حصة الدور الماروني يتناتشها الموارنة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بلال خبيز: اللبنانيون مشغولون بتوزير جبران باسيل. في لبنان دائماً هناك أكمة وهناك ما وراءها. الرئيس نبيه بري يقول، ويوافقه امين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، ان العقبات السياسية التي أخرت تشكيل الحكومة قد أزيلت كلها. اليوم ثمة في التوزيع بين المعارضة والموالاة ورئيس الجمهورية ما تعتبره المعارضة نواة حكومة شراكة وطنية، وعليه، على اللبنانيين جميعاً، يقول السيد حسن نصرالله، الترفع عن القضايا الفرعية، حتى لا نقول الصغائر، وتسهيل ولادة حكومة الشراكة. مع ذلك فإن ثمة في البلد اطرافاً لا يرون هذا الرأي. ربما وجب علينا ان نتفكر قليلاً في اسباب حمولتهم هذه. وليد حنبلاط في الموالاة يقول انه يعامل كدرجة ثانية او حتى ثالثة، ومسيحيو 14 آذار/ مارس يلمحون إلى ان الاتفاق تم على حسابهم، والنائب نبيل نقولا ممثلاً للجنرال ميشال عون وتياره يقول انهم طالبوا بصخرة فحصلوا على بحصة.
النتيجة مفهومة: خمسة وزراء مسيحيين للمعارضة، من ضمنهم سليمان فرنجية وربما ايلي سكاف، ووزير ارمني. حصة ميشال عون في هذه الحال: وزيران، وربما وزير ونصف، ذلك انه محكوم بأن يرضي حليفه، الحزب السوري القومي الإجتماعي، الذي كان عوناً كبيراً له في الانتخابات الماضية.
على المقلب الآخر: مسيحيو الموالاة يشعرون ايضاً ان حصصهم في التمثيل ضئيلة ولا تعكس احجامهم. لبنان في الازمات بلد برؤوس متعددة. في الأزمات يحسب حساب سليمان فرنجية كما يحسب حساب سمير جعجع، لكن البلد في لحظات الهدوء يعود محكوماً بتشكيله الطائفي - الدستوري - الميثاقي. المسيحيون في الدستور نصف البلد، والمسلمون نصفه الآخر، وعلى المسيحيين ان يتوزعوا هذا النصف بين رؤوس كثيرة ومتعددة. حجة الجنرال عون لها ما يسندها إذا اردنا المحاججة فقط: رئيس الجمهورية لم يخض الانتخابات اصلاً، على ما يزعم، وتالياً لم يتعرض لاختبار الشعبية التي تعرض لها مسيحيو 14 و8 آذار /مارس. وعليه يستطيع اي كان أن يدعي، انه اي الرئيس، يأخذ من حصة الفائزين في الانتخابات، وهي حصة كبيرة ومرجحة. والحال على ما هي عليه، لماذا يعترض المعترضون على توزير خاسر في الانتخابات ما دام التيار الذي يمثله ما زال وازناً، ولا يعترض على حصة رئيس الجمهورية الكبيرة، وهو من لم يخض اختبار الشعبية اصلاً؟
لكن مثل هذه الحجة التقنية لا تصمد امام حساب الوقائع. ذلك ان حصة رئيس الجمهورية هي حصة الدور الماروني في السياسة اللبنانية، في مقابل الدورين السني والشيعي بمعنى من المعاني. وواقع الأمر ان هذا الدور اكتسب اهميته وضرورته من حدة التنافر بين هاتين الطائفتين. فعلى قاعدة تنافر المشروعين الكبيرين واللذين يملكان امتدادات خارجية لا تخفى على احد من اللبنانيين، برزت ضرورة الدور الماروني الموفق والمتوسط بين الطرفين. واستناداً إلى رغبة الطرفين في تجنب الصدام والبحث عن خطوط هدنة بينهما اصبح لرئيس الجمهورية دور مرجح.
والحال، فإن علة "التيار الوطني الحر" تشبه في هذا المقام علة مسيحيي 14 آذار/ مارس، ذلك ان الطرفين دخلا على خط التناحر الآنف الذكر من دون ان يكون لمن يمثلانهما مصلحة فعلية في خوض مثل هذا الصراع. ومن غرائب المصادفات ربما، ان اكثر الناس اصراراً على دور لرئيس الجمهورية كمؤسسة وموقع في االمرحلة الأخيرة كان احد اقطاب هذين المشروعين المتناحرين حد التناقض، وهو رئيس الحكومة العتيدة سعد الحريري، في وقت بدا المسيحيون، معظم قواهم السياسية على الأقل، يقضمون الصحن الذي يفترض ان توضع حصتهم من الكعكة فيه. حتى إذا تم لهم ما أرادوا لم يجدوا حصة ولا من يحزنون.