الأمية مختلفة في أوروبا وتؤدي الى الاكتئاب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إذا ما أردنا التطرق الى الأمية في دول أوروبا فهي ليست بالحال نفسه في دولنا العربية، فالأمية الأوروبية لا يقتصر تعريفها على عدم القدرة على القراءة والكتابة بل يتعداها الى ما هو أبعد من ذلك، فأن تكون أميا في أوروبا يعني أن تعجز عن تعبئة استمارة ما أو قراءة لائحة الوجبات في المطاعم، وهو ما يشعر صاحبها بالحرج والكآبة.
ميونيخ : وفق تقرير لمنظمة اليونيسكو ذكر أن الأمية في دول أوروبا لها أوجه كثيرة متعددة ، تكمن إحداها في الصعوبة التي تلازم هؤلاء الناس في حياتهم اليومية مثل ملء الاستمارات المصرفية، وصياغة طلبات العمل ،والرد كتابياً علي استفسارات المكاتب الحكومية ،وفي بعض الحالات يبدو الأمر مزعجا ومحرجا، عندما لا يتمكن البعض من القدرة على قراءة قوائم الطعام في المطاعم والحانات، وقد يسبب لهم ذلك نوع من الاكتئاب ، إذ يدفعهم عجزهم إلى اللجوء إلى أنواع من الحيل المختلفة لمداراة هذا العجز ، وهو الأمر الذي يقودهم بطبيعة الحال في أحيان كثيرة إلى الاكتئاب والوقوع في شرك الأمراض النفسية.
في ألمانيا على سبيل المثال ـ يوجد عدد لا بأس به من اللذين يطلق عليهم صفة الأميين ، ويبدو ذلك جليا في تقرير منظمة اليونيسكو الذي أشار الي أن عددهم تجاوز الأربعة ملايين أمي أي الذين لا يحسنون القراءة والكتابة .
من جهة أخرى أيضا قدرت منظمة اليونيسكو عدد الأطفال المحرومين في الدول الفقيرة من التعليم بحوالي مئة وخمسة عشر مليون طفل ، أما الكبار الأميين حول العالم فان عددهم تجاوز 870 مليون شخص ،يعيش أغلبهم في الدول العربية والدول الفقيرة ودول أوروبا وأميركا ، وتشير الإحصائية ال أن نسبة النساء تصل إلى الثلث .
في الدول الأوروبية لا توجد إحصائيات مفصلة بشأن انتشار الأمية فيها وذلك وفق ما ذكرته منظمة اليونيسكو، غير أن ألمانيا بها دراسة تؤكد أن عدد الأميين يزيدون علي السبعة ملايين شخص ،يشمل ذلك الشباب اللذين تزيد أعمارهم على 15 عاما ، لكن دراسة أخرى صدرت عن الاتحاد الألماني لمحو الأمية تقدر عددهم بالأربعة ملايين أمي.
يقول أحد هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من الأمية " أن الأمر يبدو محرجا للغاية عندما اطلب من شخص ما ملء الاستمارة المصرفية بدلا مني ، فهذا يجعلني عرضة للسخرية ،وإذا حاولت أنا تحرير الاستمارة فان الأمر لا يبدو مقبولا لدي الموظف وتظهر عليه إشارات اتهام بالغباء ، الأمر الذي يدفعني إلى طلب المساعدة لتفادي هذه النظرة .
في لحظات معينة يستيقظ ضمير هؤلاء الناس ، ويلجؤن إلى جمعيات القراءة والكتابة المنتشرة في ألمانيا ،ففي برلين على سبيل المثال يشارك مجموعة من الناس في دورات لمحو الأمية بناء على توجيه من مكتب العمل الذي تتبعه دوائرهم ويتكفل المكتب بنفقات الدورات.
في ألمانيا بشكل عام تمنح مكاتب العمل هؤلاء الناس دورات مجانية لمدة سنتين من أجل إتقان القراءة والكتابة التي تكون في أغلب الأحوال عائق يقف دون استلامهم عمل جيد في هذه البلاد.
تقول السيدة لويزا اوسفولد رئيسة احدى هذه الجمعيات" أنني لاحظت أن معظم الأطفال الذين يعانون من مشاكل في الكتابة والقراءة يعيشون في ظروف صعبة للغاية ،فطلاق الوالدين ،وتغير محل الإقامة باستمرار، والتغيب عن المدرسة في كثير من الأحيان يكون من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى ضعف الأطفال في القراءة والكتابة ". في حالات كثيرة ينتقل هؤلاء الأطفال إلى مدارس خاصة لمساعدتهم ، لكن لا يتم ذلك إلا بعد السنة الدراسية الثانية أو الثالثة من المرحلة الابتدائية. ويفشل معظمهم في المدارس الخاصة أيضاً، أي أنهم يتركونها دون إكمال الدراسة ودون الحصول على شهادة. وهذا يصعب بطبيعة الحال فرص الأطفال والشباب المعنيين في حياتهم المهنية المقبلة.
لهذا السبب تنتشر جمعيات القراءة والكتابة التطوعية في ولايات ألمانيا المختلفة ،وتحاول تقديم الدعم إلى الأميين لكي يتمكنوا فيما بعد من مساعدة أنفسهم بأنفسهم. وهذا يعني على سبيل المثال تمكينهم من البحث عن عمل أو شقة سكنية بجهدهم الفردي، دون مساعدة الآخرين وهذا هو أضعف الإيمان وفق ما تراه السيدة اوسفولد التي تحكي فكرة تأسيسها لجمعيتها قائلة:
"لقد جمعتني الصدفة أثناء الدراسة الجامعية بسيدة أمية لا تعرف القراءة ولا الكتابة، ودفعني ذلك إلى الرغبة في فكرة تأسيس جمعية لمحو الأمية، قمت بطرح الفكرة على عدد من زملاء الدراسة بهدف المساعدة في محو أمية هؤلاء الناس" بعد ذلك بدأت السيدة اوسفولد الفكرة بتنظيم دورة تثقفيه لإعادة تأهيل هؤلاء المحرومين من التعليم ،ونتج عن إتمام هذه المبادرة تأسيس جمعية القراءة والكتابة ، ورغم أن عدد الأميين يقدر بنحو أربعة ملايين شخص ، إلا أن ألمانيا لا زالت تفتقر إلى شكل تنظيمي شامل بهدف محو أمية هؤلاء الناس وكما ترى السيدة اوسفولد فان كل الإجراءات التي تتم في هذا المجال تعود إلى مبادرات خاصة مما يعني أن الجمعيات العاملة في هذا المجال لا تحصل علي أي دعم من أي جهة حكومية".