لبنان

تغير نوعي في اقتراع اللبنانيين ولوائح كاملة في الصناديق

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

انتخابات 2009 فرضت أهميتها .. وبيروت خلت من معظم سكانها
تغير نوعي في اقتراع اللبنانيين ولوائح كاملة في الصناديق
إيلاف ديجيتال - حنان خالد من بيروت:
على غير عادتها، خلت بيروت من سكانها. وخلافا لكل سابقاتها فرضت انتخابات 2009 أهميتها. العاصمة اللبنانية غادرها معظم سكانها الى قراهم للمشاركة في انتخابات تأخذ مكانتها الخاصة في لبنان، إذ يعتبرها الافرقاء "مصيرية"، خصوصا بعد الاحداث المتوالية التي عصفت بالبلد منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما تبعه من خروج الوصاية السورية، وظهور تيار 14 آذار (الموالاة) وتيار 8 آذار (المعارضة) اللذين سيطر انقسامهما على مجريات الاحداث العامة في البلد. الموالاة تتهم تيار 8 آذار بالانقياد وراء "الحليف السوري"، و"المخطط الايراني" في المنطقة، بينما المعارضة تتهم تيار 14 آذار باتباع "المشروع الغربي". عام 2005 تشكل مجلس نيابي ضم أكثرية من قوى 14 آذار، مما ادى الى جلسات حوار متتالية باءت بالفشل الذريع ولم تحرز اي تقدم. يحاول الفريقان، عبر انتخابات اليوم، الوصول الى الاكثرية الحاكمة في البرلمان، بما يتيح السيطرة على مجريات الامور، سواء في تسيير الشؤون الداخلية، او في ادارة السياسة الخارجية. كلا التيارين يدعي انه يستند لـ "أسباب وطنية" و"مصلحة لبنان العليا".

في لبنان 18 طائفة لا تحكم سوى عبر التوافق السياسي، دون محاولة فريق الهيمنة والسيطرة على الآخر. ما يجعل معركة اليوم البرلمانية تختلف عن الانتخابات النيابية منذ الاستقلال عام 1943 وحتى انتخابات 2005، لانها تلعب على الوتر الطائفي بشكل علني، مكرسة التشرذم بين المسلمين والمسحيين على اختلاف مذاهبهم. يحاول كل زعيم سياسي ان يحشد حوله الناخبين عبر المهرجانات الخطابية والاعلان عن اللوائح في هجوم سياسي حاد، لا تغيب عنه اصابع اتهام للطرف الآخر بأنه من وضع لبنان في دائرة الخطر السياسي والأمني. وترافق هذه الخطابات الاعلامية والحوارات السياسية حملات اعلانية مبدعة، خصوصا في اختيار العناوين والشعارات والصور الموزعة على الطرقات، سواء كانت بشكل قانوني او مخالف!
يحاول كل فريق ترجيح كفته للفوز بالاكثرية النيابية، من خلال ما تحمله الطائرات الواصلة الى مطار بيروت الدولي التي تزيد من حجم الرهان على الأصوات. وعلى الرغم من حسم المعارك في عدد من الدوائر الانتخابية، مثل بيروت الثالثة، الا ان المعارك الانتخابية في الدوائر ذات الاغلبية المسيحية، مثل المتن وبيروت الاولى وزحلة، سيكون لها التأثير الاكبر على مجريات الاحداث.

وما يميز نهار القرار الانتخابي، بعد اعتماد نظام انتخابات اليوم الواحد، الذي يتبع لاول مرة في لبنان، استنفار قوى الامن الداخلي والجيش، لمنع حصول اي عارض او اشكال بين المواطنين قبل او بعد صدور النتائج، وتحسبا لأي تطور ميداني قد يطيح العملية الانتخابية في دائرة من الدوائر المتشنجة، تخوض فيها قوى 14 آذار و8 آذار معركة انتخابية حقيقية، تأخذ لبنان نحو الولايات المتحدة او إيران.

غير ان الانتخابات اللبنانية لم تكن على الدوام بهذه الحدة، وأعلى نسبة تصويت بعد جمهورية الاستقلال اتسمت خلالها الانتخابات البرلمانية "بالمنافسة الشريفة" وان كانت نسبية الا انها تمتعت بديمقراطية اعلى، دون وجود عوامل ضغط فكري واصطفاف طائفي، اما بعد الجمهورية الثانية، انبثقت بعد الحرب الاهلية ونتج عنها اتفاق الطائف، فكانت العملية الانتخابية تعاني من اهمال شعبي، وقدرت نسب الاقتراع العام في لبنان في انتخابات 1992 بـ 48 بالمئة من الناخبين المسجلين، وبلغت نسبة المشاركة في الاقتراع 48.4 بالمئة سنة 2003.

أما انتخابات 2005 فلعبت على الوتر العاطفي، الا ان نسب التصويت لم تتجاوز الـ 55.5 % وكانت في جبل لبنان. وبلغ معدل المشاركة في انتخابات بيروت 27 بالمئة من عدد الناخبين المسجلين حيث اقترع فعلا 117 ألف ناخب من أصل 420 ألف ناخب مسجل، و في الجنوب بلغ عدد الناخبين المسجلين 666 ألفا اقترع منهم 303 ألفا مما جعل معدل المشاركة 45.5 بالمئة. أما عدد الناخبين المسجلين في البقاع كان 487 ألفا اقترع منهم 241 ألفا مما جعل معدل المشاركة 49.5 بالمئة، وأخيرا بلغ عدد الناخبين المسجلين في الشمال 688 ألفا اقترع منهم 329 ألفا مما جعل معدل المشاركة 47.8 بالمئة.
والاختلاف الكبير الذي تشهده انتخابات اليوم، تمثل في اقتراع الموظفين في المرحلة الاولى، وكانت نسبته بين 85 و90 % وهو ما يبرهن عن كثافة عملية الاقتراع العام في اليوم الذي طال انتظاره، ليبرهن اللبنانيون على قدرتهم على الحكم الذاتي دون وصاية مباشرة عليه.

وتبقى الاشارة الى حقيقة ان السياسة في لبنان، منذ عهد الاستقلال، اتسمت بالوراثة وتناقل السلطة بين الاباء والابناء وصولا الى الأحفاد، وهي سمة حاضرة في كل عائلات لبنان السياسية المعروفة، مثل الجميّل، جنبلاط، أرسلان، سلام، كرامي، معوض، وغيرها من العائلات التي أضحت من المكونات الاساسية في الحياة السياسية اللبنانية. ولعل المقعد النيابي، في حال لم يتم توارثه "ديمقراطيا" عبر العملية الانتخابية، فإنه يبقى ملكا للفرد الذي دخل المجلس منذ انتخابه نائبا عن دائرته، مما يطرح سؤال حقيقة محاسبة الشعب اللبناني للنواب عبر انتخابات البرلمان.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف