سليمان: رئيس الجمهورية هو الضمان الفعلي لسلاح المقاومة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بيروت: أعرب رئيس الجمهورية ميشال سليمان عن ارتياحه إلى مسار الانتخابات النيابية، معتبراً إياها أحد أهم إنجازات حكومة الوحدة الوطنية، ولاحظ أنها المرة الأولى، منذ عقود، التي لم يقترن فيها إجراء انتخابات باتهامات بالتلاعب وتدخّل السلطة، ولا حتى تدخّل خارجي فيها.
الرئيس سليمان، وفي حديث إلى صحيفة "الأخبار"، لفت إلى أنه ينظر بتفاؤل إلى الطريقة الإيجابية التي قاربت بها قوى 8 و14 آذار نتائج الانتخابات، وتركيزها خصوصاً على دور رئيس الجمهورية في المرحلة المقبلة، بدءاً من تأليف الحكومة الجديدة. وأوضح في هذا السياق لـ"الأخبار" أنّ "هناك إجماعاً على أن يؤدّي الرئيس دوراً جامعاً، وأنا بالتأكيد يهمني أن أصل إلى وفاق على الاستحقاق المقبل". وقال الرئيس سليمان "بالنسبة إليّ الوفاق هو الهدف الأهم، وإذا نجحنا في تذليل كل ما يمكن أن يعترض تأليف الحكومة الجديدة، فإننا سننتقل فوراً إلى الإصلاح. الورشة كبيرة. قانون الانتخاب واللامركزية الإدارية والتعيينات الإدارية واستقلال السلطة القضائية... طبعاً هناك مشكلات اقتصادية ومعيشية أخرى. أريد العمل مع حكومة تتفاهم على هذه الملفات".
وإذ تجنّب الخوض في أرقام الحكومة المقبلة وعدد وزرائها، مثل تجنبه التعليق على أرقام الانتخابات النيابية، نقلت الصحيفة عنه إدراكه أن الصلاحية الدستورية التي يملكها لإصدار مراسيم تأليف الحكومة تمكّنه بسهولة من عدم توقيعها إذا لم يطمئن إلى تركيبتها، لكنه ينظر إلى الاستحقاق الحكومي من جانب مختلف، فهو يصرّ على تأليف حكومة جديدة يشارك الجميع فيها، موالين ومعارضين.
ورداً على سؤال عن الضمانات التي يطالب بها البعض في الحكومة، قال الرئيس سليمان "الضمانات المطلوبة للسلاح معروفة. إذا وُجدت هذه الضمانات عند الجميع ولم يقدّمها الرئيس، فلا معنى لها. رئيس الجمهورية هو الضمان الفعلي لسلاح المقاومة. أقول ذلك في موضوع سلاح المقاومة وفي الإصلاحات، وأقول ذلك أيضاً في تأليف الحكومة الجديدة. ضماني مزدوج، للموالاة والمعارضة معاً. وأستطيع أن أجزم بأني في الحكومة الجديدة لن أطرح أياً من المواضيع الأساسية التي ينص عليها الدستور، على مجلس الوزراء قبل أن أحقق التوافق حولها. سأستنفد كل الجهود للتوصّل إلى التفاهم، ولن ألجأ إلى التصويت، لأن هذه المواضيع تحتمل التوافق لا التصويت، سأعمل بالروحية نفسها التي أدت إلى تعيين أعضاء المجلس الدستوري. طبعاً لا يسري الأمر على القضايا العادية غير التأسيسية التي تؤدّي في بعض الأحيان إلى التصويت. عندما يكون ثمّة ضمان كهذا تصبح الأرقام في الحكومة غير مهمة، ولا أتوقف عندها. بالتأكيد وضع الحكومة الحالية لا يسمح بذلك لكونها ثمرة اتفاق الدوحة وتوازنات محددة، تؤدي أحياناً إلى عرقلة بعض القرارات. في جلسة مجلس الوزراء (اليوم) سأطرح مجدداً إقرار مشروع الموازنة، ولديّ حلّ لذلك. "إذا مشي الحال" نكون نجحنا، وإلا نلجأ إلى التصويت، لأن هذا المشروع هو آخر ما يبقى من ولاية الحكومة الحالية، ولا بد من إنجازه قبل رحيلها. ليقرّ ويذهب المشروع إلى مجلس النواب، وعندما تأتي الحكومة الجديدة تستردّه إذا شاءت، وتناقشه مجدّداً في مجلس الوزراء أو تترك أمر بتّه لمجلس النواب. التصويت على الموازنة ليس خسارة لأحد، ولا يقفل الأبواب دون العودة إليها".
رئيس الجمهورية، الذي لم يلتق، رئيس تيار المستقبل وزعيم الغالبية النيابية النائب سعد الحريري بعد منذ انتهاء انتخابات 7 حزيران، لمس لديه "رغبة في أن يتولى رئاسة الحكومة، وأنا مع هذه الرغبة". واستمد الرئيس موقفه من "الأجواء العامة التي تلت الانتخابات، وهو مؤاتٍ لسعد الحريري كي يترأس الحكومة الجديدة. لو أنني وجدت أن المصلحة العامة لا تنصح بذلك لأبلغته بالأمر وأقنعته. لكن له الحق دستورياً، وهو رئيس أكبر كتلة نيابية، ومواقفه جيدة وإيجابية، وهو راغب في هذا الخيار".
ورداً على سؤال عن الثلث الزائد واحداً في الحكومة الجديدة، قال الرئيس: "يجب أن نتخلص من هذه التسميات. ثلث معطل أو ضامن، يعطى للرئيس أو لا يعطى. رئيس الدولة هو الضامن ويجب أن يكون كذلك، رئيس الدولة هو ضامن الوفاق في الحكومة من خلال دوره ومن خلال التوافق عليه. ينبغي أن نؤمن الثلثين عندما تقتضي مصلحة الوطن، وكذلك تأمين الثلث الزائد واحداً عندما تقتضي مصلحة الوطن. في كل حال لن ألجأ إلى الثلث الزائد واحداً عند درس المواضيع الرئيسية، بل إلى التوافق. بالتأكيد لا أستطيع أن أكون هذا الضامن في الحكومة الحالية التي نعرف الأسباب التي أدت إلى تأليفها".
مع ذلك دافع رئيس الجمهورية عن حكومة الوحدة الوطنية وإنجازاتها، ويشرح الظروف التي رافقت تأليفها في ظل انهيار داخلي. توقف عند الأحداث المهمة التي حصلت عام 2005 وخروج الجيش السوري من لبنان "الذي كان يدير الوضع الداخلي إلى درجة توحي لي أنه كان أشبه بالذي يمسك بيد الطفل كي يدلّه على الكتابة. هكذا تصرّفت سوريا في لبنان، وأنا أدرك أهمية دورها آنذاك. لكن انسحابها أحدث فراغاً ثم انهار الوضع برمّته بين الفريقين إلى أن وصلنا إلى اتفاق الدوحة. بعد سنة على هذا الاتفاق حققت حكومة الوحدة الوطنية، بعد انتخاب رئيس للجمهورية، الكثير من الاستحقاقات. الجميع يعرف أن القرار الآن هو في لبنان، وعلى نحو أخصّ في قصر بعبدا، أي لدى رئيس الجمهورية التوافقي الذي يحتكم إليه الجميع. كل ذلك لا يحجب حقائق إنجازات حكومة الوحدة الوطنية. هل أعدّد بعضها سواء في القرارات الداخلية أو في مواجهة التحديات والصعوبات والاستحقاقات الإقليمية؟ حرب غزة، مؤتمرا الدوحة والكويت، الأزمة العالمية الدولية، النزاعات العربية ـــــ العربية، العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، كذلك، في البعد الداخلي، التعيينات القضائية وتعيين أعضاء المجلس الدستوري ودور هيئة الحوار الوطني، وصولاً إلى الانتخابات النيابية الأخيرة".
في موازاة هذه الإنجازات لم يكتم الرئيس نتائج التحرّك الدبلوماسي الذي قاده لدى العالم، فأعاد لبنان إلى الخريطة الدولية: "ساندت الحكومة تحرّكي الخارجي فأدى إلى نتائج ملموسة في الداخل". إحدى أبرز ثمار هذا التحرّك، العدد الكبير من اتصالات التهنئة التي تلقاها رئيس الجمهورية من نظرائه العرب والأجانب مهنئين إياه بإجراء الانتخابات، ومشيدين بطريقة إدارتها، وهي سابقة ـــــ يقول الرئيس ـــــ تعبّر عن مقدار الاهتمام الدولي بلبنان حتى بإزاء استحقاقاته الداخلية.
وهل يشارك الرأي القائل بنعي اتفاق الدوحة بعد الانتخابات النيابية، يقول رئيس الجمهورية: "ما يبقى من اتفاق الدوحة هو روحيته، أي الوفاق. ونحن سنعمل بهذه الروحية التي تستمر إلى ما شاء الله: الوفاق وعدم الاحتكام إلى السلاح في الداخل وطاولة الحوار الوطني. ينبغي أن لا ننسى أن اتفاق الدوحة لم يسقط سلاح المقاومة، بل فوّض إلى طاولة الحوار مناقشته والتوصل إلى الحلول المناسبة له بإجماع اللبنانيين. قال أيضاً بحكومة وفاق وطني. هذا جوهر الاتفاق الذي يقتضي المحافظة عليه. أما توزيع الوزراء والحصص فتلك مسألة ثانوية". يذكّر الرئيس هنا بواقعة سبقت اتفاق الدوحة، وكان لا يزال في قيادة الجيش، عندما رفض إعطاء الثلث الزائد واحداً إلى فريق كان يطالب به، وقال موقفه حينذاك ـــــ وهو يعيد تأكيده اليوم في الرئاسة ـــــ إن رئيس الدولة هو الضامن الذي يطمئن إليه الجميع، وإن الضمان لا يكون في يد طرف واحد ولا في أيدي الأفرقاء الآخرين. لكن موقفه هذا كاد يطيّر انتخابه.
يضيف رئيس الجمهورية: "كل ضمان يمثله رئيس الدولة يجب أن يكون تحت سقف اتفاق الطائف الذي هو أساس التفاهم والميثاق الوطني. في كل مشكلة، وبحثاً عن أي حلّ، ينبغي العودة إلى اتفاق الطائف وتطبيقه كاملاً".
ولا يوافق سليمان على الجدل الدائر حول صلاحيات رئيس الجمهورية، إذ يرى أنّ الخوض في هذا الموضوع "ينبغي أن لا يعني تنازعاً ولا انتزاعاً لصلاحيات"، مشدّداً على ضرورة إيضاح بعض الصلاحيات. ويكشف أنه، إبان تعذّر الاتفاق على تعيين الأعضاء الباقين من المجلس الدستوري، أعدّ رسالة لتوجيهها إلى مجلس النواب ووضعها تحوّطاً في جارور مكتبه إذا أخفقت محاولته الأخيرة لتعيين هؤلاء، إذ يرى أن هذا التعيين ـــــ والمجلس الدستوري تحديداً ـــــ هو أحد أهم الاستحقاقات الدستورية التي ينبغي عدم التفريط فيها. في رسالته تلك حضّ البرلمان على تحقيق ثلاثة مطالب رآها الرئيس "خياراً إنقاذياً لإنقاذ المجلس الدستوري":
ـــــ تعديل الدستور لجهة إعطاء رئيس الجمهورية صلاحية حلّ مجلس الوزراء إذا تعذّر عليه تعيين أعضاء المجلس الدستوري في ثلاث جلسات متتالية.
ـــــ تعديل قانون المجلس الدستوري بحيث تعتمد طريقة مختلفة في تعيين أعضائه، على غرار تعيين أعضاء المجلس الدستوري الفرنسي الذي يعطي رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية حق تعيين الأعضاء التسعة متساوين، بذلك لا يُعرقل انتخاب أعضاء المجلس.
ـــــ ترك المهل المتعلقة بالطعون الانتخابية مفتوحة إلى أن يصار إلى اكتمال عقد المجلس الدستوري.