معرفة

"معابر الروح" إهداء خاص للأمهات في عيدهن

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

وجد عبد النور من أبوظبي: استضاف معرض أبوظبي الدولي للكتاب وضمن برنامجه الثقافي لهذا العام حفل توقيع كتاب "معابر الرّوح" للكاتبة مروة كريدية وذلك في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، وقد أهدت الكاتبة القصائد للأمهات بمناسبة يوم الأم متمنية لكل السيدات تحقيق المزيد من الوعي بالمكانة المُمَيَّزة التي فُطِرَت عليها المرأة .
و يحمل الكتاب اسم قصيدة تطرح اشكالية ميتولوجية تمثل انعتاق الروح و البعث والعود بأسلوب شيق . وحول تسمية الكتاب قالت كريدية : "ارتبطت لفظة معابر في أذهان اللبنانيين بالحرب الأهلية الدامية وحمل المصطلح الكثير من المعاني السلبية ..غير أن لفظة "المعبر" تعني "البرزخ" : نقطة التقاء ونقطة افتراق، هي مرحلة بين مرحلتين ومنزلة بين منزلتين، والانسان "العابر" هو ذاك الكائن الواعي القادر على الانتقال من منزلة نفسية لأخرى بوعي ومن مقام روحي لآخر في سيرورة تطور الروح في رحلة الخلق والعود والبعث " وتضيف "لقد حاولت ان ابرز المعنى الايجابي والعمق الانطولوجي للمصطلح "

الوطن لخدمة الانسان ، والانسانية لا تحدها البقع الجغرافية

قصائد الكتاب تعكس كريدية رؤيته السياسية و الثقافية التي كانت قد طرحتها في كتابها "أفكار متمردة " الذي عالجت فيه السياسة بمنظور كوني يرى ان الانسان لا يختزل بعقيدة او ايديولوجية او ثقافة او حتى وطن، وهي تؤمن بوحدة الوجود حيث تقول : "عاقِلة روحي هيَّ هويَّتي والكون كلّ لا يتجزأ "
وهي ترى ان قيمة الانسان تتجاوز الأوطان وتقول " الانسان أهم من الاوطان وليس العكس والانسانية تتجاوز البقع الجغرافية الى ابعد من الارض نفسها ... لذلك فإن مقولة : (المواطن فداء الوطن) يجب اعادة النظر فيها.. فما فائدة الحجرلولا البشر ؟ بل ان تحقيق انسانية الكائن أولى من الوطنية نفسها ! "
وتحضر رموز الوطن في بعض القصائد كوصف القرى مثل قانا و اورشاليم ومدينة احيرام والخليل التي تستغيث من اجل المحبة والسلام المنشود وهي بذلك ترتدي ثوبًا كونيا يتجاوز الصراعات الدينية

مِن القدسِ أتَيتُ ... مِن أورشليمِ معبدٍ
من صخرةٍ عُلِّقتْ ..بأقصى مسجدٍ

من كَنيسةٍ قَامتْ للعذراء...
مِن قَصرِ سُليمانَ وهيكلَه
أَقبلتُ الآن الآن
بعرش بلقيسٍ ...
وملوك البنت الِجنِيَّة

أحملُ جراح أكوان ٍ
أسكبُ القلبَ بالخفقان أنَّاتِي
أُرتِّل الآه تلو الآه
أحملُ زيت المَسيح
و أخضَرَ زيتونةٍ
...
عَبرتُ الزمانَ إليكَ ..
أكافحُ
أطوي العصورَ
بفستانِ عروسٍ مَسبيّة

الابداع يتجاوز قوانين المجتمع ، والخلق أقوى من كل القوانيين !

وردًّا على سؤالنا حول مصادفة يوم التوقيع مع يوم الام وما هي مشاعرها تجاه هذه المناسبة ومن هي المرأة من وجهة نظرها قالت:" للمرأة مقام روحي جميل وهي صورة لتجليات الجمال الوجودي، وانعكاس للنور المنبثق عن حضرة التكوين ".

عظمة المرأة تكمن في كونها قادرة ان تكون "أمًّا " وانوّه هنا بأن مقام "الاحتضان المتمثل برحمها " هو رمز قوّي من رموز "الخلق" لذلك فالأنثى لا يدانيها كائن ، وينبغي على المرأة ان تعي ذلك بعمق وتخرج من دائرة المقارنة بالاخر كائنًا من كان الى دائرة الإبداع الخلاق".... وللاشارة فقط انا لا قصد الجانب البيولوجي وحسب بل الفكري و النفسي والروحي ايضًا، فالابداع الفكري هو "أنوثة فكرية " لانه يعني احتضان فكر وإعادة توليده من جديد ولقد عالجت هذا المفهوم في قصيدة "المبدعة " التي تروي قصة امرأة حملت سفاحًا (وبالرغم من ان المجتمع يعاقب هذه الظاهرة) غير ان الابداع يتجاوز قوانين المجتمع لان الخلق أقوى من كل القوانيين !
وحول علاقة القصائد باللوحات التي ترسمها قالت :" التشكيل بالنسبة هو ترجمة بصرية و مرآة للذات .. بطبيعة الحال هناك بعض الخواطر التي جسدتها عبر الريشة لا سيما المرأة والام كما ان هناك لوحات رمّزتها حرفًا "

الُمبدِعَة
حَملتْ جنينها بحنانٍ ....
ومَشتْ .....تَعثَّرتْ ....
تلتفتُ وراءها ....
خلفها شيء ربَّما .... بل أشياء
شبح ...أو خيال
أَمطرتْ عينها ...دمعًا
فأمطرتْها السماء... ماءً
تتلفّتُ بحذرْ ...تتعثّرُ بحجرْ
شعرها الأجعد يتطاير على وجهها
احتضنتْ نفسها ....بيديها

بالأمس كانت شريدة ...فحَمَلتْ
واليوم طريدة .... بسبب حَملِها

نظرتْ .... نظرتْ الى البعيد
أطلَّت الى المستقبل بعينِها
لا ترى شيئا ...
دارت حول نفسها ....

لا ترى سِوى كائناتٍ
بليدة....
صغيرة .....
حقيرة .....
الدماءُ تحترق بأوردتِها
وحولها عيونٌ تحدِّقْ
و أشباح ....تقتربْ
تتحدى شرر العيون ...
بطيب قلبِها
تدفع عن نفسها الأشباح ...
برِقَّة ابتسامتها ....
*****
إنه المساء !
والظلام كثيف ...
والعيون شاخصة .....
ترصد ....الشاردة والواردة
ألسنة سليطة حادّة

قلبها يرتجف... بردًا
و روحها تتحدى..... خوفا

الجنين يرتعد بداخلها بشدّة
يطالبها أن... تقاوم
قلبها يخفق ....
نظرت الى نفسها
أشلاء وسطَ الضباب ...
لملمت أجزائها
احتضنت مفردات نفسها
......
من أين تبدأ؟؟
تنهدت .....بعمق مأساتها

تَوجَّهتْ نحو..... الفضاء
ونجمة عالقة وسط السماء
خفق جنينها مشجعًا
فانطلقتْ نحو الدُّرة البيضَاء

هناك عند الشمس...
وَضعَت جنينها
في وسط الغيوم ... غَفت
ووليدها يرضع صفاءَ قلبها
يُشبهها ...
قلبه يشعّ ...نورا
وابتسامته ...تشرقُ صفوًا

نظرتْ من فوق الى الأفق هناك ...
فلا مكان لَها إلا ...
في كبدِ السماء
و تيقَّنتْ أنَّها ملاك في ....
قصر الأحلام
فروحها لا تتسع للعيش
وسط الظلام
ووليدها لا مكان له في دنيا .....
اللئام
فإبداعاتها لا تعرف لغة الأقزام
****

تعد الكاتبة مروة كريدية واحدة من المهتمات بالقضايا الإنسانية و اللاعنف، حيث تطرح العلاقات الاجتماعية من خلال رؤية وجودية تتجاوزالانقسامات الاثنية والدينية، وقد عملت في ميادين فكرية متنوعة ولها العديد من الاعمال الادبية و الفنية التشكيلية والخواطر الشعرية والابحاث الميدانية في علم الاجتماع السياسي، وهي ناشطة في ميدان الاعلام الثقافي، كما حازت على العديد من شهادات التقدير من جهات ثقافية عدة ولها عدة مؤلفات ودراسات منها أفكار متمردة في الفكر والثقافة والسياسية ومدائن الغربة في الفنون التشكيلية .


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف