لايف ستايل

"ببجي"... عالم موازٍ يمنح الشباب العراقيين مهرباً من الواقع

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بغداد: يتسلل بشار أبو خليل، بثوب ورديّ وخوذة مقاتل ساموراي، من خلف عدوّه، ليرديه أرضاً بمقلاة. مشهد يبدو غريباً لو حصل على أرض الواقع، لكنه يدور في عالم لعبة "ببجي" ذات الشهرة الواسعة في العراق.

عبر "ببجي" أو "ساحات معارك اللاعبين المجهولين"، يدخل ملايين اللاعبين عالماً آخر هو خليط بين سلسلة أفلام ما بعد نهاية العالم "هنغر غايمز"، وعالم أشرار دي سي كومكس في فيلم "سويسايد سكواد".

تحوّلت نسخة الهواتف الذكية من اللعبة إلى ظاهرة بين من هم دون 25 عاماً الذين يشكلون نسبة 60% من العراقيين، إلى درجة أنهم باتوا يلقبون بـ"جيل ببجي".

وأصبح هذا العالم، حيث يمضي الشباب معظم وقتهم، مساحة لتشكيل صداقات وحتى تكوين علاقات حبّ.

تقول داليا وحيد التي تعرفت بأصدقاء جدد عبر اللعبة أصبحوا أيضاً رفاقها في الواقع "من السهل جداً لقاء أشخاص عبر ببجي".

لكن عالم الخيال الذي ترسمه "ببجي" يتقاطع كثيراً مع الحقيقة في العراق الذي يشهد منذ 40 عاماً حروباً وأزمات متتالية.

بالنسبة لبشار أبو خليل الذي يحمل في اللعبة اسم "جي 2 جي"، فهو يلعب من أجل "نسيان الهموم"، قبل أن تتحوّل هوايته تلك إلى مهنة. ويضيف "تلعب كثيراً لتنسى، ويتحول الأمر إلى ما يشبه الإدمان على المخدرات".

أما ريشار ابراهيم فلا يرى أن قلق الأهل من العنف الموجود في "ببجي" مبرر، لأنها تبقى "مجرّد لعبة".

عاصر "جيل ببجي" هذا العنف في الواقع، ففي التظاهرات التي اندلعت في تشرين الأول/أكتوبر 2019، قتل نحو 600 شخص. تنكر كثر من الشباب في التظاهرات بأزياء شخصياتهم في "ببجي"، حيث وضعوا الخوذ وربطات العنق والأحزمة العريضة.

حينها، وحتّى قبل أشهر من اندلاع التظاهرات، صوّت مجلس النواب على حظر "ببجي" على اعتبار أنها تحضّ على العنف وتعزل الشباب عن الواقع.

اختار بشار أبو خليل البالغ 31 عاماً والذي يملك أكثر من ثلاثة ملايين متابع على يوتيوب، الاستقرار في تركيا، أما ريشار ابراهيم الكردي ذو الـ19 عاماً، فقد انتقل للعيش في السويد.

حقق الأخير الملقب في اللعبة بـ"فريك"، وهي كلمة بالإنكليزية تعني "مسخ"، إنجازاً في هذا العالم بفوزه قبل أيام بمسابقة "ببجي موبايل" العربية، التي بلغت قيمة جائزتها 100 ألف دولار توزعت على عدد من اللاعبين.

لم يكن هذا الفوز سهلاً، فأحد اللاعبين بفريقه اضطر إلى التوجه إلى إقليم كردستان بحثاً عن شبكة انترنت جيدة، فيما انقطع التيار الكهربائي لدى لاعب آخر في منتصف التحدي.

يشعر فريق "أي كورد إي سبورتس" أيضاً أن ضعف شبكة الانترنت لا يعطيه حقه.

يقول هلمت شيار (23 عاماً) لفرانس برس "يملك خصومنا انترنت أقوى بكثير"، فيما لا تؤمّن الدولة في العراق سوى بضع ساعات من الكهرباء، ولا تزال شبكة الجيل الرابع (4 جي) حديثة نسبياً في البلاد.

كذلك، يضيف شيار، "لا نملك أي دعم" من الدولة أو من ممولين خاصين.

نتيجة نقص هذا الدعم، أنشأ حيدر جعفر في العام 2011 اتحاداً للألعاب الإلكترونية.

ويوضح لفرانس برس "لم تتغير استراتيجية وزارة الشباب بشأن الألعاب الإلكترونية منذ العام 2009"، إلا أن "الكثير قد تغير مذّاك".

في العام 2020، نجح الاتحاد الذي أنشأه جعفر مع متطوعين بالانضمام إلى الاتحاد الدولي الخاص بالألعاب الالكترونية، لا سيما بسبب مدى اتساع شهرة "ببجي" في العراق.

بعد الغزو الأميركي في العام 2003 ونهاية حكم نظام صدام حسين الذي دام 24 عاماً أمضى العراق نصفها تقريباً تحت حصار دولي، اكتسحت الهواتف المحمولة العراق. اليوم، يملك جميع السكان هاتفاً محمولاً، و75% منهم متصلون بالانترنت، وفق موقع "داتا بورتال".

وفيما أصبحت الهواتف الذكية أكثر تطوراً، لا يزال اللاعبون المحليون في العراق يفضلون الألعاب المجانية، مثل "ببجي".

ولأنها متاحة من دون مقابل، أعلنت شركة "تنسنت" الصينية، معدّة "ببجي موبايل"، في آذار/مارس عن تخطي عدد من حمّلوا اللعبة حول العالم المليار.

كذلك، فإن كلمة "ببجي" هي من بين الـ11 الأكثر بحثاً على الانترنت في العراق في العام 2020.

مع ذلك، لم يتمكن العراق، الذي يعتمد على الموارد النفطية في إيراداته، من تحويل هذه الظاهرة إلى نافذة للربح، في حين أن قيمة سوق الألعاب الإلكترونية في السعودية والإمارات المجاورتين مثلاً تبلغ 821 مليون دولار، وفق "ستراتيجي" لاستشارات الأعمال.

وفي وقت تستشري البطالة بين الشباب، إذ تبلغ نسبة العاطلين من العمل اثنين من كل خمسة شباب، لا يرغب جينر حكمت البالغ من العمر 18 عاماً والعضو في مجموعة "آي كورد" بإغلاق أي باب للربح.

ويقول "سأركز على دراستي الآن" لكن "سأفعل ما بوسعي لأحافظ على مستوى جيد في ببجي"، فقد تتحول، يوماً ما، إلى مهنة ومصدر دخل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف