المرشح السنيورة رفيق رفيق الحريري بين الحكم والتفرغ للمعركة

الشخصية اللبنانية الاكثر إثارة للجدل
المرشح السنيورة رفيق رفيق الحريري بين الحكم والتفرغ للمعركة

هيثم الخوند من بيروت: أحد اكثر الشخصيات اثارة للجدل في لبنان حاليا. يحتار اللبناني بين حبه واحترامه لشخصية رجل الدولة التي يمثلها، وبين رفضه لما مثله الرجل من وجه للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعرض لها لبنان منذ انتهاء حرب لبنان وتسلمه اولى مناصبه الوزارية عام 1992.

فؤاد عبد الباسط السنيورة، رئيس وزراء لبنان منذ عام 2005 والمرشح الحالي لشغر المقعد السني عن صيدا، مدينته التي ولد فيها عام 1943 قبل ان يغادرها شابا إلى بيروت لاكمال دراسته الجامعية في الجامعة الاميركية في بيروت حيث نال الماجيستير في ادارة الاعمال عام 1970.

ارتبط بالسيدة هدى عبد البساط وله منها ثلاثة اولاد هم وائل ومي وزينة. عمل بين عامي 1971 و1976 محاضرا في الجامعة الاميركية والجامعة اللبنانية وعين عام 1977 وحتى 1982 رئيسا للجنة الرقابة على المصارف. نجاح السنيورة في أعماله المختلفة، دفع رجل الاعمال اللبناني في ذلك الوقت رفيق الحريري الى تذكر صديق الطفولة فؤاد السنيورة، ودعاه للعمل معه، حيث تولى عام 1983 رئاسة إدارة ومنصب المدير العام لـ"مجموعة البحر المتوسط" التي تضم أربعة مصارف غالبية أسهمها لعائلة الحريري.

الوزارة الاولى

بعدما وضعت حرب لبنان الاهلية وغير الأهلية اوزارها على قاعدة "إتفاق الطائف"، تسلم رفيق الحريري رئاسة الحكومة اللبنانية عام 1992 وشكل حكومته الاولى في عهد الرئيس الياس الهراوي وكان السنيورة احد اركانها متسلما وزارة المال التي شكلت بالنسبة إليه نقمة اكثر مما كانت نعمة. فالسنيورة تحمل غضب جزء واسع من الشعب اللبناني جراء السياسات الاقتصادية التي اتبعها، وكان فرض الضريبة على القيمة المضافة، وسياسة التقشف التي اتبعها أثناء توليه وزارة المالية، والدين العام الذي بلغ نحو خمسين مليار دولار العناوين الابرز التي استغلها خصومه للنيل من سمعته، وقد استغلوا هذا الامر لتوجيه تهم إليه بالفساد لم تصل إلى القضاء ولم يحصل تحقيق جدي في الأمر، على رغم سعي الرئيس السابق للجمهورية اميل لحود إلى النيل من سمعة الرئيس الحريري عبر رفيقه السنيورة، وعدم تكليفه بحكومة العهد الاولى التي اسند تشكيلها للرئيس الاسبق سليم الحص.

إلا ان انتخابات عام 2000 فرزت واقعا جديدا في الحياة السياسية اللبنانية بعدما ثبت رفيق الحريري نفسه زعيما سنيا اوحد في لبنان ما اضطر لحود مرغما تكليفه تشكيل الحكومة، ليعود السنيورة وزيرا للمالية للمرة الخامسة واستمر بشغر هذا المنصب إلى يوم التعديل الدستوري الذي مدد لرئيس الجمهورية في الاول من ايلول 2004 واعلان الحريري عزوفه تولي حكومة جديدة في موقف معارض للتمديد لاميل لحود.

رئيسا للوزراء...

منذ ذلك التاريخ غاب السنيورة عن الساحة السياسية اللبنانية، فافتقده اللبنانيون في مرحلة ما بعد اغتيال صديق العمر رفيق الحريري في شباط 2005، ولم يعد اسمه إلى التداول السياسي الا اثر انتخابات صيف 2005 عندما رشحه "تيار المستقبل" لتولي سدة الرئاسة الثالثة في تموز/يوليو.

العام الاول من توليه سدة المسؤولية شهد حلحلة سياسية وازدهارا سياسيا واقتصاديا، رغم بعض الخضات الامنية مما اعاد لبنان إلى الساحة الدولية بقوة. إلا ان هذا التفاؤل لم يصل إلى خواتيمه السعيدة فبعد عام واحد اندلعت الحرب بين اسرائيل و"حزب الله" فيما عرف لاحقا حرب تموز 2006، وكان للسنيورة خلالها دور مهم وبارز في صياغة وثيقة النقاط السبع بشخصيته وحضوره في عواصم العالم،وأوصلت هذه النقاط التي وافق عليها"حزب الله" على مضض إلى صياغة القرار 1701 الذي انهى العمليات العسكرية بين الدولة العبرية و"حزب الله"، ليتحول السنيورة وما يمثله بعدها رمزا من رموز "العمالة للولايات المتحدة" و"للشرق الاوسط الاميركي الجديد" بحسب وجهة نظر "حزب الله" وحلفائه ومن يرون رأيهم.

هذه النظرة تعززت بدءا من تشرين الثاني/ نوفمبر 2006، حين واجه السنيورة أسوأ أزمة سياسية شهدها لبنان منذ نهاية حربه الطويلة بعد انسحاب ستة وزراء بينهم الوزراء الشيعة الخمسة من الحكومة، واعتبرت المعارضة بقيادة "حزب الله" حكومته "فاقدة للشرعية" بسبب غياب تمثيل طائفة بكاملها عنها، وبالتالي مناقضتها لميثاق العيش المشترك الذي ينص عليه الدستور، وفرضت عليه حصارا بشريا في اعتصام خارج "اسوار" السرايا مقر رئاسة مجلس الوزراء ، ما اثار حفيظة السنيورة الذي تشبث بموقعه رافضا التشكيك بوطنيته وعروبته.

رغم ذلك استمرت حكومة السنيورة مدعومة من الأكثرية النيابية التي تمثل ما يعرف باسم قوى "14 آذار" المناهضة لسوريا. ونظم السنيورة في كانون الثاني 2007 مؤتمرا دوليا للمانحين في العاصمة الفرنسية عرف باسم مؤتمر "باريس 3" جمع خلاله وعودا بأموال تبلغ قيمتها 7.6 مليارات دولار لمساعدة لبنان.

تسلمت حكومته مجتمعة مهمات رئيس الجمهورية مع بداية يوم 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007 وذلك بعد نهاية ولاية الرئيس لحود وعدم انتخاب خلف له رغم الاعتراضات عليها. غير ان السنيورة تصلب في موقفه واعتبر تسلمها حكم البلاد امرا واقعا. واستمرت مدة تسلم الحكومة لاعمال الرئاسة ستة شهور انتهت مع انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا، عقب اتفاق الدوحة الذي انهى الازمة السياسية التي توجت بعمل عسكري ضخم قام به جزب الله وحلفائه ضد "تيار المستقبل" في بيروت ردا على قرارين لحكومة السنيورة اعتبرهما الحزب مسا به.

وبعد انتخاب سليمان، اعيد تكليف السنيورة تشكيل حكومة جديدة اعطي فيها الثلث المعطل لقوى المعارضة بقيادة"حزب الله"، مما منعها من اتخاذ قرارات ذات أهمية كبيرة، وانحصرت اهتماماتها بالتحضير للانتخابات، في أهدأ جو ممكن.

مرشح للانتخابات النيابية...

في السابع من نيسان / ابريل الماضي اقفل باب الترشيحات على اسم مرشح شكل مفاجاة للبنانيين بإعلان السنيورة تقدمه لشغل أحد المقعدين المخصصين للسنة في دائرة صيدا الانتخابية، ليشكل لائحة قوية مع النائب بهية الحريري، مما اثار غضب منافسه النائب أسامة سعد وحلفائه في قوى 8 آذار/ مارس التي انكرت على السنيورة حقه في الترشح وشنت ولا تزال هجوما عنيفا على رئيس الوزراء مذكرة اياه بسياساته الاقتصادية ومواقفه "الاميركية".
ويقول السنيورة " أن صيدا حرة في اختيار من تريد وان لا احد له الحق في ان يقرر من يترشح ام لا"، مشددا على ان كل ما قام به في الفترة الاخيرة هو لمصلحة لبنان واللبنانيين" ليختم لقاءاته مع مناصريه والوفود الصيداوية التي تزوره بمقولته الشهيرة: "لبنان باق باق... باق".