تختار الأحد برلمانًا جديدًا يتوقع أن يكون مواليًا للغرب
انتخابات تشريعية في أوكرانيا على خلفية شلل اقتصادي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&
سيرث البرلمان الأوكراني الجديد، الذي سيتم اختياره في الانتخابات التشريعية المقررة الأحد، وضعًا اقتصاديًا مأساويًا يزداد تدهورًا بسبب النزاع في شرق البلاد، بدءًا بشلل في القطاع الصناعي مرورًا بأسعار تواصل الارتفاع وصولًا إلى نزاع حول الغاز مع روسيا.. في انتخابات تشريعية يرجّح فيها فوز الغالبية المؤيدة للغرب.
كييف: يفترض أن تؤمّن الانتخابات التشريعية، التي ستجري في 26 تشرين الأول/أكتوبر، للقوى المؤيدة للديموقراطية في أوكرانيا، أكثرية غير مسبوقة، يأمل الرئيس بترو بورشنكو في الاستفادة منها لتعزيز سلطته وبسط السلام في شرق البلاد الانفصالي.
يجري الاستعداد لثورة في المجلس الأعلى الأوكراني (البرلمان، رادا) المقسوم منذ استقلال الجمهورية السابقة في 1991 بين الموالين لروسيا، الذين سيتضاءل عددهم فيه، وبين الموالين للغرب، الذين سيحصلون على أكثرية ساحقة.
&
شعار الحرب والسلام
وأوجز فولوديمير فيسينكو، الخبير السياسي ومدير مركز بنتا في كييف، الوضع بقوله إن "الموضوعات الأساسية لهذه الانتخابات هي الحرب والسلام". وقد انتخب بوروشنكو في أيار/مايو في الدورة الأولى بحصوله على 55% من الأصوات، بناء على الوعد بإعادة السلام إلى الشرق وتطبيع العلاقات مع روسيا.
وبعد خمسة أشهر، بدأت عملية سلام مع اتفاقات مينسك التي أفضت إلى تهدئة. لكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الخامس من أيلول/سبتمبر لم يسفر عن وقف تام للمعارك، التي تخطت حصيلتها 3700 قتيل، كما تقول الأمم المتحدة. ولا تنظر كييف بارتياح إلى هذا الوضع، الذي ترى أنه يرسّخ فقدان السيطرة على جزء من حوض دونباس الصناعي والناطق باللغة الروسية، إضافة إلى خسارة القرم، الذي ألحق بروسيا في ربيع 2014.
&
وقال خبراء مركز أوراسيا غروب إن بوروشنكو "يواجه شكوكًا متزايدة تتعلق بعملية السلام". ولدى إعلانه عن حل البرلمان، قال الرئيس إنه لا يستطيع ممارسة الحكم مع مجلس قدم دعمه إلى سلفه الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش، عندما تنكر لتقارب مع الاتحاد الأوروبي، وقمع تظاهرات الاحتجاج التي انتهت بإسقاطه.
&
مد اليد
وأخذ بوروشنكو أيضًا على قسم من 450 نائبًا انتخبوا في 2012 تأييدهم المتمردين الانفصاليين، المدعومين ماديًا وعسكريًا من موسكو، كما تقول كييف والبلدان الغربية. وقال الخبير السياسي فاديم كاراسيف من مؤسسة الاستراتيجيات الدولية في كييف، إن "احتمالات بسط سلام راسخ في شرق أوكرانيا ستتزايد بعد الانتخابات". وأضاف أن "بترو بوروشنكو سيحصل على دعم أقوى من البرلمان، ولن يكون مقيّدًا للتوصل إلى اتفاق مع المسؤولين الروس".
وتفيد استطلاعات الرأي أن القوى الموالية للغرب، التي استنفرت في الميدان في كييف خلال الشتاء الماضي، ستحصل على حصة الأسد في البرلمان. لكنها تذهب منقسمة عبر لوائح غير متجانسة، تضم شبانًا من المجتمع المدني ومقاتلين عادوا من الشرق، لذلك يتعيّن عليهم تقاسم السلطة.
ومنح استطلاع للرأي صدرت نتائجه في 13 تشرين الأول/أكتوبر عن مؤسسة راتين غروب، وجرى على عينة من ألفي شخص في بداية تشرين الأول/أكتوبر، كتلة الرئيس بترو بوروشنكو 33.5%. وهي تتخطى الحزب الراديكالي بزعامة أوليغ لياشكو (12.8%) والجبهة الشعبية بزعامة رئيس الوزراء أرسيني ياتسينيوك (8.9%). أما حزب رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشنكو فحصل على 6.9%.
تهميش المعارضة
ولأن حزب المناطق بزعامة الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش يقاطع الانتخابات، قدم عدد من الشخصيات في حكوماته لوائح، لاسيما منها لائحة أوكرانيا قوية (7.8%) أو لائحة كتلة المعارضة (5.1%). هذه القوى، التي تتمتع تقليديًا بشعبية لدى الهيئة الناخبة الناطقة باللغة الروسية، تشعر بأنها تتعرّض لمزيد من التهميش، لأن قسمًا من ناخبيها لن يستطيع المشاركة في الانتخابات، سواء في القرم أو في دونباس.
ويقاطع الانفصاليون في الشرق الانتخابات، وينوون تنظيم انتخاباتهم الخاصة في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر. وقال كاراسيف إن "أكثرية انتخابية موالية لأوروبا قد تشكلت في كل أنحاء البلاد للمرة الأولى منذ الاستقلال"، مشيرًا إلى "تحول كبير جدًا". وأضاف أن "البرلمان الجديد سيعكس مصالح أمة أوكرانية جديدة موالية لأوروبا، وليس مصالح بلد منقسم بين الشرق والغرب، بين أوروبا وروسيا".
ويتخوف عدد من الأحزاب الصغيرة من ألا يتمثل في البرلمان، وألا يحصل على 5%: كالحزب الشيوعي، الذي يواجه عداء متزايدًا، بسبب دعمه الانفصاليين، ويواجه من جهة أخرى الحضور السياسي الطاغي لحزبي سفوبودا وبرافي سكتور القوميين، اللذين شاركا مشاركة فعالة في تظاهرات الميدان. وبعد إنجاز الانتخابات التشريعية، ستكون المهمة الأولى لرئيس الدولة تشكيل تحالف متين قادر على إقرار دستور جديد وتدابير التقشف الصعبة التي تطالب بها المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمها صندوق النقد الدولي. وقالت الناخبة تتيانا ميكولايفنا (57 عامًا) في كييف "السلام هو ما يعنينا في المقام الأول. أما الباقي فيأتي لاحقًا".
وسيتعيّن على الغالبية المؤيدة للغرب، التي يتوقع أن تفوز في الانتخابات أن تصوّت على إصلاحات اقتصادية جذرية، من أجل إخراج البلاد من الهاوية وترشيد ماليتها، ومن ضمنها إجراءات تقشف صعبة على السكان الذين يعانون أصلًا بسبب النزاع. وتقول افغينيا فيدورينا بتأثر "بالطبع الوضع صعب، ولا أجد شيئًا إيجابيًا أقوله". وتقوم فيدورينا المتقاعدة ببيع أكياس وضعتها على درجات السلالم المؤدية إلى سوق جيتني في وسط كييف. وإلى جانبها مسنّون آخرون يبيعون جوزًا أو طيورًا لقلة من الزبائن.
ثقة بالشباب
وتضيف "النقود اقل، والاسعار مرتفعة. بالنظر الى الوضع مع المعارك واللاجئين، فإن الامور لن تصطلح بسرعة بعد الانتخابات، بل تدريجيًا، فأنا لديّ ثقة بالجيل الشاب وبـ(الرئيس الاوكراني بترو) بوروشنكو" الذي انتخب في ايار/مايو. ومنذ بدء الحركة الاحتجاجية ضد الرئيس المؤيد لموسكو فيكتور يانوكوفيتش شهد الاقتصاد الاوكراني، الذي كان يعاني من انكماش منذ اكثر من عام، تدهورًا مأساويًا.
وتبدو خطة الانقاذ بقيمة 27 مليار دولار، التي حصلت عليها اوكرانيا من الغرب في الربيع، ومن ضمنها قرض بقيمة 17 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، غير كافية بالنسبة الى الوضع الحالي. ففي البدء ادت الازمة السياسية الى تراجع المستثمرين، مما تسبب بانهيار العملة، التي خسرت نصف قيمتها تقريبًا، منذ مطلع العام، ما ادى الى ارتفاع كبير في الاسعار.
ومع تولي مؤيدين للغرب الحكم وضم شبه جزيرة القرم الى روسيا وتمرد الانفصاليين الموالين لموسكو في شرق البلاد، تدهورت التبادلات التجارية بين كييف وموسكو.
وادى النزاع الذي اجتاح حوض دونباس بمصانعه المعدنية والكيميائية الى تعطيل قلب البلاد الصناعي. وكانت النتيجة تراجع الانتاج الصناعي في اب/اغسطس باكثر من 20% مقارنة بالعام السابق، وتجاوز التضخم 17% في ايلول/سبتمبر.
بعثة دولية أواخر الجاري
واقر اولكسندر باراشتشي خبير الاقتصاد في شركة كونكورد كابيتال للاستثمار "من المؤكد أن الوضع الاقتصادي ليس بسيطاً، والمؤشرات الاقتصادية الاساسية لا تحمل على التفاؤل". وحذر وزير الاقتصاد اولكسندر شالباك من أن اجمالي الناتج الداخلي سيتراجع بين 8% و9% مقارنة بالعام الماضي بسبب المعارك في الشرق. واضاف أن الشركات المتضررة& تشكل 30% من العائدات بالعملات الاجنبية للحكومة. وقدر الخسائر على صعيد الصادرات الى روسيا بخمسة مليارات دولار.
&
ومن المتوقع وصول بعثة لصندوق النقد الدولي الى كييف بين اواخر تشرين الاول/اكتوبر ومطلع تشرين الثاني/نوفمبر لتحديد الحاجات الاضافية للبلاد. وقالت اولينا بيلان المسؤولة الاقتصادية في شركة دراغن كابيتال للاستثمار إن "الوضع معقد، لكن اوكرانيا تحظى بدعم كبير من الغربيين". واضافت بيلان أن "اقرار البرلمان اصلاحات هو ما سيعيد التفاؤل الى المستثمرين، وليس الانتخابات".
وسبق ان تبنت الحكومة اجراءات تقشف اضافة الى قوانين لمحاربة الفساد المتفشي في البلاد. فقامت بتجميد رواتب التقاعد ورفع اسعار الغاز لارضاء الجهات المانحة الدولية.
الا ان الهجوم العسكري الذي تقدر كلفته بـ4.4 ملايين يورو في اليوم في شرق البلاد، وضرورة تحديث عتاد الجيش وتراجع العائدات المالية من حوض دونباس جعلت مفعول هذه الجهود الاصلاحية محدوداً.
وحذرت بيلان من أن "الوضع الاقتصادي يرتبط بمدى قدرة اوكرانيا على استيراد كمية كافية من الغاز لهذا الشتاء" من اجل تشغيل القطاع الصناعي. وتوقفت روسيا عن امداد اوكرانيا بالغاز منذ حزيران/يونيو، ولم يترجم التقارب الذي لوحظ خلال اللقاء بين بوروشنكو ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ميلانو في الاسبوع& الماضي الى اتفاق صريح بعد.
عام على الأزمة
في ما يلي المحطات الرئيسة في الأزمة التي تهز أوكرانيا منذ نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2013:
تظاهرات دامية في ساحة ميدان:
- في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 قررت الحكومة تعليق المفاوضات حول اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وتحريك العلاقات الاقتصادية مع موسكو، ما أثار غضب المعارضة المؤيدة لأوروبا. وأعقبت ذلك تظاهرات لثلاثة أشهر في ساحة الاستقلال في كييف التي أصبحت رمزًا لحركة الاحتجاج.
&
- في نهاية كانون الثاني/يناير 2014 ازداد قمع قوات الأمن التي شنت هجومًا على الساحة في 18 شباط/فبراير، ما أسفر عن سقوط أكثر من 100 قتيل خلال ثلاثة أيام. وبعد إقالته من قبل البرلمان في 22 شباط/فبراير، فرّ الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش الى روسيا. وانتخب بترو بوروشنكو الملياردير الموالي للغرب رئيسًا في 25 ايار/مايو.
&
&موسكو تضم شبه جزيرة القمر وقيام تمرد انفصالي في شرق اوكرانيا:
- في 26 شباط/فبراير وقعت مواجهات بين الموالين لروسيا والموالين لاوكرانيا في "جمهورية" سيمفيروبول عاصمة القرم ذات الحكم الذاتي الناطقة بالروسية في جنوب البلاد.
في اليوم التالي، انتخب برلمان القرم، الذي استولت عليه مجموعة مسلحة موالية لروسيا، حكومة محلية جديدة صوّتت على تنظيم استفتاء حول مستقبل شبه الجزيرة التي ينتشر فيها عسكريون روس باللباس المدني.
&
- في 16 اذار/مارس استفتاء حول ضم شبه جزيرة القرم الى روسيا الاتحادية، وهو ما نفذته موسكو بعد يومين. دانت كييف والدول الغربية "عملية الضم"، وتسببت بأسوأ ازمة دبلوماسية بين الغرب وروسيا منذ سقوط الاتحاد السوفياتي.
&
- في شرق اوكرانيا المتاخم لروسيا، استولى متظاهرون موالون لروسيا في السادس من نيسان/ابريل على مبانٍ رسمية في خاركيف ودونيتسك ولوغانسك. وفي 13 من الشهر نفسه شنت اوكرانيا، التي تتهم موسكو بغزو البلاد "لتفكيكها"، "عملية لمكافحة الارهاب" في المناطق المتمردة.
&
- نظم المتمردون استفتاء حول الاستقلال، اعتبرته كييف والدول الغربية "غير مشروع"، ولكن أيدته منطقتا دونيتسك ولوغانسك في 11 ايار/مايو.
&
- في 17 تموز/يوليو تحطمت طائرة بوينغ تابعة لشركة الخطوط الماليزية فوق منطقة متمردة (298 قتيلاً) كانت تدور فيها معارك. وتبادلت كييف والانفصاليون تهمة اسقاط الطائرة.
&
- شددت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي العقوبات على روسيا المتهمة بدعم الانفصاليين. ووفقًا للامم المتحدة اوقع النزاع اكثر من 3600 قتيل منذ نيسان/ابريل.
&
مفاوضات سلام صعبة:
- في الخامس من ايلول/سبتمبر في مينسك بعد انتصارات للانفصاليين المدعومين من عسكريين روس، بحسب الغربيين، وقعت كييف والمتمردون وقفًا لاطلاق النار خرق بانتظام خلال تشرين الاول/اكتوبر (331 قتيلاً بحسب الامم المتحدة).
&
- في 23 يعلن الانفصاليون تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر في منطقتي دونيتسك ولوغانسك، اللتين اقترحت عليهما كييف "وضعاً خاصاً".
&
- في 16 ايلول/سبتمبر صادقت اوكرانيا والاتحاد الاوروبي على اتفاق شراكة تاريخي يجسد ابتعادها من فلك روسيا.
&
- في 11 تشرين الاول/اكتوبر، اعلن الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو أنه سيلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين في ميلانو في 17 من الجاري.
&
- في 12 من تشرين الاول/اكتوبر، أمر بوتين بسحب 17600 جندي روسي منتشرين منذ الصيف عند الحدود مع اوكرانيا. واقال بوروشنكو وزير الدفاع واستبدله بستيبان بولتوراك الذي كان قائداً للمتطوعين المعارضين للانفصاليين.
&
عقدت الجمعة لقاءات عدة بين بوتين وبوروشنكو وقادة اوروبيين في ميلانو لم تؤدِ الى أي اختراق حقيقي في عملية السلام، لكنها سمحت بتقدم في بعض النقاط مثل مراقبة الحدود بطائرات بلا طيار. وفي الوقت نفسه ما زالت المعارك في الشرق الاوكراني مستمرة.