التوتر قد ينفجر في وجه القوة الدولية جنوب لبنان

ترايسي أبي أنطون من بيروت : بعد مرور ثلاثة أعوام على إقراره في مجلس الامن الدولي منهيا الاعمال الحربية بين اسرائيل و"حزب الله"، يبدو ان القرار 1701 يمر في اول واصعب اختباراته التي سيخرج منها اما صامدا امام "قطوع" التهديدات المحيطة به، واما سينهار فاتحا المجال أمام احتمالات كثيرة لعل اوضحها انتهاء مهمة قوات حفظ السلام الدولية "اليونيفيل" او تغيير قواعد الاشتباك، في ظل ما يحكى عن مسعى اسرائيلي في هذا الخصوص، تمهيدا ربما لحرب ضروس لن يعرف دور اليونيفيل فيها حتى حصولها.

وبعدما انشغلت الاوساط اللبنانية بخبر اعتقال الجيش اللبناني لعشرة أشخاص "أصوليين" من جنسيات عربية مختلفة يشتبه في تخطيطهم لشن هجمات ضد قوات الامم المتحدة العاملة في الجنوب، توجهت الانظار إلى مقر الامم المتحدة في نيويورك حيث قدمت اسرائيل، للمرة الاولى منذ صدور القرار 1701، شكوى رسمية ضد لبنان حول الحادثين الامنيين اللذين وقعا في الجنوب قبل ايام. والمفارقة في الشكوى الاسرائيلية تكمن انها وجهت تحديدا ضد قوات "اليونيفيل" التي " لم تحاول منع 11 مواطنا لبنانيا من اجتياز الحدود الى داخل اسرائيل وهم يرفعون اعلام لبنان و"حزب الله".

كذلك، اعتبرت مندوبة الدولة العبرية في الامم المتحدة غابرييل شيلو حادث انفجار مستودع الذخيرة في خربة سلم الاسبوع الماضي خرقا "سافرا" لقرار مجلس الامن 1701 واشارت الى ان "مواطنين لبنانيين اعتدوا على المراقبين الدوليين الذين وصلوا الى المكان للتحقيق في ظروف الحادث ما ادى الى اصابة عدد من المراقبين بجروح".

هذا الوضع المشتعل جنوبا، لم يقتصر هذه المرة على الغطرسة الاسرائيلية التقليدية، إنما تخطاه ليصبح موضوعا داخليا بحتا وازى باشتعاله النار الاسرائيلية الهامدة تحت الرماد. فقضية الحوادث التي حصلت في قريتي خربة سلم وبئر السلاسل بين عناصر اليونيفيل والاهالي كادت ان تنذر بالاسوأ لولا تدارك الوضع من قيادة قوات الطوارئ وقيادة الجيش اللبناني بالاضافة إلى "حزب الله". ورغم ذلك فإن الهدوء الذي لف هذه القضية لم يمنع مسؤولي "حزب الله" من توجيه أكثر من رسالة ضمنوها سلسلة تحذيرات للـ"يونيفيل" من مغبة التعرض للقرى والاهالي.

وفي السياق، دعا عضو "كتلة الاحزاب القومية والوطنية" نائب الجنوب عن حزب البعث قاسم هاشم القوات الدولية للالتزام بـ"حدود" دورها، موضحا في حديث لايلاف أن على اليونيفيل "مساعدة القوات الشرعية اللبنانية" وعدم الالتفاف عليها. وشدّد هاشم على ضرورة ان تحترم "اليونيفيل" "خصوصيات الجنوب واهله" وان يقتصر دورها على حماية السيادة اللبنانية ومساعدة السلطات اللبنانية على حماية السيادة "في وجه الانتهاكات الاسرائيلية المستمرة". وبحسب هاشم فإن "التطورات اثبتت أن "لعبة الامم" عاجزة عن حماية السيادة اللبنانية او حتى مساعدة اللبنانيين على استرداد أراضيهم المحتلة.

ورأى هاشم أن الدور الدولي "يخضع للاختبار" خصوصا بعدما أثبت انه لم يحرك ساكنا يوما إزاء "الخروقات الاسرائيلية اليومية" للسيادة اللبنانية، وهو يفتح المجال امام "عبث وعربدة" طائراتها في المجال الجوي اللبناني،
وسط صمت مريب.

من جهته، أكد الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد أمين حطيط لايلاف، أنّ ما يجري في الجنوب ليس مستغربا، فهي "ليست المرة الأولى التي تحاول فيها اسرائيل تغيير قواعد الاشتباك في الجنوب من خلال سعيها لجعل قوات اليونيفل ذراعا تنفيذية لها". وشدّد حطيط على اهمية تضامن اللبنانيين في رفض تغيير مهمة قوات الطوارئ المحددة في القرار 1701 حيث وحدها الدولة اللبنانية تملك السيادة في تلك المنطقة، وتمارسها عبر قواها الذاتية وجيشها. وجزم العميد حطيط أن مهمة "اليونيفل" محصورة في مؤازرة الجيش حين يطلب ذلك وليس التحرّك منفردة او وفق "اشارة اسرائيلية". فلا سيادة للأمم المتحدة في منطقة الجنوب لأن المنطقة ليست تحت "الانتداب الدولي".