الضاحية الجنوبيّة بلون أمل ليوم واحد

علي حلاوي من بيروت: للوهلة الأولى يخال العابر في الضاحية الجنوبيّةضمن أجواء مهرجان إحياء الذكرى الحادية والثلاثين لتغييب السيد موسى الصدر ورفيقهأنّ منطقة الشياح، المعقل الرئيس لحركة "أمل"، باتت في قلب حارة حريك وبئر العبد وصولاً حتى المريجة التي استقبل ملعبها البلدي جمهور "الحركة" عصر أمس. لكنّ المشهد يبدو غريبًا، إذ منذ لحظة إعلان القيادة المركزيّة في "أمل" نيّتها إقامة ذكرى تغييب إمامها على أرض الضاحية، بدأت "الروح الخضراء" تخترق شوارعها وأحياءهاللمرّة الأولى منذ وقف الاقتتال بين "حزب الله" و"الحركة" عام 1990. وفي الواقع، قرّرت قيادة "الحركة" إقامة المهرجان في الضاحية بعدما أيقنت أنّ تحالفها مع "الحزب" بات خارج حدود التنافس وتاليًا الاقتتال، مستندة إلى عدّة تجارب أظهرت فيها قاعدتاهما الشعبيّتان التحامًا واضحًا لا سيّما في حرب تموز/ يوليو 2006 مرورًا باعتصام المعارضة في وسط بيروت وصولاًإلى أحداث أيّار/ مايو 2008 التي خاضها "الحزب" و"الحركة" معًا.

من هذا المنطلق، لم تهدأ اجتماعات اللّجان الأمنيّة بين الطرفين منذ لحظة اتّخاذ قيادة "الحركة" قرارها "الشّجاع" بحسب مؤيّديها، إذ إنّ إقامة المهرجان السنوي الضخم على أرض ملعب المريجة الذي يتّسع لأكثر من 50 ألف شخص يمكن أن يكسر نظريّة سائدة منذ سنوات هي أنّ "الضاحية معقل حزب الله فقط لا غير". ويشير مسؤولون أمنيّون في "الحركة" تولّوا التحضيرات اللوجستية والتنظيمية وكذلك تأمين أمن المهرجان وحماية الشخصيّات الوافدة إلى أنّه "كانت هناك مطالبة جديّة من قيادة الحركة لقيادة الحزب بأن يتولّى كوادر الحركة وعناصرها مهمّات الأمن كليًّا يوم المهرجان، وفي شكل علني، الأمر الذييوجب سحب الحزب جميع عناصر "الانضباط" المكلّفين تنظيم السير في الأيّام العاديّة واستبدالهم بعناصر حركيّين".

ويشير أحد المسؤولين التنظيميين الذي تولّى المتابعة وتأمين وصول المشاركين من البقاع والجنوب والشمال إلى أنّ "نحو حوالى الألفي عنصر من الحركة تابعوا تنظيم السير وتأمين الوصول إلى ملعب المريجة".

وغطّت الحملة الإعلاميّة والإعلانية لـ"حركة أمل"، بصورها وشعاراتها، مختلف مناطق الضاحية الجنوبيّة، وبدا "أوتوستراد الشهيد هادي نصرالله" أخضر حركيًّا بامتياز، وانتشرت صور الرئيس نبيه برّي والإمام المغيّب السيّد موسى الصدر واللافتات التي تحمل أقوالهما بكثافة على طول الأوتستراد بدءًا من منطقة الطيّونة حتّى الحدث وفي خطّ موازٍ من مستديرة شاتيلا حتى منطقة الكفاءات والمريجة، في مشهد لم يكن مألوفًا لسكّان الضاحية الجنوبيّة الذين اعتادت أبصارهم على رؤية اللون الأصفر مكتسحًا الضاحية. وعلّق محمد ( 22 عامًا) الذي يقطن أحد أحياء الشيّاح على ما رآه من سيطرة إعلامية موقّتة لتنظيمه في أرض الضاحية بالقول: "نتمنّى أن ترجع الحركة إلى سابق مجدها في الضاحية، وأن يستمرّ هذا النشاط حتى ما بعد انتهاء ذكرى السيد موسى الصدر".

وبذل المسؤول الإعلامي المركزي لحركة "أمل" طلال حاطوم جهدًا كبيرًا من أجل إتمام التحضيرات اللوجستية لإقامة المهرجان ومتابعة أدقّ التّفاصيل في ملعب المريجة. وقد أكّد لـ"ايلاف" على أنّ اختيار "الحركة"مكان إقامة ذكرى تغييب الإمام الصدر في الضاحية غير مرتبط بأيّ أبعاد سياسيّة أو حزبيّة، سائلاً: "متى خرجت الحركة من الضاحية كي تعود إليها؟". واستغرب "مثل هذا الكلام في ظلّ أجواء الوئام والتفاهم بين حركة أمل والأطراف كلّها"، مشدّدًا على أن "لا منطقة مستثناة أمام حركة أمل أو ممنوعة عليها، وخصوصًا الضاحية، حضن المقاومة والمحرومين"، مذكّرًا بانتفاضة 6 شباط/ فبراير 1984 (التي أخرجت الجيش اللبناني من الضاحية في عهد الرئيس السابق أمين الجميّل) ودور الحركة الفاعل للحركة فيها آنذاك.