إيلاف تلقي الضوء على نفوذهم السياسي والإجتماعي والتعليمي
القرضاوي والسداسي الإخواني حلقة الوصل بين الجماعة و "آل ثاني"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يتساءل كثيرون عن أسرار العلاقة بين الاخوان وقطر، خصوصًا بعد إندلاع ثورات الربيع العربي. فما حقيقة الدعم القطري للإخوان؟ وما الدور الذي لعبه الشيخ يوسف القرضاوي في هذا المجال؟
محمود العوضي من دبي: هناك سبعة أشخاص يتزعمهم الشيخ يوسف القرضاوي، نجحوا في التغلغل في شريان الحياة في قطر، على المتسويات كافة، دينيًا ودعويًا وتعليميًا وإجتماعيًا، وصولًا إلى النفوذ السياسي. وما يجمع بينهم أنهم على درجة عالية من التعليم، حيث حصلت غالبيتهم على درجة الدكتوراه، سواء في مجالات علمية أو أدبية أو دينية، كما أنهم تواجدوا في الدوحة منذ أكثر من نصف قرن، وإتخذوها قاعدة للإنطلاق منها صوب الدول المجاورة.
وتشير معطيات ودلائل كثيرة إلى أن علاقة الإخوان بقطر ترجع إلى نصف قرن، أي منذ الخمسينيات والستينيات. وتأسست تلك العلاقة على أيدي هؤلاء السبعة الذين هيمنوا على دار المعارف القطرية التي تحولت في ما بعد إلى وزارة التربية والتعليم، ونشروا الفكر الإخواني في المؤسسات القطرية، وزرعوه في عقول أبنائها ومسؤوليها. كما درس هؤلاء حكامها وأبناءهم الأمراء وتقربوا منهم. ويطلق على هؤلاء السبعة لقب شيوخ الإخوان، وهم: يوسف القرضاوي، وحسن معايرجي، وعبدالبديع صقر، وعز الدين إبراهيم، وعبدالحليم أبوشقة، وأحمد العسال، ومحمد مصطفى الأعظمي.
صنع في قطر
كانت هناك محاولات قوية من قبل هؤلاء الأشخاص لنشر الفكر الإخواني في الإمارات وغيرها من الدول العربية الخليجية منذ فترة الستينيات، حيث إختار الإخوان في إمارات الخليج عز الدين إبراهيم مسؤولًا لهم. وجاء في تلك الفترة للعمل كمدير لجامعة الإمارات، وكمستشار ثقافي للراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات. ولكن لم يبقَ طويلًا، لأن أفكاره وخططه لم تلقَ إرتياحًا لدى الشيخ زايد، فتم إبعاده. وعاد أدراجه لينضم إلى فريقه الإخواني في قطر بعد فشله في الإمارات.
يقول الكاتب الإماراتي عبد الغفار حسين، رئيس جمعية حقوق الإنسان الإماراتية: "نشاط الإخوان في الإمارات انطلق من مقر البعثة التعليمية القطرية بدبي، وكان للشيخ عبد البديع صقر أحد رموز الإخوان المسلمين المصريين ضلع في تأسيسه واختيار المدرسين والقائمين على شؤونه، كما أسس مدرسة تابعة له اسمها مدرسة الإيمان في منطقة الراشدية بدبي، وكان الشيخ عبد البديع ويوسف القرضاوي يقيمان في قطر، ويترددان باستمرار على الإمارات، وكانا من أبرز المحاضرين في قاعة المكتبة العامة التي أسستها البلدية في العام 1963".
عمل الدكتور عز الدين إبراهيم في مجال التعليم والتربية والبحث العلمي بالإدارة والتدريس في مصر وليبيا وسوريا وقطر والسعودية وبريطانيا والولايات المتحدة. ففي قطر عمل مساعدًا لمدير المعارف، وانتقل للسعودية للعمل أستاذًا للأدب العربي وطرق تدريس العربية في الرياض، كما قام بتدريس الدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد في بريطانيا، وجامعة ميتشغان في الولايات المتحدة الأميركية، مستعينًا بكتبه الإسلامية المؤلفة بالعربية والإنجليزية.
الهجرة إلى قطر
أسس الدكتور حسن معايرجي دار المعارف التي تحولت إلى وزارة التربية والتعليم في قطر في الستينات. وقال القرضاوي نفسه عن قصة المعايرجي في قطر إن المعايرجي جاء إلى قطر منذ أكثر من نصف قرن وعمل بوزارة التربية، ثم بالجامعة، ثم أصيب بالشلل، وفقد الاتصال بما حوله ومن حوله، منذ سنوات، حتى وافاه الأجل.
قال القرضاوي: "كان معايرجي من المجموعة المصرية التي وصلت إلى قطر مبكرًا في منتصف الخمسينيات، حين كانت قطر تخطو خطواتها الأولى في طريق النهضة التعليمية والعمرانية، فقد جاء هو وعبد الحليم أبو شقة وعز الدين إبراهيم من الشام، ومعهم محمد الشافعي وعبد اللطيف مكي، وقد تزوج عز الدين من سوريا، كما تزوج من لبنان، وجاء كمال ناجي وعلي شحاتة من السودان، وعمل الجميع في وزارة المعارف التي كان يحمل مسؤوليتها الشيخ قاسم درويش، في عهد الشيخ علي بن عبد الله آل ثان، كما كان الداعية المعروف الأستاذ عبد البديع صقر رحمه الله مدير المعارف".
وأشار إلى أن المعايرجي أصبح مديرًا لمدرسة الدوحة الإعدادية والثانوية، ووكيله عبد الحليم أبو شقة، وهو الذي حطم صورة جمال عبد الناصر المعلقة في أحد الصفوف، وكان عبد الناصر موضع الإعجاب والحماس من أبناء قطر في ذلك الزمن، وكان لهذه الحادثة دويّها بمدينة قطر في ذلك الوقت كاد المعايرجي يفقد فيها عمله.
علاقة مع الحكام
مضى القرضاوي يقول: "بعد ذلك تغيّر الوضع في وزارة المعارف، وتولى الوزارة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الذي سلمها لشقيقه الشيخ قاسم بن حمد، وفي ذلك الوقت عزلت الفئة السابقة من مناصبها، فتولى عبد البديع صقر مدير المعارف إدارة مكتبات حاكم قطر التي طورت بعد ذلك وسميت بدار الكتب القطرية، وعمل البعض في مناصب إدارية، والبعض الآخر مدرسين، وبعضهم سافر إلى لندن للحصول على الدكتوراه. ومن هذه الفئة المعزولة من كان قوي الارتباط بحاكم قطر في ذلك الوقت، الشيخ أحمد بن على آل ثاني، مثل المعايرجي الذي قربه الحاكم منه ليقوم بتدريس أولاده العلوم واللغة الإنجليزية وغيرها.
وكان المعايرجي شخصية محببة مثقفة يتقن اللغة الإنجليزية، ويطلع على معظم المجلات العلمية العالمية التي يكتب بها، ويلم بالثقافة الإسلامية بحكم انتمائه إلى الإخوان المسلمين، لهذا كان مدرسًا محببًا إلى تلاميذه لانفتاح شخصيته واتساع أفقه وتنوع معلوماته وقوة تأثيره، فلم يكن يكتفي بتعليم المادة العلمية المقررة بل يعلمهم فن الحياة أيضًا".
الباب مفتوح
وأضاف القرضاوي: "كنت ألتقي بالمعايرجي مع العسال وعبد الحليم أبوشقة ومحمد مصطفى الأعظمي، الذي كان يعمل أمينًا عامًا لمكتبات الحاكم رغم أنه هندي، فإن الدعوة إلى الإسلام كانت هي النسب الذي يضم الجميع، كما أن سجن عبد الناصر له في مصر قرّب ما بيننا، ولما عاد عز الدين إبراهيم من لندن بعد أن حصل على الدكتوراه في اللغة العربية من جامعة كامبريدج انضم إلى المجموعة التي كانت تلتقي كل أسبوع مرة، وفي الغالب كنا نطرح كل مرة موضوعًا علميًا أو تربويًا أو إسلاميًا أو من واقع الحياة".
وتابع: "حصل المعايرجي من ألمانيا على دكتوراه في علم البكتيريا، ولما رجع من ألمانيا في عهد الشيخ خليفة بن حمد، وكان من المحسوبين على الشيخ أحمد بن علي الذي عزل عن الحكم بعد الحركة التصحيحية التي قام بها الشيخ خليفة في 22 شباط (فبراير) 1972، لم يجد الباب مغلقًا في وجهه، فقد كانت علاقته بالشيخ حمد بن خليفة طيبة، إذ كان ممن درسه مع أبناء الشيخ أحمد بن علي، فلا غرو أن سهل له الشيخ حمد الرجوع إلى البلاد، كما أوصى أن يفسح له المجال في جامعة قطر. وكان الدكتور إبراهيم كاظم مدير الجامعة يعرفه من قبل، وهذا ما مكنه من العمل أمينًا عامًا لمركز البحوث العلمية التطبيقية الذي أصبح له وضعه ومكانته في جامعة قطر".
رموز الإخوان في قطر
كبيرهم وأكثرهم شهرة هو الشيخ يوسف القرضاوي، إلى جانب السداسي الذي لم يكن له نصيب من الشهرة والصيت الاعلامي مثل القرضاوي، وهم:
-محمد مصطفى الأعظمي، هندي مولود في العام 1930، تلقى تعليمه في الأزهر، وحصل على الدكتوراه من جامعة كامبريدج، وهو أستاذ في علوم الحديث، وكانت علاقته برموز الحركة الإخوانية في قطر، قد تعمقت خلال فترات عمله أمينًا للمكتبة الوطنية العامة في قطر.
-الدكتور أحمد العسال، مصري من مواليد محافظة الغربية بإقليم الدلتا المصري في العام 1928، وهو من أشهر رموز الحركة الدعوية الإخوانية، وحصل على جائزة الملك فارق في حفظ القرآن قبل أن يتجاوز 12 عامًا، وله نشاط كبير في طول العالم الإسلامي وعرضه، وعمل رئيسًا للجامعة الاسلامية في باكستان، عمل في قطر من 1961 حتى 1965، ثم في الجامعات السعودية.
-عبدالحليم أبو شقة، مصري من مواليد القاهرة في العام 1924، خريج جامعة فؤاد الأول - قسم التاريخ بكلية الآداب. كان له حضوره اللافت في قطر على مدار 12 عامًا، حيث عمل مدرسًا ومديرًا في مدارسها، وحينما تم إعتقاله في مصر عام 1965 تدخلت الحكومة القطرية للإعفاء عنه وإعادته إليها لمواصلة عمله بها.
-عبد البديع صقر، من مواليد الشرقية في مصر في العام 1915، عاش إلى جوار حسن البنا 12 عامًا، سافر إلى قطر في العام 1954 بناءً على توصية من محب الدين الخطيب، وعين مديرًا للمعارف. كانت علاقته بحكام الإمارات حسنة بحكم صلته بحاكم قطر وعرض مشروع إنشاء روضات إسلامية على حكام الإمارات سنة 1969 فرحبوا بالفكرة وسهلوا إنشاءَها. تنقل في عمله من مدير للمعارف بدولة قطر فمديرًا لدار الكتب القطرية فمستشارًا ثقافيًا لحاكم قطر.
-حسن المعايرجي، كان من المجموعة المصرية التي وصلت إلى قطر في منتصف الخمسينيات، حين كانت قطر تخطو خطواتها الأولى في طريق النهضة التعليمية والعمرانية. عمل في وزارة المعارف وأصبح مديرًا لمدرسة الدوحة الإعدادية والثانوية، وهو من أكثر الشخصيات قربًا إلى القرضاوي.
-عز الدين إبراهيم، مصري من مواليد القاهرة في العام 1928، عمل في مجالات التعليم والثقافة والبحث العلمي في كثير من الدول العربية، ومديرًا لجامعة الإمارات، ومستشارًا ثقافيًا للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.