لقاء إيلاف

رباح: لتفصح إرادة الفلسطيني الوطنية عن نفسها

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

حوار مع يحيى رباح، سفير فلسطين في اليمن سابقا
غالبا ما تقع الجزيرة في مطب الانحياز، ومجافاة الموضوعية

نصر جميل شعث من غزة: الثلاثاء، 3 نيسان (ابريل ) يكتب الأستاذ يحيى رباح في زاويته اليومية بجريدة الحياة الجديدة الفلسطينية تحت عنوان " علامات على الطريق - قمر في سماء المدينة " : " غزة، المتجهمة، لا تجيد الابتسام، لأن أيامها مكدرة بالصعوبات من كل شكل ولون، ولياليها مسربلة بالخوف من المجهول، ووسائدها محشوة بالقلق !!! غزة تعيش دائماً على ذوي المفارقات الكبرى، والمفاجآت المبهرة، حيث غزة تجد الوقت الكافي للبكاء على قتلى غير قتلاها، وتتضامن مع جراح غير جرحها النازف القديم، ويقدم فيها المسرحى اللامع على أبو ياسين مسرحية الكاتب المصري الشهير محمود ذياب، بعنوان " الغرباء لا يشربون القهوة "، وتصدر فيها رواية توفيق أبوشومر الأولى " الصبي والبحر "، وتتفتح في بقايا الأرض التي نجت من القصف والتجريف زهور اللوز قصيرة العمر، ويزيد فيها عدد الشعراء الذين يجمعون عسل الرغبات الشهية من كهوف الخوف وشجر الشوك !!! ".
ومن ناحيتنا، إذا ما ذهبنا لقراءة التاريخ وتتبعنا سير الاسكندر المقدوني نحو آسيا، نجده قد انطلق في عام 334 ق. م نحو آسيا الصغرى، منحدرًا نحو الساحل الشرقي للبحر المتوسط. فاحتل مدنه واحدة تلو الأخرى وصولا إلى مصر الفرعونية "ايجبتوس"، معرّجا قبيل توجّهه لمصر على "هيروشيليموس" ( القدس ). حيث لم تلق حملات الاسكندر هذه أيه مقاومة شديدة إلا من مدينتين هما: "صور" و"غزة". فظلت الأخيرة تقاوم لنحو شهرين إلى أن فتحها وذبح الكثير من سكانها الذين كانت غالبيتهم من العرب. وفي القرن الخامس ق. م، أطلق هيرودوس اسم "بالستينا" على المدن الكنعانية الجنوبية الخمسة : غزة، اشدود، جت، عقرون، وعسقلان ( وهي المدن التى تمثل الآن جنون فلسطين ). وفي عهد الإمبراطور هارديان (117-138م) ظهر مصطلح "باليستينا" للدلالة على مدينة غزة والمنطقة المحيطة، حيث كانت وحدة عسكرية رومانية ترابط فيها. إذا، فكرة " دولة فلسطينية في غزة " ليست جديدة. بل لها أساس في تاريخ الصراعات والاحتلالات المتعاقبة على المكان. أمام هذا التاريخ المشرّف لأفعال المقاومة في غزة، كان لابد من سؤال الأستاذ يحيى رباح بصفته السياسية والحركية والإعلامية حول الصورة التي اشتركتا في تشوهيهها كل من فتح وحماس، وإثارة الأسئلة حول: موت عرفات، شيخوخة فتح، صعود حماس، والصراع بين الحركتين.. وصولا إلى اتفاق مكة، كذلك أسئلة حول الإعلام الفلسطيني والعربي، والأمور الثقافية، والتحولات الداخلية والخارجية. أما عن هوية الأستاذ رباح فهو سفير فلسطين في اليمن سابقا، من مواليد قرية السوافير الشمالية داخل فلسطين المحتلة عام 1943. عضو المجلس الثوري لحركة فتح. حصل على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة القاهرة. انضم لحركة فتح في عام1966. عمل في العام 1968 في إذاعة صوت العاصفة التابعة لحركة فتح. عمل مفوّضا سياسيا في قوات العاصفة في لبنان وسوريا. عمل مفوضا سياسا للقوات المشتركة اللبنانية الفلسطينية في جنوب لبنان. عمل سفيرا لفلسطين في اليمن. عمل عضوا في قيادة حركة فتح في الأردن. عمل مديرًا عام للاذعات الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية. وقاص، مؤلف لعشر كتب. وله أعمدة يومية وأسبوعية في بعض الصحف الفلسطينية والعربية.

* شغلت منصب سفير فلسطين في اليمن، وعايشت السياسية والثقافة اليمنيتين. وصدرت لك مجموعة قصصية ضمن سلسلة منشورات إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وحمل عنوان "شجرة الغياب".. وصفها الشاعر والأديب اليمني الراحل محمد حسين هيثم بأنها شجرة الحضور الإبداعي المتألق للموضوع الفلسطيني، للذاكرة الفلسطينية وللشأن الفلسطيني الراهن.. وبأنها تتوخى التجسيد الإبداعي أولاً وأخيرًا " وفي غزة أصدرت مجموعة بعنوان " ما وراء اللحظة ". نود أن تحدثنا ثمار الشجرة - التجربة. وماذا تقول في غياب الشاعر والأديب محمد حسين هيثم الذي رحل قبل قليل؟
- لأبدأ، أولاً، بهذا الرحيل المبكر والمفجع بالنسبة إلى، وهو رحيل أخي وصديقي العزيز الشاعر اليمني الكبير محمد حسين هيثم أمين سر اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين - إنه صوت شعري مخضر بالثمر، مسكون بالإيقاع، مفتوح على الرُؤي المدهشة، وبالإضافة لذلك، فلقد كان ملبثاً بالحيوية، ومسكوناً بالحراك الثقافي الشامل لذلك البلد اليمن الذي وصفته في كتاباتي بأنه يسكن فوق مصالب الغيوم، وطن البكارة المتجددة، يتفوق على نفسه بالصبر و قدرة الإبهار، بلد جميل جداً، يذكرنا بأصولنا وبأننا من هناك من ذلك التبوع الذي لا ينضب أبداً، إنه اليمن الذي يقول أهله عنه إنه لا يشبهه وطن آخر !!! وصديقي محمد حسين هيثم كان مسكوناً دائما بالعمق الحضاري لليمن، ومضاءً.. بجماله ودهشته مثلما تضاء البيوت الطالعة من الأساطير تقمرياتها الزجاجية الملونة !!! برحمه الله، سيظل اسمه حاضراً و جزءاً من الذاكرة اليمنية. أما شجرتي، شجرة الغياب، فهي بوح مستمر يتعلق بالسؤال الأزلي، ماذا يحل بنا عندما يتغير وعاء الزمن؟؟؟ وكيف نستعيد أنفسنا من لوحة معلقة على الجدار اسمها لوحة الغائب، بحيث تسترد أنفسنا في اللحظة المعاشة نفسها بكل اصطراعاتها القاسية؟؟.

* أنت الآن في غزة، وتمارس عملك الإعلامي والسياسي، ولابد أنك على دراية بأمور كثيرة. ثمة تحولات كثيرة حدثت بشكل متقارب: موت عرفات، شيخوخة فتح، صعود حماس، الصراع بين الحركتين. وصولا إلى اتفاق مكة. هل برأيك سينجح الفلسطينيون في إرادة الأزمات الداخلية والخارجية بالتعاون والمشاركة؟ هل ترى أن الانتخابات المبكرة أمر مازال يلوح في الأفق؟ ماذا وراء اللحظة؟.
- جذور المشكلة في السياسة الفلسطينية عميقة ومتعددة، سواء بين حركتى فتح وحماس أو على امتداد كافة الفصائل والأحزاب، وأول جذور هذه المشكلة أن الحركة الوطنية والإسلامية الفلسطينية ولدت في ظل النظام الدولي السابق الذي كان له سمات محددة في إدارة الأزمات والعلاقات، والتحالفات، وعندما إنهيار ذلك النظام الدولي السابق ثنائي القطبية وجدت مئات من الكيانات السياسية نفسها وسط ظروف جديدة ومعايير جديدة وأعباء جديدة، ومن لم يستطع أن يتغير فإنه إنهاء مع انهيار النظام الدولي السابق، مثل انهيار منظومة الاتحاد السوفيتي، وتفتيت الإمبراطورية البوغوسلافية، وانضمام جمهورية اليمن الجنوبي في دولة واحدة مع الجمهورية العربية اليمنية، وانضمام ألمانيا الديمقراطية إلى ألمانيا الأم في دولة واحدة - وهكذا. الحركة الوطنية الفلسطينية يجب أن تمتلك القدرة على تغيير واسع في بنيتها الداخلية وفي كيمياء علاقاتها الداخلية، وإلا فإنها ستبقى مهددة. يضاف إلى ذلك، هناك أعباء ومتطلبات وإلحاحات الانتقال من المنفى إلى الوطن، ومن الثورة إلى الدولة، ومن المسؤولية المعنوية إلى المسؤولية اليومية !!! وهناك أعباء اندماج الداخل والخارج، وتلافٌح الأجيال، وموضوعات أخرى كثيرة، وبالتالي فإن الإشكاليات الموجودة ليست سهلة، ولكن اتفاق مكة، وابنه الشرعي حكومة الوحدة الوطنية، أعطيا إشارة قوية بأن الفلسطينيين يستشعرون الخطر، وأنهم قادرون على أن يكونوا جزءاً عضوياً من النظام الإقليمي العربي الجديد الذي يتشكل الآن على قواعد جديدة، من أبرزها انتزاع قضايا العرب وملفاتهم من التجاذبات الإقليمية والدولية، والسيطرة عليها!!!. هذا نجاح يبنى عليه كثيراً، وهو خياراً إنقاذي، وليس هناك خيار آخر، ومن خلال الحراك الجاري الآن علينا أن نتفق على الصيغة التي نتعامل بها مع العالم، مع القوى الإقليمية والدولية المؤثرة !!! هناك أفق مفتوح، هناك أبواب للعبور من خلالها، ولكن الإرادة الوطنية - يجب أن تفصح عن نفسها بوضوح أكثر مما يجري حتى الآن، وبالنسبة لحكومة الوحدة الوطنية فأنا أعتقد أنها أشبه بالحلقة الوسيطة، حكومة انتقالية، مهمتها أن تنقلنا إلى مرحلة جديدة، وأفق جديد، وعندما نصل إلى هذا الأفق، فقد يكون من الضرورة إجراء انتخابات ولكن ليست انتخابات ثأرية كما يتوهم البعض، ولكنها انتخابات بهدف الانتهاء بشكل قطعى من مرحلة التداخل والغموض وفقدان الملامح التي يعانى منها العمل الفلسطيني، انتخابات تفرز برامج سياسية أكثر وضوحاً وأكثر تحديداً.

* الإعلام الفلسطيني منذ تأسست السلطة الوطنية لم يطوّر ذاته. أنت بدورك، بما تعلل ذلك، ومن المسؤول عن كل هذا؟
- طبيعي أن الإعلام الفلسطيني لم ينجح في تطوير نفسه إلى المدى المطلوب، ويظل يدور رغم كثرة أدواته في نفس الحلقات، وفي نفس المصطلحات، بل وتحت نفس الشعارات، لماذا.. لأن السلطة الوطنية الفلسطينية أو النظام السياسي الفلسطيني كما أحب أن اسميه، لم يستقر على ملامح محددة، هذا النظام بكل مفرداته ومكوناته تتساكن فيه المتناقضات ولا تتفاعل بشكل إيجابي، والإعلام هو الصوت والصدى للواقع، صحيح أنه يؤثر، ويبشر، ولكنه في نهاية المطاف محكوم بسقف الواقع.

* وكيف تنظرون لسياسة بعض الفضائيات العربية كـ " الجزيرة "، " العربية ".... هل ثمة مفاضلة من طرفكم لواحدة على الأخرى؟
- بلا شك أن هناك فرقاً ملحوظاً بين فضائيتي العربية والجزيرة، وبرغم أن قناة الجزيرة شكلت ثورة نوعية في الإعلام العربي، وضاعفت من حجم الوعى والإدراك لدى الإنسان العربي، وجعلته أكثر قرباً من ثورة الاتصالات في العالم، وأكثر مشاركة حول ما يجري فوق كوكبنا، ولكن اعتقد أنها تقع في كثير من الأحيان في المطب الكبير، القاتل، وهو الانحياز، ومجافاة الموضوعية، وذلك راجع إلى أسباب كثيرة ومعقدة !!! وربما لهذا السبب انطلقت العربية التي تحتشد فيها عدد كبير من الكفاءات، وعدد كبير من أطقمها كانوا أصلاً في الجزيرة، العربية اقرب إلى الحالة العربية بكل طموحاتها وجراحها، وقد تمكنت من أن تكون صوتاً حاضراً.

* حول قرار إتلاف حماس للكتاب الشعبي: "قول يا طير وعدولها عن القرار، اعتبر بعض الكتاب أن الموقف من هذا الكتاب يمثل جزءً من مشاكل تصور "حماس" للهوية الفلسطينية. فهي تغلب العنصر الديني في هذه الهوية على العنصر الوطني. وفوق ذلك فهذا العنصر الديني لديها ذو طابع محافظ جدا. إنه من ناحية متشكك في الحداثة، ومعاد للقيم الشعبية من ناحية. ففي هذا التصور يصبح اللباس الشعبي الفلسطيني أمرًا مكروها يجب أن يحل محله لباس يدعى بالشرعي، رغم أن لا شرعية له أو فيه. كما أن الغناء والرقص الشعبي، أي الدبكة الرجالية والنسوية، تقع في تضاد مع هذا التصور. وها نحن نبصر أن الخراريف الشعبية لا تجد لها مكانا فيه أيضا ! لكن بحجة خدش الحياء!!. ما هو تعليقك على فعلة حماس؟
- حركة حماس آلية الإخوان المسلمين لديها تصورات مسبقة في السياسة والاقتصاد والتعليم والثقافة والفن وبقية عناصر الحياة الأخرى، وتلك التصورات - مع الأسف الشديد- ألبسها أصحابها " رداء المقدس" وهي لم تختبر من قبل، حتى بالنسبة لوجود هذه العناصر في العصور الإسلامية الزاهية، فإن هناك الكثير من الجدل، والاختلاف، والإبداع، والتجديد..الخ. عندما جاءت حماس إلى السلطة بفعل الانتخابات التي يمكن الحديث عنها كثيراً ولكن ليس هنا المجال، فإن حماس وبنوع من التسرع السطحي والأرعن، ارتكبت خطأين كبيرين.
الخطأ الأول: اعتقدت حماس أن فوزها في الانتخابات وبعصبها الحق في إسقاط كافة الهياكل الوطنية والمجتمعية والثقافية التي لا تتطابق مع تصوراتها المسبقة التي لم تختبر من قبل، وفي هذا الموضوع وصلت إلى شطط كبير وقاتل حين اعتقدت أنها ستبدأ من نقطة الصفر، وهذا مستحيل موضوعياً، وحتى الإسلام العظيم في عز فتوحاته وتوهجاته وقوته لم يذهب إلى هذا القدر من الشطط!!! ولا أريد أن أتوسع في هذه المسألة. الخطأ الثاني: اعتقدت حماس أنها بمجرد أن تلبس تصوراتها السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية الرداء المقدس "فإنها تصبح قابلة للتداول، انظر كيف سمّت نفسها بالحكومة الربانية، وكيف رفضت في البداية المشاركة مع أي طرف، وكيف ربطت دعايتها السياسية بأنها باقية حتماً لمدة أربع سنوات، ثم ثبت بعد ذلك أن الحياة أقوى من التصورات المسبقة، وأن الشعارات تتحول إلى ما يشبه الأواني الفخارية الهشة حين تصطدم بتفاعلات الواقع. إتلاف كتاب "قول ياطير" هو أشبه بغارة فاشلة شنتها حماس على البناء الثقافي والنفسي والميراث الفلسطيني، و(بدا شك أن هذه الغارة الفاشلة تعكس تصورات حماس عن الهوية التي تريدها لمجتمعنا الفلسطيني المتعدد ثقافياً (مسلمون ومسيحيون) والمتعدد سياسياً ,أيديولوجياً بكل مفردات النظام السياسي!!! اعتقد أن حركة حماس تزداد اقتراباً كل يوم من أرض الواقع، أصبح لديها خبرة في النزول عن الشجرة وعنوان كل ذلك هو التغيير السياسي الذي سيجر إلى تغييرات على كافة الأصعدة.

* لكن، وضع الثقافة الفلسطينية بشكل عام هو وضع بائس. "فتح" كـ"حماس" سبب هذا البؤس. أنتم في " فتح " ماذا فعلتم للثقافة طيلة أربعين سنة؟
- لا أوافق على هذا التلخيص الظالم نوعاً ما، لا شك أننا في الخارج، في ثورة بساط الريح، التي تنتقل من مكان إلى مكان، ساهمنا في حضور الثقافة العربية، شعراؤنا هم الأشهر محمود درويش ومعين بسيسو وغيرهم، أعطينا مساحة كبيرة للتفكير عبر مؤسسات البحث المتعددة، والمجلات الراقية مثل شؤون فلسطينية، وأحدثنا ثورة في عالم النشر، ولولا ذلك لما أتيحت الفرصة لمئات من الكتاب أن نشروا إبداعاتهم في مواضيع شتى، تعاطينا مع المسرح، ولدينا إسهامات كثيرة، ومع الأغنية الشعبية والوطنية، ومع فرق إحياء التراث، وجوّلنا الكوفية الفلسطينية والثوب الفلسطيني إلى رموز عالمية، وقبل وقت قليل كان هناك صراع حاد في دور الأزياء العالمية حول الكوفية الفلسطينية التي أصبحت حاضرة في تصاميم أكبر دور الأزياء العالمية هذا شيء كثير بالنسبة لثورة، ذات ملامح خاصة عجيبة، ثورة بساط الريح، وغابة البنادق.ا اعترف لك أن المشهد الثقافي في ظل السلطة لم يكن بهذه الحيوية، لأن عراكنا اليومي مع تفاصيل الحياة التي يمسك الاحتلال الإسرائيلي بناصيتها بشكل مطلق، جعل الأولويات تتلخبط، صار الهم الأكبر هو الوظيفة، والمعيار، والقصف، والاغتيال، والاجتياح، وتراجع التعليم كثيراً الذي يشكل البنية التحتية الأساسية للثقافة !!! ثم لا تنسى أننا جزء من الأمة العربية، واعتقد أن التراجع الثقافي في الوطن العربي هو من الموضوعات الرئيسية الملحة الآن، انظر إلى مصر أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وعشرات غيرهم وماذا نرى الآن، وانظر إلى مصر طه حسين ولطفى السيد، والعقاد، والمنفلوطي، ومصطفى صادق الرافعي، ونجيب محفوظ، ويوسف إدريس وصلاح عبد الصبور ولويس وعوض ومئات غيرهم، وماذا نجد الآن. والمشهد نفسه يتكرر في كل أرجاء الوطن العربي من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، هناك اضمحلال ثقافي، هناك رِِِدة ثقافية، فما بالك ونحن المكان الأكثر في عدم الاستقرار؟؟؟.

* بحكم عملك الدبلوماسي والإعلامي، كنت مقربا من الراحل يا سر عرفات. وتحتفظ بذكريات معه. بكلمات موجزة : لماذا مر موت عرفات الغامض دون أن تفعل فتح شيئا. هناك من يعتقد بتورط بعض المقربين بقتل عرفات؟
- ياسر عرفات كما عرفته على امتداد ما يقارب أربعين سنة، وأتيح لي أن أكون قريباً جداً منه في محطات كثيرة، رجل تليق به الأساطير!!! إنه ظاهرة، إنه ضرورة نابعة من شدة احتياجنا إليه في مرحلة معينة. ورجل بهذا الحجم وهذا الحضور وهذا التوغل في مسامات الزمن الفلسطيني يتطلب وقتاً أطول وظروفاً أفضل لكي تكشف آلاف الحقائق المتعلقة به، سيحدث ذلك حتماً، ولكن ليس في وقت قريب.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف