لبنان

من المفارقات اللبنانية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

من المفارقات اللبنانية: نظام الحكومتين ونظام الأكثريتين

كريم بقرادوني

الشرق الاوسط على موعد هذا الاسبوع مع زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي سيخاطب من مصر العالمين العربي والاسلامي. ولبنان على موعد مع الانتخابات النيابية التي ستقرر مساره السياسي للسنوات الاربع المقبلة على الصعيدين الداخلي والخارجي. أوباما يريد ترميم صورة الولايات المتحدة نتيجة ما اصابها من اضرار في عهد سلفه، فهل ترمم الانتخابات النيابية صورة لبنان وتنظم المفارقات التي تعتريه؟

وكي لا اغرق في خضم الاستطلاعات التي تزداد غموضاً مع اقتراب موعد الانتخابات في السابع من حزيران الحالي، فاني اقول ببساطة المراقب المتابع للتطورات ان المعارضة مرشحة للفوز بالاكثرية بعد سوء اداء الاكثرية في السـنوات الاربع الماضية. ولكن الفوز سيكون بفوارق محدودة، فيتكّون برلمان 2009 من غالبية صغيرة وأقلية كبيرة.

لكن الفوارق الانتخابية لا تخفي المفارقات اللبنانية. فمنذ اعلان لبنان الكبير في العام 1920 شهد الحكم ثلاث مراحل مختلفة: مرحلة الانتداب حين كان المفوض السامي الفرنسي يختزل السلطة التنفيذية بالكامل، ومرحلة الاستقلال التي بدأت في العام 1943 واعتمدت على ميثاق وطني غير مكتوب كرس الثنائية المارونية- السنية في ادارة شؤون البلاد، الى ان وصلنا الى اتفاق الطائف في العام 1989، وهي المرحلة الثالثة، حين تحولت ثنائية الحكم الى مثالثة مارونية- سنية- شيعية مع احترام مبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين.

ومن المفارقات اللافتة ان معظم الانظمة البرلمانية في العالم تتشكل من سلطة اجرائية واحدة، ومن سلطة او سلطتين مشترعتين، هما مجلس النواب ومجلس الشيوخ، باستثناء النظام اللبناني الذي يتشكل من سلطتين اجرائيتين ومن سلطة مشترعة واحدة!

ومن حق القارىء ان يسأل: اين السلطتان الاجرائيتان؟ وجوابي ان السلطة الاجرائية الاولى تتمثل بالسلطة التنفيذية المؤلفة من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومجلس الوزراء كما ينص عليه الدستور، اما السلطة الاجرائية الثانية فغير منصوص عنها في الدستور، وقد تشكلت بناء على دعوة وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري في العام 2006 الى جمع من القيادات للتحاور فيما بينها، واطلق عليها تسمية طاولة الحوار.

ولم يطل الوقت حتى تحولت طاولة الحوار الى حكومة في موازاة الحكومة تتداول في الشؤون الاساسية المطروحة والمنازع عليها، كمسألة المحكمة الدولية والسلاح الفلسطيني والاستراتيجية الدفاعية وقانون الانتخاب. وقد اعتادت طاولة الحوار ان تتخذ القرارات وتحيلها الى طاولة مجلس الوزراء لإعطائها الطابع التنفيذي. وقد تعاهد المتحاورون في اجتماعهم الاخير في الاول من حزيران الجاري على اللقاء بعد الانتخابات ، وان يعيدوا النظر في تركيبة هذه الطاولة في ضوء النتائج الانتخابية.

لقد عرف العالم نظام ثنائية التمثيل بوجود مجلسين لتمثيل الشعب، لكنه لم يعرف نظام ثنائية السلطة الاجرائية بوجود حكومتين تعنيان بالشؤون التنفيذية. وتتعدد الاسئلة في هذا السياق: الى متى تستمر هذه المفارقة؟ وكيف سيتعامل معها رئيس الجمهورية ميشال سليمان وهو الذي يترأس جلسات طاولة الحوار؟ وما هي قيمة المقررات التي يلتقي حولها المتحاورون؟ وما تأثيرها على الحكومة والرأي العام؟ وهل نقاشات طاولة الحوار تمهد لاتخاذ القرارات التنفيذية المناسبة؟ وهل قرارات طاولة الحوار ذات طابع معنوي أم استشاري أم الزامي؟

في الواقع طاولة الحوار او نظام الحكومتين ليست المفارقة الوحيدة في النظام اللبناني، فهناك مفارقة اخرى وليست الأخيرة تتمثل بضرورة تأمين ما اسميه بنظام الاكثريتين عند اتخاذ القرار والذي لا ينص عليه الدستور بل يقتضيه الواقع السياسي والسوسيولوجي في لبنان.

ويعني نظام الاكثريتين ان الاكثرية العددية البسيطة لا تكفي لاتخاذ اي قرار، سواء في مجلس النواب او في مجلس الوزراء، بل يتوجب توافر اكثرية مركبة تجمع الاكثرية عند المسلمين وعند المسيحيين. ففي حال اجتمعت اكثرية احادية وغير مركبة واتخذت قراراً معيناً، فإن هذا القرار يكون مطعوناً به ليس على المستوى الدستوري، بل على المستوى الميثاقي، والميثاق في لبنان أهم من الدستور.

من يريد ان يحكم لبنان عليه ان يتقن فن ادارة المفارقات فيه،وهي أكثر مما ذكرنا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
URGENT
ADEL SALEM -

.اعتقد ان لبنان بدون الاخوة المسيحيين العرب وهم بالفعل عرب اصلاء-لايكون لبنان الذي نعرفة لانهم يمتلكون الثقافة والوعي . والعلم والتاريخ-وهنا لا اقلل من الطوائف الاخرى الكريمة-حيث الجميع مثل باقة ورد- انا اوجة نداء عاجل الى السياسيين والمثقفيين والجمعيات المدنية ان يقوموا بسرعة بعمل لجان تتولى تشجيع المسيحيين الى الرجوع الى لبنان-ونحن نعرف ان هناك 12مليون مهاجر في العالم. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام

رساله .الاستاذ كريم
عادل-الخليجي -

مكرر

وطن الرؤساء الثلاثة
Zaina Kayed Shehab -

سلامهناك أكثرية شيعية وأقلية في الطائفة نفسها تتغير فيها موازين القياس وتكون الأقلية أكثرية والأكثرية أقلية في ذات الطائفة وهناك الأقلية السنية والأكثرية السنية وقد تتبدل أمور ويطرأ ظرف أو معطى تصبح معه الأكثرية أقلية والأقلية أكثرية في نفس الطائفة وهو ما ينطبق على الدروز والمسيحيين والأرمن والروم أرثذوكسوالمارونيين ومن بعد تتعالى الأصوات بتلاقي الإصطفافات الراهنة عشية الإستحقاق الكبير باختزالها في مشروع الدولة وتحقيق حلم العدالةوالوحدة الوطنية وأنا أقول "*بأن الديمقراطية الحقيقية الجادة ليست بالضرورة الرضوخ لتجارب غير ناضجة بل بالدفع نحو مشروع الدولة الواحدةدون أن نسمح بتعددية شكلية أخذت من الديمقراطيةاسمها والقشور أما الجوهر الصقيل للعملية الديمقراطية فهو بتوحيد فعلي للوائح وشكراً

لبنان اولا
رولا الزين -

الايحاء بان الاقلية في لبنان ستفوز بالانتخابات هو من قبيل تثبيط عزيمة مناصري 14 آذار وهي امنية بقرادوني الذي ما كان ليتبوأ ما تبوأه من مناصب لولا رعاية سلطة الوصاية السورية له. وقوله ان الاكثرية العددية لا تكفي لتكون السلطة في يدها اي في يد الاكثرية مغالطة لان الرئيس الراحل سليمان فرنجية انتخب رئيسا بفارق صوت واحد . والوجه الآخر لهذه المغالطة ان مجلس الوزراء يجب ان يكون في عهدة اكثرية متجانسة لتمكينها من ادارة اعمالها بسلاسة على ان يراقب البرلمان اعمال الحكومة فأما ان يصادق عليها او يرفضها . وزعم بقرادوني ان التوافقية هي التي تحكم لبنان عرفا صحيح لكن من خلال مجلس الشيوخ الذي اقره اتفاق الطائف وعطل النظام السوري قيامه . ولو ان حذلقة بقرادوني صحيحة لاخبر القراء بان الرئيس بشارة الخوري استقال بعد ثلاثة ايام فقط من اضراب شعبي فيما الرئيس لحود مدد له نظام الوصاية السورية ثلاث سنوات ولم يرضخ -بتحريض من السوريين- من الخروج من القصر الجمهوري بمطالبة مليون ونصف المليون لبناني تجمعوا في ساحة الحرية في بيروت في 14 آذار 2005 . وقد سبق لقيادات14 آذاران صرحت انها لن تشارك في الحكومة ان لم تفز بالاكثرية النيابية فيما المعارضة توسلت العنف العسكري لتفرض بدعة الثلث المعطل في الحكومة . ولم يخبرنا بقرادوني هل المعارضة ديمقراطية في نهجها السياسي وهي تكم افواه المعارضين الشيعة انفسهم- احمد ورياض الاسعد مثالا- وتتعدى عليهم بالحجارة والرصاص ومحاولة تقتيلهم في بيوتهم. ولم يبين بقرادوني كيف يمنع مرشح شيعي معارض للحزب الالهي من ادارة حملته الانتخابية في داره وبين اهله في الضاحية الجنوبية .الله كريم يا كريم وان غدا لناظره قريب . وارجو ان تتقبل فوز مرشحي ثورة الارز بنفس رحابة صدرك في الانسجام والتناغم والتواؤم مع سلطة الوصاية السورية .

مراقب وسوء أداء
رامز -

مراقبنا الحيادي السيد بقرادوني، يحتج بسوء أداء الأكثرية كي يستنتج ان ما يسميه معارضة ستفوز. وذلك دون تفصيل سوء الأداء المذكور. بالإمكان ملء هذا الفراغ نيابة عنه، واستذكار الافعال السوء أدائية هذه التي يسجلها السيد بقرادواني على الأكثرية، وهي أفعال كانت رغم حروب ما يسمى المعارضة، المسلحة، والعنيفة، والدموية، والمدعومة من إيران وسورية وقطر، ورغم عمليات القتل التي طالت الأكثرية، وقفط الأكثرية. سوء الأداء هذا، في نظر السيد بقرادوني، يكمن مثلاً ولا حصراً في: إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان لمعاقبة أهل الغدر والإجرام؛ تكفّل 75% من التكاليف الباهظة لحرب 2006 الكارثية بكل المقاييس على لبنان؛ الحفاظ على أثمن كنز لدى اللبنانيين، مؤسساتهم الديمقراطية، وحرياتهم، رغم الحرب الشرسة، والمسلحة، والعنيفة، والدموية، التي خاضتها هذه المعارضة ضدها، بعقيدتها الفاشية المعلنة؛ تحرير ما احتلته هذه المعارضة، بالسلاح والعنف، من ساحات عامة، وبرلمان، ومرافق اقتصادية، وهو تحرير كان بوسائل السلمية، وبالصلابة التي عُرف بها اللبنانيون؛ جلب الدعم الدولي بشكل غير مسبوق للبنان، في مواجهة إسرائيل ولحماية الحدود، وكذلك في مواجهة أسياد أو أرباب عمل ما يسمى المعارضة، من إيران وسوريا وقطر. وغير ذلك من الإنجازات التي يسميها مراقبنا الحيادي جداً السيد بقرادواني، سوء أداء. تبقى بيروت الغربية محتلة من قبل ما يسمى المعارضة، وبالسلاح والعنف والترهيب كل يوم، منذ 7 أيار 2008. ستحرَّر بيروت بعد 7 حزيران 2009، وسيكون تحريرها سوء أداء جديد، يضعه السيد بقرادواني، طبعاً، في رصيد الأكثرية، أي اللبنانيين اللبنانيين. في حين أنه سيبقى اللبنانيون المتسورنون والمتأيرنون والمتقطرون، مثل السيد بفرادوني ومعارضته الظافرة، في زاوية الأقلية، وستكون حتماً، أقل من الأقلية التي عاثت فساداً وانتهاكاً للقوانين واغتصاباً لسيادة لبنان، منذ تيتّمها إثر طرد الجيش السوري من لبنان في 2005. إذاً، سيكافئ اللبنانيون الأكثرية على سوء إدائها، كي يكثروا من عدد هذه الأكثرية، ويشجعوها على مواصلة سوء أداء من هذه النوعية. حتماً.