ملاريا التعرّي وزمن نجوى
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
موضوع الحديث هو التحقيق "الغريب"، و"القنبلة الموقوتة" التي فجرتها الزميلة "زهرة الخليج" في عددها لهذا الأسبوع، بوجه الفنانة نجوى كرم وبوجه كل شخص احب ويحب نجوى كرم، اوعلى الأقل يحترم مسيرتها الفنية المشرقة الممتدة على مدى اكثر من 16 عاما لم تحصد خلالها كرم سوى النجاح تلو النجاح، والجوائز وشهادات التقدير والتكريم، والأهم من كل هذا محبة كبيرة من جمهور كبير...
تحقيق أثار في نفوس الكثيرين تساؤلات عدة، خصوصا وان الموضوع يعالج تراجع شعبية الفنانة كرم مؤخرا (وطبعا بحسب كاتب المقال) وتحليال للأسباب التي آلت الى هذا التراجع، واحاديث مع شعراء وكتاب وملحنين مصريين أبدوا آراءهم في الموضوع، والتي يمكن تلخيصها بأن شعبية كرم تراجعت امام المدّ الشعبي لهيفاء ونانسي واليسا ونوال الزغبي، وبأنها غير محبوبة في مصر لأنها لم تغن المصرية...
لا أعتقد ان عاقلا قد يقبل بكلام من هذا النوع خصوصا وان المعني بالحديث تحديدا هي نجوى كرم، في زمن انقلبت فيه المقاييس، وفي زمن نأسف ان نطلق عليه تسمية زمن "ماريا وروبي وتينا ومينا ونجلا ومدري مين..."
وبدل ان نقف كإعلاميين بوجه هذه الموجة ونحاربها، ونمدّ أيدينا للكمّ القليل المتبقي من فنانين محترمين، ترانا نمدّ أيدينا على هؤلاء لنصفعهم في كرامتهم وفنّهم دون اي تبرير او سبب واضح، متجاهلين الدور الرائد الذي لعبه ويلعبه هؤلاء الى ان صاروا مدراس غنائية لا بد اون نفخر بها ونثني عليها ونقدرها، سواء كنا محبين لها ام مبغضين.
لسنا ضدّ النقد ولسنا ضد اعطاء رأي قد يكون حرا وجريئا، ونحن الذين لطالما انتقدنا محاولين تصويب الخطأ في حال وقع من وجهة نظرنا المتواضعة، كما اننا ايضا ضد ان يتحول الصحفي الى صاحب مبخرة يمدح الذي يدفع أكثر... لكن ما نرفضه وبشدة هو تصويب سهام الإتهامات الباطلة واختلاقها ومحاولة زرعها في نفوس الجمهور وكانها حقيقة.
ففي بداية المقال، يقول الكاتب ان احد أبرز مؤشرات تراجع نجومية نجوى كرم وشعبيتها، انها لم تشارك هذا العام في اي من المهرجانات التي اقيمت، وعلى سبيل المثال ليالي دبي هلا فبراير، جرش، قرطاج وغيرها... فيقول ان زمن نجوى كرم انتهى.
كيف يمكن ان يكون هذا سببا بينما يعرف الجميع ان المشاركة في المهرجانات ليست مقياسا والأسباب كثيرة؟!
فعلى سبيل المثال لا الحصر، الفنانة الكبيرة ماجدة الرومي لم تقدم أي البوم غنائي منذ سبع سنوات، فهل يعقل ان نقول ان زمنها انتهى؟
جورج وسوف معتكف الى حدّ ما، ولم يحيي اي حفل منذ العام الماضي (باستثناء حفل يوم امس في قرطاج حضره 14 الف متفرج) فهل يكون زمنه قد انتهى؟
ومن قال ان نجوى كرم وجورج وسوف وامثالهم من الفنانين لا يشعرون بالقرف والإشمئزاز من الحال التي وصل اليها الفن، فصاروا يرفضون المشاركة عندما صارت كبريات المهرجانات تستضيف ايا كان... وهذا هو تحديدا ما قاله الوسوف في اكثر من مناسبة كان آخرها في حلقة "اتاخرت كتير" مع جومانا بو عيد على روتانا.
ومن قال مثلا ان على الفنان ان يطل كل ربع ساعة في مهرجان كي يؤكد انه موجود؟
فيروز ايضا واحدة من اللواتي توقفن عن احياء الحفلات والمهرجانات الا في ما ندر، فهل من يجرؤ على القول ان زمنها انتهى؟
ويضيف الكاتب ايضا ان نجوى كرم تسكن برجها العاجي ولا تتواصل مع جمهورها كما يفعل الباقون عبر الانترنت!
كيف تكون نجوى غير متواصلة مع جمهورها بينما نادي معجبيها يرافقها في تصوير الكليب والحفلات وغيرها... وانا شخصيا كانت لي تجربة مع نادي معجبي نجوى عندما ارسلوا عشرات الأسئلة التي فرزناها لتجيب عليها نجوى في لقاء نشرناه عبر صفحات ايلاف وحمل عنوان "اطول واجمل لقاء مع نجوى كرم".
ثم ننتقل الى موضوع شعبية نجوى كرم في مصر، إذ يقول كاتب المقال والملحنين والشعراء الين استضافهم التحقيق، ان نجوى كرم غير محبوبة في مصر لأنها لا تغني اللهجة المصرية.
ما نعرفه وندركه جيدا ان نجوى كرم لا تريد الدخول الى مصر الاّ من خلال اغنياتها اللبنانية، ليس من باب التحدّي بل لأن اللهجة اللبنانية هويتها، وايضا احتراما منها للهجة المصرية كونها لا تدرك جيدا "الهانك المصري" وهذا ما رددته في عشرات وعشرات للقاءات.
ثم من قال ان الشعب المصري لا يحب نجوى كرم كما هي؟
نحن لم ننسى بعد اكثر من حفل جماهيري احييته نجوى في مارينا عامي 97 و99 نقلته الفضائية المصرية عبر الهواء وحصدت خلاله نجاحات مبهرة واذكر جيدا اننا كتبنا عن الموضوع في ايلاف وقلنا ان الكل تفاجأ بالحضور الكبير لان الاغلبية تعتقد ان نجوى غير محبوبة في مصر، لكن اتضحان العكسصحيح. هذا بالإضافة الى جائزة افضل مطربة تسلمتها عام 94، وجائزة ثانية نالتها من مهرجان اوسكار الفيديو كليب منذ ايام قليلة فقط.
فلنفرض ان نجوى ارادت الدخول الى مصر من خلال الحان الخيامي، فهذا يعني ان الحانه تافهة لم تتمكن من ايصال نجوى الى مبتغاها وهنا خطيئتها الكبرى، إذ كان عليها ان تتعاون مع الكبار امثال صلاح الشرنوبي وغيره، وليس مع الصغار...
اما السؤال الأبرز فهو لماذا دائما محاولة أقحام الشعب المصري في امور هو لم يجب عنها صراحة، وايضا محاولة اظهاره وكانه شعب متعصّب لا يرضى عن الفنان الا اذا غنى المصرية؟
ترى الم يحب الشعب المصري اغنيات فيروز وماجدة وصباح وجوليا وغيرهن من النجمات؟
ولماذا أحب الجمهور الخليجي والأردني والسوري والفلسطيني اعمال نجوى كرم، رغم انها لا تغني الخليجي ولا الاردني ولا السوري ولا الفلسطيني...؟
ولماذا نعشق في لبنان اغنيات ام كلثوم وعبد الحليم رغم انهما لم يغنيا باللبنانية؟
ولماذا ايضا نحترم ونجلّ ونتابع في مصر ولبنان اعمال محمد عبده رغم انه لم يغني لا المصرية ولا اللبنانية..
الى هذا الحدّ شعوبنا العربية سطحية؟ من قال ذلك لكاتب المقال؟
ولمذا الاصرار على تفريق اللهجات وخلق نعرات لا لزوم لها سوى تحقيق اغراض صحفية رخيصة؟
بينما في مصر ندرك جيدا انهم يستقبلون الفنان اللبناني بكل الحب والاحترام، كذلك الامر بالنسبة للفنان المصري في لبنان، لان الاغنية الجميلة ستصل الى كل مكان دون حواجز حتى لو كانت هندية.
ولنفرض انهم في مصر لا يحبون نجوى كرم، فهل هذه خطئة ام جريمة يعاقب عيها القانون؟ ولماذا يطرح الموضوع اساسا بهذا الشكل؟
فلو ان البوم نجوى كرم الجديد قد صدر مثلا ولم يحقق اي نجاح في مصر، نفهم على الاقل سبب طرح التحقيق. ولو ان الموضوع مجرد فكرة عن شعبية نجوى كرم، فكان الاجدر اضافة الى ما كتب، تحقيقات مماثلة عن شعبيتها في الخليج وبلاد الشام...
ثم، هل يعقل ان ان نجوى كرم صارت بحاجة الى من يسايرها ويجاملها كي تغني في مهرجان ذوق ماكيل الذي نظمته روتانا في لبنان كما يقول الكاتب؟ من قد يصدق مثل هذه الأقاويل المنسوبة دائما الى مصدر مجهول قد لا يكون سوى مخيلة احد الحاقدين؟
"عيب والله عيب" لم يتبقى من الفنانات المحترمات سوى عدد قليل، ونجوى كرم دون شك واحدة منهن، فهل يجوز ان نحاربها بهذا الشكل في وقت تسري فيه ملاريا التعرّي في اجساد من شوهوا الفن وطعنوه واعتدوا عليه، ملاريا قاتلة يريد اصحابها نقلها وتفشيها في ابدان واذهان الكلّ!
اليست الصحافة او قسم منها احد اسباب تفشي هذه الملاريا عندما نفرد صفحات وصفحات لمن يدفع "الفضيات الثلاثين" لشراء ما تبقى من ذمة وضمير... وفي الوقت ذاته نصوّب اقسى السهام واكثرها تجريحا لكل موهبة جديرة بالإحترام لانها لا تمتلك بعد ما قد يشتري ثمن غلاف او تجاه فنان ذات باع طويل في الفن يرفض شراء الضمائر...
اوليست نقابة الفنانين مسؤولة ايضا عما يحصل عندما باتت تضم من هب ودب ولا تتخذ مواقف صريحة وجادة عندما يتعرض احد الفنانين الى هجوم من هذا النوع!
وما فعلت نقابة الفنانين في لبنان سوى ضم بعض الاسماء التي لا علاقة لها بالفن واتخاذ موقف المتفرج عندما تعرض اكثر من فنان لجملات تجريح او تجني!! وايضا في مصر، الم تدخل نجلاء الى النقابة؟!
ثم يعود كاتب المقال لفتح موضوع شائعة الكلب ليقول انها احد اسباب تراجع نجوميتها!
اما زال يذكر؟ غريب.
نحن ايضا نذكر جيدا ان نجوى كرم كانت من هذه التهمة براء وان مبيعات البوم "روح روحي" الذي صدر بعد الشائعة البغيضة، حقق ارقاما خيالية وقياسية لا زالت حتى الآن قياسية!
وايضا نجوى كرم زارت مصر بعد الشائعة، وتصدرت صورها اغلفة المجلات في حملة تعاطف لا مثيل لها عبرت عن مدى تعاطف الشعب المصري مع نجوى خلال المحنة التي مرت بها.
اما بالنسبة الى القول ان نجومية نجوى تراجعت امام شعبية هيفاء واليسا ونانسي، فمن قال ان اليسا وهيفاء ونانسي ترضين بأن تتم مقارنتهن بنجوى كرم؟
اساسا اليس لكل واحدة منهن اسلوبا خاصا ومختلفا كليا عن الآخرى؟
هيفاء واليسا ونانسي صحيح انهن نجمات فرضن انفسهن على ساحة الغناء ولكن هل يجوز ان نتجاهل مسيرة طويلة مثل مسيرة نجوى كرم!
وهل يجوز مثلا ان نقولان مبيعات البومات عبد الحليم حافظ وام كلثوم توقفت بسبب شعبية روبي وفرقة "واما"؟
"والله عيب"
هناك احترام للتاريخ، والكبار يحترمون التاريخ. اذكر مرة اني كنت في زيارة الى منزل الفنانة كرم لإجراء لقاء صحفي، وكانتهناك ايضااحدى الزميلات قد وصلت قبلي وتجري بدورها حوارا معها، فجلست استمع. فتوجهت الزميلة الصفحية بسؤال لنجوى عن رايها بالنقلة النوعية في مسيرة وردة الجزائرية من "في يوم وليلة" وحتى "بتونس بيك". قالت نجوى بالحرف الواحد : اعذريني، ارفض بشدة ان تطرحي علي هذا السؤال، من أنا لأقيّم واتحدث عن وردة الجزائرية.
هذا ما قالته نجوى بالحرف، فهل يجوز لأي صحفي مهما علا شانه انم يقيم مقارنات من هذا النوع، بينما نجد في الجهة المقابلة "مغنية طلعت مبارح" وتنشزّ في الاستوديو وتقول بكل وقاحة انها ستعيد للأسف اغاني وردة وسعاد حسني...
للأسف هذه هي النماذج التي نراها على اغلفة المجلات اليوم ونفرد لها صحفات وصحفات، وصفحات اخرى صفراء نملاؤها بحملات تشويه وتزوير ضدّ كل من حمل راية الفن الأصيل.....
....زمن....