لبنان

220 مشروعاً ثقافياً تضج بها بيروت رغم الإنتخابات

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

مبنى جريدة النهار وسط بيروت على شكل مكتبة

تريسي ابي انطون من بيروت: تسلمت بيروت الشعلة من أمستردام لتصبح على مدار عام كامل عاصمة عالميّة للكتاب في بلد صدّر الحرف الى العالم وتحوّل مرجعيّة في الفكر والابداع والفنّ. وهذا الامتياز يتعزز شرفيّا من باب ان بيروت اصبحت أول عاصمة عربية تحظى بهذا اللقب وثاني مدينة عربية بعد الاسكندرية. مشوار بيروت الثقافي، اكثر من رحلة في عالم النشاطات والاحتفالات، لا بل هو تحدّ واضح وصريح لوزارة الثقافة اللبنانيّة والمتعاونين معها من وزارات وسفارات وبلديات وهيئات ومؤسسات ثقافية ومواطنين وأصحاب افكار الخلاّقة، من اجل تحقيق الاهداف الثلاثة لـ "بيروت عاصمة عالميّة للكتاب" عبر استراتيجيّة سباعيّة رصدتها الوزارة لهذا العام. وهذه الاهداف تتوجّه اوّلا الى الناشرين وأصحاب المكتبات، وثانيا تحاكي تطلّعات المدارس، وثالثا تخاطب مباشرة السفارات والمراكز الثقافية الغربيّة، وهي:

-دعم قطاع الكتاب في لبنان في مراحله المختلفة من تأليف وإنتاج وتوزيع. وستحظى كتب الأطفال والأولاد والشباب باهتمام خاص لما لها من تأثير على رفع نسبة القراءة، والتوسّع في صناعة الكتاب وتسويقه.
-تشجيع المطالعة في أماكن عامّة محددة، أمثال مكتبات المدارس والمكتبات العامة. والغرض من ذلك الترويج للكتاب ومؤلفيه، وتذوّق متعة القراءة، وارتياد المكتبات بسلوكيّة منتظمة.
-تبنّي مقاربة متنوعة للثقافة من خلال التعريف بالإرث الثقافي وإثرائه، ورعاية أحداث ومناسبات أدبية وفكرية تعبّر عن الانفتاح على الحضارات العالميّة.

لكنّ تحويل بيروت مركز تفاعل حضاري وانساني ومثالا التنوع ضمن الوحدة الوطنية كما أمل الرئيس اللبناني ميشال سليمان في افتتاح أنشطة هذا العام، لن يكون بالمهمّة السهلة كما يعرف الكثيرون، سيّما وان البلاد مقبلة على انتخابات مصيريّة تفرض على التظاهرة الثقافية مروحة من التحديات السياسيّة ناهيك بفيض من العراقيل ذات البعد الاقتصاديّ التي سترافق الحدث خطوة بخطوة.

عن هذه التحديات اوضحت المنسّقة العامة لبيروت عاصمة عالمية للكتاب 2009، الدكتورة ليلى بركات في حديث لموقع "ايلاف" ان "ابراز وجه بيروت الثقافي سيكون مهمة صعبة فيما البلاد مقبلة على الانتخابات، خصوصاً ان وزير الثقافة تمام سلام لم يتمكن من الحصول سوى على ثلاثة ملايين وثلاثمئة الف دولار من احتياط الموازنة للعام 2009، في وقت قدّمت بلدية بيروت وهي شريك في هذا الحدث، مليون دولار وجمعنا حوالى اربعة ملايين دولار من القطاع الخاص". واضافت: " لكننا نأمل بالمزيد، فالمبلغ الذي نحوز عليه ساهم في اطلاق النشاطات ونحن نسعى لتأمين نحو 20 مليون دولار، حتى تكون المهمّة كاملة".

في اطار آخر، تؤكّد الدكتورة بركات وجود تحديات من نوع آخر امام هذه التظاهرة، ذات طابع ثقافي وانمائي، وتشدد على انه "لا يجب ان تكون هذه السنة عبارة عن فولوكلور اعلامي يواكب الحدث، من دون ان نصل الى التنمية الثقافية المستدامة، والهدف بالطبع ان نتمكّن من تغيير المشهد الثقافي ولكن بعد عام من الآن، لأن العام الحاليّ سيأخذ هذا المنحى بطبيعة الحال نظرا لانطلاق فاعليات بيروت عاصمة عالميّة للكتاب". واضافت "نحن لا نتوقع حصول معجزات رغم ان الجهود جديّة".

وفيما يتساءل الكثيرون عن مدى قدرة المشاريع المطروحة على إحداث تأثيرات طويلة المدى على المواطنين، دعت الدكتورة بركات الحكومة الى مزيد من الدعم ولاسيّما المالي حتى تحقّق المسيرة الثقافيّة مبتغاها، مؤكدة أن "كلّ شيء متعلّق بالسياسة الادارية، وهنا يقع على عاتق السلطة التنفيذية ان تقيّم مدى اهميّة هذا الحدث وتجهيزه ودعم وزارة الثقافة".

اما الجدول الثقافي ل"بيروت عاصمة عالمية للكتاب 2009"، فيضمّ مواعيد مشوّقة واستحقاقات ستترك بصمة الرقيّ والحضارة على فعاليات هذا العام، التي تمتد حتى نيسان/ابريل عام 2010 وتشمل 220 مشروعا ونشاطا مسجلين في الروزنامة الثقافية، وهنا ابرزها:
bull;يطلّ اوّلا مشروع "بيروت 39" على غرار "بوغوتا 39"، الذي ينظّمه مهرجان "هاي" بالتعاون مع وزارة الثقافة، والمجلس الثقافي البريطاني، وغيرهما. ويشكل هذا المشروع جزءا مركزيّا من احتفالات عام الكتاب، اذ يكرّم أفضل 39 كاتب عربي، من روائيين وشعراء وغيرهما، أعمارهم دون الأربعين، تختارهم لجنة تتألف من أربعة كُتّاب عرب. والمعنيون هم الكتّاب العرب الذين يكتبون بالعربية أو بأي لغةٍ أخرى، وسيختار من بينهم مجموعة ستخضع لنقاشات مع جمهورها في كانون الثاني/يناير 2010.

bull;"رسائل إلى بيروت" هي فرصة عالميّة لكلّ الذين اتخذوا من بيروت مصدر وحي، اذ يدعو هذا المشروع الذي تنظمه السفارة الفرنسية في لبنان، كل الذين يتمتعون بعلاقة متينة مع بيروت لتوجيه رسالة إليها، يكشفون فيها عن أحاسيسهم الايجابيّة منها والسلبيّة. اما الرسالة فتكتب باللغة التي يريدها الكاتب، ايا تكن جنسيته، وتُرفَق بترجمتها الفرنسية. هذه الفرصة ستبقى سانحة حتى خريف 2009 موعد إختيار الرسائل وعرض النصوص ونشرها.

bull;ابرز المحطات التي ستتوقف عندها الاحتفالات ستكون بالطبع في 10 ايلول/سبتمبر مع إعادة طباعة "بيبليوتيكا إسلاميكا"، أو المكتبة الإسلامية التي أتلفها عدوان تموز 2006 في مستودعات في الضاحية الجنوبية، وهي أشهر السلسلات عن الأدب والتاريخ العربيَّيْن كما عن الفكر والفلسفة الإسلاميَّيْن. وتعهّد المعهد الألماني للأبحاث الشرقية الذي يدير هذا المشروع منذ خمسة عقود، التعويض عن هذه الخسارة بإعادة طبع شاملة لهذه السلسلة المؤلفة من 130 كتابا.

bull;وبالنسبة إلى ملتقى الروائيين العرب الذي ينظّم سنويّا في معرض "بيال"، سيكون مميزا هذا العام ايضا اذ سيسلّط معرض الكتاب العربي الضوء على الرواية العربية بشكل عام وتجربة الروائيين من خلال استضافة عشرة منهم من البلدان العربية ممن يتمتّعون بسيرة ذاتية مفعمة بالتجارب، وستنظّم ندوات بهذا الخصوص على مدار ثلاثة ايام.

bull;كما ستقام الكثير من جلسات المطالعة، تنظّمها جهات مختلفة بينها قراءة مقتطفات من روايات ادباء ايطاليين وفرنسيين والمان واسبان وانكليز عـُرّبت اعمالهم، خلال جلسات من تنظيم معهد غوته الالماني والمجلس الثقافي البريطاني ومعهد سرفانتس الاسباني والمعهد الثقافي الإيطالي والمركز الثقافي الفرنسي وذلك في كانون الاوّل 2009.

bull;ومن الاول إلى منتصف تشرين الثاني/نوفمبر 2009 يضع عدد من الكتّاب والرسامين السويسريين المختصين بأدب الأطفال خبراتهم بتصرّف الرسامين اللبنانيين، عبر تنظيم ورش عمل وتبادل خبرات وزيارة المدارس.

bull;بدورهم، محبو التصاميم والابتكار هم على موعد مع مشروع بعنوان "حوار التصاميم" تنظمه السفارة الإسبانية في لبنان، بالتعاون مع وزارة الثقافة، وهو كناية عن معرض يضم أكثر من 450 كتابا منشورا في إسبانيا بين عاميّ 2000 و2006، سيستمرّ لمدّة شهر في لبنان، بدءا من تاريخ اعلان بيروت عاصمة عالميّة للكتاب، ويديره مشرف إسباني سعى عبر انتقاء الكتب إلى تقديم مروحة واسعة تشمل أشكال عدة من تصاميم الكتب. يترافق هذا المشروع مع ورشة عمل عن فن الكتاب والتصميم الغرافيكي يديرها خبير ألماني. هذه الورشة، التي تتوجه إلى المصمّمين اللبنانيين، تهدف إلى تحسين تقنيات تصميم الكتاب من حيث النصّ والغلاف.

bull;هناك التفاة خاصة نحو مكتبات بيروت، اذ تنظم "جمعية أصدقاء المكتبات العامة - السبيل"، بالتعاون مع وزارة الثقافة خلال الأشهر الممتدّة من تشرين الأول/أكتوبر إلى آذار/مارس 2010 أربع جولات ثقافية حول المكتبات العامة في الباشورة والجعيتاوي ومونو، وتلك التي ما زالت قيد الإنشاء في طريق الجديدة، لحثّ المواطنين على التفاعل الإيجابي مع المكتبات العامة في العاصمة وتسليط الضوء على انتاجها الثقافي.

bull;كذلك، تبادر الجمعية العالمية لأصحاب المكتبات الفركوفونيين الى ارساء شرعة أصحاب المكتبات الفرنكوفونيين عبر دعوة الناشرين وأصحاب المكتبات في دول الجنوب في تشرين الثاني/نوفمبر 2009 للانضمام الى الفضاء الفرنكوفوني من خلال آليّات تضامن وتبادل الكفاءات.

bull;وللمسرحيات اللبنانيّة حصّة ايضا، اذ تعتزم نقابة الفنانين اللبنانيين المحترفين تثبيت نصوص مسرحيات عرفت نجاحاً على خشبة المسرح. ويقود هذا المشروع الشاعر هنري زغيب عبر توثيق نصوص المسرحيات والسيناريوهات والشروح المتعلقة بالإخراج، كما تمّ تنفيذها على المسرح وحفظها نصوصاً في كتب - مراجع لدارسي تاريخ المسرح والمهتمّين بشأنه ولمحبّي الفن وللأجيال المقبلة، حتى لا تكون النصوص المسرحية الناجحة انطوَت عند إسدال الستارة.

bull;واخيرا وليس آخرا، هناك مهرجان الشريط المصوَّر والرسم في بيروت وهو كناية عن معرض خاص بالمناسبة يتناول بشكل عام الشريط اللبناني المعاصر والعالمي ايضا، اضافة الى محاضرة يلقيها اختصاصي في هذا المجال فضلا عن ورش العمل، وذلك من تنظيم بيت الكتاب، بالتعاون مع وزارة الثقافة والسفارتين الفرنسية والايطالية، والموعد في كانون الثاني/يناير 2010.

هذه الباقة المنوّعة من المشاريع، تحتاج بحسب الدكتورة بركات الى سياسة اعلاميّة تكفل الترويج للتظاهرة الثقافيّة المنتظرة، وتقول: "تمنينا على وسائل الاعلام ان تعطي الحدث حقه، ونأمل الا تعطى المواضيع السياسيّة الحيّز الاكبر من برامجها وتحصر بثّ البرامج المواكبة لسنة الكتاب ضمن المحطات الصباحيّة، غير اننا الآن نرى تجاوبا اعلاميّا جيّدا جدا".

والمعلوم ان بيروت عاصمة عالميّة للكتاب، لا تنحصر في الحدود الاداريّة للعاصمة، انّما تنتقل ايضا الى مختلف مناطق لبنان والى خارج حدوده ايضا، وفي هذا الاطار تؤكد الدكتورة بركات "ان المشاريع المرصودة تعدّت الاراضي اللبنانيّة، ونحن نشارك بنحو سبع معارض في الخارج من بينها معارض نيويورك ولندن وبولونيا وفرانكفورت وباريس، وكلفة كل منصة فيها تصل الى حدود 50 الف دولارا".

وبين الاستحقاقات والتحديات، تبقى الآمال في ان تغيّر سنة الكتاب المشهد الثقافي في لبنان وتعكس صورة لا لبس فيها حول انفتاح لبنان وازدهاره، في وقت اكّدت الدكتورة بركات ان "اللبنانيين سيذهلون العالم".

عاصمة عالمية للكتاب للسنة 2009 بموازنة تكاد لا تُذكر
220 مشروعاً ثقافياً تضج بها بيروت رغم الإنتخابات

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
De La Vie
Le livre -

بس يا ريت الناس بتقرأ شوي، في كتب الحياة، حتى تفهم شو عم يصير حولها وتعرف لمين لازم تنتخب ......