الانتخابات اللبنانية: محاصصة طائفية ونظام يفرض التوافق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بيروت: يخوض لبنان انتخابات نيابية في السابع من حزيران/يونيو على اساس قانون فريد في العالم يقوم على المحاصصة الطائفية، وفي ظل نظام سياسي يستند الى "ديموقراطية توافقية" ويحول دون خروج الانتخابات بتحولات كبرى. واكد وزير الداخلية زياد بارود خلال مشاركته اخيرا في ندوة عن الانتخابات النيابية نظمها مركز دراسات كارنيغي للشرق الاوسط ان "النظام الاكثري البسيط مع لوائح مفتوحة المعتمد في لبنان غير موجود في اي مكان في العالم".
وبموجب النظام الاكثري المستند الى التوزيع الطائفي، يحصد المرشحون الذين يحصلون على العدد الاكبر من الاصوات، المقاعد المخصصة لطوائفهم، واحيانا يكون الفارق بين الرابحين والخاسرين مئات الاصوات او اقل. وينص الدستور على ان "توزع المقاعد النيابية بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين ونسبيا بين طوائف كل من الفئتين وبين المناطق".
والمقاعد النيابية البالغ عددها 128 موزعة مناصفة بين المسيحيين والمسلمين على الشكل التالي: 27 مقعدا للسنة، و27 للشيعة، و34 للموارنة، و14 للارثوذكس، وثمانية للكاثوليك، وثمانية للدروز، وخمسة للارمن الارثوذكس، واثنان للعلويين، وواحد للارمن الكاثوليك، وواحد للانجيليين، وواحد للاقليات. واذا كان النص الدستوري يحاول ارساء مساواة بين اللبنانيين على اساس طوائفهم ومناطقهم، فان القانون الانتخابي الحالي لم ينجح في تطبيق هذه المساواة.
فالمقعد الوحيد المعطى للاقليات المسيحية يفترض ان يمثل ست اقليات يبلغ عدد افرادها، استنادا الى احصاء اجراه الباحث يوسف الدويهي ونشره في 2006، 54 الفا و267. بينما هناك مقعدان للعلويين البالغ عدهم 24 الفا و989. ومن النماذج الاخرى تخصيص مقعد في دائرة طرابلس (شمال) للموارنة البالغ عددهم 5129، فيما يبلغ عدد مجموع المسيحيين 14930 في دائرة بنت جبيل (جنوب) لم يخصص لهم اي مقعد.
ويبلغ عدد المسلمين مجتمعين في دائرة جزين (جنوب) 12375 من دون ان يكون لهم اي مقعد. ولا توجد مساواة كذلك في التقسيم الجغرافي للدوائر الانتخابية. فعدد الناخبين في دائرة بعلبك الهرمل (شرق) مثلا يتجاوز 250 الفا، بينما عدد الناخبين في قضاء صيدا (جنوب) لا يصل الى 45 الفا. ويؤدي التوزع الطائفي الى اصطفافات حادة وراء زعماء الطوائف.
ويرى بارود الذي كان ناشطا في المجتمع المدني وعضوا في لجنة مستقلة لصياغة قانون انتخابي قبل ان يصبح وزيرا، ان "القانون الافضل للبنان هو النظام النسبي"، مشيرا الى ان "النظام الانتخابي الحالي لا ينتج نخبا. والمستقلون يجدون صعوبة في خرق الاصطفافات السياسية والطائفية الكبيرة".
ويتزاوج القانون الانتخابي مع اعتبارات سياسية واجتماعية وثقافية تلقي ظلالا على الممارسة الديموقراطية بمفهومها العام، لكنها تنتج ما يعرف في لبنان "بالديموقراطية التوافقية" التي تضبط ايقاع الحياة السياسية وتحول دون حصول تحولات جذرية في المشهد السياسي بين ليلة وضحاها، وان كانت غالبا ما تولد الازمات.
وقال بارود "لدينا نظام دستوري يحول دون حصول منعطفات مصيرية دراماتيكية" بعد الانتخابات، في اشارة الى ان اي تعديل دستوري يتطلب موافقة ثلثي اعضاء المجلس النيابي. وتتسم الانتخابات الحالية بتنافس شديد بين قوى 14 آذار الممثلة بالاكثرية الحالية وقوى 8 آذار (المعارضة). ويؤكد الخبراء والمحللون ان الاغلبية ستتحدد استنادا الى عدد ضئيل من المقاعد، وبالتالي لن يتمكن اي طرف من الحصول على غالبية الثلثين.
ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية هلال خشان "لبنان بلد توافقي. الديموقراطية فيها منافسة والمنافسة فيها رابح وخاسر. لكن نظامنا لا يحتمل ان يكون هناك طرف خاسر".
ويضيف "عندنا لا تنصاع الاقلية لارادة الاكثرية كما يحصل في اي ديموقراطية بل يحصل حمل سلاح ومجازر". ويخشى المحللون تجدد الازمة السياسية التي شهدها لبنان بين تشرين الثاني/يناير 2006 وايار/مايو 2008 وتسببت بشلل العمل الحكومي والبرلماني وتطورت الى مواجهات عسكرية قتل فيها اكثر من مئة شخص.
وتمحورت الازمة في حينه حول مطالبة المعارضة بمشاركة في الحكومة بثلث الاعضاء زائد واحد في الحكومة، وهو ما يعرف ب"الثلث الضامن" او "المعطل" الذي يتيح لمن يملكه تعطيل القرارات الحكومية التي لا يرضى عنها. وقال خشان "ان ثقافة اللبنانيين حتى توافقية وليست تنافسية، فالمواطن يصوت غالبا لاجل هذه العائلة التي يعرفها، او لاجل هذا الشخص الذي له نفوذ تقليدي في منطقته، الخ"... ويرى بارود وجوب "اعادة النظر في النظام لجهة التوصل الى ادارة افضل للتنوع اللبناني"، مشددا على ان احدى اولويات البرلمان والحكومة المقبلين يجب ان تكون اقرار قانون انتخابات عصري جديد.