نيو ميديا

​تجارة الكترونية رائجة

فايسبوك يبيع العراقيين قاذفات وقنابل يدوية

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تكشف وزارة الداخلية العراقية عن تنسيق أمني بينها وبين وزارة الاتصالات وأجهزة استخباراتية عراقية لتعقب المسؤولين عن صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تشهد عمليات بيع وشراء السلاح، بعد يوم من إعلان إدارة فايسبوك حظر هذا النشاط، فيما تكشف تلك الصفحات عن "بازار الكتروني للسلاح" هو انعكاس حقيقي لمظاهر العنف في الشارع العراقي.

&

محمد الغزي: بدا العالم الافتراضي في العراق انعكاسًا حقيقيًا للواقع المعاش في البلاد، التي يعلو فيها أزيز الرصاص على أي شيء آخر، فالسلاح في كل مكان، حتى إن صفحات فايسبوك غصت الأسلحة وبعروض شراء وبيع لمختلف أنواعها من القطع الشخصية إلى المدافع الرشاشة وقاذفات آـر بي جي 7، بل حتى معدات اتصال ودروع واقية تستخدمها الأجهزة الأمنية.

تلك الصفحات لا تزال تشهد مزادات لبيع الأسلحة وعروضاً تُطرح فيها أرقام هواتف المشترين والباعة، رغم إعلان إدارة فايسبوك حظر تنسيق بيع السلاح من شخص إلى آخر عبر شبكتها.
بازار الكتروني للسلاحالمفارقة أن تلك الصفحات التي وصفت بأنها "بازار الكتروني للسلاح" يجري عبرها تبادل صور لأسلحة تستخدمها الأجهزة الأمنية الحكومية، مثل مسدس (كلوك)، ومنهم من يترك رقم هاتفه باحثًا عن سلاح قناص أو كاتم صوت، وآخر يعرض أجهزة نداء من نوع (كنود) وأخرى (موترلا)، وهي أجهزة تستخدمها الشرطة الوطنية العراقية.&لا تقتصر الأسلحة على منشأ واحد، فثمة أسلحة تشيكية، وأخرى روسية، وأميركية وألمانية وإيرانية ورومانية، لكن الغريب أن تشهد بعض الصفحات عروضًا لقنابل يدوية ورشاشات (بكتا) الأحادية.&الخبير الأمني فاضل أبو رغيف قال لـ"إيلاف"، "من مخلفات الحروب، ندوب في نسيج المجتمع العراقي، ومنها ظهور عصابات التسليب والسرقة والخطف، ومنها أيضًا شبكات بيع السلاح وانتشاره في سوق سوداء".&واعتبر أن انتشار صفحات بيع السلاح عبر مواقع الكترونية "هو تجذير للفوضى والتسلح واستمرار العنف ولحالة سلبية"، محذرًا من أن هذه السوق "تجد إقبالًا بين المراهقين وقليلي الوعي، وستكون غطاء لعصابات الموت الضالة".&وعبّر عن خشيته من "أن يكون عدد من هؤلاء من بين فصائل مسلحة نبذتهم في الأصل". ويأخذ القائمون على هذه الصفحات عمولات عن البيع والشراء بحدود 5 بالمئة من سعر القطعة الواحدة.
&أسلحة حكوميةوفيما تتحفظ "إيلاف" على ذكر أسماء هذه الصفحات، حتى لا تساهم في الترويج لها، فإن بعضًا من عروضها يشير إلى حاجة المشترين إلى عتاد وإطلاقات أسلحة رشاشة وبكميات كبيرة، فيما يعرض آخرون مسدسات (ميكاروف)، وهي التي كان يحملها الطيارون العراقيون إبان نظام صدام حسين، وأخرى من نوع (HS)، فيما عرض آخرون أسلحة من (كلوك)، ولكن بألوان نسائية.&تراوحت أسعار المسدسات بين 1000 و3000 دولار أميركي، ورشاش كلاشنكوف الروسي بين 2000 دولار و3000 دولار، وفي أحيان تصل إلى 7500 دولار. أما رصاصة الكلاشنكوف فلا يتجاوز سعرها دولارًا.&وعن وجود أنواع من الأسلحة كانت الحكومة العراقية قد استوردتها لأجهزتها الأمنية في هذه الأسواق، قال أبو رغيف: "لا يمكن اعتبار أن تلك الأسلحة وجدت طريقها بشكل مباشر من الوزارات الأمنية إلى هذه الأسواق المفتوحة، ولكن هناك عصابات إجرامية سيطرت على مخازن الأسلحة في وحدات عسكرية في غرب البلاد في مناطق شهدت عنفًا وقتالًا بعد احتلالها من قبل داعش، وبالتالي انتشرت في الأسواق، عبر التداول والبيع والشراء، ولكن لا تزال عملية حيازتها جريمة".&كما أشار إلى أن لدى وزارة الداخلية قانونًا صارم "يحظر حيازة الأسلحة غير المرخصة، وكذلك حيازة الأسلحة المتوسطة، فضلًا عن أن قانون مكافحة الإرهاب في المادة الرابعة يجرم ذلك".&ودعا إلى محاسبة القائمين على هذه الصفحات، لافتًا إلى أن القوانين العراقية "تحاسب كل من روّج للسلاح، وكل من كان قناة موصلة، باعتباره سمسار أسلحة، مثلما يحاسب البائع والمشتري". وأكد أن ملاحقة القائمين على هذه الصفحات هي "مهمة الأجهزة الأمنية من أجهزة الاستخبارات ومستشارية الأمن الوطني وكذلك وزارة الداخلية".
اعتقال متورطينمن جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد سعد معن، في تصريح لـ"إيلاف"، أن "تعاونًا مشتركًا يجري بين قيادة عمليات بغداد ووزارة الداخلية لمتابعة من يقوم بعملية الترويج لبيع وشراء السلاح عبر فايسبوك أو أي من وسائل التواصل الاجتماعي، وتمكنت أخيرًا قوة من وزارة الداخلية من إلقاء القبض على أحد العناصر الذين يزاولون ذلك في كمين بعد جهد استخباري".&أضاف "هناك رصد مستمر ومتابعة لهذا الملف، وبالتنسيق مع مستشارية الأمن الوطني"، لكن سعد معن رفض اعتبار ما يحدث على هذه الصفحات بأنه "سوق تحركها شبكات تروّج السلاح في العراق". وقال "إنها حالات فردية ومجاميع صغيرة تروّج وتبيع السلاح، وليست شبكات واسعة".&وأضاف "ليس كل ما يعرض صحيحاً، بل إن العديد من هذه الصفحات هي دعاية ومحاولة لاستدراج راغبين في شراء السلاح، وفي أحيان هي ترويج ومحاولة لإشاعة أن العراق بات سوقًا للسلاح، ومظاهر السلاح وبيعه، ويقف وراء ذلك تنظيم داعش ومجاميع مسلحة".&ورأى معن أن تنظيم داعش "يحاول اعتماد كل الأساليب لإشاعة مظاهر الفوضى في العراق، وخلق حالة من الفزع، وصور انتشار السلاح والأسواق المفتوحة لبيعه واحدة من مظاهر الفوضى، التي يحاول تحقيقها، ونحن نتابع هذه الصفحات ضمن برنامج أمني". لكن ما تشير إليه عمليات العرض والطلب عبر هذه الصفحات تعبّر عن اتجاهات التسلح ومناطق تمركزها، حيث تنتشر في بغداد وجنوبها وجنوب شرقيا، فضلًا عن محافظة البصرة.&رصد وتعقبرئيس مرصد الحريات الصحافية زياد العجيلي تحدث عن مخاطر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للترويج للسلاح. وقال لـ"إيلاف" إنه من "المعروف لدينا أن الحكومة العراقية لديها أجهزة أمن تابعة لوزارة الداخلية ولمستشارية الأمن الوطني، تقوم بمتابعة ورقابة المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي".&وأضاف "لكن ورغم كل ذلك، فإن هذه الفرق لا تبحث بشكل مباشر الحفاظ على سلامة وأمن المجتمع، بقدر ما تعمل على رقابة وملاحقة من يوجّه الانتقادات إلى السلطة الحاكمة ومسؤوليها المتنفذين حاليًا".&ورأى العجيلي أن "أجهزة الأمن والاستخبارات مازالت تعمل بالأسلوب عينه الذي تركه النظام السابق، وهو حماية السلطة من المجتمع، ولا تهتم للأمن القومي بشكل دقيق"، مشيرًا إلى أنه "على سبيل المثال يتعرّض العديد من الصحافيين والناشطين لملاحقات أمنية بسبب استخدامهم لشبكات التواصل الاجتماعي، وتوجيههم انتقادات إلى السلطة والأحزاب الحاكمة، ويراقبون عن كثب، في حين أن من يتاجر بالسلاح ويهدد سلامة المجتمع سيكون حرًا بما يفعل لأن وجود معظم الأحزاب ونفوذها يأتي من هذا السلاح وبقوته". وتضع هذه الصفحات صورًا للسلاح المطلوب مع رقم الهاتف للتواصل مع صاحبه، وكذلك عنوان محل الاستلام والتسليم.&من جهته، قال عضو مجلس أمناء هيئة الإعلام والاتصالات سالم مشكور لـ"إيلاف"، إنه "ليست من مهمة الهيئة مراقبة تلك الصفحات، فلا علاقة للهيئة بموضوع الانترنت حاليًا.. إنها مسؤولية الأمن الوطني والمخابرات".&مشكور، وهو إعلامي، ناقش في برامجه التلفزيونية شيوع مظاهر السلاح في العراق أكثر من مرة، أشار إلى أن ذلك من مسؤولية وزارة الاتصالات أيضًا، مبينًا أن "الوزارة تتحكم بالكيبل الضوئي الذي يجري عبر تزويد العراق بالانترنت، وهناك لجنة مشتركة من الهيئة والوزارة والأمن الوطني، وهناك لجنة من الهيئة ووزارة الاتصالات والأمن الوطني لمتابعة المواقع المضرة".&وكشف مصدر في وزارة الاتصالات العراقية لـ"إيلاف" أن هناك "برنامجًا يجري تطويره في وزارة الاتصالات لتعقب كل من يزاول نشاطًا يعود بالضرر على البلاد، سواء عبر شبكة فايسبوك أو إنستغرام وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي".&فيما قال الإعلامي رافد جبوري، وهو مستشار سابق لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، إنه "تاريخيًا، وبسبب الطابع العشائري السائد في معظم مناطق العراق، لم تستطع الحكومات المتعاقبة منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة، ضبط عمليات المتاجرة بالسلاح".&وأضاف "ولكن عندما ضعفت الدولة أكثر زادت عمليات المتاجرة والتداول غير الشرعي للسلاح إلى حدود أكبر، وهذه الظاهرة اليوم تجسد مثلًا حجم الموضوع، ففايسبوك هو أكبر وسائل التواصل الاجتماعي انتشارًا في العراق، ومن غير المستغرب أن يعكس ظواهر المجتمع، مثل هذه الظاهرة (الاتجار غير المشروع بالسلاح)".&وأشار إلى أن "من مخاطر هذا الأمر هو وصول السلاح بهذه الطرق السهلة، ليس فقط إلى عصابات الجريمة العادية، ولكن إلى التنظيمات الإرهابية".&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف