البيان الوزاري قد يكون أولى الضحايا
"أزمة خشبية" بين الرئيس اللبناني وحزب الله
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
قبل أشهر قليلة على انتهاء ولاية الرئيس اللبناني ميشال سليمان الدستورية، تفجر خلاف بين الأخير وحزب الله، تمركز فحواه على أحقية إدراج مصطلح "المقاومة" من عدمه في البيان الوزاري الجديد، الذي بات ضحية صراع سياسي بين فريقي 8 و14 آذار.
طارق عبد الهادي: في الوقت الذي تحتدم الأزمة حول البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام بفعل الخلاف بين فريقي 8 و14 آذار على موضوع إدراج مصطلح "المقاومة" فيه، إنفجرت أزمة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وحزب الله، وجاءت قبل 24 يومًا على بدء مهلة الستين يومًا الدستورية في 25 مارس/ آذار الجاري، لانتخاب خلف له، خصوصًا أن ولايته تنتهي في 25 مايو/ أيار المقبل. وقد أثارت هذه الأزمة مخاوف جديدة على مصير البيان الوزاري للحكومة، الذي لم يولد بعد.
وكان سبب هذه "الأزمة الخشبية"، حسب ما وصفها البعض، إعتبار سليمان معادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، التي يريد حزب الله وحلفاؤه إدراجها أو ما يشبهها في البيان الوزاري للحكومة، بأنها "معادلة خشبية".
ورد الحزب عليه بالبيان الآتي: "مع احترامنا الأكيد لمقام رئاسة الجمهورية وما يمثل، فإن الخطاب الذي سمعناه بالأمس يجعلنا نعتقد بأن قصر بعبدا بات يحتاج في ما تبقى من العهد الحالي عناية خاصة، لأن ساكنه أصبح لا يميّز بين الذهب والخشب".
وقالت مصادر وزارية لبنانية لـ"إيلاف" إن هذه الأزمة ستنعكس سلبًا على عملية صياغة البيان الوزاري، الذي ستجتمع اللجنة الوزارية المختصة غدًا، في محاولة جديدة لإنجازه.
وأشارت إلى أن الخلاف الناشئ بين سليمان والحزب قد فتح معركة انتخابات رئاسة الجمهورية واسعة، ودلت على أن الحزب وحلفاءَه لا يؤيدون تمديد ولاية سليمان، الذي يرغب ضمنًا في هذا التمديد، رغم إعلانه المتكرر بأنه لايريد ذلك، وأنه أوعز إلى الدوائر المختصة في القصر الجمهوري لإعداد الخطاب، الذي سيلقيه في منتصف ليل 25 مايو/أيار المقبل لدى مغادرته كرسي رئاسة الجمهورية، حيث تنتهي ولايته.
تخوفت هذه المصادر من فشل اجتماع اللجنة الوزارية غدًا. لكنها أشارت إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط يجريان اتصالات حثيثة في مختلف الاتجاهات من أجل تهدئة الأجواء، وتمكين اللجنة من إنجاز مهمتها، حتى تتمكن من نيل الثقة قبل بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد.
مواقف
في المواقف، أسف نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري لما وصفه بـ"التصريحات الانفعالية"، التي أطلقها حزب الله في حق سليمان، ورأى "أن هذه التصريحات ليست مسيئة إلى شخص الرئيس وإلى مقام الرئاسة فحسب، بل كذلك إلى مناخات التهدئة الإيجابية التي أنتجت ولادة الحكومة".
وإذ أشاد بـ"الصلابة الحديدية للرئيس سليمان في قول الحق"، اعتبر "أن في قصر بعبدا اليوم رئيسًا من ذهب". ودعا مكاري حزب الله إلى "أن يكفّ عن مقاومة إعلان بعبدا، وعن خوض جدل إنشائي عقيم في شأن إدراجه بالاسم في البيان الوزاري". ورأى أن "حزب الله، الذي كان من بين الموافقين على إعلان بعبدا، يلتف مرة جديدة على مقررات الحوار الوطني، ويقفز مرة جديدة فوق إرادة اللبنانيين بتحييد بلدهم عن النزاع الدموي في سوريا".
وقالت عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب ستريدا جعجع، في بيان اليوم، "إن تعرّض حزب الله لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والنيل من كرامته الشخصية وكرامة موقع الرئاسة، هو تطاول مستهجن، ويشكل تحديًا لجميع اللبنانيين". وأضافت: "إن استسهال استهداف رئيس الجمهورية بهذا الشكل المخزي لا يوحي بوجود استعداد حقيقي لدى حزب الله لتسهيل إقرار البيان الوزاري، وإنجاز الاستحقاق الرئاسي، بل يعكس حالة ارتباك ورهان على تغييب أي مساءلة ومحاسبة، وبالتالي على رفض أي فرصة للتلاقي في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة التي يمر فيها لبنان، وعلى الاستخفاف بجميع القوى، وحتى الوسطية منها، التي تسعى وتراهن على الحوار لإقرار البيان الوزاري العتيد".
من جهته، اتصل منسق اللجنة المركزية في حزب الكتائب النائب سامي الجميل بسليمان مؤيدًا "المواقف الوطنية التي يتخذها"، مؤكدًا "تضامنه التام معه في وجه الحملة غير المنصفة التي يتعرّض لها"، وأبلغه "وقوف الحزب إلى جانبه، ووضع إمكاناته في تصرفه للعمل على تمكين الدولة وإعادة القرار إلى كنفها، والتنسيق في المرحلة الدقيقة المقبلة".
البيان الوزاري
إلى ذلك، وعشية اجتماع لجنة البيان الوزاري، مساء غد الاثنين، قال أحد أعضائها وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور إن "النقطة الأساسية، التي لا تزال مثار جدل في اللجنة، هي الموقف من سلاح المقاومة وعلاقته بالدولة، وليس من المقاومة ككل"، لافتًا إلى أن "هناك إجماعًا لدى جميع الأطراف على أن لبنان يجب ألا يكون عاريًا في مواجهة إسرائيل، وبالتالي فحق المقاومة حق مجمع ومتفق عليه، وتبقى علاقة هذه المقاومة بالدولة، والصيغة التي بموجبها تعطى حرية الحركة للمقاومة".
وأشار أبو فاعور إلى أن "الطرح الذي قدمه الوزير جبران باسيل هو الاكتفاء بكلمتين في البيان الوزاري، وهو طرح كنا طرحناه في الأساس، عندما قلنا "فليكن البيان الوزاري متقشفًا إلى أقصى الحدود، وليقل هذه حكومة المصلحة الوطنية ستحاول أن تؤمّن المصلحة الوطنية".
وقال: "ليست هناك موافقة للطرفين في 8 و14 آذار على هذا الأمر، لأن كل فريق يريد إثبات وجهة نظره السياسية، لذلك فالمدخل الوحيد لدينا هو محاولة بذل مزيد من الاتصالات السياسية لمحاولة الوصول إلى تسوية ما". ورأى أن "البيان الوزاري هو بيان تسوية، ويجب أن يكون على شاكلة هذه الحكومة في إيجاد تسوية ما، ربما يستطيع كل طرف تفسيرها على طريقته، وربما تكون تسوية لغوية".
أضاف: "قدم رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط اقتراحًا يبني على اقتراح الرئيس نبيه بري، ونحن على اتصال مفتوح معه ومع الرئيس سعد الحريري لمحاولة تطوير إضافي في هذا الاقتراح". ولفت إلى أن "استعصاء الاتفاق على البيان الوزاري يقود هذه الحكومة إلى أن تتحول ربما بعد استنفاد المهلة القانونية إلى حكومة تصريف أعمال، ولا أعتقد أن هذه كانت نية القوى السياسية، التي دخلت إلى الحكومة، ولا هذا ما يحتمله المواطن في هذه الفترة، لذلك لا بد من الإسراع في إيجاد صيغ تسوية، ولا بد من بعض التقشف من قبل القوى السياسية".
وأشار عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" (نواب حزب الله وحلفاؤه) النائب علي فياض إلى "أن فريقنا السياسي هو الذي فتح الباب أمام تشكيل الحكومة في ما قد يعتبره البعض تراجعًا، لافتًا إلى أن الذي كان يدفعنا إلى ذلك تقديرنا لظروف البلد وللمصلحة العامة، وكنا قبل ذلك وافقنا أيضًا على تسمية رئيس الحكومة المكلف سعيًا منا إلى مناخات إيجابية، رغم انتمائه إلى فريق 14آذار".
وقال: "إننا نخوض النقاش في البيان الوزاري بعقول منفتحة وبإيجابية، لكن ليس على حساب الثوابت، في البيان الوزاري لا تهمنا اللغة، بل المضمون، فنقاشنا واضح ومحدد، ونعرف ما نُريد، وفي الوقت عينه هو إيجابي، في حين أن نقاش الفريق الآخر متموج وغير مستقر، ويناقش تحت تأثير مزايدات حلفائه في 14 آذار، التي يطلقها في وسائل الإعلام، ولذلك هو من أعاد الأمور إلى نقطة الصفر".
وأشار إلى "أن الشكوك بدأت تساورنا في ما إذا كان الفريق الآخر يريد حكومة تنال الثقة، أم إنه يريد أن تقتصر الأمور على حكومة تصريف أعمال". وقال: "إن كل مواقفنا ومرونتنا وإيجابيتنا إنما كانت بهدف أن نصل إلى حكومة تنال الثقة، ولا نزال عند قناعتنا هذه، وفي اللغة والتعبير والصياغات، نحن على استعداد لأن نتفاهم على ما يحفظ ماء وجه الجميع، ولكن في ما يتعلق بالمقاومة ودورها وشرعيتها، فهذه ثابتة الثوابت ودرّة البيان الوزاري".