صحة وعلوم

تتزواج مرة واحد في السنتين ويصل عمرها إلى 50 عاماً

طيور القطرس "الخجولة" تفضل الانفصال عن إناثها على مواجهة ذكر منافس

تغيّر المناخ وارتفاع درجة حرارة المياه يؤثّر على الحياة العاطفية لطيور القطرس.
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

باريس: ليست طيور القطرس الكبيرة التي تكتفي بالتزاوج مرة واحدة في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية في منأى عن الانفصال عن إناثها، وهو احتمال قائم بصورة أكبر لدى الفئة "الخجولة" من ذكور هذه الطيور، إذ هي تفضّل تجنب المواجهة مع ذكر منافس، على ما تفيد دراسة نشرت الأربعاء.

ويوضح رويجياو صن، وهو طالب دكتوراه في معهد وودز هول الأميركي لعلوم المحيطات ومعد الدراسة المنشورة في دورية "بيولوجي ليترز" العلمية الصادرة عن الجمعية الملكية البريطانية، "أنّ الدراسة تظهر للمرة الأولى لدى فصيلة من الحيوانات البرية وجود صلة بين الشخصية والانفصال".



تم التقاط هذه الصورة في 01 تموز\يوليو 2007 لفرخ قطرس عملاق (L) وأمه في عشهم في جزيرة لا بوسيشن في أرخبيل كروزيت.

نسبة الانفصال

ويظهر القطرس الجوال، وهو نوع من طيور القطرس الكبيرة، نموذجاً عن الإخلاص، إذ نادراً جداً ما يحصل الانفصال بين الذكر والأنثى المتزاوجين منه. وتبلغ نسبة الانفصال بين الذكور والإناث لدى هذا النوع الذي أخضعه عالم البيئة للدراسة 13%.

وبينما تبلغ نسبة الطيور التي تتزاوج مرة واحدة 90%، تلتزم الطيور المائية كلها من دون استثناء بتزاوج واحد. إلا انّ الحياة بعد التزاوج ليست هادئة حتى بالنسبة إلى الطيور المائية.

وكانت دراسات أوضحت أن نظام الانفصال لدى هذه الطيور "تكيّفي"، بحسب تعبير المتخصصين، تحفزّه الحاجة الدائمة إلى التكاثر. ويقول صن موضحاً "إذا لاحظ أحد الطيور أنّ فرص التكاثر لديه منخفضة جداً مع أنثى معينة، يبحث عن أخرى". وتوصلت إحدى الدراسات إلى سلوك مماثل لدى طائر القطرس الأسود الجبين.

إلا أنّ طيور القطرس الكبيرة لا تظهر اتجاهاً مماثلاً، بل تشكل شخصية الطير الذي يُعتبر خجولاً نوعاً ما "أحد العوامل التي تُنبئ بالانفصال"، على ما توضح لوكالة فرانس برس عالمة الأحياء البحرية ستيفاني جينوفرييه المشاركة في إعداد الدراسة. ويزيد احتمال انفصال طائر قطرس "خجول" عن شريكته ضعف الاحتمال الموجود لدى طائر قطرس "جريء".

وبهدف التحقق من هذه الفكرة وشرحها، استند الباحثون إلى قاعدة بيانات أنشأها مركز الدراسات البيولوجية في شيزيه التابع لجامعة لاروشيل، والمعهد القطبي الفرنسي بول إميل فيكتور.

وتولى أعضاء المركز والمعهد منذ عام 1959 تسجيل المشاكل الحاصلة بين مستعمرة من طيور القطرس الكبيرة أقيمت في جزيرة ليل دو لا بوسيسيون في المياه الجليدية لأرخبيل كروزيه الذي يشكل أحد الأراضي الفرنسية الجنوبية والأنتارتيكية.

وتقول ستيفاني جونوفرييه التي عملت طويلاً لصالح مركز الدراسات البيولوجية في شيزيه "نثبّت على الطيور حلقات عليها أرقام، وننشئ سنوياً خريطة بمواقع أعشاشها"، مضيفة ان "هذه الطيور ليست شرسة، ويمكننا إجراء عمليات مراقبة لها من خلال التقدم نحوها ببطء".

ويمكن للعلماء تالياً أن "يعيدوا إنشاء كل تاريخ هذه الطيور" منذ ولادتها وحتى نفوقها، على ما توضح جونوفرييه.

عادات خاصة

وللقطرس الجوال الذي يمكن أن يصل عمره إلى 50 سنة عاداته الخاصة. ويتكاثر الطائر الذي يتزاوج مرة واحد فقط "كل عامين لأنه يحتاج إلى سنة لتربية صغيره الوحيد، ثم يرتاح لعام قبل أن يتزاوج مرة أخرى"، على ما يشير رويجياو صن.

وفي هذه المرحلة تتعقّد الأمور. فتمضي ذكور هذه الطيور وإناثها شهوراً في التحليق بأجنحتها التي تمتد لأكثر من ثلاثة أمتار فوق مياه جنوب المحيط الهندي ولمسافة تصل يومياً إلى مئات الكيلومترات. لكن في مناطق معينة، تتجه ذكورالطيور جنوباً أكثر من الإناث التي تبحث عما تأكله في مناطق ترتادها بشكل كبير سفن الصيد. وفي هذه المياه، "إذا حاولت أن تلتقط المادة المثبتة على خيط الصيادين فستعلق"، بحسب ستيفاني جينوفرييه.

وتصبح أعداد الذكور بنتيجة ذلك أكبر من أعداد الإناث مع نسبة منها خسرت شريكاتها لكن لا تنوي البقاء على هذا النحو لمدة طويلة. وهنا يبرز عامل الشخصية. وقاس الباحثون شخصيات نحو 2000 طائر على مدى عشر سنوات مع مقياس رد فعل مشابه لذلك الخاص بالإنسان، يبدأ من الشخصية الأكثر "جراءة" التي تتجاهل الإناث وصولاً إلى تلك "الخجولة" التي نادراً ما تترك عشها.

ويقول رويجياو صن إنّ "بعضها جريء والأخر خجول جداً، بينما تبين أن شخصيات معظمها تراوح بين الخجولة والجريئة. وبعد ضمّ هذه النتائج إلى معدل الانفصال، خلص الباحثون إلى أن "الذكور التي تتمتع بشخصية خجولة تنفصل عن الإناث أكثر من تلك التي تتميز بشخصية جريئة". إذ يفضل الطائر الذكر الفرار بدل مواجهة ذكر نفقت شريكته ويبحث عن اخرى .

إلا أن علماء كثرأً يعتبرون أنّ شخصية هذه الطيور لا تشكل تفسيراً كاملاً لتصرفها هذا. وتشير ستيفاني جينوفرييه إلى عوامل أخرى، قائلةً إن "الطيور التي تكون متزاوجة منذ فترة طويلة أقل عرضة للانفصال من تلك المُتزاوجة حديثاً".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف