معرفة

"المسيح في الأدب العربي المعاصر"

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كتبت ألين الموراني:"إن قارنّا الأدب العربي الكلاسيكي بآداب الشعوب القديمة، نجد أنه يشكل ظاهرة خاصة. انه أدب دنيوي". هكذا كانت البداية مع رئيس تحرير "ملحق" النهار الثقافي والروائي الياس خوري، في محاضرة حول "المسيح في الأدب العربي المعاصر"، ألقاها افي بيت الشبيبة الارثوذكسية في الاشرفية. ورغم صعوبة الموضوع، بحسب خوري، كانت مداخلته قيّمة، ابرزت نفسه الروائي اسلوباً اعتمده لخوض تاريخ الشعر العربي خاصة عبر العصور، دون ان نغفل الرجل المثقف والصحافي المحنكالياس خوري: أعاد الأقليات الى المد الثقافي العربي.كثيراً ما قيل ان الأدب العربي لم يعكس الواقع وردّ البعض ذلك الى ان اكثر الادباء لم يمتلكوا الجرأة للجهر بكل ما يعتمل في نفوسهم. وآخرون قالوا ان ثمة ادباء عاشوا في مجتمعات قمعية، نتيجتها كانت، ان بقيت امور كثيرة مخفية ومع ذلك اعتبر نقاد آخرون ان الادب ابن بيئته.

وتبقى هذه المقولة صحيحة جزئياً، اذ تلقينا معلومات عن واقع المجتمعات الغابرة عبر الادب اضافة الى معرفتنا بكثير من الشخصيات التي بقيت مع مرور الوقت رموزاً. والمسيح كان الشخصية/ الرمز الذي بدأت اقلام الادباء العرب تناولها في القرن التاسع عشر بعد تجريدها من فحواها الديني وربطها بفكرة الموت والقيامة.

أدب دنيوي

اعتبر خوري ان هذه النزعة العلمانية في الأدب العربي تشكل ظاهرة خاصة، اذ ان آداب الشعوب القديمة امتزجت بالدين، فأتت شكلاً من اشكال المعرفة التي يمكن تسميتها بالمعرفة الدينية، كالملاحم والاساطير.

وعاد بنا الى العصر الجاهلي والخطاب الجاهلي تحديداً الذي لم يأت على ذكر تعدد الآلهة الا في اشارات بسيطة. واعتبر ان الشعر في العصر الاسلامي لم يكن مهماً. ولفت الى ان ظاهرة العصر الجاهلي، بالنسبة الى الدين، تكررت في العصر العباسي، مستثنياً الشعر الصوفي الذي كان هامشياً ومعقداً، لان للغة الصوفية مستويين من القراءة، السطحي والتأويلي.

المسيح الرمز

ثم تحدث المحاضر عن بداية عصر النهضة في القرن التاسع عشر (تاريخه ملتبس) وأعلامه جبران خليل جبران وهجرته الى اميركا، جرجي زيدان واحمد فارس الشدياق الذي جدد اللغة وترجم الكتاب المقدس بلغة بسيطة خالية من رطانة عصر الانحطاط. وشدد على ان ترجمة الشدياق لعبت دورا اساسياً في تحديث اللغة العربية.

وبذلك اشار الى الدور الريادي الذي لعبه الادباء المسيحيون في عصر النهضة وتأثيرهم في الادب. وقد ارتفع عددهم مما شكل ظاهرة بخلاف الاقلية اليهودية العربية التي لعب افرادها دورا في الموسيقى والسينما.

وتناول خوري كتاب "يسوع ابن الانسان" الذي تعامل فيه جبران مع المسيح على انه مصلح اجتماعي متسامح. وقال انه في عصر النهضة بدأت تدخل رموز دينية الى النص الادبي بوصفها رموزا، بعد تحريرها من الدين.

الموت والانبعاث

وفي خمسينات القرن المنصرم كان لبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي ونازك الملائكة قصائد استخدمت المسيح كأسطورة. ولفت خوري الى ان السياب هو اول من استخدم المسيح كشخصية اسطورية، كأنه يتحدث عن موت تموز. "مع السياب دخل المسيح في شكل هائل الى الادب العربي". واشار الى ان الرمز المسيحي مستخدم اكثر من الرمز الاسلامي. وانه يُتعامل معه على ان يكون علمانيا. اضافة الى ان الادباء المسيحيين تبنوا الافتراض الخارجي القاضي باعادة النظر في تفسير العقائد، اي ان كل الحكايات اساطير. ويرى خوري ان شخصية المسيح اساسية في شعر بدر شاكر السياب ومحمود درويش.

ولاحظ ان الروائي حنامينه يأخذ مقاطع من الليتورجيا الارثوذكسية، من دون ان يشير الى مصدرها او معناها، ليحولها الى معنى سياسي، علماني. وذكر ادوار الخراط القبطي، وادونيس الذي استخدم في شعره تموز، المسيح وعلي بن ابي طالب.

"بدأ هذا التيار بالتراجع او خف او خاف منذ صدور رواية نجيب محفوظ "أولاد حارتنا" الذي كان فيها المسيح شخصية رمزية. اما الشاعر الوحيد المتدين والذي يقرأه يجد نفسه امام تجربة ايمانية وليس استخدام رمزي سوسيولوجي فهو يوسف الخال، البروتستانتي، الذي ترجم اليوت والشعر الاميركي الحديث. ويرى خوري ان الخال كمحرك ثقافي اهم من شعره الذي بقيت تأثيراته محدودة.

اضاف: "لا نقلل من اهمية دخول الرمز المسيحي الادب المعاصر، فهو حدث تاريخي، اذ فرض على الادب العربي القبول بالتعددية. وفق هذا المعنى لعب المسيح دورا اساسيا في الادب العربي وفتح بابا لم يكن موجودا وسمح بدخول عنصر جديد منذ العصر العباسي. واقتضى ذلك عشرة قرون لتعود الاقليات وتدخل في المد الثقافي العربي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف