الجنس مقابل العلاج: تحقيق في اعتداء "معالجين روحانيين" جنسياً على زوارهم من النساء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يعتبر العلاج الروحاني، المعروف أحياناً باسم "العلاج بالقرآن"، ممارسة شائعة في منطقتنا العربية. وتعدّ النساء الفئة الأكثر إقبالاً على من يقدمون أنفسهم كـ "معالجين روحانيين" - لاعتقادهن بقدرة هؤلاء على حل المشاكل وعلاج المرض عن طريق طرد الأرواح الشريرة و"الجن".
على مدار أكثر من عام، جمعنا شهادات 85 امرأة - في المغرب والسودان حيث تحظى تلك الممارسات بشعبية خاصة - اتهمن 65 معالجاً بالتحرش أو الاعتداء الجنسي أو الاغتصاب.
أمضينا شهوراً نجمع ونتحقق من قصص الانتهاكات، وتحدثنا إلى قضاة ينظرون في عدد من تلك القضايا، إضافة إلى منظمات غير حكومية ومحامين. وتعرضت صحفية من فريقنا للمس بطريقة غير ملائمة من أحد أولئك المعالجين، خلال تصويره بشكل سرّي من أجل هذا التحقيق، لكنها فرت من مكان الحادث.
"الراقي خدّرني واغتصبني"في بلدة صغيرة بالقرب من الدار البيضاء في المغرب، كانت دلال (اسم مستعار)، تعاني من الاكتئاب قبل بضع سنوات. كانت وقتها في منتصف العشرينات من عمرها ونُصحت باللجوء إلى "راقٍ" أو "معالج قرآني". ذهبت دلال بالفعل وتقول إن المعالج أخبرها أن الاكتئاب سببه "الجن العاشق" الذي سكن روحها.
التقيت دلال في مدينة أخرى بالقرب من بلدتها كي لا يراها أحد تجري لقاء تلفزيونياً، وحكت لي أن المعالج طلب منها خلال جلسة روحية أن تشم رائحة قال إنها مسك، لكنها تعتقد الآن أنها كانت نوعاً من المخدرات، إذ أنها فقدت وعيها.
تقول دلال إنها عندما استيقظت، وجدت ملابسها الداخلية مخلوعة، وأدركت أنها تعرضت للاغتصاب. تقول إنها بدأت بالصراخ على "الراقي"، وسألته عما فعله بها.
قالت له: "عار عليك! لماذا فعلت هذا بي؟" وكان رده: "ذلك كان ضرورياً ليخرج الجن من جسدك".
تقول دلال إنها لم تستطع أن تخبر أحداً بما حدث. كانت تشعر بالخجل الشديد والخوف من ردود الفعل إذا علم أحد بما حدث وكانت متأكدة من أن اللوم سيلقى عليها.
بعد بضعة أسابيع اكتشفت دلال أنها حامل.
شعرت بالرعب. حتى أنها فكرت في الانتحار.
وحين أخبرت المعالج بالحمل أجاب أن "الجن" لا بد أن يكون قد تسبب في حملها. تقول دلال إنها أصيبت بصدمة شديدة من تجربتها لدرجة أنها عندما ولدت طفلتها، رفضت النظر إليها أو حملها أو حتى تسميتها. وبعد ذلك عرضتها للتبني على إحدى الأسر في مدينة بعيدة عن بلدتها.
أخبرتنا دلال أن عائلتها قد تقتلها إن علمت بما حدث لها.
قالت العديد من النساء اللواتي تحدثنا إليهن إنهن يخشين من إلقاء اللوم عليهن إذا أبلغن عن إساءة معاملتهن، وبالتالي فإن قلة منهن أبلغن عائلاتهن، ناهيك عن الشرطة. بعضهن يؤمن بقدرات "الشيوخ" أو "المعالجين" على "إيذائهن"، وقلن إنهن قلقات أيضاَ من أن الإبلاغ عما حدث قد يدفع الجن للانتقام منهن.
في العاصمة السودانية الخرطوم، أخبرتني ربة منزل تُدعى سوسن أنه عندما تزوج زوجها بأخرى، وغادر منزل الأسرة للعيش مع زوجته الثانية، وجدت سوسن نفسها وحيدة مع خمسة أطفال بلا دخل مادي.
لجأت سوسن إلى أحد المعالجين في حيها، وقالت إنها كانت تأمل في أن يعطيها نوعاً من "الوصفات الشعبية" أو طريقة تجعل زوجها يعاملها بشكل أفضل.
لكنها لم تكن تتوقع علاجه المقترح.
"قال إنه سيمارس الجنس معي وسوف يستخدم سوائل الجسم الناتجة عن الممارسة لتحضير جرعة من أجل أن أطعمها لزوجي"، أخبرتنا سوسن.
وقالت سوسن إن الطريقة التي تحدّث بها "الشيخ" كانت توحي أنه "معتاد على ذلك وأنه لا يخاف".
"كان واثقاً من أنني لن أبلغ الشرطة عنه أو المحاكم أو حتى زوجي".
تقول سوسن إنها غادرت الجلسة على الفور ولم تعد أبداً. لم تبلغ سوسن الشرطة أو أي شخص عن سلوك "المعالج".
تصوير سري لجمع الأدلة3 من بين 50 امرأة تحدثنا إليهن في السودان ذكرن نفس الرجل - "الشيخ إبراهيم".
قالت إحدى النساء، التي لن نذكر هويتها، إنه تلاعب بها لممارسة الجنس معه. وقالت لنا أخرى، عفاف (اسم مستعار)، إنها اضطرت إلى دفعه بعيداً عن جسدها عندما حاول ممارسة الجنس معها. قالت إنها شعرت بالعجز ولم تبلغ أحداً.
"لا يصدق الناس أن الشيوخ يفعلون مثل هذه الأشياء. وكيف يمكنني العثور على شهود من أجل الذهاب للمحكمة؟ لم يرني أحد في الغرفة معه"، قالت عفاف.
كان علينا أن نجمع الأدلة بأنفسنا. ووافقت صحافية سودانية أن تعمل مع فريقنا وأن تزور الشيخ إبراهيم مدعية أنها تريد العلاج وتصوير اللقاء بشكل سري.
تظاهرت الصحافية، التي نطلق عليها اسم ريم، بأنها تعاني من العقم.
قال الشيخ إبراهيم إنه سيصلي من أجلها، وأعد لها قنينة من "الماء الشافي" - المعروف باسم "المحايه" - لتأخذها إلى البيت وتشرب.
قام الشيخ من مقعده وجلس بالقرب من ريم، ووضع يده على بطنها. عندما طلبت منه أن يرفع يده، قالت إنه استمر في تحريك يده على جسدها، فوق ملابسها، وصولاً إلى أعضائها التناسلية. قفزت ريم من مقعدها وركضت إلى خارج الغرفة.
قالت لنا بعد ذلك: "لقد صدمني حقاً. كان لديه نظرة مخيفة".
وتقول إنها شعرت أن أسلوبه يشير إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتصرف فيها بهذه الطريقة.
التقيت الشيخ إبراهيم من أجل مواجهته بشأن ما حدث لريم ومواجهته بالأدلة التي جمعناها. ونفى أنّه تحرش أو اعتدى جنسياً على نساء طلبن مساعدته، وأنهى المقابلة فجأة.
"النساء يصدقن أن الشيخ يخرج الشيطان من خلال لمس أجسادهن".
بالقرب من الخرطوم، زرنا مركز الشيخة فاطمة للرقية والعلاج المخصص للنساء فقط. الشيخة فاطمة هي إحدى النساء القليلات اللواتي يقدمن بديلاً للراغبات في الشفاء الروحي من دون التعرض لخطر الاستغلال الجنسي. على مدار 30 عاماً، كان مركزها أحد الأماكن القليلة التي يمكن للمرأة أن تخضع فيها للرقية على يد نساء.
سمحت لنا الشيخة فاطمة بحضور إحدى جلسات الرقية والتي تكون جماعية وتحضرها عشرات النساء. مع انطلاق جلسة الرقية، بدأت النساء من حولي بفقدان الوعي بما يحيط بهن. أخبرتني الشيخة فاطمة كيف يمكن أن تكون النساء مستضعفات وعرضة للخطر في هذه الحالة، مما يسمح لبعض مدعي العلاج باستغلال تلك الحالة.
"أخبرتنا العديد من النساء أنهن يعتقدن أن الشيخ يستخرج الشيطان من خلال لمسهن. لقد اعتقدن أن ذلك كان جزءًا من العلاج "، وأضافت: "ما نسمعه من تجارب النساء صادم".
إحجام حكومي عن الإقرار بحجم المشكلةاتصلنا بالسلطات في كل من المغرب والسودان لتقديم الأدلة التي لدينا.
في السودان، التقينا الدكتور علاء أبو زيد، رئيس قسم الأسرة والمجتمع في وزارة الأوقاف. بداية، كان متردداً في تصديق أن الكثير من النساء أبلغننا عن تعرضهن للإيذاء الجنسي. لكنه اعترف بأن الافتقار إلى التنظيم فيما يخص العلاج الروحاني يسبب "الفوضى"، وأن "الراقي" أو "المعالج بالقرآن" أصبحت "مهنة من لا مهنة له".
وأضاف أنه كانت هناك محاولات في السابق من أجل تقنين وتأطير عمل الرقاة، لكن عدم الاستقرار السياسي في البلاد لا يجعل منها أولوية في الوقت الحالي.
في المغرب، قال وزير الأوقاف أحمد توفيق إنه لا يعتقد أن هناك حاجة لأي تشريع منفصل يتعلق بـ"المعالجين الروحانيين". من الصعب التدخل بشكل قانوني في هذه الأمور. "الحل يكمن في التعليم الديني والوعظ"، أضاف توفيق.
على الرغم من كل الأدلة التي جمعناها، تظل السلطات المغربية والسودانية محجمة عن الاعتراف بحجم المشكلة والإقرار بأن النساء ممن يلجأن للمعالجين قد يحتجن لحماية أكبر. ولذلك يبقى العبء على عاتق النساء لكشف أولئك الذين يتسترون خلف العلاج الروحاني.
التعليقات
يعني صدقتوا الافلام المصريه ،،،
عدنان احسان- امريكا -في مثل هذه الحوزات - لا يكون المريض والمعالج .. وحدهم ،بالغرفه ،، وبعدين وين المخابرات - والامن السياسي والعسكري - .. وامن الدوله ،، ووووو الخ .. حتى يقاسموا الفلوس ،،