الفيصل: قلنا لنجاد احذر التهديد الأميركي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من الرياض: كشف وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بأن العاهل السعودي حذر رئيس الوزراء الإيراني أحمدي نجاد بأن التهديد الأميركي بضرب إيران هو أمر ملموس، وتهديد حقيقي، موضحاً أنه ليس على الإيرانيين الاستعجال في تخصيب اليورانيوم.وأوضح الفيصل بأن العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز قال لنجاد صراحة " إنك تتدخل في الشؤون العربية"، وقال الفيصل "قلنا لهم إن ذلك لن يفيدهم (أي التدخل في العراق)، وإنما سيعود عليهم بقدر أكبر من الضرر. لكننا لم نضع أنفسنا مطلقاً موضع نزاع مع إيران. أبلغنا الإيرانيين بأن تدخلهم في الشؤون العربية يخلق رد فعل غاضباً في العالمين العربي والإسلامي". وكان نجاد قد زار السعودية في الرابع من مارس الماضي والتقى العاهل السعودي.
جاء ذلك في حوار الأمير سعود الفيصل مع مجلة "نيوز ويك" الأميركية، نشرت صحيفة "الحياة" اللندنية ترجمة له، فيما يلي نصها: ـ لماذا انتقلت المملكة العربية السعودية فجأة إلى صدارة العمل الديبلوماسي في المنطقة؟ هل بسبب العراق؟ أم القضية الفلسطينية؟ أم لبنان؟ أم إيران؟
إنها كل هذه الأشياء مجتمعة، الشعور بأن أموراً تحدث في العالم العربي وكأنه لا توجد شعوب في المنطقة لديها إرادتها المستقلة الخاصة بها، لا توجد شعوب في المنطقة يمكنها أن تحمي مصالحها، أو حتى أراضيها. إضافة إلى ذلك، كان هناك ذلك القتال الضروس بين الفلسطينيين أنفسهم (في وقت سابق
لقد شهدنا فقدان الهوية في العالم العربي، وفقدان المجتمع الذي لم يتم استبدال أي شيء آخر به. إن هذه القمة مسعى لصنع قرارات عربية مدروسة بعناية، وليست مجرد اجتماع واتخاذ قرارات والانفضاض ثم نسيانها، إنها مسعى لنظهر أننا عندما نعد بعمل شيء في العالم العربي فإننا نقوم به. الفلسطينيون شعروا بالعار .. فاتفقوا ـ إذاً، كان الملك عبدالله مدفوعاً للتدخل عندما اندلع القتال بين قوات "حماس" و "فتح" في الأراضي الفلسطينية؟
- ذلك هو ما حدا به إلى التحرك بوجه عاجل وبشكل عاطفي جداً لإحضار الفلسطينيين إلى مكة. أعتقد أنه أظهر في مكة أنه كان قوة لا تمكن مقاومتها. وأعتقد أن الفلسطينيين شعروا بالعار، ما اضطرهم إلى التوصل إلى اتفاق، وهو اتفاق جيد. ـ عاطفي؟
لم يستطع أن يصدق أن البنادق الفلسطينية تصوب نحو الشعب الفلسطيني، وأن دماً يراق، والأشخاص يقتلون والأطفال يُيتّمون بسبب قتالهم، كل منهم ضد الآخر، فيما يواجهون معاملة وحشية من الإسرائيليين. إنه ببساطة لم يستطع تقبل ذلك، وأعتقد أن الكلمة التي ألقاها تعكس تلك العاطفة. ـ أعرب كثيرون في واشنطن وإسرائيل عن أملهم بأن تحقق السعودية أكبر مما قامت به في مكة. تم تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن بعض المنتقدين يشيرون إلى أنه باحتضان "حماس" بدلاً من عزلها فإن الاتفاق ربما ألحق ضرراً بعملية السلام؟
أعتقد على العكس من ذلك أنه ساعدها، لأنه نقل الفلسطينيين نحو التفكير في أنفسهم كشعب وليس كحركات تتصارع من أجل النفوذ. إنهم يفكرون الآن في أنفسهم باعتبارهم حكومة، وبأن لديهم اتجاهاً، وحين يحدث ذلك في أي وقت فهو أفضل للسلام. في الماضي كان الناس يحاولون المناورة والتحايل على الشعوب للتوصل إلى سلام. لا يمكنك أن تفعل ذلك. لا يمكنك أن تحتال على شخص ليوقّع (اتفاقاً). وحتى إذا وقّع على قطعة ورق تقول إنه سيفعل كذا وكذا، فلن يكون هناك أحد يتبعه. لقد تمت محاولة ذلك مع ياسر عرفات. لقد أتوا له باتفاقات كثيرة، اتفاقات ضخمة. وقال: "نعم، نعم، سأفعل هذا". لكنه لم يستطع أن يطبّقها لأنه لم يكن هناك أي شخص يؤيدها. السلام يتطلب قرارات صعبة ـ تعِد مبادرة السلام العربية التي تم تبنيها أولاً في عام 2002 وتمسكت بها قمة الرياض بسلام كامل واعتراف بإسرائيل من جانب جميع الدول العربية، إذا عادت إسرائيل إلى حدود 1967 وتم التوصل إلى حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين. هل هو مقتَرح يؤخذ كله أو يُترك كله؟ أم أنه هدف نهائي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف تنتقل من هنا إلى هناك؟
الجهات التي يجب عليها أن تساعدنا في الانتقال من هنا إلى هناك هم الإسرائيليون والفلسطينيون، والإسرائيليون والسوريون، والإسرائيليون واللبنانيون. حال توصلهم إلى حل لمشكلاتهم، يمكنك تحقيق سلام بين جميع الدول العربية وإسرائيل، وذلك هو ما يبدو أنه يفوت على فطنة الجميع حين يتحدثون عن المقترح. إن المقترح لا يتعلق بالاعتراف، إنه يتعلق بحل المشكلات. وحال قيامك بحل المشكلات يمكنك عندئذ أن تنتقل إلى قضية الاعتراف، ويمكنك عندئذ أن تحقق السلام وتفتح الحدود وأشياء من ذلك القبيل. ـ إذاًَ، فهو الثروة المخفية. ولكن ألا يجعلنا ذلك بالضرورة ننتظر مفاوضات مماثلة كما كان الأمر في السابق؟
ولكن تلك هي النقطة الحقيقية. أعني أنه لا يمكنك أن تغض الطرف عن الواقع المتمثل في أن إسرائيل تحتل أراضي سورية، وتحتل أراضي لبنانية، وتحتل أراضي فلسطينية. كيف يمكنك أن تغض الطرف عن الحقيقة المتمثلة في أنه يتعين عليك أن تحل هذه المشكلات لكي تتوصل إلى سلام؟ أعني أننا لم نقل قط إن اقتراح السلام شيء سحري يخرج من فانوس سحري ليحقق السلام بمفرده. السلام من أصعب الأشياء التي يُبذل فيها جهد، وما لم تعمل بجد من أجل السلام فلن يكون بمستطاعك إنجازه. إنه يتطلب قرارات صعبة وواثقة، ولكن متى كان السلام أمراً سهلاً الوصول إليه حين يكون هناك نزاع؟ ـ أعرب الإسرائيليون عن خيبة أملهم تجاه الجوانب الأخرى من اتفاق مكة. مثلاً كان هنالك أمل في أن تستخدم السعودية ثقلها لإطلاق جندي إسرائيلي محتجز في غزة منذ الصيف الماضي؟لم نتحدث عن ذلك. ـ ألم تتحدثوا عن ذلك مطلقاً؟
بتاتاً. هو ليس شأننا. إنه أمر كان المصريون يتحدثون عنه مع الفلسطينيين، ولم نشأ أن نتحدث عن الشيء نفسه. هذا الأمر لم يكن مطلقاً جزءاً من المفاوضات. ـ إذا انتقلنا إلى موضوع أكثر مركزية بالنسبة إلى عملية السلام، ماذا عن إقناع "حماس" بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود؟ أو - في الحد الأدنى - إقناعها بالوفاء بالاتفاقات السابقة التي أبرمتها السلطة الفلسطينية؟
إن قمة الرياض تعترف بقرار حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية إلزام الفلسطينيين بالاستراتيجية العربية نحو السلام وخطة السلام العربية. هذا هو الالتزام الذي تتعهد به الحكومة الفلسطينية مثل أية حكومة عربية أخرى، وهو الالتزام بالبحث عن السلام باعتباره الخيار الوحيد. حزب الله استمع لصوت العقل ـ بدا في لبنان قبل بضعة أسابيع كأن حرباً أهلية جديدة ستندلع بين "حزب الله" الذي تسانده إيران وهو متحالف مع سورية، والفصائل المهيمنة على الحكومة اللبنانية المعارضة لسورية؟
لقد تحدثنا معهم بمعقولية كما أعتقد، وأصغوا. أعتقد "حزب الله" على وجه الخصوص. قلنا لهم: "ستخسرون شعبيتكم كلها إذا كنتم سبب حرب أهلية جديدة في لبنان". وأعتقد في خلاصة التحليل أنهم استمعوا إلى صوت العقل، تلك هي الطريقة الوحيدة التي يمكنني أن أوضح بها المسألة. لقد شاهدوا شفا الكارثة، وأعتقد أنهم جميعاً خافوا وتراجعوا. عليك أن تتذكر أنهم ما زالوا يتذكرون الحرب الأهلية (من 1975 إلى 1990) حتى الآن. ـ يبدو أن النشاط الديبلوماسي المتزايد للسعودية في المنطقة في غالبه مسعى لموازاة إيران أو احتوائها؟
من المؤكد أن ما تقوم به إيران هو التدخل في العراق. قلنا لهم إن ذلك لن يفيدهم، وإنما سيعود عليهم بقدر أكبر من الضرر. لكننا لم نضع أنفسنا مطلقاً موضع نزاع مع إيران. أبلغنا الإيرانيين بأن تدخلهم في الشؤون العربية يخلق رد فعل غاضباً في العالمين العربي والإسلامي. الدول الإسلامية الأخرى تشتكي من التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية. وقد تحدثنا إليهم بصراحة وبأمانة حول هذا الموضوع، وهم يرون الخطر الماثل في أن ما يحدث سيقود إلى نزاع بين الشيعة والسنة.
لقد قلنا لهم: قد ترون أن الشيعة يمثلون غالبية في العراق، لكنهم أقلية في كل مكان آخر. وهم أقلية تحظى بمساواة في البلدان السنية. في بلدان مثل المملكة العربية السعودية حالياً يعمل الشيعة في كل مرافق الحكومة والجيش ووزارة الخارجية، وفي كل الجهات الأمنية. لديهم نفس الحقوق والواجبات كأي مواطن آخر، ونأمل بأن تكون لدينا بوتقة هنا. ولكن من دون شك إذا تطورت واستمرت هذه الطائفية في العراق فإنها ستهدد الشيعة في العالم كله. وهذا هو ما يثير قلق الإيرانيين.العاهل السعودي حذر نجاد ـ زار الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الملك عبدالله أخيراً، ماذا كان طابع اجتماعهما؟
الملك عبدالله يتحدث للجميع بصراحة، وهذه إحدى المميزات المحببة والفاعلة في طبيعته، كما أعتقد. وذلك يجعل حتى الشخص الذي يتحدث إليه بطريقة
"إنك تتدخل في الشؤون العربية". قال له ذلك. ـ صراحة؟بصراحة. أصغى نجاد ثم قال: "إننا لا نتدخل". لكننا قلنا: "سواء أكنت تنكر ذلك أم لا فإن ذلك يخلق مشاعر سيئة تجاه إيران، ونعتقد بأنكم يجب أن تكفوا". ـ وماذا عن مسألة البرنامج النووي الإيراني؟
في شأن القضية النووية حذّرناه: "لا تلعب بالنار. لا تفكر بأن التهديد بهجوم أميركي على إيران لا وجود له، فكروا بأنه تهديد حقيقي، بل حتى تهديد ملموس. لماذا لا تريدون أن تنتهزوا الفرصة في هذا الشأن وتلحقوا أذى ببلادكم؟ لماذا العجلة؟ لماذا يتعين عليكم أن تقوموا بتخصيب اليورانيوم هذا العام وليس المقبل أو السنة التالية أو حتى بعد خمس سنوات من الآن؟ لماذا التعجل الحقيقي في هذا الأمر؟". ـ ذُكر أن السعودية قد تتسبب في انخفاض أسعار النفط لمعاقبة إيران؟
إنها لن تنخفض. ـ لا؟
لا. الناس في حاجة إلى النفط. ـ ماذا بمستطاع السعودية القيام به ولو بأي مقدار للمساعدة في تحرير البحارة البريطانيين الذين تحتجزهم إيران؟
أعتقد بأن ذلك يمثل قبل كل شيء كارثة بالنسبة إلى إيران. هذا ليس الوقت المناسب لتكون لديهم مشكلة. نقول لهم ذلك.