علي سرحان : الاغنية العراقية عملاقة رغم ما يجري لها

عبد الجبار العتابي من بغداد : يعد الملحن علي سرحان من الملحنين العراقين الذين اغنوا الاغنية العراقية بألحانهم المميزة ، والذين يتواصلون بدأب مستمر من اجل الحفاظ على هويتها العراقية ، فهو يمتلك خزينا من الثقافة الموسيقية التي تمنحه فرص النجاح وتقديم ما يرتقي بهذه الاغنية على الرغم من الموجات الهابطة التي تكاد تنزلها الى حد الاسفاف والسذاجة ، مع علي سرحان اجرينا حوارا تعرفنا منه على نشاطاته وارائه .

* ما جديدك الان ؟
- لحنت اغنيتين للمطرب ماجد المهندس ، الاولى تحمل عنوان (خذني معك) كلمات محمد سعيد الضخاني ، والثانية (يا هلي) كلمات كريم العراقي ، وقد سجلناهما ، بالاضافة الى اغنية ثالثة ما زالت في طور التلحين عنوانها (اغسلي) لشاعر خليجي ، ولحنت للمطرب سعدون جابر اغنيتين بعد نجاح اغنية (الحلم) التي كتب كلماتها الشاعر احمد بن طاهر المهيري ، الاولى (حرامات) كلمات عبيد فارش والثانية (صحيح) كلمات احمد بن طاهر ، كما لحنت اغنية للمطرب الشاب فهد نوري بعنوان (يا ظالم) واغنية لحاتم العراقي (خلهم) ، كما سجلت اغنية للفنانة سوزان بعنوان (وعذابك) كلمات كريم العراقي ، كما استعد حاليا لتلحين اوبريت للفرقة القومية للفنون الشعبية يتحدث عن الوطن والواقع العراقي كتبه كريم العراقي ، كما لديّ مشاريع عمل مع الشاعرين محمد المحاويلي وماجد عودة لمطربين عراقيين وعرب .

* نعرف ان ماجد يختلف عن المطربين الاخرين الذين تتعامل معه ، كيف تعاملت مع الحانه ؟
- ماجد يمتلك احساسا جميلا ، وانا اتعامل معه بشفافية لانه لابد ان يكون اللحن قريبا لصوته لانه يمتلك الدفء ، ولان صوته يعجبني احاول قدر الامكان ان اعطيه الشيء المميز والكلمة المعبرة ، وهذا هو المعروف عني في كل اعمالي التي اقدمها للمطربين النجوم والشباب .

* وسعدون جابر ؟ كيف تعاملت معه ؟
- سعدون فنان عملاق ونجم عربي كبير ، والتعامل معه يجب ان يكون بطريقة خاصة جدا لانه يتعامل مع الكلمة واللحن بأحساس ، ولكن الجديد انني اضفت اشياء لحنية حتى لا اكون نسخة من الملحنين المبدعين الذين سبقوني ، وقد توضحت الاضافة لي وله في اغنية (الحلم) ، والصعوبة في التعامل مع سعدون انه لايقتنع بسهولة بالكلمة واللحن ، لنه يأخذ الكلمات واللحن ويعيش معها وبعدها يعطي قراره بالموافقة من عدمها ، انا تجاوزت هذه الحالة معه من خلال حالة الفهم لما يريده .

* كيف وهو من جيل الاغنية السبعينية ؟
- عملت خليطا ما بين الموروث والحداثة ولكن بطريقة متزنة واسلوب راقي ، بحيث وصل العمل وتقبله العراقيون والعرب ، وضعت الكورال عبارة عن (صولو) موسيقية ، وهذا هو الجديد الذي كان والذي نال رضا المستمعين .

* لكن الكلام خليجي ، كيف يمكن ان توظفه مع صوت واحساس المطرب ؟
- هناك شعراء خليجيين كبار يكتبون مواضيع حلوة ، هناك نوعان من الكلام : العامي و(الحسجة) ، انا لا اتعامل مع الشعبي البحت بل مع اللغة التي تسمى (البيضاء) المفهومة ، انا لا ابحر في العمق ، دائما اكون في الوسط ، خذ مثلا الشاعر العراقي عريان السيد خلف يكتب احيانا كلمات لا يفهمها المواطن العراقي العادي لانه يكتبها بلهجة شعبية صرفة ، التعامل مع اللغة البيضاء يكون اسهل للمطرب العراقي حتى يستطيع ان يقول الكلام .

*على ماذا تعتمد في تلحينك ؟
- على الثقافة العراقية التي امتلك الكثير من موروثها ، وعندما بدأت اسافر خارج العراق مطلع التسعينيات كنت امتلك (الابوذية) والقصيدة والدارمي والموال وبحور الشعر العديدة ، وهذا يولد عندي صورة واضحة ، انا اؤمن ان الكلمة الصادقة تدخل القلب ، احينا استخدم الايقاع (البصري) ، قد يميل اللحن الى الطور الجنوبي او البغدادي او حتى للمنطقة الغربية ولكن لابد ان تحس بالنكهة العراقية فيه .

* هل تعاملت مع مطربين خلال خلال الايام السابقة ؟
- تعاملت مع المطربة رباب في مجموعة الاغنيات لشعراء خليجيين وعراقيين ، ومع المطربة نوال ومع المطرب عبدالله رويشد للشاعر محمد سعيد الضيحاني ، وهناك مشروع مع المطرب الكبير محمد عبده لاغنية عنوانها (صور) كلمات كريم العراقي التي كتبها بلهجة مفهومة للمستمعين العرب ، لحنها جاهز وننتظر اجراءات الموافقة من اجل تسجيلها واتمنى ان يرى العمل النور قريبا .

* كيف ترى واقع الالحان العراقية في الساحة الفنية من وجهة نظرك كملحن ؟
- كله من الموروث العراقي الريفي ولكن الجديد فيه هو الكلام القاسي ، هناك الحان جميلة ، ولكن في اغلبها خدش للحياء ، هناك اصوات حلوة مثلما هناك اصوات رديئة ويبقى الحكم النهائي للناس .

* هل اعجبتك اغنية ما ، او مطرب معين ؟
- اغنية للمطرب صباح محمود (موتي) كلاما ولحنا وغناء ، كما يعجبني صوت حسام الرسام لانه صوت جميل وعراقي بحت ، انا اتكلم عن صوته وقد اعاد بعض الاغنيات العراقية القديمة واجاد فيها ، وبالتأكيد هو يعرف الخطأ من الصح وماذا يغني ، ويعجبني كذلك المطرب حسن الرسام الذي صوته جميل ونشيط وينوع في اختياراته .

* هل لديك ملاحظات عن المغنين الان ؟
- لكل مجتهد نصيب ، والمطرب يحمل رسالة وعليه ان يفهم هذا ، لذلك عليه ان يتأنى في اختياراته بالكلمة واللحن ، وبالتأكيد سيأخذ نصيبه بالفن والحياة .

* هل انت مع الملحن المطرب؟
- ما المشكلة ان كان يبدع في التلحين والغناء؟ .

* والتوزيع .. هل ترى له دور وكيف يقبل الملحن ان يضع لحنه تحت رحمة الموزع ؟
-اكيد له دور ربما هناك اغنية من مقام واحد ولكن الموزع يستطيع ان (يلعب) باللحن ويضيف جماليات اخرى، العديد من الاغنيات التي لحنتها انا وزعتها ، الموزع لا لايلعب براحته مع كل الملحنين ، اذا جاء ملحن دارس للموسيقى ويعرف المقامات بامكانه ان يراقب الموزع ويعطيه الملاحظات لان الملحن لا بد ان يكون يعرف الكثير عن الموسيقى والمقامات واذا استطاع ان يقرأ النوتة فهذا مهم ، مع الملحن المثقف يكون دور الموزع قليلا ويكون الدور الاكبر للملحن .

* هل لفت سمعك ملحن عراقي خلال المدة الاخيرة ؟
- لدينا ملحنون جيدون واعتقد ان نصرت البدر يمشي بشكل صحيح ويطور نفسه لانه ليس ببعيد عن الاغنية العراقية وان كان يستخدم ايقاعين فقط هما (الربع) والسامري .

* كيف ترى واقع الاغنية العراقية ؟
- الاغنية العراقية عملاقة رغم انها بدأت في الاربعينيات ، وهناك مسعود العمارتلي وداخل حسن وحضيري ابو عزيز ومحمد القبانجي وناظم الغزالي ووحيدة خليل ، قدموا اشياء جميلة جدا على بساطتها ، فمن لايعرف اغنية (عمي يبياع الورد) لحن بسيط وكلام بسيط لانه يطلع من القلب ، في سفراتي اسمع هذه الاغاني في كل البلدان ، فما معنى هذا ؟ ، انا اتمنى من الشباب ان يحافظوا على تراث من سبقوهم ونجاحاتهم ، هناك مشكلة عند شباب اليوم انهم يفكرون بالتجارة اكثر من تفكيره بالفن ، الفنان من حقه ان يأكل ويشرب ويلبس ولكن ليس على حساب الكلمة وحسب الطلب ، لابد للمغني الشاب ان يحس باللحن والكلمة حتى تشكل عند الناس جميعا شيئا مؤثرا ، التفكير التجاري وحده لايخدم الفنان ولا الاغنية العراقية .

* هل انت متفائل بمستقبل الاغنية وسط الموجات الحالية ؟
- انا متفائل طبعا لان هذه الموجات ستصفى وهي لها علاقة بالظرف .

* ما الاغنية التي تشعر انها قريبة الى نفسها وتشعرها الافضل بين ما لحنت ؟
- انا قدمت الكثير من الالحان لمطربين كثيرين ونجحت لديهم ، ولكنني ما زلت اشعر انني لم اصل الى الاغنية التي اريدها ، احس ان لديّ اشياء لم تخرج بعد ، احس ان لديّ مشروع الهامسيأتي ، عندي اكثر من قصيدة واشعر ان ما في داخلي اقوى من كل الذي قدمته واتمنى ان تسنح لي الفرصة لتقديم هذا .