه يمكّن كذلك اللوفر من اختبار تنظيم عرضي بين كل أقسامه، بما فيها أحدثها، أي قسم فنون الإسلام، لكونها كلها معنية. فخلال شهر، قد زار، في 15 ديسمبر (كانون الأول) أول معرضَيْ اللوفر مائة وعشرون ألف زائر، الموزعين على فضاءين متواضعين بمساحة ثلاثمائة وخمسين مترا مربعا لكل منهما.
فميزانية رعاية الفنون والآداب الأمريكية، 5,5 مليون يورو ستساهم إذن في تحديث قاعات فنون الديكور في اللوفر. غير أن، ربما، المزعج هو المضي إلى أراض جديدة قلما تُطرق مثل مؤسسات نيويورك أو واشنطن التي ما فتئت المتاحف الفرنسية تتعامل معها.
لقد جاءت عملية أتلنتا هذه من نفس المنظور الذي تحكم في فتح متحف لوفر متوقع في مدينة لونس الفرنسية -والتي تم انتقادها هي أيضا- على موقع حوض منجمي قديم.

* لا ترون فيها إذن أي انسياق تجاري؟
لا، ليس ذلك هو محرك العملية. إذ أن هذه الأخيرة تندرج ضمن التفكير حول تدويل المتاحف المسيرة بطرق متباينة من قِبل مؤسسات مثل لرميتاج في سانت بترسبورغ والمتحف البريطاني بلندن. اللوفر لن يتخلف إذن عن هذه الحركية. بَديهي إذن أن تكون ثمة رهانات اقتصادية. لا يجب أن نخفي أهمية المداخيل التي يوفرها هذا النوع من العمليات. كما يلزم التذكير بأن اللوفر قد كرسته الثورة والإمبراطورية كمتحف عالمي. وعلى طول تاريخه الذي يربو على مائتي سنة اهتم دوما بتعهد شراكات مع الخارج. كيف نوجهها هذا هو السؤال المطروح.

* عملية الإعارة هذه أليست "تفقر" المؤسسة الأم؟
نمتلك 380 000 عملا فنيا، تعرض من بينها حوالي 35 000بشكل دائم، ونعير منها فقط حوالي 1 500 كل عام خلال فترات زمنية قابلة للتغيير. وهذا العدد يعتبر ثابتا تقريبا. إذا أردنا أن ننظم في متحفنا معارض مؤقتة مثل تلك المخصصة لأنغر في الأيام الماضية التي أعارتها كل كبرى متاحف الخارج روائعها بكل كرم، فعلينا أن نكون بدورنا كرماء.
أليس التزايد المتنامي للمعارض المؤقتة هو السؤال الحقيقي؟ فبالنسبة لمتحف اللوفر، فلهذا رهانات علمية كما أنها تعمل على خلق جمهور محلي وفيٍّ. فإذا كان اللوفر يتلقى نسبة 65 في المائة من الزوار الأجانب، مقابل نسبة 35 في المائة من الفرنسيين، في قاعاته الدائمة، فأن هذه النسب تنقلب عكسا بخصوص المعارض المؤقتة.

* أليس في ذلك ما يمكن أن نطلق عليه الاتجار في الثقافة؟
المعارض الأخيرة التي نظمها اللوفر والتي خصصت لفرنسا الرومانية، أوغارت أو ديديريو، ليست تدخل حقيقة ضمن الثقافة التجارية...
* أما بالنسبة لأبي ظبي؟
في البدء لقد التمس الإماراتيون فقط اللوفر وحده. ونظرا لالتزاماتنا الوطنية - بخصوص لونس أيضا- والدولية، استحال علينا أن نستجب لذلك الطلب. إدارة متاحف فرنسا هي التي قادت العملية بالتماسها ذلك من مجموع متاحف فرنسا، وليس فقط اللوفر. فالمقترحات التي قدمت اليوم من طرف وزير الثقافة للإماراتيين تناسب مستلزماتنا. لأن مهام متحف كبير مثل اللوفر ليست فقط هي أن يعرض الأعمال الفنية، وإن كانت هذه أهمها، فله أيضا مهام، علمية، تربوية، اجتماعية ودبلوماسية.

* غير أن متحف أبي ظبي هذا سوف يحمل اسم اللوفر.
سوف يمنح له هذا الاسم ذو الجرس العالمي في انتظار أن يوفر متحف أبي ظبي مجموعاته الخاصة به. لا يتعلق الأمر ثمة بقاعدة خلفية لمتاحف فرنسا وإنما بإرساء متحف وطني بفضل كفاءاتنا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف