لبنان

د.حُسن عبود: تنحية المشاركين بالحرب الأهلية اللبنانية من الانتخابات

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عضو تجمع الباحثات اللبنانيات د.حسن عبود:
أرجو تنحية الذين شاركوا بالحرب الأهلية اللبنانية من الانتخابات

محمد الحمامصي من القاهرة: ترى د.حسن عبود أن الطائفية في لبنان تأخذ الآن أبعادا أخرى أدت بها إلي أن تكون مذهبية، الأمر الذي يشكل خطرا علي لبنان، وتطالب القوى اللبنانية التي تخوض الانتخابات الآن أن تنحي الشخصيات التي كانت جزء من الحرب الأهلية اللبنانية، مؤكدة أن هذه القوى تملك وجوها شابة من الجنسين جديرة بأن تتولى القيادة وقادرة علي أن تحمل مشاريع وطنية للبنان المستقبل، وتشير إلي أن وطنية جماعة 14 آذار وحزب الله لا شك فيها، ولكنها ترفض الصراع أو اللعب لصالح أطراف إقليمية، وترى أن لبنان أولى بجهود أبنائه. وفي السطور القادمة تفاصيل ما قالت د.حسن عبود المتخصصة في الدراسات الإسلامية وعضو تجمع الباحثات اللبنانيات والناشطة في حركة درب مريم للحوار المسيحي الإسلامي.

من الطائفية للمذهبية

لا ، لن تحدث حربا أهلية جديدة، في حرب 2006 كان هناك تعاطف كبير مع حزب الله، وما حدث من تهجير لأهل الجنوب بسبب القصف الذي استمر 33 يوما علي لبنان، احتضنته كل الطوائف ففتحت مدارسها وبيوتها، وحزب الله رتب أمر المهجرين بطريقة سلمية، ولا أحد يشك بطرقه، إلي أن حدثت ما حدث في أيار الماضي، هذه الأحداث هي ـ بالفعل ـ التي أغضبت الكثيرين من أهل بيروت، إن بيروت عاصمة لبنان وليست عاصمة فئة بعينها دون الأخرى حتى يحتلونها، هذا أغضب أهالي بيروت، لدرجة أن الشارع البيروتي بجميعه حتى من كان منه يدافع عن حزب الله، حتى صديقات لي كن يدفعن لليتيم بحزب الله شهرية، أوقفوا ذلك وتغيرت المشاعر.

إن الصراع العربي العجمي موجود علي الساحة اللبنانية، ولبنان يعيش صراعا هو صراع المنطقة العربية، لكننا نعود ونعيش كأنه صراع علي لبنان، وكأن لبنان منبر للصراعات، أيام المقاومة الفلسطينية كان لبنان منبر لصراعات المنظمة الفلسطينية، وتعلم اللبنانيون كلهم أن القضية الفلسطينية لم تنته ولكن وطنهم خرب، والآن نعيش نفس القصة أن يصير لبنان منبرا للصراع، مثلا العربي الإيراني، لمصلحة من أن يدور هذا الصراع على الأراضي اللبنانية؟ إن الأوراق كلها انكشفت، السيد حسن نصر الله أعلن أنه يتبع ولاية الفقيه وأعلن موقفه بصراحة أنه يتعلق بسياسة إيران. أما الموقف السني فأرى أنه تغيير، صار موقفا وطنيا لبنانيا، وهذا لم يكن من قبل، طول عمر الموقف السني يأخذ موقف عروبي تارة وموقف قومي تارة ، لكن اليوم يأخذ موقفا وطنيا يرى ضرورة النأي بلبنان أن يكون مركزا للصراع في المنطقة، هنا تأتي الأولويات : حزب الله يقول أن الأولوية للمقاومة، والاحتفاظ بسلاحها وموقفه الملتزم بالنسبة لإيران، أضف إلي ذلك دخوله لبيروت بهذه الطريقة التي نحمد الله أنه لم تتصاعد ولم تدخل لتصبح قتال شوارع بين شباب السنة والشيعة، لأن هذا آخر ما نصبو إليه أن يصبح هناك صراع قاعدته مذهبية.

لكن للأسف الطائفية في لبنان ليست مستمرة فقط بل صارت طائفية مذهبية سنية شعية ومسيحية مسيحية، فاليوم هناك بلوك يتبع كتلة الجنرال عون، وبلوك يتبع 14 آذار والموقف الوطنى اللبناني والحيلولة دون أن يصير لبنان ساحة مرة أخرى للصراعات.

إنني آسف اليوم من أن لبنان بموقف طائفي ، وهذه الطائفية صارت مذهبية، وهذا شيء محزن، فبعد عقدين من الحرب الأهلية أعدنا بناء وطننا، أعدنا بناء البنية التحتية، فهل نحن مستعدين الآن للتضحية بهذا مرة ثانية، إسرائيل ضربت 33 يوما، ضربت أكثر من 300 جسر لا علاقة لها بالصراع الفلسطيني ولا الصراع الإيراني، قصفتها باعتبارها عروق الوطن التي تحقق تواصله ببعضه البعض، هل نحن نريد استباحة الوطن من جديد، أنا بالنسبة لي شخصيا دفعت عقدين من عمري وعمر أولادي خارج وطني وعدت لإعادة بنائه، فهل أنا أريد أن أعيش هذه المأساة كونه لبنان جسرا بين الأحداث في المنطقة.

للأسف لبنان دائما مسرح لأشياء كثيرة يتم تجريبها، وأهله لم يعودوا يريدون ذلك، كفانا في لبنان أن يصبح لبنان مسرحا للتجارب العسكرية والسياسية.. حتى اللبنانيين، عيب أقول إن اللبناني لابد أن يتعلم كيف يحب وطنه، وأن يكون الوطن أولوية لديه مثل الأم والأب، الابن ينتقد الأب لكنه لا يستطيع القول بأنه بلا أب ، نحن لدينا وطن ولم نحرمه منه مثل الفلسطيني والعراقي، وطن جميل، وطن عنده حرية، وعلينا أن يكون هو وهو وحده أولويتنا.

مشروعنا الوطني لا ينبغي أن تطاله الانقسامات شيعية أو سنية أو مسيحية، بل لابد أن يكون لإعادة بناء لبنان علي أسس مدنية حديثة، وليس مشاريع عسكرية جديدة، نحن استردينا الجنوب، لذا ينبغي أن نبني وطنا علي مشاريع، إنني أسأل حزب الله ما مشروعه الوطني ؟ وأسأل كل المشاركين في الانتخابات ما هو مشروعكم الوطني؟ بالمشروع الوطني نتخلص من المذهبية والطائفية.

هل يملكون مشاريع وطنية؟

لا أشك أن 14 آذار لابد أن يكون لديهم مشروع وطني، لأنهم شاركوا بإعادة بناء لبنان، لا نستطيع نسيان أن رفيق الحريري والمشاريع المعمارية التي أتى بها أعاد بناء البنية التحتية، طبعا هناك أخطاء فكل حكم له أخطاؤه ، أيضا لا أشك بوطنية حزب الله لأنه شارك في استعادة الأراضي اللبنانية المحتلة في الجنوب عندما كانت الدولة غائبة، ودعنا نكون واضحين لتكن مشاريعنا وطنية، نبتعد عن ابتذال وطننا لحساب هذا وذاك، ونبتعد أن نجعله ساحة للصراعات الإقليمية، ونتعلم كيف نعمل علي أولوية وجود مشاريع وطنية، كلا الطرفين لابد أن يكون عنده الكثير من المشروعات للوطن، كلاهما لا أشك في نزاهتهما، لأن كليهما شارك بطريقته في العمل الوطني.

الموقف الحرج الذي نقع فيه اليوم هو الخروج من المأزق الإقليمي المتمثل في الصراع العربي الإيراني، والخروج من مأزق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

دائما ما أفكر في لبنان كأنه كوريدور (ممشى) للآخرين، وبالكوريدور تستطيع رؤية أي بعد، فهل نحن بكوريدور ونحن اللبنانيين نزايد عليه، كأن لبنان مصيره لهذه الأشياء، ولسنا قادرين علي إعطائه أبعاد غير ذلك.

التخاذل العربي

الصراع العربي الإيراني ، العرب اليوم كلهم مجتمعين تخاذلوا لسوء الحظ، تخاذلوا عن أن يكونوا دولا عصرية، عن أن يكونوا أصحاب قرار، وفي المقابل تزداد قوة إيران وتركيا أيضا، العرب لم يزالوا يعانون من مشاكل التنمية، لم يحققوا تنمية، والمجتمعات العربية تعاني من مشاكل هائلة، في حين أن الأتراك والإيرانيين أسرع منا وأثبتوا جدارة، لذلك هم سياسيا بالمنطقة أصحاب رأي وسلطة ونفوذ، بينما العرب غير قادرين إلا أن يكونوا تابعين لقرارات خارجية .. لماذا؟ لماذا صار ما صار بالعراق؟ ويصير ما يصير بفلسطين؟ طبعا لأننا متخاذلين وضعفاء.

بأي وجه نواجه القرن الحادي والعشرين؟ علي الرغم من أن الشعوب العربية شعوب فتية، وحضاريا تلتقي بعدة مشتركات، هناك خطاب هم واحد بين شعوبنا في السعودية ومصر وسوريا والأردن.

تنحوا جانبا

هناك صراع إقليمي في لبنان ينعكس علي الصراع الداخلي، وعلي الحوار الداخلي، مثلا وسط المدينة تعطل لأن فريقا أراد أن يحتل وسط المدينة ويوقف مسار العمل، والطرف الثاني أصر على موقفه ولم يستقيل وتمسك بموقعه، وبدلا من أن يجتمع الطرفان علي مائدة الحوار والمشاريع الوطنية لا يتوقفان عن الصراع .

حزب الله يخاف على وجوده وموقعه، ونحن نخاف على موقعنا ووجودنا، هل هذا حوار وطني، هذا صراع، لذا مطلوب مخرج من خلال عقول العقلاء منا، وأتمنى وأتمنى وأتمنى ثلاثا من السياسيين اللبنانيين ألا يعيدون ترشيح الشخصيات التي كانت جزءا من الحرب الأهلية، التي شاركت وكانت مسئولة في الحرب الأهلية، عن نفسي لماذا أنتخب شخصا كان مسئولا ومشاركا في الحرب الأهلية؟ كل الوجود التي كانت جزء من الحرب الأهلية لا ينبغي أن تكون موجودة؟ نحن عندنا وجوه شابة كثيرة تمتلك الرؤية والطريق ، لماذا يحكم علينا أن نرى نفس الوجوه التي كانت مسئولة عن الحرب؟ لماذا الإصرار على وجودهم الذين يذكرنا بمرارات وآلام الحرب الأهلية؟ هذا يعنى أننا نعيش نفس الحروب والصراعات.

كل الذين كانوا شركاء بالحرب الأهلية اللبنانية لا يزالون موجودين، أرجو أن يتنحوا ويعطوا الفرصة لآخرين من جماعتهم من الجيل الجديد من الشباب الذين لا تذكرنا صورهم بالحرب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف