استراحة الشباب

الغموض... طبع غلب التطبع لدى الشباب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سلبي أم ايجابي؟؟
نسرين عجب من بيروت: يصغون أكثر مما يتكلمون، يأخذون أكثر مما يعطون، ومن حولهم يعرف عنهم القليل اذا عرف. الغامضون، أشخاص يميزهم طبعهم الذي يجعلهم دائمًا في حالة ترقب للآخر يستمعون إلى كل حرف يقوله، يدونونه في ذاكرتهم، وفي ما يخصهم يتأنون خلال حديثهم وكأنهم يدرسون كل حرف قبل أن ينطقوا به. قد يكون الموضوع عابرًا لبعضهم، ولكنه مهم لبعضهم الآخر الذي غالباً ما تكون له حكاية مع الغموض. "الغموض يولّد الشك"، مبدأ سائد في المجتمع لأن الانسان عدو ما يجهل، والغموض يخلق شبهات حول صاحبه.
"كل شيء خطأ اعمليه في السر"، يقول راني (26 عاماً) لصديقته ناصحًا. ويشرح مبتسمًا: "أنا كنت أثير شكوك والدتي مما يدفعها الى البحث في أغراضي حتى الخاصة منها والى اشتمام رائحة ثيابي، لأنها كانت تشك في تصرفاتي وكان غموضي يؤجج شكوكها". ويتابع بالابتسامة نفسهاالتي فيها بعض من الاحتيال: "لم أكن بوارد أن أخبرها أي شيء مما أفعله لأنني أعلم أنه خطأ ولن تتقبله". تصرف راني ينطبق على شريحة كبيرة من الشباب الذي يحب أن يحتفظ بحياته الخاصة لنفسه ويرفض أن تكون مشاعاً للآخرين ويختار بعض الأصدقاء ويشاركهم فيها. ولكن بعض الأشخاص يمتد غموضهم الى كل شيء في حياتهم اذ يكون كله سراً، مما يطرح علامات استفهام كثيرة حولهم؟
هذه الحال تنطبق على مازن (30 عامًا) الذي يحيط نفسه بسور من الغموض على كل شؤونه، ولا يسمح لأحد باختراقه حتى أقرب الناس اليه. هذا السور خلق الشك عند خطيبته يارا، وبعد أن كانت تعتبر أن غموضه هو مجرد طبع توصلت الى أن هذا الطبع أصبح سبب انفصالهما. وتقول يارا (25 عاماً): "أول ما ارتبطنا كنت أقول له أنت غامض ولكنه كان يقول أفضل، وكانت النتيجة أن غموضه عذبني وخلق عندي الشك فيه مما قضى على علاقتنا". وتتابع: "لم يكن الغموض يوماً وارداً في قاموس، ولكن بعد تجربتي أصبح على أول لائحة شروطي للارتباط. قد يبدو الموضوع سخيفاً ولكنه من أسوأ الطباع، ومن لم يختبر آثاره لن يفقه معنى ما أقوله".
واذا كانت يارا قد دفعت ارتباطها ثمن الغموض، فهناك كثر مستعدون للتخلي عن أعزاء عليهم مقابل عدم التخلي عن صمتهم، ويعتبرون ان على الانسان أن يكون غامضاً انطلاقاًُ من مبدأ "ليس كل ما يعرف يقال". وفي هذا الصدد يقول هادي (40 عاماً): "لا أحد يعرف كيف ستتغير الأحوال وعلى الانسان أن يحتفظ بأموره الخاصة لنفسه". ويعترف سامر (28 عاماً): "أنا انسان غامض، أصغي أكثر مما أتكلم وعادة لا أخبر عن أموري، واذا أخبرت أقول لكل صديق جزءا من الموضوع، بحيث يكون عنده فصل من فصول الرواية التي لا تكتمل عند أحد سواي".
يخلق الغموض نوعاً من القلق عند الطرف الآخر. وفي هذا السياق تقول مايا (27 عاماً): "أنا صريحة جداً وليس عندي ما أخفيه، لكني أصادف الكثير من الاشخاص الغامضين الذين يثيرون في داخلي شعوراً بعدم الارتياح". وتستشهد: "لدي صديق عزيز ويحتل مكانة مميزة في حياتي، أثق به كثيراً وأستشيره في معظم أموري، ولكن بعض الأحيان أفكر في أحاديثنا الطويلة والاحظ أني أخبره تقريباً بكل ما يحصل معي، فيما أنا لا أعرف الا النذر اليسير عنه، واذا ألحيت عليه لاخباري عن موضوع معين يتردد كثيراًُ قبل أن يقول، ما يخلق الريبة تجاهه رغم محبتي له".
في الخلاصة، الغموض طبع كما الصراحة طبع أيضاً، والطبع غلب التطبع، فمن خلق بطبيعة ما من الصعب أن يغيرها بالاخص اذا كان مقتنعاً بها، وغالباً ما يكون كذلك. يبقى للطرف الآخر الاختيار بين التأقلم أو...!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لا أعتقد
غامض سابقا -

لا أعتقد أن قضية الغموض والصراحة تدخل في خانة الطباع بل رأيي أنهما موقف فكري نتخذه استجابة لعدد من المؤثرات التي ربما منها انعدام الثقة بما حولنا أو بأنفسنا أو الشعور بالتفوق أو علة ما لا نريد افتضاحها ونتمسك بالغموض أو لعله يمثل مرحلة نحتاج التعلم فيها فنأخذ أكثر مما نعطي، ومن تجربة الحياة أتذكر أني كنت دائما ما أحصل على إجماع كل من حولي بأني غامض وكتوم وكنت مستودع أسرار ليس مثله بحر في ظلمته الثالثة!. وللعلم الغموض مركز جذب لأصحابه وفي مرحلة لاحقة أصبت بحالة لا جدوى ألزمتني البوح الذي يشكل هذا التعليق جزءا منه، وأقصد باللاجدوى هنا انعدام الاهتمام أي لا أهمية لكل ما يجري أو سوف يجري. أعتقد جزاما أن الغموض أفضل من الصراحة وأن على الغامضين أن يتمسكوا بغموضهم وأن على الذين يرتبطون بعلاقات معهم أن يستفيدوا منهم في تعلم الغموض ما داموا لا يتفضلون على أحد مع محاولات تبرير غموضهم من فينة لأخرى، كما يجب عدم تقسيم الناس غامض بمقابل صريح، فالأحداث قد تفرض مواقف غامضة وأخر واضحة، ويجب أيضا وضع حد فاصل بين السرية من جهة والغموض من جهة ثانية، على العموم الغموض ليس ذنب صاحبه إن لم يكن ذنب غيره عليه،،،،،، شكرا لطرح هذه المواضيع الشبابية الحداثية

الصراحة راحة
عربي -

كلامك جميل وله معنى مفيد، ولكن الغموض في عصرنا هذا مطلوب أحياناً خصوصاً مع الأشخاص الثرثارين الذين لا هم لهم سوى الكلام عن خصوصيات الآخرين. شكراً لك يا نسرين

الغموض شئ ايجابي
متابع -

انا أؤيد التعليق رقم 1 بما قال ، حيث ان الغموض لدى الشاب ليس سببه الاساسي شئ داخلي بل هو نتيجة ظروف حياتية تحيط بالشخص تجعله يحيط نفسه بشئ من الغموض ليس بهدف ان يكون شخصا مثيرا للاهتمام ، ولكن نتيجة ظروف واحداث مرت عليه خلال حياته جعلته يتحفظ على ما يقول ويفكر كثيرا قبل ان يقول .

لكل مقام مقال
محمد -

موضوع جميل...للاسف مجتمعنا يعيش فقط على النميمه والقيل والقال والافضل لتخفيف حدة ذلك هو عدم الحديث الا في الامور العامه التي يستفاد منها والتي تخدم المجتمع وترفعه اجتماعيا وثقافيا وعلميا..اما تمضية وتضييع الوقت في الحديث عن الامور الشخصيه وان يكون الانسان كتابا مفتوحا لكل ما هب ودب بالطبع هذا ما يستفيد منه الاعداء ..ربماعن طريق افضل الاصدقاء..ربما اثق بصديق عزيز علي وهذا الصديق العزيز بالطبع له صديق اخر عزيز سيفشي له بشيء عن صداقتي معه والتي لا احب التطرق حولها لاحد غير صديقي ..لهذا يلجا الاصدقاء للغموض حتى مع اعز الاصدقاء ..بسبب بعد الناس هذه الايام عن تقوى الله ومخافته ..وان عدم الغموض سببب معرفة الاعداء كل شيء حتى عن تفاصيل منامنا ومشاعرنا واستغلها الاعداء في كيفية محاربتنا ونحن ننعم في جهلنا ..حال الامه يبكي لتخبطها وسطحيتها ..والله المستعان

مؤيد الى حد ما
shooter -

جميع التعليقات المكتوبة هنا تؤيد بعض الغموض وتعطي اسباب وجيهة له. وهذا صحيح الى حد بعيد فأغلب الناس هذه الأيام لا هم لهم الا القيل والقال من غير فائدة بل يتعمدون احيانا احراج غيرهم بتدخلهم في تفاصيل لاشأن لهم بها. انا أؤيد الغموض لكن ليس الى الحد الذي يصل الى درجة المرض الذي يحتاج الى علاج