معرفة

مصطفى الأنصاري لـ إيلاف : هدفنا استنهاض الواقع المعرفي العربي..

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بناء قادة الغد رهان مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم
مصطفى الأنصاري لـ إيلاف : هدفنا استنهاض الواقع المعرفي العربي..

حاورته مروة كريدية: شابٌ مثقف يتابع القضايا المحيطة به بعين ناقدة من دون ان يدّعي في العلم فلسفة عظيمة، مواعيده منضبطة ويحترم جليسه بحسن اهتمامه واستماعه، وهو فوق كل ذلك خدوم متواضع يبدي استعداده التلقائي لتقديم اي مساعدة ممكنة دونما تصنّع.. انه مصطفى الأنصاري نائب المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد لقطاع العمليات، والقائم بأعمال نائب المدير التنفيذي لشؤون المعرفة والتعليم.

بدأ مصطفى الأنصاري حياته العملية في دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، وتنقل عبر عدة محطات من بينها منصب مدير مشاريع في المكتب التنفيذي، وهو أحد أعضاء الفريق الذي باشر العمل على إنشاء مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم.

لم يخف إعجابه بحاكم إمارته الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وحبّه البالغ له، الأمر الذي كان مثار الكثير من الاسئلة بالنسبة إلي، إذ استشعرت صدق مشاعره الخالية عن النفاق والتزلف والمديح الوصولي، فقد كان يروي تفاصيل أحداث تعكس إنسانية العلاقة بين كوادر الشباب في دبي وقادتهم، وهو امر لم نعتد عليه في الكثير من بلادنا العربية التي تشهد علاقة مأزومة بين السلطة وكوادرها.

ما يميّز الانصاري عن كثيرين من أصحاب المناصب الذين التقيتهم أنه يمتلك القدرة على أن يستفيد من أي ملاحظة او معلومة ويوظفها لتطوير ذاته، يتعاطى بتلقائية استثنائية لافتة للنظر مع فريق عمله الأمر الذي لحظته خلال مداخلات وتعليقات الحضور من موظفيه خلال المقابلة دون أن يبدي أدنى انزعاج او فوقية ما يعكس انه قيادي يجيد إدارة فريق عمل بامتياز .

وبسبب طبيعتي الناقدة التي لم تعتد تلميع صور"الشخصيات " ولا تضخيم إنجازات "المؤسسات " فقد ذهبت للمقابلة وفي جعبتي بعض الاسئلة حول جدوى عمل المؤسسات "الثقافية" بشكل عام والاستفسار بالتحديد عن قطاع المعرفة والتعليم في المؤسسة، حيث إن هذا القطاع يقدم المنح الدراسية للطلاب العرب وهو أمر مهم بالنسبة إلى الباحث عن فرصة لاستكمال دراسته العليا، حيث كان هدفي الأول ان اقدم معلومة مفيدة للقارئ أكثر من إحداث دعاية اعلامية لشخصية عامّة وان كانت جديرة بالاهتمام .

bull;بداية هناك مثل شعبي يقول " لا احد يصلي الا ويطلب الغفران " بعبارة أخرى :لا أحد يقدم عونًا لاحد الا وله هدف ويبتغي منه مردودًا ...ما هو هدف المؤسسة وماذا تستفيدون ؟
أريد ان انطلق من عبارة للشيخ محمد بن راشد تجسد فعلا الهدف من المؤسسة وهي "يعتمد نجاح منطقتنا على بناء بيئة معرفية وعلى تحفيز قادة الغد لبناء مستقبل أفضل. ومن واجبنا أن نجعل منهم ثروة لأنفسهم ولأمتهم وللعالم أجمع." والمؤسسة وقفية قبل كل شيء ، فالهدف هو الإسهام في التنمية عبر المعرفة وإعداد الكوادر التي تشكّل قيادات مستقبلية في مجتمعاتها. إنه التزام إنساني وقومي أخذه الشيخ محمد بن راشد على نفسه خلال كلمته أمام المنتدى الاقتصادي العالمي الذي أقيم في البحر الميت، الأردن، في مايو 2007، حيث أعلن عن تخصيص عشرة مليارات دولار لخدمة المعرفة في العالم العربي.

bull;ماهو سِرّ هذا الاهتمام من وجهة نظرك وعلى ماذا ينبني؟ ولا سيما ان الشعوب العربية بشكل عام لم تتعود على "اهتمام مسؤوليها بقضاياها اليومية " وهي تتطلع الى المساعدات المقدمة بحذر ؟

اهتمام محمد بن راشد بالعالم العربي ليس جديداً. فمبادراته تهدف إلى تحفيز ودعم تقدم المنطقة. سموه يتابع دائما التقارير الدولية حول التنمية في المنطقة، ويلاحظ أن مؤشرات التنمية الخاصة بدول المنطقة لا تتحسن وبعضها يتراجع، خصوصاً في ما يتعلق بالرأسمال البشري الذي هو المحرك الرئيس للتنمية.

تواجه المنطقة العديد من التحديات السياسية والاقتصادية. وتعاني بعض الدول من معدَّلات نمو متواضعة لا تتجاوز نسبته 1.5% في الحصة الفردية من إجمالي الناتج المحلي بالمقارنة مع معدَّل 2.5% في اقتصاديات الدول المتقدمة.

bull;إذن هل تعتقد ان مؤسسة كمؤسستكم بوسعها ان تقدم شراكة قوية بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني في عالمنا العربي ؟ وللاشارة فقط هناك بعض الدول العربية تعاني "طلاقا تاريخيا بائنا" بين مجتمعها المدني ومؤسساتها الحكومية فهل ستتمكنون من عملية البناء من جديد؟

نعم هذا ما نسعى له... نحن حاولنا دراسة الاوضاع التنموية بنظرة تحليلية، ولدينا إدراك عميق بأن المنطقة العربية إذ تعدّ من أسرع مناطق العالم نمواً بشرياً، فإن لدى أبنائها رغبة صادقة في بناء مستقبل أفضل. إن ما ينقصها فقط هو تحويل التحدِّيات إلى فرص.

و يعتبر معدل الإنفاق والاستثمار في البحوث والتطوير في العالم العربي محدودا، ولا يتعدى نسبة 0.2% من إجمالي ناتجه القومي بالمقارنة مع ما ينفقه العالم المتقدم الذي تتراوح نسبته بين 2.5% - 5%. كما تتراوح معدَّلات الأمية في العالم العربي بين 20- 40%، وتبلغ نسبة من هم دون 15 عاماً من العمر من تلك المعدلات 18%، و43% بين النساء. توضح هذه الأرقام الحاجة الماسة التي تتطلبها المنطقة لمواجهة هذه الفجوة المتنامية.


bull;لندخل في صلب الموضوع الذي يهم طلبة الجامعات وشريحة كبيرة ممن لا يمتلكون امكانية اتمام دراستهم ، ماهو برنامج المنح الدراسية المقدمة من قبل مؤسستكم ؟ واي شريحة يستهدف ؟

لدينا نوعان من المنح الدراسية يتمثلان في برنامجي البعثات والرّواد.
يهدف برنامج البعثات إلى استثمار وتطوير الإمكانات الواعدة للطلاب المتميزين في الوطن العربي، عبر ابتعاثهم للحصول على شهادة الماجستير في إحدى أرقى الجامعات العالمية، أما برنامج الرواد فهو موجه لمن يرغب ان يتم دراسته العليا في بلاده او اي بلد عربي يختاره.

bull;الفرق إذن بين البرنامجين هو في مكان الدراسة ؟
لقد لاحظنا وجود بعض العوائق لسفر بعض ممن يريدون اكمال تعليمهم ... فبعض الافراد ربما لا يرغبون في السفر الى الجامعات الغربية او لا يمكنهم الحصول على تأشيرة لسبب ما. لذلك فإن برنامج الرواد يسعى الى استثمار وتطوير إمكانات المتميزين في الوطن العربي، عبر ابتعاثهم للحصول على شهادة الماجستير في أي جامعة من جامعات الوطن العربي المعروفة كالجامعة الاميركية في بيروت او جامعة اليرموك في الاردن او الجامعة الاميركية في الشارقة. ويمكن لمن يرغب في الاطّلاع على القائمة الكاملة للجامعات المشاركة في برنامجي البعثات والرواد أن يزور موقع المؤسسة www.mbrfoundation.ae ، وسيتعرف إلى المزيد من المعلومات حول هذين البرنامجين وغيرهما من برامج المؤسسة الهادفة إلى استنهاض الواقع المعرفي في الوطن العربي.

bull;هل تقومون بتغطية كاملة للمصاريف ام تغطية جزئية ؟
كاملة طبعا ...يغطي البرنامج كافة التكاليف المالية المتعلقة برسوم الدراسة، والخدمات الجامعية، والكتب، والسكن، والمصروف الشهري، وتذكرة سفر سنوية للدارس طوال فترة الابتعاث.

bull;ماهي المعايير التي تعتمدونها لتقديم المنح الى الطلاب ؟ ولاسيما ان الانسان العربي عادة لا يثق بالشروط المعلنة عادة في ظل انتشار "المحسوبيات " او ما يُعرف ب"الواسطة " في وسط الكثير من المؤسسات ؟

بداية قمنا في المؤسسة بوضع المعايير وفق أسس علمية وبما يرتبط بالغايات العليا وبرسالة المؤسسة، وتلافيا لكافة أشكال المحسوبيات اشترطنا على الطالب تأمين قبول في أحد برامج الماجستير المذكورة آنفاً، على أن يتقدم بطلبه إلى أي من الجامعات العالمية الشريكة، وبعد أن يحصل على القبول نقوم نحن باستكمال النظر في مدى استحقاقه للمنحة، إذ نطلب منه مثلاً تقديم شهادة خبرة عمل لمدة عامين على الأقل، ونرتب له مقابلة مع اللجنة الاستشارية لبرنامج البعثات في المؤسسة، في حال تطلّب الأمر ذلك

bull;ما أهمية المقابلة؟ اليس عمل اللجنة الاستشارية من شأنه ان يبعد بعض المستحقين ويفتح الباب امام مزاجية المنتقين من جهة أخرى ؟؟

نحن حرصنا على ان تتكون اللجنة من كبار المستشارين المتخصصين الذين بإمكانهم استشعار الملكات القيادية في شخصية الشاب المتقدم، ومدى استعداده النفسي للعمل على خدمة أمته ومجتمعه. نحن في المقابلة نحرص على الاطلاع على الأبعاد الفكرية للطالب ومدى ارتباطه بقضاياه العربية ، فهدفنا الاستراتيجي هو اعداد كوادر علمية تنهض بالفكر والمؤسسات العربية وان نضمن عودة الطالب الى الوطن العربي، إذ إن آخر ما نرغب فيه هو أن نرسل أبناءنا ليحصلوا على شهادات عليا ثم يتم استقطابهم للعمل في بلاد الاغتراب. إن هذا يشكّل استمراراً لمشكلة استنزاف العقول.
فنحن نهتم بمن يتمتعون بالقدرات القيادية، ولديهم التزام راسخ تجاه مستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادهم

bull;هل هناك من اختصاصات معينة تركزون عليها أم ان المنح مفتوحة لاي اختصاص يختاره الطالب ؟

حاليا نحن نقدم المنح لطلبة الماجستير والدراسات العليا في التخصصات الادارية التالية : ماجستير في إدارة الأعمال، ماجستير في الإدارة العامة، ماجستير في السياسات العامة، وماجستير في الإدارة المالية.

اسمح لي بهذه المداخلة التي تعكس وجهة نظري الخاصة ، السؤال الذي يتبادر إلى ذهني دومًا استاذ مصطفى وهو غياب التخصصات "الانسانية " و"العلمية" عن كافة جامعات الدولة تقريبًا والتركيز المنصب على التخصصات الادارية والاقتصادية ... الامر الذي يكرّس في الأذهان صورة " الخليج " بوصفه "نفطا ومالا " علمًا أن الدول المتطورة تولي اهتمامًا كبيراً تجاه الدراسات الانسانية والابحاث الفلسفية بوصفها هي "المؤسس للبنى الفكرية للشعوب " وقد لفت نظري عبارة "يانغ لانغ" المفكر والشاعر العالمي خلال مقابلتي الاخيرة له حين قال لي "ينبغي علينا ان نراهن على ثقافة الشعوب لا على اقتصادها" فالثقافة هي التي تصنع الفرد لا المادة التي حولت شعوب المنطقة الى "مستهلكة" ...

بالبداية أشير الى اننا اطلعنا على تقارير دولية بشأن التنمية واعتمدنا استشارات خبراء في مجال التنمية البشرية المستدامة ، ونحاول ان نبدأ بالحاجات الأكثر الحاحًا أولا فبدأنا بالموضوعات الادارية ونحن نتطلع الى ان ندخل اختصاصات أخرى تكنولوجية وطبية علاوة على الدراسات الانسانية .
ثم دعيني أشير إلى حقيقة يعرفها القاصي والداني، وهي أن راعي المبادرة الشيخ محمد بن راشد هو شخصية ثقافية معروفة، وهو شاعر ولديه رؤية إنسانية. ولو نظرت إلى الجوانب الأخرى لعمل المؤسسة لوجدت أن الثقافة بأبعادها المختلفة تحتل موقعاً مركزياً في استراتيجية المؤسسة. فنحن نعمل على ثلاثة محاور جعلنا منها قطاعات يتمتع كل منها بهيكلية إدارية وبفريق عمل متخصص ضمن الإطار العام للمؤسسة، وهذه القطاعات هي: الثقافة، والمعرفة والتعليم، وريادة الأعمال وفرص العمل. وينبع هذا التقسيم من النظرة الشمولية إلى الواقع العربي وإلى الإيمان بأن الإصلاح كل لا يتجزأ.


bull;لقد اشرت سابقًا الى ان من شروط المنح المقدمة من مؤسستكم ، أن يعود الطالب بعد تخرّجه الى احدى الدول العربية والعمل فيها أليس في ذلك تقييدًا لخيارات الانسان ؟؟

لابد من الاشارة لأمر مهم وهو أن الكثير من الدراسات تشير الى هجرة الأدمغة العربية حيث اظهرت احدى الدراسات (ولا أدري مدى دقتها) ان 90 بالمئة من العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون الى بلادهم .. وهو أمر محزن ، لذلك فقد اشترطنا من خلال برنامج البعثات على المستفيدين من المنح العودة الى اي بلد عربي ولا يشترط بلدهم ..

bull;لنكن واقعيين ..الا تعتقد ان المؤسسات العربية بالفعل غير قادرة على استيعابهم بعد عودتهم ؟ او ربما الاجور قد تكون زهيدة مقارنة بالعروض المغرية التي ربما يحصلون عليها في الخارج ؟

لا أعتقد ذلك، فالمؤسسات والشركات في العالم العربي أبدت استعداداً كبيراً للتعامل مع خريجي برامجنا، ولا أذيع سراً إذا قلت لك إن العديد من طلبتنا تلقوا عروضاً للعمل بمواصفات عالية قبل تخرجهم بوقت طويل.
ولعلي أشير إلى أنه ما كان لنا لنبتعث طلبتنا للدراسة في الخارج ونتحمل التكاليف الباهظة لدراستهم لو كان ذلك سيؤدي إلى المزيد من البطالة، أو إذا لم يؤد ذلك إلى التقليل من البطالة.
إننا ننظر إلى مشكلة البطالة بعين الاهتمام التام، ولهذا استحدثنا قطاع ريادة الأعمال وفرص العمل. فمعدل النمو الاقتصادي في المنطقة العربية لا يكفي لتوفير فرص عمل للشباب الذين يدخلون سوق العمل، ووفق احصائيات منظمة العمل الدولية فإن معدل البطالة هو الأعلى عالمياً (14%)، فيما المشاركة في سوق العمل هي الأقل على مستوى العالم (53.9%) وذلك في منطقة تقل أعمار 60% من سكانها عن 25 عاماً.
وبناء عليه فإن المؤسسة تلتزم بأمور منها تشجيع الشباب على المبادرة، وتزويدهم بالأدوات اللازمة للوصول إلى الرّيادة في الأعمال ودعم المبدعين عبر توفير فرص حقيقية لهم كي يطلقوا طاقاتهم الإبداعية، وتهيئة فرص اللقاء، وإيجاد آليات التواصل بين صناع القرار والمفكرين لتبادل الخبرات والأفكار .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
AL-Ansari 4 ever
محمد -

keep it up .. Al-Ansari 4 ever

AL-Ansari 4 ever
محمد -

keep it up .. Al-Ansari 4 ever