مستقبل مجهول لضحايا القنابل والألغام في لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
صيدا (جنوب لبنان) : فقد محمد حاج موسى البالغ من العمر 11 عاماً قدميه، وليس من اليسير على مراهق أن يتحدث حول هذا الأمر، إلا أنه قال: "في ذلك اليوم"، عندما كاد يفقد حياته.. لكنه مضى في صمت طويل قبل أن يكمل جملته. في الحادي عشر من أغسطس 2006، أي قبل 13 يوماً على عيد ميلاده الثاني عشر.. "كنت ذاهباً مع والدي لتوصيل الطعام لبعض الناس الذين كانوا عالقين في منطقة 'سمايا.'"
وكان محمد ووالده، وهما من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في مخيم الرشيدية قرب صور، يعتقدان أن هناك وقفاً لإطلاق النار، خلال المعارك التي كانت مستعرة بين القوات الإسرائيلية وعناصر حزب الله. أعطاهم هذا الاعتقاد شعوراً بالأمان النسبي، قبل أن تصطدم دراجاتهم النارية بلغم أرضي. يصف محمد الوضع عند تلك اللحظة قائلاً: "أصيب والدي وسقطت أنا عن الدراجة النارية ووقعت في حفرة فسمعت صوت انفجار."
إسرائيل تسلم اليونيفيل خرائط العنقودية وتحذر من فوز حزب اللهوقال ابن الثانية عشرة "توجهت إلى النهر وسحبني المتطوعون في الصليب الأحمر من الماء.. وأذكر أن كنت أشعر بقدميّ تتمزقان." لم يتضرر والد محمد كثيراً، إلا أن الصبي فقد قدميه، وما زال يحمل أثار الحروق الرهيبة التي أصابته ذلك اليوم. وخضع محمد للعديد من العمليات الجراحية وجلسات العلاج المطولة، فأصبح محمد واحداً من المرضى الناجحين، وفقاً لما يقوله اختصاص الأطراف بسام سنجر في صيدا، الذي أخذ على عاتقه مساعدة ضحايا القنابل العنقودية.
إلا أنه ورغم نجاحه في تخطي حالته، مازال بحاجة إلى العناية الخاصة والمتابعة، فهو بحاجة إلى قدمين صناعيتين كل عام، نظراً لنموه، كما أنه بحاجة إلى متابعة شهرية في مركز العلاج لمراقبة مدى توائمه مع أطرافه الصناعية. وحالة محمد ليس الوحيدة بالنسبة لسنجر، إذ إن ما نسبته 80 في المائة من الحالات التي مرت عليه، نجمت إما من القصف الجوي أو من الألغام الأرضية أو القنابل العنقودية.
وتكرار العنف في لبنان يزيد في أعداد الضحايا، ولسخرية الأقدار، فإن الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000 أدى إلى زيادة كبيرة في الإصابات الناجمة عن الألغام في جنوب لبنان، وأكثر المصابين هم من العمال في الحقول والمزارعين والرعاة.
على أن مشكلة محمد تتفاقم في كون مدرسته التابعة لهيئة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في مخيم الرشيدية لا تحتوي على مرافق خاصة بالمقعدين، ووالده عاطل عن العمل، فيما تعيش الأسرة على ما تحصل عليه أم محمد نظير عمله في التنظيف، ولا يمكنها أن توفر مرفقاً خاصاً بابنها. ومع ذلك فالأمل يحدو محمد وقال: "أهم شيء بالنسبة لي هو أن أكون قادراً على التعلم والعمل."