حوادث المرور في لبنان تتزايد عددًا ودموية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروت: يشتهر لبنان في أنحاء العالم بأشياء عديدة منها جودة الطعام والمناظر الطبيعية الخلابة وأيضا بالتهور في قيادة السيارات.
وتطالب منظمات غير حكومية في لبنان بتشديد قواعد السلامة على الطرق في محاولة للحد من أعداد القتلى الذين يسقطون سنويًا ضحايا حوادث الطرق. ودق ناشطون وشرطة السير ناقوس الخطر بعدما تضاعف عدد حوادث التصادم في عام 2008 مقارنة بعام ،2007 وقالوا إن الحكومة الجديدة إذا لم تبذل جهدًا كافيًا للإصلاح، فإن حدوث المزيد من المآسي يضحي أمرًا واقعًا وحتميًا، خصوصًا ان ارقام العام 2009 لا تبشر بالخير هي الاخرى وشهدت ارتفاعًا كبيرًا في حوادثها، وذلك على الرغم من ان استخدام حزام الأمان أصبح إجباريًا اثناء القيادة العام الماضي فقط، كما وضعت عدادات للانتظار وإشارات ضوئية في الشوارع وأصبح لزامًا على قائدي الدراجات النارية ارتداء خوذات أثناء السير في الأشهر الماضية.
ووسط توقعات برواج سياحي في لبنان بعد استقرار الوضع السياسي وتشكيل الحكومة، يرجح أن تزيد أعداد حوادث السير إذا لم تهتم الحكومة بقضية السلامة على الطرق ضمن أولويات برنامجها، خصوصًا ان شبكة النقل العام في لبنان تعود إلى عهد بائد وتفتقر إلى ادنى معايير الدقة والحداثة والالتزام. وما يزيد الطين بلة ان قانون السير يعود إلى العام 1967 عندما كان عدد السيارات في كل أنحاء البلاد لا يزيد على 50 ألف مركبة بينما قارب عدد السيارات اليوم مليون ونصف مليون مركبة تسير في شوارع بلاد الأرز.
فادي جبران، مثال لأب فقد ابنه، هادي، في حادث سير عام 2006 بسبب القيادة بسرعة تحت تأثير الخمر. قال فادي الذي أسس مع زوجته وأصدقاء ابنه الراحل منظمة "كن هادي" التي تعمل على توعية الشبان بقواعد السلامة على الطرق ان "السبب الاول لوفاة الشباب في لبنان هو حوادث السير التي تؤدي إلى وفاة ما لا يقل عن خمسمئة شخص على الطرقات لحظة الحادث". ويرى جبران وزوجته السيدة جيهان أن مفتاح تغيير عادات اللبنانيين في القيادة وموقفهم من لوائح السير هو تعليم الأطفال قواعد السلامة على الطرق في وقت مبكر".
اما رئيس شعبة السير في قوى الامن الداخلي العقيد محمد الايوبي فيقول لـ"إيلاف" ان عدد حوادث السير في السنوات الماضية اصبح مخيفا إلى درجة كبيرة وهو يتضاعف سنويا، حتى اصبح عدد الحوادث يقارب الخمسة آلاف سنويا، ينتج منها سقوط خمسمئة قتيل واكثر من سبعة آلاف جريح". وأمام هذه المعضلة المتنامية يعترف المسؤولون عن السير بقصور القوانين المرعية الاجراء، سواء قانون السير، أو مشروع النقل الحضري الذي يعالج السير في العاصمة وضواحيها فقط. فيقول الايوبي ان المديرية العامة لقوى الامن الداخلي باشراف وزارة الداخلية اتخذت اجراءات صارمة تتعلق باحترام قوانين السير بدءًا بحزام الامان والتقيد بالسرعة المسموحة على الطرقات، وصولا إلى الالتزام بابسط قواعد الامان في المركبات كوجود "الاطفائية" مثلا و"هي جميعها لا تعد شيئًا ضخمًا بانتظار اقرار قانون حديث للسير وتحسين نوعية الطرقات."
ويتفق المحللون والمسؤولون على أن تحسين معدلات الأمان على الطرق في لبنان يتوقف على عوامل عدة من أهمها تغيير عقلية السائقين وتحديث قانون السير القديم مع وضع الزيادة الكبيرة في عدد المركبات في الاعتبار ومضاعفة عقوبات تجاوز السرعة المحددة والقيادة تحت تأثير المسكرات.
وتحتاج الشوارع والطرق أيضًا إلى تحديث وإلى المزيد من الإشارات الضوئية والعلامات والخطوط الأرضية.
ويؤكد العقيد الأيوبي أن الصراعات التي ابتلي بها لبنان وتهور السائقين هي المسؤولة عن تدهور معايير السلامة على الطرق. "فاليوم بعد ثلاثين عامًا من الحرب، وبعد الظروف السياسية والأمنية التي نعيشها يوميًا نستطيع ان نرى اننا نفتقد إلى الكثير من معالم الحداثة على الطرقات كالبنى التحتية، والاشارات الضوئية، وجسور المشاة بالاضافة إلى اخلاق السائق اللبناني المصابة بمرض "عدم التزام القانون بشكل فاضح".
وتتعاون منظمة غير حكومية أخرى تسمى "ايكال" تعنى بالتوعية بقواعد السلامة على الطرق مع عدد من المشرعين لوضع مشروع قانون جديد للسير. ويقول نديم شلهوب مؤسس "ايكال" لجريدة "إيلاف" إن "الحكومة يجب أن تفرض عقوبات أكثر صرامة على السائقين الذين لا يلتزمون بحدود السرعة المقررة وبالتوقف في الأماكن المخصصة للانتظار وأن تضع حدًّا لمشكلة حصول بعضهم على تراخيص القيادة عن طريق الرشوة لتفادي الخضوع للاختبارات الإجبارية".
ويتنبأ شلهوب بارتفاع عدد ضحايا حوادث السير إذا لم تتخذ الحكومة خطوات حاسمة في الوقت الذي يتوقع فيه تزايد عدد السياح الزائرين للبنان. فاذا ما أتت حكومة جديدة وزادت حركة النقل في لبنان وزادت حركة السياحة في لبنان وعاد الوضع إلى ما هو عليه في شكل جدي "فنتوقع في "ايكال" ازديادًا لعدد ضحايا حوادث السير من 25 إلى 30 في المئة كل عام ابتداء من 2010". وهذه النسبة مرشحة للتصاعد، خصوصًا إذا استمر الفساد السياسي ومسايرة السياسيين للفاسدين الذين يوزعون إجازات القيادة ويوزعون شهادات النجاح في المعاينة الميكانيكية لفحص السيارات والتأكد من أنها صالحة للسير.