توقعات بإرتفاع مشاكل الولادة مستقبلًأ
العمليات القيصرية تقلِّص حوض المرأة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
برلين: يبدو أن مئات السنين من إجراء العمليات القيصرية للنساء عند الولادة، سواء كانت لأسباب طارئة أو برغبة المرأة المعاصرة، ترك أثره التطوري التاريخي على حوض المرأة. فتاريخ إجراء العمليات القيصرية لم يبدأ في الستينات، أو قبلها بقليل كما قد يعتقد البعض. وقبل سنة عرض المتحف الروماني في كولون موجودات عيادة طبيبة رومانية، عثر عليها اثناء حفر خط المترو الجديد، تكشف ان هذه الطبيبة كانت تجري عمليات قيصرية قبل أكثر من ألفي سنة.
وتقول دراسة جديدة الآن إن حوض المرأة أصبح اضيق في العقود الأخيرة من السنين بالمقارنة مع قطر رأس الجنين بسبب التطور الذي فرض نفسه جراء العمليات القيصرية الكثيرة.&
وربما ان القاء نظرة على زيادة عدد العمليات القيصرية في ألمانيا خلال 30 سنة يكشف كيف فرضت هذه العمليات نفسها على حجم حوض المرأة. إذ كانت العمليات القيصرية في سنة 1990 تشكل15,3% من مجموع الولادات، إلا أن هذه النسبة قفزت إلى25,5% سنة 2003 وإلى 31,9% سنة 2012، وليقفز مجدداً سنة 2013 إلى32,1%.&
والمقلق هو ارتفاع نسبة العمليات القيصرية بـ"رغبة" المرأة إلى 30% من مجموع العمليات القيصرية، رغم ان استطلاعاً للرأي توصل إلى ان نسبة الراغبات بتجنب الولادة الطبيعية بين الألمانيات لاتزيد عن3%. مع ملاحظة ان نسبة العمليات القيصرية في ايطاليا ترتفع إلى 37,3% من مجموع الولادات، وإلى36,3 في رومانيا. وترتفع هذه النسبة في البرازيل إلى أكثر من النصف، بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية.
ولادات طبيعية أصعب
في معرض بحثه عن أسباب تزايد الصعوبات والتعسر في الولادات الطبيعية، توصل الدكتور فيليب ميتروكر، من جامعة فيينا، إلى أن هذه الصعوبات حقيقة المنشأ ولم تفتعلها النساء في محاولة لتجنب آلام الولادة. ولحظ ميتروكر ان سبب هذه الصعوبات هو ان حجم الحوض أصبح أصغر من المعتاد قياساً برأس الجنين.
وقارن الطبيب الباحث بين معدل حجم الحوض عند النساء سنة 1960 وحجمه في القرن الواحد والعشرين، وتأكد بأن قناة الولادة أصبح أضيق، بينما لم يتغيّر حجم رأس الجنين. وهكذا، فإن تعقيدات الولادة، وبالتالي الحاجة إلى العمليات القيصرية، زادت أيضاً. فالعمليات القيصرية أدت إلى تضييق الحوض بتأثير التطور، لكنها صارت تفترض المزيد منها أيضاً.
وهنا فرض التطور الطبيعي نفسه، لأن تقلص نسبة وفيات الأجنة والامهات جراء العمليات القيصرية فرض عدم الحاجة إلى حوض أكبر. وإذا كانت نسبة وفيات الأجنة أو الأم، بسبب مضاعفات العمليات القيصرية ترتفع إلى6% في الستينات، فان هذه النسبة تقترب اليوم من الصفر بسبب التقدم العلمي والطبي.
الفرق بين حجم الحوض ورأس الجنين
وفي الدراسة التي نشرت في مجلة Proceedings oft he National Academy of Sciences& تأكد فريق العمل من ان الفرق بين حجم حوض المرأة ورأس الجنين زاد بنسبة تتراوح بين10-20%. ويقدر الباحثون في علم التطور ان التحورات الوراثية يمكن أن تحدث خلال جيلين من أجيال البشرية، ويبدو ان هذا ما حصل منذ الستينات حتى الآن.
ويرى ميتروكر ان التطور يحصل دائماً إلى الامام ولخدمة الإنسانية، إلا ان ما رصده بالعلاقة مع حوض المرأة سيثير جدلاً حاسماً. وإن تضيق الحوض عند المرأة سيكون ايجابياً لنمو الجنين في الرحم طوال فترة الحمل، إلا أنه قد يكون خطيراً عند خروج الطفل من قناة الولادة.
مشكلة اجتماعية أيضاً
ويؤكد الباحثون من جامعة فيينا أن مسيرة التطور التي فرضت حجم حوض المرأة الأصغر ما عادت مشكلة طبية، وإنما مشكلة اجتماعية. ويقدر فريق العلماء أن مشاكل الولادة وتعقيداتها سترتفع أيضاً في المستقبل وتصبح مشكلة اجتماعية. وينبغي على الطب، وكافة العلوم&الأخرى، أن تحسب حساباً للتطور وتأثيره على جسم الإنسان مع كل خطوة تقنية يتخذونها.
ولم يجرِ ميتروكر الدراسة، بحسب ما كتب في المجلة الطبية المرموقة، كي يعدد مساوئ العمليات القيصرية، وينصح النساء بالكف عن استخدامها لأغراض "جمالية". بل إن الهدف بتقديره هو الكشف عن مسار التطور وسرعة تأثيره على جسم ووظائف الإنسان. وأضاف انهم نجحوا، وللمرة الاولى، وبالأرقام في تحديد التغيّر في مسار التطور في مجال الطب.
&
&
&