المستقلون ما زالوا قادرين على الحسم في لبنان

على الرغم من فوز المحامية امل حداد بمنصب نقيب المحامين في بيروت الاحد، لتصبح المرأة الاولى التي تفوز بهذا المنصب منذ تأسيس النقابة قبل تسعين عاما، الا ان الجانب الأهم يبقى بقدرة المستقلين على الحسم في نتائج الانتخابات. واحتل الخبر العناوين الاولى للصحف الصادرة الاثنين، والتي ركزت على فوز امرأة على رأس النقابة، بينما جرت العادة بأن يكون التركيز على البعد السياسي للانتخابات، كون الانتخابات النقابية في لبنان، لا سيما بالنسبة الى نقابة المحامين، لها دلالات سياسية كبيرة.

بيروت: الأهم من انتخاب امرأة للمرة الأولى في لبنان، هي المحامية أمل حداد في منصب نقيب محامي بيروت، أظهرت الإنتخابات النقابية التي جرت الأحد في قصر العدل في العاصمة اللبنانية أن المستقلين يتمتعون بوزن مرجح يمكنه أن يحسم الإتجاهات الإنتخابية في ظل ارتباك فريقي النزاع السياسي - الإعلامي ، قوى 14 آذار / مارس و8 آذار/ مارس وتضعضع جبهتيهما الداخليتين أحياناً.

وأكد "مصدر في قوى الأكثرية"، طلب التعريف عنه هكذا وعدم ذكر اسمه، أن الماكينات الإنتخابية التابعة في نقابة المحامين لـ"تيار المستقبل" وحزبي الكتائب و"القوات اللبنانية" عملت بكل قوتها لإنجاح المرشح الكتائبي لمنصب النقيب جورج جريج، وقد التزم مناصرو "المستقبل" والحزبين المسيحيين بالتوجيهات والتحالف بنسبة 100 في المئة، خلافاً لاتهامات كتائبية لم تخرج إلى العلن، فحواها أن أنصار "المستقبل" و"القوات" شطبوا المرشح جريج، وذلك بدليل أن مرشح "المستقبل" نال 3 أصوات فقط زيادة عن الأصوات التي نالها جريج.

لكن ما حصل، بحسب المصدر في قوى الأكثرية، إن ثمة كتلة كبيرة من المستقلين يؤيدون توجهات قوى 14 آذار من غير أن يكونوا ملتزمين أطرها وأحزابها التي لا تقدر أن تجبرهم على انتخاب هذا أو ذاك، وهؤلاء المستقلون مالوا بشدة إلى التصويت للمرشحة أمل حداد أولاً لأنها مستقلة مثلهم، وثانياً لأن فريق 14 آذار/مارس لم يقدم لائحة كاملة من 4 مرشحين بل اقتصرت لائحته على اثنين هما الكتائبي جريج و"المستقبلي" توفيق نويري، في حين عززت آمال حداد وضعها بجذبها المستقلين من أنصار الأكثرية وترشحها على لائحة قوى المعارضة، رغم ميلها إلى طروحات 14 آذار/مارس كما قال البعض من معارفها لـ"إيلاف" ، علماً أنها ابنة شقيقة النقيب السابق للمحامين عصام كرم، شقيق نقيب الحررين ملحم كرم . ولها علاقات قوية بالمتخرجين من جامعة اليسوعية، الذين يشكلون بدورهم قوة ناخبة وازنة في النقابة.

وقال المصدر في الأكثرية لـ "إيلاف": "من المكابرة القول إن المواقف السياسية التي تعلن حيال قوى 14 آذار من بعض القوى التي تشكل جزءاً منها ، أو هكذا يُفترض، لا تؤثر في الإنتخابات النقابية والطالبية ، والدليل ما حدث في نقابة المحامين، فالمستقلون المؤيدون لقوى 14 آذار/مارس لم يفهموا على الأرجح كيف يكون حزب الكتائب مستقلاً عن هذه القوى يوم الأربعاء وجزءاً من 14 آذار/مارس في يوم الإنتخابات الأحد، ولذلك صوّتوا كما يريدون".

وهي من المرات النادرة التي يصل فيها المرشح إلى منصب النقيب من دون الحاجة إلى خوض معركة، إذ استطاعت النقيبة أمل حدّاد أن تحسم المعركة باكراً، بعدما توجت أولى في معركة العضوية، محلقة بمجموع أصوات بلغ ٢٣٩٣ صوتاً، ما اضطر قوى ١٤ آذار/مارس إلى سحب مرشحها الكتائبي جورج جريج ، بعدما جمع ١٨٢٥ صوتاً في العضوية، أي أقل من حداد، بـ ٥٦٨ صوتاً وهو رقم كبير وكفيل بحسم المعركة.

وقد سجلت حداد أعلى رقم بين المرشحين الأربعة لعضوية مجلس النقابة خلفا للذين انتهت ولايتهم. ومع تبوؤ حداد سدة رئاسة النقابة للمرة الأولى منذ تأسيسها قبل ثمانين عاماً، تعتبر المرأة الثانية التي تنتخب في العالم العربي لهذا المنصب بعدما سبقتها اليه سيدة بحرينية.

وأجمع مراقبون على أن انتخاب حداد أظهر أن غالبية الهيئة العامة في نقابة المحامين مستقلة ولا تلتزم بقرار الأحزاب، موالية كانت أم معارضة، وهذه ليست المرة الأولى التي يصل فيها مستقل إلى سدة النقابة. واستطاعت قوى ١٤ آذار/مارس أن تكون موحدة في تصويتها لمرشحيها "المستقبلي" نويري الذي نال ١٨٢٨ صوتا والكتائبي جريج الذي نال١٨٢٥ صوتاً . وفي المقابل بدت قوى ٨ آذار أو المعارضة، أقل توحداً نوعاً ما، في اقتراعها لمرشحيها الثلاثة جورج بارود المنضوي في صفوف "التيار العوني"، وحسين زبيب المحسوب على حركة "أمل"، وطارق الخطيب القريب من العونيين ، والدليل أن الأول حصل على ١٧١٥ صوتاً ليكون الرابع في الترتيب العام، وجمع زبيب ١٦٦٥ صوتاً ليكون الرديف،بينما نال الخطيب ١٥٨٩ صوتاً.

وعلى جبهة إنتخابية أخرى ، حققت قوى ١٤ آذار/مارس فوزاً كاسحاً في نقابة أطباء الأسنان في بيروت، أكملت به عقد النجاح الذي استهلته في نقابة أطباء الأسنان في الشمال ، فحصدت اللائحة "المدعومة من هذه القوى رئاسة النقابة و المقاعد الـ 15فيها ، وبفارق كبير.