أخبار

تحديات واستحقاقات أمام الرئيس المصري الجديد (2 من 6)

لا إقصاء لتيار الاسلام السياسي ولا تفاوض مع الإرهابيين

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

نصح خبراء الرئيس المصري القادم بتبني سياسة التفاوض مع تيار الإسلام السياسي، ورفض التصالح مع الإرهابيين، متوقعين تفاوض الإخوان المسلمين مع الدولة المصرية.

القاهرة: لم يكن مستغربًا تأكيد الدوائر السياسية في القاهرة أن تتصدر إشكالية مستقبل الإسلام السياسي في مصر زاوية اهتمام الرئيس المصري المنتظر. فرغم المواقف الجماهيرية العريضة الرافضة لذلك التيار، إلا انه يتحتم على رئيس مصر الجديد التعاطي معها، ومحاولة تفاديها بطرح الحلول الجوهرية، ضمانًا لاستقرار الأوضاع السياسية وربما الأمنية في البلاد.

وأمام تلك الإشكالية، تحاور "إيلاف" خبراء في الشأن السياسي، لوضع الإستراتيجية المنطقية التي على رأس النظام المصري المرتقب تبنيها، في ظل تباين الآراء حول كيفية التعامل مع التيار في المستقبل المنظور.

وترى بعض الأصوات ضرورة إقصاء هذه التيارات بعد استغلالها الدين للوصول إلى سدة الحكم وتحقيق مصالحها الشخصية، بينما برى فريق آخر حتمية دمج هذه التيارات في العملية السياسية، حقنا للدماء، كما أن الحياة الديمقراطية تتطلب مشاركة كل القوى لبناء الوطن.

الاعتراف بالثورة

يرى الدكتور كمال حبيب، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، أن مستقبل الإسلام السياسي يتفاوت بتفاوت التيارات، فليس كل الإسلام السياسي فصيلًا واحدًا. ويعتبر حبيب في حديثه لـ "إيلاف" أن حزب النور السلفي هو أحد التيارات السياسية الموجودة، وجزء من المشهد السياسي، "وهذا الفصيل تحالف مع الدولة واعترف بثورة 30 حزيران (يونيو)، وبالتالي موجود وسيظل المجتمع يعترف بوجوده بخلاف حزبي الأصالة والفضيلة وغيرهما من الأحزاب المخالفة، التي لا تملك ظهيرًا شعبيًا.

وأضاف حبيب: "ليس لدى حزب البناء والتنمية، رغم كبر حجمه، موقف إلى الآن، هل هو مع التحالف أم لديه صيغ مختلفة؟ وربما ينبع هذا الموقف من أمله في أن يبقى في الخارطة السياسية ويحصل على جزء من المكاسب السياسية في المرحلة المقبلة".

وأكد حبيب أن تيار الإسلام السياسي يعيش فترة انتقالية، وعلى الرئيس القادم أن يضع التصالح والوصول لصيغة جديدة لحل هذه المشكلة في أولى أولوياته، خاصة أن العزل السياسي يسبب القضاء على النظم السياسية، وتآكل شرعيتها والدخول في فوضى وعدم استقرار، مطالبًا الرئيس القادم بدمج تيار الإسلام السياسي في الحياة السياسية حتى لا تنفتح البلاد على عمليات عنف واحتقان، بعدما فقد الإخوان السيطرة على شبابهم المتطرفين، "ولابد من وجود وسيط يضمن التزام الطرفين، والوصول لصيغة توافقية، على أن يعترف الإخوان بما هو موجود، ويلتزم الطرف الآخر بإغلاق المعتقلات".

لا مصالحة مع الإرهابيين

أما الدكتور عبد الستار المليجي، القيادي السابق بالإخوان المسلمين، فقال لـ "إيلاف": "كل تيارات الإسلام السياسي والجماعات الإسلامية المتطرفة لا مستقبل لها في مصر، خصوصًا جماعة الإخوان التي مارست العنف والإرهاب، وهاجمت مؤسسات الدولة والشرطة والجيش، وتهكمت بالقضاء".

وكشف المليجي عن أن المصالحة مع الإرهابيين غير مقبولة على الإطلاق، وأن التصالح في الدماء أمر مستحيل، ولا بد من أن يقدم كل جانٍ للمحاكمة ويحاسب ويقتص منه. وأضاف: "على الرئيس القادم أن يخضع نفسه للقانون أولًا، ثم يمنع قيام أحزاب على أساس ديني، مع محاسبة القائمين على هذه الأحزاب، ومنحهم مهلة زمنية محددة لتغيير برامجهم، وإلا حل جميع الأحزاب ذات المرجعيات الدينية".

من جانبه، قال الدكتور كمال الهلباوي، المفكر السياسي والباحث الإسلامي، إن مصير الإسلام السياسي مرهون بطبيعة عمله، "فإذا استمر كما هو عليه الآن، وتشدد وواصل نشاطه بالعمل المسلح لمقاومة السلطات مثلما نرى أعضاء تحالف ما يُعرف بدعم الشرعية وجماعة الإخوان المسلمين، فلا مستقبل لهم في العشر سنوات القادمة على الأقل".

أضاف الهلباوي لـ "إيلاف": "واجب الرئيس القادم حفظ الاستقرار والأمن والأمان في الوطن، والسعي لحل المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكن ليس مع من حاربوا الدولة وحاولوا تدميرها سواء كانت الجماعات الإرهابية أو التكفيرية أو التحالف من أجل الشرعية، أما بقية تيار الإسلام السياسي، كحزب النور، فالطريق أمامهم مفتوح، إذ اعترفوا بثورة 30 حزيران (يونيو) وقفوا ضد العنف، وبالتالي لا يمكن إقصاء كل تيار الإسلام السياسي".

انتحرت الجماعة

وأكد نبيل نعيم، أحد مؤسسي تنظيم الجهاد سابقًا، أن التيارات الإسلامية موجودة في الشارع المصري وبقوة، ولا يمكن إقصاؤها بشكل أو بآخر، مطالبًا الرئيس القادم بضرورة إقامة محاكمات عاجلة لقيادات الإخوان، القضاء على الإرهاب، واستسلام الجماعات الممارسة للإرهاب لإرادة الدولة مع طرح الرئيس لشروط التصالح مع هؤلاء، ألا وهي حل الأحزاب الدينية التي تتبع هذا الفصيل، وإعلان جماعة الإخوان جماعة إرهابية، وأن الانضمام إليها يعد جريمة، "ومن لم تثبت إدانتهم يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، منتمين لأي تيار أوحزب آخر طالما لم يتورطوا في أعمال العنف وارتكاب جرائم ضد الشعب ويلتزمون برؤية الدولة".

وأضاف نعيم لـ "إيلاف": "التجربة الإخوانية أضرت بكافة تيارات الإسلام السياسي على مستوى العالم، وأصبحت مرفوضة من الشعب المصري بمختلف انتماءاته السياسية والحزبية، لذا أصبح منبوذًا وليس له مستقبل، فقد انتحرت جماعة الإخوان المسلمين اجتماعيًا وسياسيًا".

حقيقة موجودة في الواقع السياسي

واتفق سامح عيد، الباحث المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، مع نعيم في أن تيار الإسلام السياسي حقيقة موجودة في الواقع السياسي المصري وله فصائله المتعددة. يقول: "بخلاف جماعة الإخوان المسلمين، السلفيون ولهم أحزابهم، والجماعة الإسلامية لها أحزابها، وهناك فصائل أخرى خاصة في القرى والنجوع، ولا يمكن إقصاء هذا التيار، بل أن العزل والإقصاء مستحيل، خاصة أن هذا التيار له قوته التصويتية، وسيكون له نسبة تمثيل في البرلمان القادم، وإن كانت لن تتعدى 20 بالمئة، وبالتالي سيكون لهم تمثيل في الوزارة الجديدة".

وأكد عيد لـ "إيلاف" أن على الرئيس القادم التفاوض سياسيًا مع تيار الإسلام السياسي، بما فيه جماعة الإخوان المسلمين، على أسس يضعها الرئيس، تتمثل في الاعتراف بخارطة الطريق ودستور 2014، "وبناء عليه تكون هناك مشاركة سياسية مع نوع من أنواع الترشيد والتهذيب الفكري، وإعادة التأهيل خاصة السلفيين، لأنهم أكثر راديكالية وتشددًا في الفكر من الإخوان، وإن كانوا أكثر مرونة في السياسة من الإخوان، وأكثر تقديرًا للواقع ونبض الشارع لإحداث المواءمة السياسية.

وكشف عيد أن الإخوان على استعداد تام للتفاوض في اللحظات الراهنة، لكن يكمن العائق أمام هذا التفاوض في شبابهم الذي تم شحنهم بشكل كبير، وستؤثر تلك المشكلة بشكل كبير على التنظيم الإخواني.

ضربات قاضية

يرى حسين عبد الرازق، نائب رئيس حزب التجمع، أن شعبية تيار الإسلام السياسي تراجعت بشدة في المجتمع بعد سقوط الإخوان وعزل الرئيس محمد مرسي. وأكد لـ "إيلاف": "إن الملاحقات الأمنية والضربات القوية لما يسمى بالإخوان وحلفائهم كانت قاضية، عندما لجئوا لاستخدام العنف والإرهاب في محاولة لتقويض الدولة المصرية، ففقدوا الأرضية الجماهيرية والتعاطف الشعبي".

واضاف: "إن الضربات السياسية التي تلقاها تيار الإسلام السياسي بشكل عام، وفي طليعته جماعة الإخوان المسلمين، والتي بدأت بالاستفتاء على الدستور وإقراره، ستجعلهم خارج الساحة السياسية لعقود قادمة، والمصالحة مع الإخوان في ظل وجود رئيس جديد مستحيلة، فشروط التصالح التي تتمثل في توقف الجماعة عن ممارسة أخطائها، واعترافها بها واعتذارها عنها، وخضوعها للعقاب بالقانون، غير موجودة، فهذا التيار ما زال يمارس الأعمال الإرهابية والتفجيرات، بل وصل الأمر به لدرجة الوقوف وراء عمليات الاغتيال، لذا ليس هناك أي تصالح مع من تلطخت أيديهم بالدماء".

وقال إن مستقبل السلفيين، الممثلين بحزب النور، غامض وتتوقف وضعيتهم على برنامجهم وممارستهم السياسية، "وإن كانت كل تصرفاتهم في الماضي لا تبعد كثيرًا عن كونهم جماعة دينية أو حزب ديني، فالسؤال: هل سيظل هذا الحزب حاملًا سمات الحزب الديني؟ أم سيكون هناك محاولة منه لعلاج برنامجه وتصرفاته؟".

وختم: "المجتمع المصري لا يعرف الإقصاء، فالإخوان هم من أقصوا أنفسهم بممارساتهم الإرهابية".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف