لبنان

آراء متباينة حول الهزائم المتتالية للشيوعي اللبناني في عيده الـ85

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
خالد حدادة أمين عام الحزب الشيوعي

رفع الحزب الشيوعي اللبناني في عيده الـ 85 "التغيير" شعارًا للمرحلة الجديدة. لكن هل ينادي الحزب بتغيير يصيب بيته الداخلي؟ خاصة بعد النتائج - النكسة التي تعرض لها إثر مشاركته في الإنتخابات النيابية الأخيرة، وما رافقها من نقاشات داخله وخارجه. الأمين العام للحزب الشيوعي د. خالد حدادة يقرأ في لقاء مع "إيلاف" واقع الحزب والصراع تحت سقف القيادة الحزبيَّة المتّهمة بالتحجّر، حيث أنه مهما اختلفت الآراء "يؤخذ القرار في الحزب والكل ينفذونه".

بيروت: أطفأ الحزب الشيوعي اللبناني شمعته الخامسة والثمانين، في 24 تشرين الأول، ليضيء بذلك مرحلة جديدة من حياته رفع "غيّر بالأحمر" شعاراً لها. فبعد 85 سنة من العمل الذي ترك أثره الإيجابي في فترات ماضية، شهد نشاط الحزب الشيوعي ضموراً في أوقات لاحقة، ومع ذلك يتذكر الكثيرون للحزب الشيوعي دوره في جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية "جمول" وتاريخه الحافل والذي أثمر الكثير على الصعد الإجتماعية الإقتصادية والنقابية. لكن مع دخول الحزب عامه الجديد، بات التغيير ضرورياً كي لا يبقى الحزب عجوزاً يحتضر فينصرف عنه مريدوه ويتركوه في غرفة العناية الفائقة أو بأحسن حال في دار الإيواء.

هذا الحزب ذو الجذور المتأصلة في أرض لبنان منذ العام 1924، يحلم الكثيرون بالتغيير فيه، لكن هل يسمح الواقع فعلياً بإحداث هذه الخطوة في ظل تصارع الشيوعيين داخل حزبهم وصولاً الى خارجه، وإن بدا هذا الصراع تحت سقف القيادة الحزبية التي يتهمها البعض بالتحجر، حيث أنه مهما اختلفت الآراء "يؤخذ القرار في الحزب والكل ينفذونه" كما يؤكد أمينه العام د.خالد حدادة في لقاء مع "إيلاف".

التغيير بالأحمر

يؤمن الأسير المحرر محمد رمضان أن "الأحمر هو لون الدم والثورة والثوار، فعن أي أحمر يتحدثون ولم يبق لهم فيه إلا لون العلم". هذا الرجل الذي يحفظ للحزب الشيوعي "الفضل في جعلي مقاوماً ومناضلاً" يبدو عاتباً على الحزب عتاب المحب، حزيناً على الحالة الراهنة التي وصل إليها متسائلاً "لمَ أوصلونا الى البحث عن التغيير؟"، معتبراً أن "في الحزب الشيوعي هناك مجموعة لا تريد التغيير وكل ما لديهم هو الكلام، فنحن بعد أن كنا مدرسة في المقاومة نخسر اليوم النقابات ونخسر مكاننا المتقدم في حركات التحرر في العالم". لذا يعتبر رمضان أن "الحزب مات وبدل أن نغير بالأحمر تغيّرنا وذبنا بالطوائف وبالبلد وأكاذيبه". يضيف بحرقة "هناك فرق في أن تكون قوياً كحزب وتحافظ على قوتك لتتمكن من التأثير، وبين أن تحلّ نفسك شيئاً فشيء ليؤثر بك".

المنطق الذي يتحدث به رمضان، قد يتقاطع في بعض الأحيان مع ما يراه د.حدادة وإن كانت المواقع متعارضة، فمحمد يرى أن التغيير يتعلق بالحزب من أعماقه لأن "فاقد الشيء لا يعطيه"، بينما يعتبر حدادة أن "التغيير لا يكون له وجهة واحدة، والهدف الرئيسي منه هو تغيير ما هو سائد، أي حالة البلد الراهنة الذي يعيش أزمة يخنقه فيها النظام الطائفي المعتمد منذ فترة طويلة أداة لتكريس سيطرة البورجوازية على مقدرات البلد وتستعمل جمهور الطوائف والدين والمال لتثبيت سيطرتها وتثبيت النفوذ الخارجي في لبنان. لأنه للأسف سيطرتها دائماً متماثلة بعلاقة مع الخارج"، وهو يشير إلى أنه في ظل هذا الوضع "يشهد البلد ارتباطاً بتغيرات إقليمية حروباً أهلية دائمة، فالنظام الطائفي لم ينتج للبنان إلا الويلات من حروب ودمار، وفي حياته لم ينتج إلا سلطات خارجية تأتي للتحكم به".

ويبقى حدادة في إطار توصيف وضع النظام الطائفي في البلد "الذي قصّر على المستوى الوطني وأحبط الجمهور وضيّع الإنتصارات والتضحيات". وهو يرى أنه على مستوى العلاقات الداخلية في البلد "عمّق النظام من الفرق ما بين مستوى معيشة الفئات الكادحة وبين القلة المسيطرة على المال والوضع الإقتصادي، وجعل الجوع أداة لربط الجمهور اللبناني بزعاماته الطائفية"، وذلك برأيه أدى الى "غياب الضمانات الإجتماعية التي يفترض بالدولة القيام بها، وسخر بعضها لخدمة زعامات الطوائف وجعلها أداة لتثبيت الزبائنية لهذه الفئة، فصارت الناس تكتفي بالفتات من الخدمات الإجتماعية التي تقدمها الدولة لهم عبر الطوائف".

ولعل ما يقوله حدادة هو نفسه الذي يشير إليه رمضان عند وضع اليد على الجرح "ضعف الحزب الشيوعي جعل هذه الحالات والأحزاب الطائفية تنمو بهذه القوة، فلو كنا موجودين على الساحة كانوا سيقوون بنسبة أقل كثيراً. وحين كنا مشغولين بالتناحر فيما بيننا، كانت الساحة فارغة للحالات الطائفية. لذا يتحمل الحزب الشيوعي جزءا من الحالة الطائفية غير الطبيعية التي وصلنا إليها في لبنان".

أما على المستوى السياسي فيشير د.حدادة إلى "غياب فعلي للديموقراطية فالنظام الإنتخابي لم يكن يوماً نظاماً تمثيلياً حقيقياً، ونرى أن الأزمة الحالية للنظام حيث البلد يسير دون حكومة دليل على أنه لم يعد للدولة المركزية أهمية في حياة المواطن اللبناني، فقد صارت الدويلات الأخرى تقوم بمهام مفترض أن تقوم بها الدولة المركزية، وفي هذه الحالة تتكرس هذه الدويلات على حساب السلطة المركزية للدولة، والكيان يتفتت عمليا من دون إعلان".

إنطلاقاً مما سبق يرى حدادة أن "تغيير هذا النظام أصبح ليس فقط مهمة سياسية اجتماعية لدى الشيوعيين، بل مهمة وطنية لحماية الوطن فكما نقول المقاومة لحمايته من الإحتلال وأي تدخل خارجي، نحن أيضاً بحاجة لمقاومة ذات بعد سياسي إجتماعي لتحريره من هذا النظام الطائفي"، ويردف "بهذا المعنى نفهم المقاومة بشقيها الخارجي ضد الإحتلال، والداخلي ضد النظام الطائفي الذي أصبح يهدد البلد كما تهدده إسرائيل وليس أقل، بهذا المعنى التغيير المقصود".

ورشة التغيير

لكن كيف يكون التغيير في المحيط إذا لم تقم ورشة داخلية في الحزب الشيوعي تهدف للتغيير؟ يجيب حدادة "حكماً لهذا التغيير ضرورة للبحث في ما كان معيقاً داخل تكوننا الحزبي سواء بالفكر أو بالسياسة أو بالتنظيم، وهذه ورشة متكاملة، فنحن خلال إصطدامنا ببعض العوائق الخارجية أو الداخلية يجب أن نغير في طبيعة عملنا وأساليبه بما يخدم مهمة التغيير الأساسية".

وهو يتوقف عند المؤتمر العاشر للحزب حيث "طرحت أفكار حول الآليات التنظيمية في الحزب، وأسلوب عملنا التنظيمي والتوازن ما بين المركزية والديموقراطية وحدودها وأولوية العمل الديموقراطي، وحماية التنوع مع حماية الفعالية وكيفية تأمينها وصياغتها، إضافة لعمل القطاعات واستقلاليتها وعلاقتها بالحزب، وعمل المنظمات الجماهيرية واستقلاليتها وعلاقتها بالحزب"، مشيراً إلى أن ذلك كله "يصب بخدمة الهدف الأساسي من التغيير وهو تغيير المجتمع والنظام السائد الذي يشكل خطراً على وجود الوطن".

ولأن أصابع الإتهام تتوجه إلى قيادة الحزب الشيوعي بكونها أسيرة التاريخ ولا ترغب في التغيير خوفاً على وجودها ومواقعها، لا بد من السؤال عن مدى قابلية تحقيق التغيير في الحزب، حيث يعتبر حدادة أن "آليات التغيير الذاتية ينقصها الكثير بفعل العلاقة بين الاصطفافات الطائفية وبين القصور عند قوى التغيير ومنها نحن في الحزب".

من جهته يعتبر الاسير المحرر نبيه عواضة أن هناك "نداء في المجتمع اللبناني لتظهير موقف يساري مميز يعبر عنه الحزب الشيوعي، ويعلق الكثيرون الآمال عليه، لكن بسبب آليات العمل التنظيمي في الحزب، وعدم وضوح الموقف السياسي وعدم النقد السياسي داخل الحزب، أعتقد أن لا شيء في المستقبل القريب سيكون له علاقة بالتغيير بالأحمر".

والحديث عن التغيير يدفع عواضة للحديث إلى "إيلاف" عن فكرة إعادة تأسيس الحزب الشيوعي بأن يعيد هيكلة نفسه، بحيث "تتنحى قيادة الحزب فتقول أنها حمت الحزب لسنوات طوية وحافظت عليه وأتى دور الأجيال الجديدة، وتجري ورشة نقاش حقيقي لا تقتصر على الشيوعيين واليساريين فقط بل تفتح باتجاه العلمانيين والديموقراطيين، لنرى أي حزب علماني ديموقراطي يساري نريد في البلد"، وذلك انطلاقاً من كون "القضية المطروحة ليست قضية الشيوعيين فقط، فعندما نتحدث عن النظام الطائفي والدولة المدنية والمجتمع المدني وقوانين انتخابية عادلة وإلغاء الطائفية السياسية فهي ليست حكراً على اليساريين وعندما نتحدث عن الظروف الإقتصادية الإجتماعية، فثلاث أرباع الشعب صار فقيراً وبالتالي هذا موضوع مرتبط بالشريحة الأكبر الموجودة في المجتمع، فإلى أي مدى وسع الحزب دائرة تمثيله لهذه الشريحة وإشراكها الهمّ سيكون صدى لها لكن شرط ذلك آلية عمل تنظيمية جديدة غير الموجودة، قيادة منفتحة وخطاب سياسي واضح". وهذا ما يشير إليه رمضان بالدعوة "لحلّ الحزب وتعالوا لنبدأ من جديد ونعود لتجميع بعضنا البعض".

من هذا الواقع يرى عواضة نفسه "على ضفاف الحزب الشيوعي ولكن من الخارج" فهو غير منتسب رسمياً مع أنه ناضل في صفوف المقاومة الوطنية تحت راية الحزب الشيوعي. وهو يرى أن "اللبناني متعطش لليساري ولدوره لليساري، وكأن أحداً يطربه ويشبه كثيراً الأغاني التي نسمعها والشعار المرفوع "غير بالأحمر"، لكن على الأرض لا يحصل أي شيء. لا يمكن دعوة الناس للعلاج في وقت نحن فيه مرضى، يجب أن يتعالج الحزب بالسياسة وبالتنظيم والفكر وبعدها يتوجه للناس".

دماء الحزب الجديدة

اعتبر اليساري "العتيق" محمد دكروب في كتابه "جذور السنديانة الحمراء" "الشيوعية: شباب العالم الدائم"، وبهذا المعنى يرى حدادة أن هذا الحزب الذي يراه البعض عجوزاً "حزب يتجدد شبابه بشكل دائم"، وميزته "أنه لا يصبح هرماً"، بمعنى أنه "أخطأ بالتكتيك كثيراً وأحيانا كانت لديه أزمات داخلية لكنه لم يخطئ في أي يوم من الأيام في القضايا الاستراتيجية الوطنية"، ويتوقف عند الوضع في البلد خلال السنوات الخمس الماضية "فلم يخطئ الحزب عندما حصل الضغط الطائفي الكبير في البلد، لجعله جزءا من تحالف طائفي فرفض الالتحاق بكل من 14 و8 آذار، وإن كان موقفه مع السيادة ثابت لأنه رفض الوصاية من البداية وإن كان موقفه مع التحرير ثابت لأنه أسس عملية المقاومة وكان الى جانب المقاومة بكافة أشكالها بما فيها المقاومة الاسلامية".

وإذا حاولنا المقاربة بين الحزب الشيوعي والتيارات اليسارية التي أفل نجمها يرى حدادة أنه "لحسن الحظ تجاه الحزب ولسوء الحظ تجاه الوطن، فالحالة الحاضرة للوطن تجعل من الحزب الشيوعي ضرورة وطنية وليس ضرورة حزبية، وبالتالي سيستمر". والإستمرارية لا تتأمن بطبيعة الحال إلا بضخ دماء جديدة في شرايين الحزب، ولو أنها شرايين تحتاج إلى تغيير في بعض الأحيان.

ومن التغييرات البارزة التي تم رصدها في المؤتمر العاشر للحزب دخول عنصر الشباب الى اللجنة المركزية وعن هذه الخطوة يقول حدادة أنها "أتت وفق آلية للتجديد وليست نوعاً من الديكور، إذ وفق النظام الداخلي بات هناك 20 % من عدد الأعضاء يجب أن يتجددوا بطريقة الانتخابات وأن يكونوا من العنصر الشاب". ووفق هذه الآلية "وصل شباب الى اللجنة المركزية، وليس بالضرورة أن يكونوا أحسن الشباب، ولكنهم مناضلون ويستحقون أن يكونوا في الهيئات، والإتجاه الآن لتعزيز دورهم وليس العكس". ويؤكد حدادة أن المجال أفسح لهم "للتحضير لمؤتمرهم باستقلالية تامة والحد الوحيد هو الخط السياسي للحزب وهم أصلا ملتزمون به وليسوا خارجه".

وينفي حدادة ما يشاع عن أن عراقيل وضعت في طريق الشباب حالت دون وصول أحد منهم الى عضوية المكتب السياسي "فتح لهم المجال، وهناك تجديد في المكتب السياسي للحزب، لكن هناك فكرة خاطئة أنه لا يتجدد حيث أن فيه إلا 2 أو3 قدامى فقط"، ويضيف "يكفي أن نقول أن الأمين العام صحيح شكله كبير بالسن لكنه شاب، وفي قيادة الحزب لا يوجد سوى إثنين من ما قبل المؤتمر السادس، كما يوجد عنصر شباب وهناك رفيق عضو مكتب سياسي في 36 من العمر. يعني ليس بالضرورة أن يكون هؤلاء الشباب الستة منهم، كنا نتمنى لو أن أحدهم في المكتب لكنها انتخابات داخل المكتب السياسي". ويؤكد حدادة أن "من آليات التغيير التجديد تحديد نسبة 20% أعضاء مما يضمن بعض الإستمرار، ولا أظن أنها آليات يعتمدها أي حزب آخر".

ومع ذلك يرى عواضة أن "بسبب العقم بالتجديد في قيادة الحزب فلم يعد لديها إمكانية التجدد وإذا تتجدد يكون ذلك بشكل هزيل حتى في ما جرى عند خروج مجموعة قياديين ودخول شباب الى اللجنة المركزية لا يوجد لديهم أدنى خبرة في العمل القيادي والعمل السياسي على مستوى القيادة، مع احترامي الشديد لكل الأشخاص الموجودين". وهو لا يرى "في آليات العمل التنظيمي في الحزب الشيوعي إمكانية للتغيير، حتى لو أتت مجموعات شبابية يسارية منفتحة وديموقراطية وتستوعب الرأي الآخر داخل الحزب، فضمن الآليات العمل التنظيمي تبقى محاصرة، فلم تستطع هذه المجموعات التي عملت في الشارع أن تحدث أي تغيير في القيادة". ويضيف عواضة "آليات العمل هذه تسمح لمن يمسك العصا من الوسط أن يتحكم بمسار الأمور، وتسمح لعقل التسويات على قاعدة عدم قسم الحزب وتشتيته والمحافظة عليه، أن يسود لأن أي تغيير هو مس بدم الشهداء وبالتجربة وهو إساءة لتاريخ الحزب، وكأن التجارب التي تجري في أوروبا وأميركا اللاتينية لم تعط الدروس، لكن الشيوعي أصبح أقل شخص يقرأ".

يعتبر رمضان أن الحديث عن التغيير في حين أن من كانوا في الحزب تركوه، يستدعي السؤال "كيف يريد الحزب أن يبني من جديد؟ وكيف يمكن أن يقنع شخصاً بدخول الحزب الشيوعي على قاعدة العدالة الإجتماعية والنظام الإقتصادي الصحيح؟ أنا أسأل هذا الحزب أين هو؟ لماذا إمكانياته ضعيفة لأنه بالأساس لم يحافظ على هذه الأمور، فحزب كبير أين كل المؤسسات التي لديه ومنها تعاونية أغلقت"، بينما يسترجع محمد تجربته "أنا نتيجة تربية هذا الحزب وهذه من فضائله علي، استطعت أن أبني مؤسسة صغيرة وهي تنمو وتنجح. بينما الحزب ينشئ مسابح فهل هذا طموحه؟ لم يستطع أن ينشئ مدرسة، فعن أي تغيير يتحدثون؟"

الإنتخابات - النكسة

بعد فشل مفاوضات الحزب الشيوعي مع القوى التي كان يتحدث عن التقاطع معها سياسياً وهي المعارضة، اتخذ الحزب منحى خوض المعركة الإنتخابية منفرداً مستنداً الى عوامل منها "معطيات منظمات الحزب والماكينات الحزبية الانتخابية وتقديراتها حول وزن وكمية ونسبة الأصواتنا التي اعتقدنا أنها تتجاوز بمجموعها 8%" كما أشار تقرير "تقييم الحزب لنتائج الانتخابات النيابية 2009". لكن النتيجة التي حصل عليها الحزب ولم تتجاوز 2.6% أظهرت وجود خلل في مكان ما أودى بالحزب الى هذه النتيجة.
وتعليقاً على ذلك يقول حدادة "هناك قرابة 4% معنا صحيح أنهم ليسوا كافيين ليمثلوا التغيير في البلد، لكنهم يشكلون كتلة شعبية كالكتل الكبيرة وذلك رغم النكسة التي نعترف بها".

ويعتبر عواضة موقف الحزب الشيوعي من نتائج الإنتخابات النيابية التي اعتبرتها "قيادته نكسة، هو نوع من إمتصاص النقمة والصدمة الحاصلة في صفوف الشيوعيين، ونوع من تعويم الموقف أكثر مما هي اعتراف بالخطأ"، وحجته في ذلك أن "الإعتراف بالخطأ فضيلة صحيح، لكن ما هي مستلزمات الإعتراف، وهناك مسار طويل من النقاش الذي يجب أن تجريه قيادة الحزب لم تنته عند الإنتخابات النيابية، فهذه الإنتخابات أتت نتيجة". لم نشاهد أحداً أقيل من المكتب السياسي، ولا الأمين العام استقال ولا مسؤول استقال، بل بالعكس حصلت انتخابات لنائب الأمين العام بعد الإنتخابات والعقل الذي كان سائرا بمنطق الإنتخابات عاد وتمثل".

ويتساءل عواضة عن التحضيرات للانتخابات البلدية "ما هي خطة العمل؟" هل ستجرى مؤتمرات تنظيمية قاعدية قبلها كما فعلوا بالمؤتمر العاشر، وهناك الآن تحضير لمؤتمرات ولانتخابات الهيئات الوسطية فيتصارع الشيوعيين ويختلفون، ويحين موعد الانتخابات البلدية في حين أنهم لم يفعلوا شيئا، تماما كما حصل في الانتخابات النيابية".

ويستغرب عواضة أن "يخوض حزب معركة سيادية ضخمة هي الانتخابات النيابية ويعقد مؤتمره قبلها، فالمفروض أن يجري المؤتمر على أضواء نتائج الفشل الذي حصل، ولكن لأنهم يدرون مسبقاً النتائج التي ستحصل في الانتخابات وذلك لكي لا تتم محاسبتهم، أخذوا الحزب الشيوعي الى معركة تنظيمية كي يؤخذ القرار السياسي الحزبي فيها، ويؤخذ لمعركة سياسية فاشلة". ولكن ألا يحرق الحزب بذلك أوراقه عندما يذهب لانتخابات يعرف مسبقا فشله فيها؟ يجيب عواضة بأنه "كانت هناك محاولة في المفاوضات التي جرت وفي طريقة الترشيح، للتعمية على بعض النقاط، مثل أن الحزب خاض المعركة الانتخابية وهو رافض للقانون الإنتخابي وهذا دغدغ شعور الكثيرين". كما أنه يتساءل عن تحالفات الحزب الشيوعي والمفاوضات التي دخلا قبيل الإنتخابات "كان الحزب يفاوض بالانتخابات مع 8 آذار ولكن ما موقف من جماهير 14 آذار؟ في وقت كان السواد الأعظم من الشيوعيين واليساريين مشاركين في ساحة الشهداء ويقولون لا لسوريا"، ويعتبر أن الحزب "أخذ موقفاً عدائيا من هذه الجماهير لأنها من 14 آذار، وهذا خطأ، في الوقت الذي التصق ب8 آذار من دون أن يقدم لجماهيره أي شيء، لم يأخذ منهم ولم يقترب منهم ولم يفهموه حتى، لم يفهموا سبب وجود الشيوعي بينهم".

ويبدي عواضة اعتقاده بأن "هناك تواطوء داخل قيادة الحزب، وإحدى مهماته إضعاف الحضور اليساري في البلد، وإضعاف الخيار الحقيقي في هذا البلد، لأن هذه أكبر خدمة تقدم للطوائف". والمصلحة منه كما يقول "هي البقاء في المناصب، حيث عدنا الى لعبة الكراسي، وإلا كيف أن أحداً في قيادة الحزب يكون مسؤول عن منظمة في بيروت لأكثر من 20 سنة، ولا يقف ليحاسب نفسه كيف انخفض عدد أعضاء المنظمة من 600 إلى 150، ألا يوجد مسؤول أعلى منه ليحاسبه؟ هل يا ترى النزف الحاصل في الحزب الشيوعي سببه أن الطوائف تستقطب الناس؟"، ويجيب عواضة بنفسه على السؤال "لا أعتقد من يكون شيوعياً سيكون طائفيا، إذن السبب أن هناك سياسة تهشيل عملت داخل الحزب، والشيوعيين الأكثر عدداً هم خارج الحزب".

يفند حدادة بالتفصيل الأسئلة المطروحة حول موضوع الانتخابات بدءا من النقد الذي تعرض له الحزب حول توقيت عقد مؤتمره العاشر قبيل الإنتخابات مما شتت الحزب وأضعفه فيقول "كان أمراً طبيعياً أن يعقد المؤتمر قبل الإنتخابات، بعد تأخره سنة ويزيد، فكنا أمام خيارين إما ندخل تعديلات تنظيمية إرادية بحيث تعيّن القيادة السابقة أشخاصاً جدداً وتفعّل العمل التنظيمي الذي ترهل خلال السنوات الخمس، أو نخوض الإنتخابات بوضع تنظيمي غير مؤهل وغير متماسك وستكون الإنعكاسات أكبر"، ولأن كفة الخيار الأول رجحت يطرح حدادة سؤالاً "تعرضنا للنكسة بالمعنى الانتخابي رغم التحضير وشد أزر الحزب في المؤتمر وإعادة تنظيم الوضع القيادي بالحزب، فلو لم نقم بذلك كيف كانت النتيجة لتكون؟ كانت لتكون كارثية أكثر بكثير".

بين 8 و14 آذار.. وحزب الله

في إعادة تقييم الإنتخابات يعتبر حدادة أن هناك خطأ شائع عندما يتحدث البعض عن أن الحزب بدا خلال الإنتخابات وكأنه ملحق بحزب الله، "أنا كنت أقود المفاوضات، وكان كلامنا يرتكز على السياسة، حيث اعتبرنا أن هناك ثلاثة معايير: القضية الوطنية والموقف من الخطة الإسرائيلية والأميركية، والموقف من الإصلاح السياسي، والموقف من القضية الاقتصادية الاجتماعية في البلد". ويشير إلى أن الحزب يتقاطع "جزئيا في القضية الوطنية مع حزب الله وقوى المعارضة، بينما لا يتقاطع مع الآخرين ففي القضية الوطنية كان موقفهم واضحاً عند الإعتداء الإسرائيلي على لبنان كما أن قسماً منهم كان موقفه مشبوهاً". ويقيس حدادة التقاطع على باقي الأمور "في القضية الإقتصادية الاجتماعية 14 آذار هم رأس حربة الاستثمار والاستغلال بالداخل والسياسة الاقتصادية الحالية لم تدمر فقط حقوق العمال بل أيضا دمرت الإقتصاد الوطني والصناعة الوطنية. أما في موقفهم من الإصلاح السياسي فهو موقف واضح في الحفاظ على النظام الطائفي وآلياته، وعند 8 آذار موقفهم الإصلاحي ليس أفضل من 14 آذار، أما موقفهم من القضية الاقتصادية الاجتماعية فهو موقف مساوم، إذ يتفقوا مع الموالاة عندما يكون هناك حكومة واحدة، ويلعبون على الوضع الاجتماعي الاقتصادي عندما يكونون في مكان آخر".

لكن رغم التفاوض الذي خاضه حدادة باسم الحزب الشيوعي مع المعارضة والذي كان يطالب خلاله ببرنامج مشترك من صفحة واحدة لخوض الانتخابات، إلا أن الأمر لم يتعد التفاوض "وهذه الصفحة لم تنتج ولم نصل حتى لحدود البحث بالاسماء والحصص، ولو اتفقوا معنا وتبنوا هذه الصفحة ربما كنا مشينا معهم دون أي مرشح، فالأولوية بالنسبة لنا كانت للاتفاق السياسي".

أما خوض الإنتخابات بقانون يرفضه الحزب فهي خطوة يدافع عنها حدادة بالقول "هذه ليست أول مرة، وهو أمر يتكرر منذ الثلاثينيات". ولكن هل تتكرر التجربة في الإنتخابات البلدية والإختيارية فيشارك الحزب وفق القانون القديم نفسه دون الدعوة للتغيير؟ يجيب حدادة "ليست فقط دعوة للتغيير، في لقاء مع وزير الداخلية والبلديات زياد بارود أكد لي أنه سيطرح النسبية وتعديلات أخرى إصلاحية على قانون البلديات، ونحن بانتظار تشكل الحكومة وبانتظار مشروع القانون الذي سيرفعه الوزير للحكومة ونأمل أن يكون ما تداولناه معه جزء من هذا المشروع".

وسيخوض الحزب الشيوعي الإنتخابات البلدية كونها ليست هدفاً بحد ذاته كما يشير حدادة بقدر ما هي "حدث سياسي مهم في حياة البلد يجب أن نخوضه سواء كان هناك قانون يناسبنا أو لا، فحتى المقاطعة هي شكل من أشكال خوض الإنتخابات تقرر في وقتها". وهو يشير إلى أن "مناقشة موضوع الإنتخابات تمت ارتباطاً بسياستنا الداخلية فهل نحن أوجدنا مساحة سياسية خاصة وواضحة لنا بمواجهة الاصطفافات الموجودة أم لا؟" الجواب الذي توصل الحزب إليه هو "لا"، والسبب كما يراه هو "بفعل التطورات السياسية في البلد، وبفعل وضعنا لأولويات على حساب أولويات أخرى لم نقدر التميز، نحن كنا مميزين بقرارنا، لكن لم نستطع أن نقنع الجمهور اللبناني بأننا في موقع خاص"، ويعتبر حدادة أن "محاولة الحزب ردم الهوة ما بين قراره وحقيقته وبين قناعة شعبنا يحتاج لجهد جدي".

ويعتبر حدادة أن "ضمورنا أتى نتيجة أمرين العمل الطائفي وعدم إعلان موقفنا بشكل مسبق، وهذا النقاش داخل الحزب كان قاسياً وأقسى من النقاش خارجه، إلى حد المطالبة باستقالة القيادة وهي مطالبة محقة". أغلبية الحزب الساحقة 80% اعتبرت أن هذه ليست مسؤولية القيادة فهذه أزمة،

لماذا لم تستقل القيادة؟

السؤال الذي طرح كثيراً بعد الإنتخاب هو لماذا لم تستقل قيادة الحزب الشيوعي بعد النتائج التي حصل عليها الحزب؟ ويجيب حدادة بأن "الحزب لم يحمل القيادة الخطأ لقيادة العمل التفاوضي الانتخابي، كما أن الاستقالة ليست بطولة في لحظات معينة، ففي لحظات الأزمة هي هروب وإذا ارتكب القائد أو القيادة خطأ له طابع استراتيجي تحاسب ولا تستقيل بمعنى أن نحجب الثقة عن القيادة لا أن تستقيل"، ويشير حدادة إلى أن القيادة "وضعنا أنفسنا أمام إمتحان الثقة فتجددت الثقة بالقيادة وبالتالي لو اعتبرت القيادة مرتكبة لخطيئة كانت حجبت الثقة عنها". وهو يشدد أنه "في وقت تلاطم الأمواج أنا كأمين عام للحزب لا أهرب وأترك المركب يغرق، فأنا مسؤول عن قيادته حتى ينجو، وقد أستقيل في حالات الإستنهاض أما بحالات الأزمة لا فهذا هروب"، معتبراً أن "الإستقالة أمر سهل ونحن لا نريد بطولات وهمية".

لقاء أهل اليسار

بات الحديث عن أزمة يعاني منها اليسار في لبنان أمراً مسلماً به، خاصة أن الوجه اليساري الأبرز على الساحة هو الحزب الشيوعي يتخبط في صراعات داخلية من جهة ومع محيطه من جهة أخرى. وإذا كان البعض ينظر الى اختلاف وجهات النظر داخل الحزب الشيوعي على أنها أمر صحي وحيوي كما هو رأي الأمين العام حيث يرى أن "وضع البلد معقد جداً والحزب الشيوعي خرج من فكرة وجوب أن يكون هناك تماثل، فهذه الآراء موجودة داخل الحزب ولكن في النهاية هناك قرار تأخذه الأكثرية وتكون لمسات الآراء الأخرى وتعديلاتها موجودة فيه، ولكن في النهاية يؤخذ القرار والشيوعيون كلهم ينفذونه، مع عدم تغيير آرائهم الخاصة".

ويشدد حدادة على أنه "في جو تحسن وضع الحزب بفهمه للديموقراطية وممارستها هذا الأمر ضروري" ولا ينكر أن هناك أصوات داخل الحزب تنتقد الخيار الديموقراطي بالقول "أن الديموقراطية تسبب لنا المشكلات والإلتباسات فلنتراجع عنها. أنا برأيي نقص الوعي ونقص الممارسة الديموقراطية هو الذي يسبب المشكلات لذا نحن مصرون على الديموقراطية حتى لو مارسها البعض بشكل خاطئ أحياناً، بل سنحسن الوعي والممارسة وآليات العمل الديموقراطي ومأسستها في حزبنا وليس العكس".

من جهته يشير نبيه عواضة إلى "أن اليساريين والشيوعيين لا يمكن حصرهم بإطارين حزبيين موجودين على الساحة اللبنانية: الحزب الشيوعي اللبناني واليسار الديموقراطي، فهما لا يختذلان حالة اليسار أو الشيوعيين في البلد"، ويعتبر أنه "يفترض بهذا الأمر أن يحدث حالة من الوعي لدى قيادة الحزب، حتى تتدارك حصرية التمثيل وتعمل نوع من التغيير المنشود الذي يتقاطع مع وجهات النظر اليسارية والشيوعية الموجودة خارج الحزب". لكن بنتائج المؤتمر العاشر للحزب تبين أن الحزب ليس بوارد إعادة النظر بالسياسة التي يعتمدها بدليل التجديد للقيادة القديمة المسؤولة بشكل أو بآخر عن الأزمة التي يعيشها الحزب الشيوعي والتي ما زالت في الصراع القديم الذي كان فيه الحزب الشيوعي منذ المؤتمر السادس في موضوع الموقف من الحرب الأهلية والخلاف على القضايا الجوهرية والموقف من المقاومة وحلها وأسباب حصول التراجع، والعلاقة مع حزب الله والموقف من 8 و14 آذار" وهو يؤكد أن "القيادة الحالية في الحزب وإن كان نفوذها قد خف، ولم تعد متحكمة بقدر كبير بالقرار الحزبي إلا أنها مهيمنة بشكل او بآخر على مجمل الأجواء داخل الحزب".

ويفند عواضة التكتلات الموجودة في الحزب "هناك كتلة وسطية في موقع الأمانة العامة تحاول أن تمسك العصا من الوسط دائماً للحفاظ على الأطراف الموجودة داخل الحزب فيحصل نوع من التنسيق مع هذه الجهة أو تلك في التكتلات الموجودة". أما الكتلة الثانية التي يتحدث عنها عواضة فهي التي "يمثلها سعد الله مزرعاني، وتعتبر أنها تحاول أن تعمل تقاطعات يسارية ديموقراطية أكثر من تقاطعات شيوعية حزبية ماركسية مع الجماهير بالبلد، وتدعو الى انفتاح الحزب باتجاه المجموعات اليسارية والعلمانية مع الحفاظ على صورة الحزب واسمه وشكله". وهناك المجموعة الثالثة التي يطلق عليها عواضة اسم "الحرس القديم في الحزب والتي ما زالت مقتنعة أن لا أزمة في الحزب والدنيا بألف خير. وهي تعتبر أن جدار برلين ما زال موجوداً والإتحاد السوفياتي ما زال قائما".

ويرى عواضة أن هذه الكتل الثلاث تخوض خلافاتها داخل الحزب "تحت شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، مشيراً إلى وجود "نوع من التكافل والتضامن في الموضوع، فتسير الأمور تحت سقف التسويات العامة، لذا نجد أن موقف الحزب ضبابي ولا وضوح في الرؤية وأحيانا غير مفهوم".

من جهته يرى حدادة أن اليسار خفت في لبنان "منذ العام 1984 عندما برزت بدل الفئات الإجتماعية أو القوى السياسية الوطنية، نظريات الطوائف الوطنية بمساعدة ورعاية خارجية ولعبت سوريا دوراً سلبياً في هذا المجال بتشجيع هذا النمط لأنه أسهل لسيطرتها على المجال الوطني، وهذا شجعته السعودية برعايتها اتفاق الطائف. وبدأت تطفو على السطح وتحدث هذا الإلتفاف الطائفي بحيث تصبح طائفة بأكملها وطنية، وطائفة أخرى عميلة، فيجري الإنقسام، وتضيع القضية الأساسية حتى على المستوى الوطني عندما يصير اتهام العلاقة مع اسرائيل كالعلاقة مع سوريا تضيع القضية الوطنية وهذه يتحمل مسؤوليتها الكل. بينما لو كان هناك وطن يعرف من عدوه الأساسي لا تطرح هذه المسألة".
إذن اليسار اللبناني خف دوره ارتباطاً بتضاؤل دور اليسار العربي والقوى الوطنية العربية، وترافق ذلك مع أزمة الفكر الإشتراكي وانهيار الإشتراكية في الاتحاد السوفياتي او دول أخرى، إضافة الى الوضع الداخلي والأزمات الداخلية للحزب.

لكن الحزب الشيوعي الذي هو حزب الشعب والعمال والكادحين يعاني من تناقص أعداد المنتسبين إليه كما أن من فيه يغادرونه، وهذا الواقع يرى فيه حدادة "مبالغة، فرغم كل الأزمات تزداد نسبة النمو بين الشباب" ويعتبر أن خروج البعض من الحزب كان بسبب "الإحباط وعوامل الخضوع لمنطق الصراع الطائفي المذهبي السياسي في البلد، لكن عدد أعضاء الحزب الآن أكثر من المؤتمر السادس والسابع".

أما من خرج من الحزب فيقول حدادة أن "ضجتهم أكبر من عددهم، لأن الإعلام والسياسة الطائفية يحتضنهم. ويشير إلى مجموعة خرجت من الحزب وتوافقت مع مجموعة أخرى ارجه وشكلت حركة يسارية جديدة "مبروك عليهم، لكن كلنا يعلم أنه عندما تبناها زعيم سياسي وبدأ يرفعها ظهرت". ولا ينفي حدادة أنهم "رفاق أعزاء كان لهم دور، لكن خروجهم لم يؤثر كما أنه لم يتسبب بانقسام في الحزب".

اللقاء اليساري التشاوري

من المآخذ على الحزب الشيوعي أيضاً إهماله التشاور مع قوى اليسار المتعددة، خاصة بعد شبه تعطيل تعرض له "اللقاء اليساري التشاوري"، خاصة في فترة التفاوض خلال الاستعدادات للانتخابات النيابية، حيث لم يتم التفاعل معه كما يجب، وهذا الأمر يعترف حدادة بأنه "خطأ من قبل الحزب، حيث أننا كنا تحت ضغط ولم نكن نريد أن نعرض اللقاء اليساري التشاوري للانقسام فجسمه طري، خاصة أن هناك آراء كانت مع خيار الورقة البيضاء والبعض كان مع مقاطعة الانتخابات والبعض مع الإنتخابات، لذا حاولنا تحييده عن النقاش"، مؤكداً أن "كان يجب أن نعطيه المجال أكثر ليتفاعل معنا في أخذ الرأي".

ويؤكد حدادة أن اللقاء التشاوري لم ينقطع "كان له اجتماع منذ أسبوع، وسيعيد اجتماعاته وسنحاول نقله من دور الاجتماعات لصياغة الخطط، وقريبا سيصبح له مهام يومية يصيغها أهل اليسار ولا نصيغها لهم نحن"، لافتا الى ان "اللقاء قد لا يضيف الكثير لحجم الحزب الشيوعي، لكن معنويا ومن حيث القيمة السياسية بالتأكيد سيعطي دفعاً أكبر". وينفي حدادة أي سيطرة للحزب الشيوعي على اللقاء اليساري التشاوري "والمشاركون يعرفون حتى كشخصيات أن رأيهم أحياناً يكون مؤثراً بما يعادل أو يفوق رأي الحزب الذي يتعاطى كمكون مثله مثل أي شخصية سياسية وليس كأي تجمع سياسي".

وعن تقاطع أهداف الحزب مع اللقاء التشاوري قال حدادة "كل شخص حر بأن يسمي نفسه يسارياً، لكن لليسار في كل العالم منحى التغيير، تغيير ما هو سائد، والسائد اليوم هو النظام الطائفي ومحاولة أميركا السيطرة على المنطقة، إضافة للسياسة الاقتصادية الاجتماعية التي تفقر الناس، ونحن منحازون طبقياً واجتماعياً للفقراء"، معتبراً أن "من يجد نفسه في هذه العناوين الثلاثة أهلا وسهلا به في اليسار، أما أن يقول أنه مع السياسة الإقتصادية المتبعة منذ العام 1991 ومن ثم يقول أنا يساري فليسمح لنا، نحن لن نسلبه الإسم فهو حر، فهذه ليست شركة تجارية وكالتها بيدنا، لكن نحن لن نعتبره يسارياً".

من هو اليساري؟

ينتقد عواضة أن يقوم أحد بتحديد من هو اليساري "يجري حدادة نوعاً من فحص الدم لليسار، وفي نقاش معه هو يعتبر اليساري من يكون موقفه واضحاً من إسرائيل وهو من يكون موقفه من النظام الديموقراطي العلماني واضح، والموقف من القضية الإجتماعية الإقتصادية"، ويرى عواضة أن أي لبناني لديه موقف من هذه النقاط الثلاثة، ويضيف "حدادة يعتبر أن شرط اليسارية هي الماركسية بينما هذا الأمر غير صحيح، فالماركسية تحتاج لنقاش كبير، وأنا لا اريد أن اتعب ابن حي السلم والغبيري وطريق الجديدة والمتن الشمالي بها، بل يهمني أن يحب ابن بلده ويحترم تجربة بلده ويحمي هذا الوطن ويكون شريكاً في هذا النظام ولديه مسؤوليات وحقوق وواجبات ويكون مواطناً لبنانياً حقيقياً قبل أن يكون له انتماؤه الطائفي. أريد بناء جيل لا يكون مريضاً طائفياً ومنتمٍ وطنيا لهذا البلد". لكنه لا ينفي أن "الأمر صعب جداً، وهو أصعب من بناء شخص شيوعي الذي يعدً أمراً ممكناً، حتى ولو ترك الحزب بعد فترة. لكن من الصعب أن تقنع شخصاً طائفياً بأن يكون وطنياً لكن عندما يقتنع يبقى طوال عمره كذلك فلا يغيّر".

"أنا شيوعي لأني لست طائفياً" يقول محمد رمضان بحدة، منتقداً المنطق القائل بأنه "لتكون شيوعياً يجب أن تكون مع خالد حدادة"، متسائلاً "هل حدادة يسمح لي أن أكون شيوعياً أو لا يسمح؟ وأنا لست مع حدادة مع المحبة له، لكن أنا شيوعي غصباً عن كل البشر لكني لست في الحزب الشيوعي لأني شيوعي صحيح". وهو يرى أن هذا المنطق يشبه القول بأنه "إذا أردت أن تكون مقاوماً يجب أن تكون مع حزب الله، أنا لا أقول اني ضد حزب الله، لكني مقاوم".

التغيير الذي ينادي به عواضة يجعله مؤمناً بضرورة وجود الحزب الشيوعي في البلد، لكنه يريده حزباً "يسارياً قبل أن يكون شيوعياً، وقبل ذلك ديموقراطياً، هكذا أفهمه حزب ديموقراطي حقيقي يساري حقيقي وشيوعي حقيقي لا يشبه أي حزب في البلد، شيوعي ليس بالماركسية اللينينية القديمة ليس بالتعصب ولا باليسارية المتعصبة".

وحتى يتحقق وجود هذا الحزب بهذه الشروط، لا يمكن أن ننسى أنه إذا كان الحزب الشيوعي بجذور السنديانة الحمراء الضاربة في أعماق الأرض، وفروعها الممتدة في الأرجاء، تتحدى اليباس، استطاع الصمود 85 سنة، فهذا يشير الى أنه حزب حيّ، لكن التغيير سمة الحياة، فهل سيستطيع النقاش البنّاء أن يؤدي إلى التغيير المنشود؟ هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
من سيبقى؟
عاشور البدري -

رغم كل ذلك لنرى بعد مائة عام من الان من الباقي ومن الزائل؟؟ حزب الله في لبنان والدعوة والمجلس الاعلى والحزب الاسلامي وهيئة العلماء في العراق؟؟ والاخوان المسلمون في مصر؟؟ أم الاحزاب الشيوعية العريقة بعراقة الارض في تلك البلدان؟؟ يا اخواني الشيوعية بالعالم مثل الرماد تخفت لكنها سرعان ماتشتعل ولنا بالشيوعي العراقي مثال حي على التجربة فبعد الحصاد الذي مارسه البعث بحقه طيلة اربعون عاما نرى بعث العراق منقرضا لاوجود لمن يأويه واعلام الشيوعي الحمراء ترفرف فوق سماء بغداد.. نعم لم يحضى شيوعيو العراق الا بمقعدين فقط بسبب افة التزوير التي اعترت الانتخاباتين من قبل الاسلامويين ولكنه حزبا محترم حيث لم يؤسس ميليشيا تذبح بأسم لينين وماركس وفهد وسلام عادل.. صبرا ايها الشيوعيين اللبنانيين فمادمتم حزبا غير ممول من الخارج حزبا نابع من أرض الوطن فأنتم باقين وهم زائلون وما عودة الاشتراكية الى امريكا اللاتينية بعد سنين التهميش الا خير اسوة..

لبنان الحرية
وطن -

يتحدث السيد حدادة بلغة خشبية متخلفة ووهمية وبعيدة كل البعد عن التحليل العلمي والقعي ويدعي أنهم اي حزب السلاح يتشارك معه في قضايا وطنية هوكلام غير سليم لأن حزب السلاح يعبئ الطائفة الشيعية ضد الوطن اللبناني والبعد العربي للبنان؟ وهل هناك اقطاعي او رآسمالي او ستبدادي أكثر من حزب الله ؟ رحم الله حسين مروة ومهدي عامل وسهيل طويلة وبقية من استشهد على يد حزب الله

اهمن خط الاعوج
حسيب حسيب -

الحزب الشوعي اللبناني لو قدر يقف على رجليه لم كان لبنان مقسم فالحزب في الماضي وحد الاديان ولكن ما قاله ماركس الدين افيون الشعوب كانت نظريته في محلها شيعه سنه شيعه سنه العراق ايران لبنان كل العالم الاسلامي

حزب الطائفة
لارا -

الحزب الشيوعي اللبناني لصاحبه الحزب الشيعي الايراني!

مهلاً
شيوعي لبناني -

الحزب الشيوعي اللبناني من اوعى الاحزاب... فهو من الاحزاب القليلة التي ابتعدت عن المعمعات الداخلية بين 8 و 14 .... م لمن يعتبرون ان الشيوعي هو تابع لحزب الله او غيره من الفرقاء اللبنانيين.. اشرحوا لي لماذا ترشح الشيوعيين في اللوائح المنافسة لحزب الله؟ اشرحو لي لماذا يخفت صوت الشيوعيين في اماكن حزب الله؟ هل تعرفو في وضع حزبنا مع حلفائه اكثر منّا؟ فكاكم معمة و شتائم و تحليلات باطلة و فاشلة مثل اصحابها! و دام المنجل قاطع لرؤوس الطائفيين و الرأسمالية و الاستعمارIbrahim Rihan

كلمه يا ريت عمرها ..
شيعي شيوعي -

يا ليت الحزب الشيوعي يحكم في لبنان ...لكنا تخلصنا من البطاركه و الشيخ و حلت جميع مشاكلنا