لبنانيو الغابون بين فكي كماشة الصراع السياسي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ترايسي أبي أنطون من بيروت: غريب امر اللبنانيين في افريقيا، فلا تمر مصيبة بهم حتى تحل مصيبة جديدة. فبعد فصول الرعب على مر السنوات في نيجيريا وساحل العاج وسييراليون والموزمبيق وغيرها من دول القارة السمراء حان وقت الجالية اللبنانية الكبيرة الموجودة في الغابون، لتدفع ثمن "شطارتها" ونجاح أعمالها عنفًا، ونهبا واستباحة. الاضطرابات في هذا البلد الافريقي، بدأت يوم الجمعة الفائت مع إعلان نتائج انتخابات الرئاسة، التي فاز بها ابن الرئيس السابق عمر بونغو. ومن جراء هذه النتائج اندلعت سلسلة من الاضطرابات وأعمال العنف التي تنفذها المعارضة الخاسرة في عدد من المناطق. وبالطبع لم يسلم اللبنانيون الذين تعرضوا لحملة اعتداءات خصوصا في جزيرة "بورجانتي"، معقل المعارضة التي تسبب انصارها بخسائر قدرت بملايين الدولارات في املاك اللبنانيين الذين حوصروا بالمئات في منازلهم، متروكين لمصير لا يوحي بالكثير من الخير خصوصا ان المعارضة الغابونية تتهمهم بدعم الرئيس المنتخب علي بونغو والسيطرة على التجارة واستغلال ثروات البلاد.
وكما جرت العادة عند مصائب اللبنانيين في افريقيا، بدت الحكومة اللبنانية أعجز عن مساعدة ابنائها وقت الحاجة وهو الامر الذي انعكس سلبا بالنسبة لوزارة الخارجية والسفارة اللبنانية في الغابون التي استنجدت بالسفارة الفرنسية لتأمين الحماية للمواطنين اللبنانين قدر المستطاع، في وقت لم تفلح التعزيزات العسكرية الغابونية المحدودة من وقف الحملة المنظمة التي يتعرضون لها.
"إيلاف" حاولت الاطلاع على اوضاع اللبنانيين في ليبرفيل العاصمة وبقية المناطق من خلال الاتصال بعدد ممن "نجوا" من خلال زيارتهم إلى لبنان هذا الصيف، كغيرهم من المغتربين. نبيل ابراهيم، ابن دبين الجنوبية يقول انه يعمل في في الغابون منذ اكثر من عشرة اعوام وهو يوجه لومه للسفارة اللبنانية ويقول ان من المعيب ان "تقوم السفارة الفرنسية بالاتصال بجميع الرعايا اللبنانيين وهي ابلغتهم استعدادها لمد يد المساعدة قدر الامكان".
أما محمد موسى من النبطية فأكد لـ "إيلاف" ان من يعرفهم في ليبرفيل "بصحة جيدة إلا انهم في وضع نفسي وأمني حرج، لا سيما العائلات التي كانت تسكن في مناطق الوجود الفرنسي في المنطقة الرابعة مشيرا إلى انه كان يعتقد ان العلاقة ودية عموماً بين اللبنانيين والغابونيين". وطالب موسى السفارة اللبنانية بالمزيد من الاهتمام ولفت الى عدم معرفته حتى باسم السفيرة هناك (ميشلين باز).
وروى جورج عازار الموجود في لبنان مع عائلته لتمضية عطلة الصيف، كيف عرف ليل الجمعة اثر الانتخابات ان المتمردين استباحوا متجره للمواد الغذائية وكيف ان عمليات النهب والسرقة مستمرين معربا عن "تخوفه الشديد على السلامة الجسدية لزملائه ومواطنيه في تلك البلاد"، خصوصا اثر تلقيه معلومات عن أن صديقه مصطفى ديلاني تعرض للاعتداء داخل منزله على يد زمرة من المتمردين.
من جهته، رأى وسيم نور الدين، الذي يملك وشقيقه نديم مؤسستين تجاريتين تعرضتا للنهب، أن الجيش في الغابون يتأخر في فرض الأمن لعدم وجود رغبة لديه في الاحتكاك بالشعب، وتحديداً بأنصار المعارضة، الذين يقودون موجة الاحتجاجات. ولم ينس نور الدين مطالبة السلطات اللبنانية ووزارة الخارجية بإيلاء اهتمام أكبر لأوضاع اللبنانيّين في أفريقيا، وخصوصاً أنهم يسهمون في إعالة الآلاف من أفراد عائلاتهم الموجودين في لبنان. وأشار إلى أن الخسائر التي أصيبت بها متاجرهم ستنعكس على أوضاع العاملين اللبنانيين في هذه المؤسسات، موضحاً أن العديدين منهم سيضطرون إلى العودة إلى لبنان لعدم وجود عمل لديهم بعد الآن وفقدانهم لمورد رزقهم، مضيفا "نحن مستعدون لجمع التبرع إذا رفضت الدولة القيام بواجبها حيال هؤلاء فيما تميل الظروف هناك "من سيئ الى الأسوأ".
"ايلاف" اتصلت بالمدير العام لوزارة المغتربين هيثم جمعة الذي أكد ان السفارة في ليبرفيل اتخذت سلسلة اجراءات حيث اتفقت مع السفارة الفرنسية يقضي بقيام اللبنانيين، في حال ارتفاع وتيرة الاضطرابات وتطوّرها، باللجوء إلى ثكنة الجيش الفرنسي على أن يتولى حمايتهم وإجلاءهم، إلى أحد الفنادق القريبة من الشاطئ في "بورجانتي" ليكون موقع التجمّع للبنانيين. وأكد جمعة أن اعمال العنف ليست موجهةً ضد اللبنانيين "بل هي حالة اعتراض على الانتخابات التي حصلت"، معتبرا أن " الأمور تتجه نحو التهدئة بالتزامن مع انتشار الجيش الغابوني، والتزام اللبنانيين منازلهم."