"يجب السماح للفن بالانتقاد" بموجب الحق في حرية التعبير
مغني راب إيراني يواجه الإعدام وسط إدانات واسعة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أصدرت محكمة إيرانية حكماً بالإعدام على مغني راب بارز، بعد مشاركته في مظاهرات منهاضة للحكومة في البلاد.
ووصف محامي توماج صالحي، وهو أحد أبرز مغني الراب في إيران، الإجراءات القضائية التي أُصدر على أساسها الحكم بأنها "الأكثر غرابة".
ويستند حكم الإعدام إلى تهم متعلقة بالاحتجاجات التي عمّت البلاد خلال عامي 2022-2023، عقب وفاة شابة كردية تبلغ من العمر 22 عاماً في مقر للشرطة بتهمة عدم الالتزام بقواعد اللباس "الحجاب".
وأعلن محامي صالحي أنه سيستأنف الحكم، فيما أشارت المحكمة إلى إمكانية تخفيف الحكم إلى عقوبة سجن طويلة إذا ما "عبّر صالحي عن ندمه وتعاون مع الإجراءات القضائية".
ومع ذلك، أثار الحكم إدانة واسعة النطاق على المستويين المحلي والدولي، وأعرب نشطاء حقوق الإنسان عن قلقهم العميق، وكذلك عبَّر سائقو مركبات في الشوارع الإيرانية عن تضامنهم معه بتشغيل أغانيه "الاحتجاجية".
من هو توماج صالحي وما هي التهم الموجهة إليه؟
يُعدُّ المغني البالغ من العمر 33 عاماً أحد أبرز مغني الراب في إيران، عاش منذ طفولته المبكرة مع عائلته في محافظة أصفهان وسط البلاد.
وأمضى والده ثماني سنوات سجيناً سياسياً، بينما يعمل توماج في شركة عائلية متخصصة بإنتاج المعدات الطبّية.
دخل توماج عالم موسيقى الراب في سن 24 عاماً، وتدور كلمات أغانيه، عادةً، حول التمييز والفقر والفساد والقمع.
ألقي القبض على صالحي - قبل شُهرته - بسبب ارتدائه قميصاً يحمل صورة أوراق الدولار الأميركي، وقبل أشهر قليلة من احتجاجات 2022-2023، جرى اعتقاله بسبب أغنية انتقد فيها بشدة سياسات الجمهورية الإسلامية ومَن يعتبرهم مؤيدين ومدافعين عن النظام في إيران وخارجها، ثم أطلق سراحه بكفالة بعدها بأيام.
حظيت جرأة صالحي في انتقاد الوضع في إيران بالاحترام في العديد من البلدان، ففي إيطاليا مثلاً، انتخبته مدينة فلورنسا مواطناً فخرياً.
والصيف الماضي، منح معهد "غلوبال ميوزيك أواردز" صالحي جائزة عن أغنية "التنبؤ" التي تناول فيها مستقبل النظام.
السلطات الإيرانية تمنع عائلات من إحياء الذكرى الأولى لمقتل أقاربهم في التظاهراتالمسيحيون الإيرانيون يحتفلون بعيد الفصح "سراً"نساء إيرانيات يتحدين المجتمع ويملأن الأجواء بالموسيقىوفي أعقاب الإعلان عن حكم الإعدام عليه، قام داعمو صالحي - المُعرَّضون لخطر الاعتقال - بوضع لافتة على جسر للمشاة على طريق سريع في طهران، لاقت مشاركةً واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.
شكاوى من التعذيب أثناء الاحتجاز
وبعد فترة وجيزة من بدء الاحتجاجات في عام 2022 التي أشعلتها وفاة مهسا أميني في الحجز، نشر صالحي رسالة فيديو على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي طالب فيها "بضرورة الوقوف في وجه النظام".
وخوفاً من الاعتقال، أمضى حوالي شهرين مختبئاً، قبل أن تعثر عليه قوات الأمن واحتجزته.
وتشير التقارير إلى أنَّ صالحي ورفاقه تعرضوا للعنف المفرط أثناء اعتقالهم، وظهر صالحي عقب اعتقاله مصاباً بجروح خطيرة وكدمات في الوجه، ما أثار غضباً وإدانة دولية.
وبعد أكثر من 250 يوماً من الحبس الانفرادي وعام في السجن، أُطلق سراح صالحي بكفالة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2023، لكن بعد اثني عشر يوما فقط، أُعيد اعتقاله مجدداً ونُقل إلى السجن.
في البداية، ادّعى القضاء الإيراني أنَّ قرار إعادة اعتقال صالحي جاء بتهمة "نشر تلميحات زائفة" - وجاء ذلك في أعقاب شكوى رسمية من التعذيب، ضد المتورطين في اعتقال صالحي واستجوابه واحتجازه.
إشارة للمعارضة
وعجّت وسائل التواصل الاجتماعي بالعديد من رسائل ومنشورات الدعم والتأييد لصالحي، وأعرب محسن برهاني، المحامي والأستاذ الجامعي في إيران، على موقع إكس عن ثقته بأنَّ المحكمة العليا ستُبطل قرار الحكم بالإعدام الصادر بحق صالحي.
ونشر كيهان كالهور، الملحن والموسيقي الإيراني الشهير، صورة صالحي على حسابه على إنستغرام قائلاً: "وُجبَ إطلاق سراح توماج صالحي.. استمرار صمتنا يعني دعم القمع".
الانتخابات الإيرانية: "علينا أن نكون حازمين بشأن مستقبل بلادنا"تحقيق في "خطب معادية للسامية ألقاها جنرالات إيرانيون على الطلاب" في بريطانياووصف يي وان ري، عضو البرلمان الألماني، حكم الإعدام بأنه عمل "غير إنساني"، وقال: "إنه يظهر نقطة واحدة فقط وهي مدى خوف إيران من توماج".
ويرى بعض المحللين الإيرانيين الحكم على صالحي بمثابة رسالة للمعارضة الإيرانية "بأنَّ النظام مصممٌ على إسكات أي صوت احتجاج ومعارضة في إيران".
وفي مقابلة مع بي بي سي الفارسية، وصفت إقبال إقبالي حكم الإعدام ضد توماج بأنه "انتقام من قبل الجمهورية الإسلامية لأولئك الذين شاركوا في حركة الاحتجاج وصدحوا بشعارات داعمة؛ للنساء، والحياة، والحرية" محذرةً من المضي قدماً في إعدام المعارضين في إيران.
وطالب خبراء في الأمم المتحدة بالإفراج الفوري عن صالحي وحثوا السلطات الإيرانية على التراجع عن قرار الحكم عليه بالإعدام.
وقالوا في بيانٍ: "إنَّ انتقاد سياسة الحكومة، بما في ذلك؛ التعبير الفني، محمي بموجب الحق في حرية التعبير والمشاركة في الحياة الثقافية، ويجب عدم تجريمه، والسماح للفن بالانتقاد في أيِّ مجتمع".
وأضافوا: "على الرغم من أنّ أغاني صالحي قاسية على الحكومة، إلا أنَّها مظهر من مظاهر الحرية الفنية والحقوق الثقافية".
إيران تفرج عن صحفيتين مسجونتين بسبب تغطيتهما وفاة مهسا أمينيمقتل المخرج السينمائي الشهير داريوش مهرجوئي وزوجته في إيرانمن هي الناشطة الحقوقية الإيرانية نرجس محمدي التي فازت بجائزة نوبل للسلام 2023