لبنان

جولة في مناطق لبنانية بعد 3 سنوات على الحرب.. إعادة إعمار الجنوب لا يزال ينتظر

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
دمار أتى على مناطق بأكملها في لبنان خلال حرب تموز 2006

علي حلاوي من جنوب لبنان: ثلاثة أعوام على حرب تموز/ يوليو 2006، ثلاثة أعوام على هجوم الجيش الإسرائيلي الذي إنطلق في العاشرة والنصف صباح 12 تموز وهدّم وقتل وتشرد، ولكنه لم يقدر على إذلال بشر حققوا إنتصاراً عليه. بعد ثلاثة اعوام على انتصار تموز، لاتزال حكايا ايام "ام المعارك المجيدة" تسري على كل شفة وعلى كل لسان في كل قرية، بلدة و مدينة في ارض جبل عامل. وبعين ما تنفك ترصد العدو المتربص على الجانب الاخر من الحدود من جهة وعين اخرى تدمع على منازل شيدت اساساتها وتنتظر بفارغ الصبر من يكمل مسيرة إعادة البناء.

في ساحة كفركلا ، على بعد امتار من الشريط الشائك او الخط الازرق كما يحلو لهم تسميته يجتمع مجموعة من كبار السن ممن بقوا طوال الايام الثلاثة والثلاثين للحرب الاسرائيلية على لبنان في بلدتهم. لم يغادروها للحظة رغم من الاعتداءات الاسرائيلية التي عايشوها من الستينيات وحتى 2006. وقد يكون توجيه سؤال لهؤلاء عن اذا ما كانوا يشعرون بالخوف او القلق عن احتمال اسرائيلي لحرب جديدة مشابهاً لاهانة بالنسبة اليهم. ففي رأي هؤلاء " ان اسرائيل بعد هزيمتها العسكرية في الحرب الاخيرة باتت تحسب الف حساب قبل ان تقدم على تنفيذ اي مغامرة مجنونة في لبنان".

يقولها " ابو التحرير" الرجل السبعيني، وهو سّمى ابنه بذاك الاسم في بداية السبعينات، استباقاً لتحرير كان يلمحه منذ تلك الفترة وينتظر ان يتحقق. ويشير بأصبعه الى جهة الحدود اللبنانية- الفلسطينية وتحديداً على مستوطنة المطلة المقابلة لبلدته قائلاً: " اتطلع ما في حدا منن بالشارع، فعدد سكان المطّلة يوازي عدد سكان كفركلا، قارن انت بين هيدي وهيدي وبتعرف لوحدك مين الخايف نحن او هنّي". لا تختلف النظرة والتوجه حين الانتقال من ساحة " الصمود" في كفركلا، حيث لا أثار عدوانية الى غيرها من المناطق التي شهدت مواجهات والتحامات بين عناصر المقاومة وقوات النخبة الاسرائيلية. في ساحة العديسة، قبل ايام من انتهاء الحرب، سطّر احد ابناءها المجد لبلدته، بعد ان دافع عنها حتى الرمق الاخير قبل استشهاده. لا يزال اهالي العيدسة صغاراً وكباراً يتناقلون حكاية دفاع احد من ابناءها عن شرف بلدته.

وليس بعيداً عن ساحة العديسة، قامت "الهيئة الايرانية لاعادة اعمار لبنان"، بإنشاء رصيف للمشاة، يشرّف على فلسطين المحتلة. من تلك النقطة يمكن للواقف على تخوم فلسطين، ان يشاهد بأم العين سهل الحولة ومجموعة المستوطنات المنتشرة في هذا السهل. وعلى مرمى حجر من هذا الرصيف بدت بساتين المستوطنين المزدهرة بالاشجار المثمرة شبه خالية من عناصر بشرية، تفضّل العمل تحت حماية دوريات الجيش الاسرائيلي، وبالتالي فإن غياب هذه الدوريات يعني ان لا عمل في هذه البساتين. هذا المشهد الحذر والمترقب على الطرف الاسرائيلي من الحدود لا يمكن مقارنته بما يجري على الجهة اللبنانية، فأعمال البناء وانشاء المحلات والمؤسسات على نار حامية وذات وتيرة مرتفعة الى حد ما. ولم يتردد محمد رسلان من بلدة الطيبة قبل ان يأخذ قراره باعادة بناء محله الذي دمر خلال الحرب.

دبابة ميركافا اسرائيلية مدمرة خلال حرب تموز

وهو اليوم يضع اللمسات الاخيرة عليه قبل ان يعيد افتتاحه كمتجر لبيع المواد التموينة. الا انه لا يخفي امتعاضه من الوضع الراهن، ولكن ليس اعتراضاً على المقاومة التي يرى بها " الطريقة الافضل للدفاع عن لبنان من هذه الهمجية الاسرائيلية" بل للطريقة التي تم التعامل بها مع المتضررين بعد الحرب". يرى رسلان " انتظرنا سنتين على امل ان نقبض مستحقاتنا من مجلس الجنوب والدولة اللبنانية كي نعيد بناء ما تهدّم ولكن ما زلنا ننتظر تنفيذ الوعد ، لم نتلق ليرة واحدة تعويضاً عن مؤسساتنا التجارية التي تضررت بشكل كامل، وبعد طول انتظار اضطررننا الى ان نعيد بناء ما تهدم من جيوبنا، وصدقني اذا لم نفعل، وقررنا أن ننتظر الدولة فلا شيء كان تعمر ".


من قرى منطقة مرجعيون- حاصبيا الى قرى قضاءي بنت جبيل وصور، لم تتبدل الصورة، فمشهد المنازل غير المكتملة البنيان لا يزال يذكر بحرب تموز. فحي موسكو في بلدة صريفا ينتظر الدفعة الثانية من الدولة اللبنانية لكي تستكمل اعمال البناء فيه بعد سنوات ثلاثة من الحرب، ولكن الى متى الانتظار؟. سؤال يحتار اصحاب المنازل المدمرة في الاجابة عليه في ظل غياب المرجعيات وآليات المطالبة. فبين مجلس الجنوب، الهيئة العليا للاغاثة، الجهات والدول المانحة تضيع المؤسسات. اذ يرى الحاج "ابراهيم جابر"، من صريفا " ان الازمة السياسية التي مر بها لبنان بعد حرب تموز حدت من عملية اعادة الاعمار، فبات الجنوبي كبش محرقة بين هذا الطرف او ذاك". ويضيف " نسأل لماذا لا تعطى حصة الستين مليار لمجلس الجنوب؟ ولماذا تتم معاقبة اهل الجنوب، الم يصمدوا في قرهم ومدننهم دفاعاً عن لبنان وسيادته واستقلاله، ابهذا الشكل يكافأ لجنوبيون؟". صرخة الحاج ابراهيم هذه تسمع صداها في معظم القرى الجنوبية التي تعرضت كلياً او جزئياً للتدمير من الالة الاسرائيلية. من بنت جبيل، عيترون، قانا، صديقين، الى عيتا الشعب، منازل ومؤسسات تنتظر من يعيدها الى الحياة مجدداً ولو اتت بعد طول انتظار.

يشير نائب رئيس بلدية صور محمود حلاوي " الى ان الوقت لا يسمح اليوم قبل تشكيل الحكومة من اثارة ملف التعويضات عن المنازل والمؤسسات بحيث ان جميع المتضررين قبضوا الدفعة الاولى فقط فيما بقيت الدفعات الاخرى رهينة"، مؤكداً " ان صرخة المواطنين ستدوي بعد تشكيل الحكومة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف