المواقف من السياسة تربك طلاب لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروت: دبت الحياة مجدداً في المدينة الجامعية في الحدث ( الجامعة اللبنانية) . ألوف من طلاب الجامعات يلتحقون تباعاً بمقاعدهم في العام الدراسي الجديد ، ولا يبدو المشهد في المدينة الجامعية التي حملت منذ اعوام اسم " مدينة رفيق الحريري" مغايراً عن الاعوام السابقة، خصوصاً الأخيرة التي عاصرت الازمة السياسية المستمرة في البلاد منذ 2500.
الاجراءات الاحترازية التي تتخذها ادارة الجامعة اللبنانية ذاتها . فالاحتياط واجب، في تلك البيئة المتعددة الاتجاهات والانتماءات الطائفية والحزبية. وبموجبها ليس في وسع احد الدخول الى حرم المدينة إلا بعد ابراز البطاقة الجامعية او مستندات التسجيل للطلاب الجدد، وكذلك الحال بالنسبة الى الاساتذة، والموظفين والعاملين داخل الحرم. ومع ان التفتيش يبدو غير متبع إلا انه خيار قابل للأخذ به اذا ما لزم الامر بحسب ادارة المجمع.
تجتمع زينة ( 19 عاماً) طالبة السنة الأولى في كلية العلوم مع زميلاتها على الدرج المؤدي الى مبنى الكلية . يتبادلن الحديث عن اليومين الاولين من الجامعة، ماذا حصل معهن من قصص ميّزت هذين اليومين؟ ما الذي اختلف عن ايام الثانوية؟ وغيرها من الاسئلة التي تصب جميعها في خانة التميز في الحقبة الجديدة: " هذه حياة جديدة ولكن فيها مسؤولية كبيرة". بهذه الجملة تلخص زينة ما شعرت به منذ الاثنين الماضي حتى اليوم ، " كنّا في الثانوية تلاميذ عليهم اداء واجباتهم المدرسية بالقوة واذا تخلفنا عن ذلك يأتي رد فعل الأساتذة سريعاً، اما في الجامعة فهناك جو من الحرية والاستقلالية بطابع خاص . هذا الشعور لم نكن نتحسسه طيلة سنوات الدراسة السابقة".
ولا تخالفها كاتيا ( 18 عاماً) التي تقول: "بمجرد الدخول الى المدينة الجامعية وطلب منك رجل الامن بطاقتك وهذا يجعلك تشعر بمدى المسؤولية الملقاة على الطلاب"، وتلتفت الى زميل طالب سنة اولى انضم إلى الحلقة. يقول محمد: " نحن جميعنا طلاب جدد في الجامعة، وافكارنا مشوشة عنها ، فالطالما سمعنا عن هذا المجمع في نشرات الاخبار، وتحديدا عن مشاكل بين الطلاب لأسباب حزبية وسياسية، وهذا يفرض علينا ان نكون واعين في علاقاتنا وحتى اختيار اصدقائنا في هذا المجتمع المفتوح على كل شي".
وتشكل الإشارة إلى السياسة فرصة مؤاتية لانقسام تلك المجموعة الجديدة في مجمع الحدث. ترى زينة " كل طالب له رأي سياسي يجب ان يعبر عنه في المجتمع ، فكيف اذا كان هذا المجتمع يضم طلاباً يفترض ان يكونوا على درجة كافية من الوعي، وان يتقبلوا الرأي الاخر مهما كان مختلفاً عنهم ومناقضاً لاراءهم وافكارهم؟" .وتضيف: " لا يحق لإدارة الجامعة وتحت اي سبب ان تمنع الطلاب من التعبير عما يفكرون به ويعتقدون بصوابه في مجتمعهم، بل يجب ان تشجعهم على ذلك في موزارة العمل على تنظيم افكارهم وتحويلها قوة دافعة لمصلحة جامعاتهم ومن بعدها وطنهم".
هذا الرأي المؤيد للمشاركة السياسية بالنسبة الى طلاب السنة الاولى، يتخذ احمد ( طالب سنة ثالثة في كلية العلوم) موقف المعترض عليه ، خصوصا ان الطلاب الجدد يدخلون الجامعة بمنطق خاص غير قابل للتطبيق، فهم بحسب احمد " تتملكهم الرغبة في التعبير والتغيير انطلاقاً من جامعاتهم، بعدما حفظوا في كتب التاريخ من غالبية الثورات والانتفاضات الشعبية انطلقت اصلاً من مقاعد الدراسة". ويضيف: " اما ما يجهله هؤلاء فهو ان للجامعات في لبنان طابعا مختلفا تماماً، فلا رأي طلابي منعزلا عن رأي القادة والزعماء السياسيين، وأي تحرك او نشاط حزبي وسياسي داخل الجامعة لا يقام إلا بعد موافقة الجهات السياسية عليه، وبالتالي هذا النشاط الطبيعي والعفوي - والذي لم أمنع نفسي عنه عند دخولي الجامعة - سرعان ما ينحسر ويضمحل، فتكون له ارتدادات عكسية على الطالب، ومن اهم هذه الانعكاسات الشعور بالاحباط واليأس وعدم القدرة على التغيير".
وبين هذا الرأي ورأي آخر مخالف، تسير الحياة الجامعية في مجمع الحدث على طبيعتها. فتفرض الأيام الاولى على طلاب السنة الاولى تحضير الاوراق الرسمية والمستندات الخاصة والمتعلقة بالتسجيل. ويحرص الطلاب على التعرف إلى خبايا وخفايا المجمع اضافة الى الاقسام والكليات، فضلاً عن اهتمام بعضهم وبعضهن بـ"الزوايا الخاصة بلقاء الحبيب". وتعبر فاطمة ( سنة اول) عن اعجابها برقي المبنى، اذ انه في رأيها " لا يختلف عن مباني الجامعات في الدول الاوروبية والاميركية"، وتستبشر خيراً بالسنة الجامعية الجديدة ، ولكنها في الوقت نفسهه ترى " ان استعجال السياسيين في التوافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية يساهم بلا شك في جعل هذه السنة الجامعية تمر على خير ، من دون مشاكل واحداث كالتي حصلت في الكثير من جامعات لبنان العام الماضي".