الحريري سيجري مشاورات غير تقليدية... وإسرائيل لا تتوقع حربًا قريبة

تستعيد الساحة اللبنانية السياسية حيويتها بعد غد الخميس حيث يعود رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى مواصلة مشاورات التكليف ولا تطور ايجابي يظهر في الأفق على صعيد التوافق بين القوى والأطراف المتنازعة على توزيع الحقائب والوزارات، إلا أن الحريري سوف يجري مشاورات موسعة وغير تقليدية فيما تتجه الأنظار لزيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث غادر اليوم إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الدورة 64 للجمعية العامة للأمم المتحدة، على أن يلقي كلمة لبنان يوم الجمعة المقبل.

بيروت: علمت مصادر مقربة من عملية تشكيل الحكومة اللبنانية المتجمدة حاليًا أنّ الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري سيجري مشاورات غير تقليدية مع الكتل النيابية والنواب المستقلين تبدأ يوم الخميس المقبل وتستمر حتى يوم الثلاثاء من الأسبوع المقبل. وقالت المصادر إن الحريري أراد من توسيع المشاورات النيابية الوقوف على رأي الكتل النيابية في كل شاردة وواردة، ليكون في وسعه التفاوض معها على أمور واضحة يمكن أن تؤسس لمرحلة جديدة في التفاوض خلافًا للمرحلة السابقة عندما كلف لأول مرة تأليف الحكومة، حيث اصطدم بعقبة الشروط التي أخذت تظهر تباعًا كلما اعتقد أنه نجح في تحقيق تقدم على طريق الإسراع بتوفير الأجواء لتأمين ولادة طبيعية للحكومة.

وبحسب المعلومات، فإن الحريري لن يتقيد بشريط المشاورات النيابية السابقة ان لجهة تحديد دقائق معدودة للقاء الكتل النيابية في مبنى البرلمان أو لناحية اقتصار المشاورات على العموميات بدلاً من الدخول في التفاصيل.

وقالت مصادر نيابية إن الحريري يميل الى تخصيص ساعة لكل كتلة نيابية ونصف ساعة للنواب المستقلين باعتبار أن عامل الوقت يسهم في استكشاف المواقف على حقيقتها ويدفع باتجاه اعطاء الفرصة للكتل النيابية للبوح بما تريده ان على صعيد ممثليها في الحكومة أو الحقائب التي تريدها للكتلة.

أشكينازي لا يتوقع اشتباكات قريبة مع "حزب الله"

أمنيًا أكد قائد الجيش الإسرائيلي الجنرال غابي أشكينازي أن "إسرائيل لا تتوقع اشتباكات جديدة في المستقبل القريب مع حزب الله"، عازيًا ذلك بـ "درجة كبيرة إلى قوة الردع التي حققتها إسرائيل في حرب تموز عام 2006". أشكينازي، وفي حديثٍ إذاعي، قال: "أعتقد أن "حزب الله" لا يريد، في الوقت الراهن على الأقل، تجديد العمليات، لكن في الوقت نفسه نحن لا نركن إلى ذلك ونتابع الأحداث"، مضيفًا: "أمرٌ حقيقي أن "حزب الله" يتسلّح، لكن أعتقد أن قوات الدفاع الإسرائيلية لديها الإجابة، وفي النهاية نحن مستعدون، وأنا أعرف أن بوسعي الاعتماد على الجيش، فنحن قوة قوية عالية المستوى". كما نقلت صحيفة "النهار" عن ديبلوماسي أوروبي إن أي خرق للقرار 1701 في المناطق التي تسيطر عليها قوة "اليونيفيل" والجيش اللبناني هو من مسؤوليتهما، اذ عليهما منع حصوله أو اقله معرفة مرتكبيه ومعاقبتهم.

باتريك سيل: مشكلة لبنان في محيطه وفي نظامه

في سياق ديبلوماسي أكد الكاتب الخبير في شؤون الشرق الأوسط باتريك سيل انه "أمام العرب طريق طويل للوحدة والديمقراطية والاستقلال". وشدد خلال حديث لصحيفة "النهار" على ان لبنان يقع في منطقة تمثل مركز ازمة العالم، وهو بلد صغير يصارع لاعادة بناء نفسه بعد الحرب الاهلية. ولفت الى ان مشكلة لبنان الاولى تتمثل في محيطه والصراع بين جيرانه. اما مشكلته الثانية فهي في نظامه الطائفي. وكصديق للبنان، البلد الذي عشت فيه لفترة، اتمنى التخلص من هذا النظام. هناك امر آخر محوري، يتمثل في علاقة لبنان مع سوريا.وهي مسألة محورية في تاريخ لبنان الحديث، ومنذ نشوء دولة لبنان الكبير. وآمل ان يشكل التعامل الدبلوماسي بين لبنان وسوريا خطوة على ترميم العلاقات، لافتا الى ان هذا ليس محور المشكلةوالخطوة رمز لتطوير العلاقات. لان لسوريا مصالح في لبنان والعكس صحيح، وللبلدين مصالح كثيرة مشتركة.

وشدد على ان المسألة تكمن في ايجاد آلية تضمن استقلال البلدين وسيادتهما وعلينا الاعتراف بتاريخهما المشترك. فالقضية لا تتعلق بانسحاب السوريين او بقائهم في لبنان. فهم لديهم بالتأكيد مصالح هنا، ونفوذ واصدقاء، كما ان للبنان اصدقاء في سوريا. وأضاف: "لبنان هو ساحة المعركة، حيث يقود جيرانه صراعاتهم. ودعا اللبنانيين الى ان يطوروا مفهوم المواطنية، فيتّحدوا، بدل ان يلعبوا لعبة المتخاصمين الاقليميين. الغاء النظام الطائفي وتطوير مفهوم المواطنية من شأنه ان يجعل بلدهم اكثر قوة، ويتمكن من مقاومة كل الضغوط، بدل ان يتم النظر الى المصالح انطلاقا من المجموعات الدينية.

وفي موضوع المحكمة الدولية قال سيل: " يفترض ان ننتظر الادلة في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري، ولدي شعور بأن الامور ستتبلور واننا نقترب من النهاية". ولفت الى ان الطائفة الشيعية جزء من الفسيفساء اللبنانية وهناك حزب منظم مع قوة عسكرية قوية، ومن دونه لكان الاسرائيليون ما زالوا يحتلون.

الرئيس اللبناني يغادر الى نيويورك

الى ذلك غادر الرئيس اللبناني ميشال سليمان بيروت اليوم الثلاثاء متوجهًا الى نيويورك لترؤس وفد بلاده الى أعمال الدورة الرابعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة. ومن المقرر ان يلقي سليمان يوم الجمعة المقبل كلمة لبنان امام الجمعية العامة للامم المتحدة ويعقد لقاءات مع عدد من رؤساء الوفود العربية والاجنبية المشاركة في الدورة. ورافق الرئيس سليمان وفد رسمي يضم وزير الخارجية وفوزي صلوخ ووزير الدولة نسيب لحود.

بلمار التقى لارسن وأوساطه اكدت حفاظه على سرية التحقيق

وعن تطورات التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري ذكرت صحيفة "الأخبار" المقربة من المعارضة نقلا عن أوساط قريبة من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان إن المدعي العام دنيال بلمار التقى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن في لاهاي منذ أسابيع قليلة. وجرت خلال الاجتماع عملية تقاطع معلومات تتعلّق بتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1701 المعطوف على القرار 1559. القرار 1701 الذي صدر في آب 2006 "يؤكد أهمية بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية، وفق أحكام القرار 1559 (2004)" (الفقرة 3) ويطلب من "الأمين العام (للأمم المتحدة) أن يقدم تقريرًا إلى المجلس في غضون أسبوع واحد من تنفيذ هذا القرار، وبصورة منتظمة بعد ذلك" (الفقرة 17).

أوساط بلمار أكّدت أنه حافظ على سرية التحقيقات الجنائية في اغتيال الحريري والجرائم الأخرى، التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة إذا ثبت تلازمها مع اغتيال الحريري. وتصرّ تلك الأوساط على التأكيد أن كلّ ما جرى خلال الاجتماع لم يكن إلا عملية تقاطع لبعض المعلومات التي جمعها لارسن أخيراً، تمهيداً لتقديم تقريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "بشأن النشاط المسلّح في منطقة جنوب نهر الليطاني". وقال مسؤول في المحكمة الدولية إنه لا يستبعد "طرح لارسن على بلمار أسئلة تتعلّق بلقائه في قصر العدل في بيروت أحد المسؤولين في حزب الله قبل مغادرته لبنان".

هذا وكان ضبّاط لبنانيون تواصلوا مع لجنة التحقيق الدولية أثناء تولّي بلمار رئاستها مطلع هذا العام قد أكّدوا لـ"الأخبار" أنه توسّع في التحقيق في قضية ربط محتمل بين شبكة الاتصالات التي كانت مديرية الاستخبارات في الجيش قد اكتشفتها، واشتبهت فيها خلال المراحل الأولى من التحقيق، وشخص قيل إنه مرتبط بحزب الله. وقال أحد المحقّقين يومها إن هذا الشخص "سافر إلى سوريا، ومنها إلى العراق ومن ثم اختفى عن الأنظار". وقد جمعت جهات أمنية لبنانية معلومات عن المشتبه فيه لكنها "كفّت يدها عن الملف بعد جريمة اغتيال أحد الضباط بعبوّة ناسفة" بحسب قول مسؤول أمني رفيع.

ورأى مسؤول أممي في بيروت ان لقاء لارسن ببلمار يُعدّ "أمراً طبيعيًا وجزءًا من سلسلة لقاءات يجريها المدعي العام الدولي مع فريق عمل الأمين العام للأمم المتحدة"، وأضاف "لا بدّ من التذكير بأنّ المحكمة الخاصة بلبنان أُنشئت بموجب قرار صدر عن مجلس الأمن وهو المجلس نفسه الذي أصدر القرارين 1559 و1701 ولا تعارض بين تحقيق العدالة ونزع السلاح الخارج عن سلطة الدولة".

ورجّح أمس قاضٍ لبناني كان على صلة بملف التحقيق في جريمة اغتيال الحريري خلال إحدى مراحله لـ"الأخبار" أن "بعض الصعوبات التي تعترض تأليف الحكومة تتعلّق بتأخّر الخطوات العملية لعملية الربط بين قرارات مجلس الأمن المتعلّقة بلبنان". وشرح القاضي لـ"الأخبار" أن فكرة ربط القرار 1559 بالتحقيق الدولي في جريمة اغتيال الحريري كانت قد وردت خلال مراحله الأولى، أي خلال عمل لجنة تقصي الحقائق برئاسة بيتر فيتزجيرالد، الذي سأل عن الجهات التي يمكن أن تكون بحوزتها كمية كبيرة من المتفجرات، وتتميّز بدقة عملها، وخبرة رجالها في أعمال التفجير.

وبالتالي، فإن المساعي لربط القرار 1595، الذي أنشأ لجنة التحقيق الدولية بالقرار 1559، الذي يطالب بنزع سلاح المقاومة، سبقت المساعي التي يبدو أن تيري رود لارسن يجريها اليوم للربط بين القرار 1757 الذي أنشأ المحكمة والقرار 1559. "انتقلت الشبهة من سوريا إلى المتشدّدين الإسلاميين إلى أن حطّت اليوم على ما يبدو على حزب الله، فهل تعود وتنتقل إلى جهة أخرى في المستقبل القريب؟" يسأل القاضي، قبل أن يضيف "الجواب في صالونات السياسة الدولية".