"ويست" إند لندن تبقى النبض في قلب العالم

تفكر بزيارة لندن؟ لا وقت أفضل من هذا الصيف لأن العاصمة ستشهد أكبر مهرجاناتها على الإطلاق مع استضافتها أولمبياد 2012. ولكن حتى إذا كان هذا سببا غير كاف، فهناك "الثوابت" التي تجتذب الملايين كل عام، وبين أبرز هذه حي الويست إند الشهير.

ثمة استثارة تكاد تمسك باليد في لندن. فصيف العام الحالي استثنائي ينقل قلب العالم النابض الى حالة الخفقان. ولا دهشة إذ ان العاصمة البريطانية ستشهد من 27 تموز (يوليو) إلى 12 آب (أغسطس) أولمبياد 2012 الذي يجمع شباب العالم في أكبر مهرجان رياضي على الأرض.

وهذه استثارة بدأت من السادس من تموز (يوليو) 2005 عندما اختارت اللجنة الأولمبية الدولية لندن مضيفة للألعاب. لكن هذه تكتسب أبعادا خاصة هذه المرة لأكثر من سبب. فهي تُدخل العاصمة البريطانية التاريخ من باب أنها أول مدينة تستضيف الألعاب الأولمبية الحديثة ثلاث مرات بعدما فعلت ذلك في 1908 وفي 1948. وما لا شك فيه هو أن زائر لندن خلال صيف العام الحالي سيجد كرنفالا من النوع الذي قد يشهده المحظوظون من الناس مرة واحدة في العمر.

وحتى في الظروف العادية فإن زيارة العاصمة البريطانية لا تكتمل إلا بجولات مطولة على نواحي أشهر أحيائها على الإطلاق وهو الـ"ويست إند" تبعا لاهتمامات السائح. ورغم ما يوحي به هذا الاسم، الذي يعني "الطرف الغربي"، فإن هذه المنطقة الرئيسة في لندن لا تقع في غربها وإنما تشكل مركزها وقلبها النابض. ولا غرو فهذه الرقعة من لندن تعج بمعالم سياحية صارت رموزا لبريطانيا نفسها مثل ساعة "بيغ بين"، وميداني ترافالغر (الطرف الأغر) وبيكاديلّي، وكوفنت غاردن إضافة الى سلسلة تكاد تكون لا نهائية من أكبر المسارح والغاليريهات والمتاحف والمكتبات والمتاجر في البلاد. وكل هذا يستدعي بالضرورة وجود الفنادق والمطاعم والمقاهي ومنتديات الترفيه على مختلف الأحجام والمستويات.

سبب التسمية

لماذا وصف إذن بالويست إند رغم انه لم يكن في أي يوم طرف لندن الغربي؟ ثمة خلاف على هذه التسمية التي تعود الى بدايات القرن التاسع عشر. لكن الأرجح - والسبب المقبول أكثر من غيره الآن لدى المؤرخين وغيرهم - انها استخدمت للإشارة الى المنطقة الواقعة "غرب" حي السيتي (حي المال) الأقدم عمرا إذ يعود تاريخ مبانيه الى العهد الروماني والعصور الوسطى.
أصبح الويست إند في بدايات القرن التاسع عشر المكان المفضل لسكن النبلاء والعائلات الثرية لسببين أحدهما جغرافيا المناخ. فهو يقع في منطقة تأتيها الرياح قبل بلوغها حي السيتي، وبالتالي لم تتأثر بالخان المتصاعد من مصانع السيتي وأبنيته. أضف الى ذلك السبب الآخر المهم وهو قربه من كرسي السلطة الملكي (قصر بكنغهام والبرلمان) في ويستمنستر. ولأنه كان سكن علية القوم فقد تألف من قصور ومنازل راقية ومتاجر ومطاعم وأماكن ترفيه تليق بسكانه. وقد اكتمل نموه في تلك الفترة حوالى العام 1815 مع نهاية الحرب النابليونية.
لهذا كان محتما للويست اند أن يصبح أشهر بقعة في العاصمة البريطانية إذ صار مركزها. ولأنه توسع كثيرا عما كان الأمر عليه في بداياته، فقد صار يضم أكبر عدد من المعالم السياحية التي يمكن ان يجدها الزائر في المدينة بأكملها.

أسماء لامعة

الأحياء الرئيسة التي شكلت منطقة الويست إند عند اتخاذه شكله الأساسي في العقد الثاني من القرن التاسع عشر وتظل كما هي حتى اليوم:
- ويستمنستر: يضم الكرسي الملكي في قصر بكنغهام ومباني البرلمان ومسكن رئيس الوزراء ومعظم الوزارات والدوائر الحكومية ومقر "سكوتلاند يارد".

- كوفنت غاردن: أبرز معالمها دار الأوبرا والبوتيكات السياحية الراقية. وتتوسط هذه سوق الزهور التي صارت الآن باحة يعرض فيها في الهواء الطلق من يسمون "فناني الشوارع"، مثل الموسيقيين والهواة والرسامين وغيرهم، فنونهم على تنوعها للبيع بأسعار (طوعية في أغلب الأحوال أو محددة).

- ماي فير: يطل على متنزه "هايد بارك" الشهير. هنا تجد بعض أغلى المطاعم في العالم وماربل آرش الذي يشكل الطرف الغربي لشارع اوكسفورد ستريت.
- هولبورن: يتخذ العديد من المؤسسات التعليمية والمالية والقانونية مقارها فيه. أهم شوارعه كينغز واي المؤدي الى "بوش هاوس". ويضم هذا الأخير إذاعات الـ"بي بي سي" الموجهة الى العالم.

سوهو: يعرف ايضا باسم "الحي الصيني" لأنه يتألف رئيسا من المتاجر والمطاعم الصينية. بل ان العديد من لافتاته لا يحوي حرفا انجليزيا واحدا.

بلومزبري: مقر الكنيسة التاريخية بالاسم نفسه وأهم معالمه السياحية المتحف البريطاني.

مارليبون: أشهر معالمه متحف الشمع "مدام توسو" وصار مقرا للمكتبة البريطانية وهي كبرى المكتبات العامة في البلاد.
- ريجنتس بارك: يشتهر بالمتنزه الذي يحمل اسمه وهو أحد المتنزهات الملكية ويضم حديقة الحيوان وهي الأقدم في العالم إذ يعود تاريخها الى العام 1828، إضافة الى أكبر مساجد لندن وكان يحمل اسم المتنزه لكنه يعرف الآن باسم "لندن سنترال موسك".
وتبعا لتعريفات جغرافية أخرى، يضم الوست إند ايضا أحياء نايتسبريدج وساوث كينزنغتون وبلغرافيا وتشيلسي وبيمليكو وبيزووتر ووبادينغتون ونوتينغ هيل وهولاند بارك.

شوارع شهيرة...

بين أشهر الشوارع في الويست إند - وربما في العالم - داونينغ ستريت وأوكسفورد ستريت (متاجر لعامة السياح)، وبوند ستريت (متاجر لعلية القوم فقط)، وتشارينغ كروس رود (شارع المكتبات ومتاجر الآلات الموسيقية)، وهارلي ستريت (شارع الأطباء للأثرياء فقط)، وبارك لين الممتد بطول متنزه هايد بارك، وشافتسبري افينيو (يعرف تجاوزا بـ"شارع المسارح" رغم انها مشتتة هنا وهناك في قلب الويست إند)، وتوتنهام كورت رود (شارع متاجر الإلكترونيات)...وبالطبع لا يمكن إغفال إدجوار رود (شارع العرب) والعديد غيرها.

... وساحات معروفة

أشهر ساحات المنطقة أوكسفورد سيركاس، وهايد بارك كورنر، وماربل آرش، وبيكاديلي سيركاس، وترافلغار سكوير، وراسل سكوير، وكيمبريدج سيركاس، وليستر سكوير على سبيل المثال وليس الحصر.

أخيرا

ثمة معالم سياحية في لندن اشتهرت على مستوى العالم لكنها - بسبب التحديد الجغرافي - لا تقع في الويست إند مع انها على مرمى حجر منه. ومن هذه المعالم "عجلة لندن" المعروفة ايضا باسم "عين لندن"، و"لندن تاور" (برج لندن)، و"تاور بريدج" وهو الجسر المسمي على هذا البرج.