تحدّيات واستحقاقات أمام الرئيس المصري الجديد (6 من 6)
مرشّح رئاسي: أي رئيس يتجاهل مطالب الثورة يحفر قبره بيديه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
نصح المرشّح الرئاسي أبو العز الحريري الرئيس المصري القادم بضلوع مصر في تحالف روسي صيني خليجي، لمواجهة التحالف الأميركي التركي القطري الاسرائيلي، لحماية أمن البلاد القومي.
القاهرة: في الوقت الذي تستعد فيه مصر للانتقال لمرحلة الاستقرار السياسي، وانتخاب رئيس جديد يرعي مصالحها، ويعيد للدولة وللشعب الثقة في الذات، وضع ابو العز الحريري، مرشح الرئاسة المصرية السابق خريطة طريق، ليلتزم بها الرئيس المصري المنتظر.
وكان من بين بنود الخريطة، تكوين تحالف روسي خليجي لضرب المؤامرة الأميركية التركية، وتطوير دور السفارات لحماية المواطن وجذب الاستثمارات، وتنويع مصادر السلاح للحفاظ على الامن القومي، بالاضافة إلى عدم التصالح مع عناصر جماعة الاخوان المسلمين، وفي الوقت عينه احترام حقوق الانسان المصري.
وابو العز الحريري كان أول رافضي وصول الاخوان المسلمين للحكم في مصر بعد ثورة كانون الثاني (يناير) 2011، وأول من اتّهم الاخوان بسرقة الثورة، وتبنى دورًا فاعلًا في حركة النضال الوطني، بدأت برفضه اتفاقية كامب دايفيد بين القاهرة وتل ابيب إبان عهد الرئيس المصري الراحل انور السادات.
وفي ما يأتي نص الحوار:
ما هي عملية الاصلاح الشاملة التي على الرئيس القادم تنفيذها لإنقاذ مصر؟
بصرف النظر عن اسم الرئيس القادم وخلفيته، لن يكون قادرًا على انقاذ مصر وكسب رضى المصريين من دون تنفيذ مطالب ثورتي 25 كانون الثاني (يناير) و30 حزيران (يونيو)، ولا نقصد هنا تطبيقها في يوم وليلة، فلا يوجد رئيس يمتلك عصا سحرية، وانما باتباع سياسات تعطي الامل بتطبيق العدالة الاجتماعية، وعدم المساس بمكتسبات الشعب من ثورته في الحرية والديمقراطية، وحق التظاهر السلمي، واحترام حقوق الانسان وكرامته، سواء كان حرًا او مقيد الحرية. وعلى الرئيس القادم أن يعمل على تقوية البنية الحزبية والتعددية الحزبية، وان يكون داعمًا للتنظيمات النقابية والمهنية، كالتنظيم النقابي العمالي.
وما السياسة الخارجية المطلوب منه تبنّيها لتحقيق مطالب الثورة؟
لا بد من اتباع سياسة خارجية تحقق استقلال القرار السياسي لمصر الثورة، وتكون اداة لبناء منظومة علاقات دولية متكافئة، تركز على البعدين العربي والافريقي، وفي نفس الوقت تكون سياسة خارجية داعمة لدور مصر في تعزيز السلام على المستوي العالمي. ويجب على الرئيس عدم الدخول في مهاترات مع دول كبرى، يمكن أن تعطل عجلة التنمية في مصر، بمعني الا يكون ثمن تعزيز العلاقات مع روسيا الدخول في مواجهة مع الولايات المتحدة، مع تصدي الرئيس القادم وبحزم للمؤامرة الأميركية - الاسرائيلية، والمؤامرة التركية الداعمة للاخوان، والرامية لاستعادة المجد العثماني في المنطقة عن طريق السيطرة على مصر، وهي المؤامرة التي أنقذت ثورة 30 حزيران (يونيو) مصر والمصريين منها.
وكل ذلك يحتاج لاصلاح وزارة الخارجية وتطوير عملها، بحيث يتم الاهتمام بالمواطن المصري في الخارج، وبجذب الاستثمارات التي تحقق التنمية في الداخل. وأود التأكيد أن اي نجاح للسياسة الخارجية للرئيس القادم، يتوقف على نجاحه في ملف السياسة الداخلية، خاصة فيهذه المرحلة التي نعيشها، والتي تستوجب التلاحم والتماسك الوطني والاجتماعي.
المصالحة خيانة
ماذا لو استوجب التماسك الاجتماعي والتلاحم الوطني إجراء مصالحة وطنية، خاصة أن وزير الخارجية نبيل فهمي دعا إلى ذلك؟
تابعت محاضرة نبيل فهمي في الجامعة الأميركية، واختلف معه، وانصح الرئيس القادم بأن لا ينجرف وراء مثل هذه الدعوات الانهزامية، فلا يمكن إجراء مصالحة مع الاخوان الارهابيين، ويجب غلق اي باب يعيد او يسمح بعودة انتاج الفكر الاخواني، لأن الفكرة الاخوانية في جوهرها فكرة شيطانية، تتاجر بالدين وتستغله لتنفيذ مخططات اخوانية، لمصلحة اطراف خارجية على حساب الشعب المصري. وارى أن الدعوة للمصالحة مع الاخوان خيانة للوطن وللثورة، وهذا ما جعلني ارفض مقترح جماعة "اخوان بلا عنف"، بانشاء مجلس للمصالحة الوطنية، خاصة أن جماعة الاخوان لم تقدم شيئًا، يشجع المجتمع على قبولها مرة أخرى، وأحذر من أية مصالحة تتعارض مع تطبيق النص الدستوري القاضي بعدم انشاء احزاب سياسية على أساس ديني.
اذن كيف يستطيع الرئيس القادم أن يحقق لحمة وطنية تعضد سياسته الخارجية؟
لكي يتحقق التلاحم الوطني الداعم للسياسة الخارجية، لا بد أن يتبنى الرئيس القادم استراتيجية تنمية شاملة، يتم توزيع عوائدها على كل فئات الشعب بشكل عادل. لا بد من الغاء السياسات الاحتكارية والحوافز التي يحصل عليها صناع ورجال اعمال وشركات بلا فائدة، ولا بد من سياسات وقوانين تضمن ايصال الدعم لمستحقيه، وقوانين واجراءات مشجعة للاستثمار المتنوع، وتطبيق حقيقي للحد الأدنى للأجور، وحد اقصى للاجور بلا استثناءات، فضلًا عن تطبيق الحد الادنى على اصحاب المعاشات.
الأوفر حظًا
هل يستطيع السيسي فعل ذلك؟
قلت قبل ذلك إن السيسي ليس الأكفأ للمنصب، لكنه الاوفر حظًا للفوز به. وما زلت عند رأيي. نصحته بعدم الترشح للرئاسة، الا أن سماته الشخصية وانتماءه للمؤسسة العسكرية هي التي تجعله الأوفر حظًا. كما سيكون الرئيس الوحيد الذي لا يلعب مع اعداء وخصوم الثورة على حساب الثورة، وهو الوحيد القادر على بناء تحالف قوي روسي صيني خليجي لمواجهة التحالف الاميركي التركي القطري الاسرائيلي، المناوئ لثورة 30 حزيران (يونيو).
السيسي سياسته معروفه تجاه الاخوان وداعميهم وغيرهم من الارهابيين وتجار الدين، على عكس مرشحين آخرين كالفريق سامي عنان وحمدين صباحي. فهناك احتمال أن يتلقى احدهما حال ترشحه دعما اخوانيًا، مقابل تفاهمات او صفقات في ما بعد على حساب ثورة 30 حزيران (يونيو)، كما أن السيسي وبحكم التجربة خلال الفترة الانتقالية، اثبت انه قادر على ادارة الازمات، وبالتالي هو الاقدر على استكمال مواجهة الارهاب، وادارة ملف العلاقات مع اسرائيل.
وبرغم انني ضد معاهدة كامب ديفيد، وناضلت من اجل الغائها، الا انني انصح هنا بتبني عملية دبلوماسية لتعديل بعض بنودها، لانها هي السبب في أن مصر ليست مستقلة عن الهيمنة الأميركية حتى الآن، وكانت سببا في وقوع الشعب المصري كله فريسة لكبار قيادات الحزب الوطني المنحل، واباطرة جماعة الاخوان المحظورة قبل وبعد ثورة كانون الثاني (يناير)، وحتي ثورة 30 حزيران (يونيو).
ما رأيك في الجدل الدائر حول تردّد السيسي في الترشّح للرئاسة؟
غير صحيح. الرجل ليس مترددًا وليس خائفًا من الفشل كما يزعم خصومه، وانما يحسب أموره بدقة بحكم تربيته وخلفيته العسكرية، وأرى انه حسم أمره بالترشح للرئاسة منذ أن زار روسيا، فهذه الزيارة كان هدفها دعم ترشحه من دولة كبيرة مثل روسيا، تتبعها دول اخرى بحكم ما لروسيا من ثقل سياسي. والتشكيل الاخير لحكومة ابراهيم محلب يؤكد أن السيسي سيترشح للرئاسة، فهو اختار عددًا من وزرائها، خصوصًا الحقائب المهمة، ليعتمد عليهم حال فوزه بالمنصب الرئاسي، ولضمان العمل في تناغم، بشكل يساعد على النهوض بمصر.
الحلف الواسع
لو كنت مكان الرئيس القادم فماذا تفعل لحماية الأمن القومي المصري؟
كما قلت علاقات متكافئة مع كل الدول، وتوطيد العلاقات مع روسيا، ولكن من دون التخلي عن العلاقات مع الولايات المتحدة، لانها دولة عظمى، لا يمكن لأحد تجاهلها، فضلا عن علاقات قوية مع افريقيا، خاصة مع دول حوض النيل، فالعلاقات المتكافئة والمتنوعة ستجنب مصر الهيمنة الأميركية، وتتيح امامها مساحة أكبر من حرية الخيارات، وتحرير القرار المصري، وتخلص مصر من آفة الاعتماد على طرف واحد.
وبهذه العلاقات يمكن تنويع مصادر السلاح ومصادر قوة الاقتصاد المصري، خصوصًا في الشق المتعلق بالاستثمارات، وفتح اسواق خارجية للصادرات المصرية، فضلا عن دعم دور مصر في التنظيمات والتحالفات الدولية القائمة، وبناء تحالفات جديدة لتحقيق مصالح مصر الاستراتيجية المرتبطة بأمنها القومي، كالعلاقات مع الصين وروسيا وافريقيا، لتعضيد موقف مصر من سد النهضة الاثيوبي.
وما نصائحك للرئيس المصري القادم في ما يتعلق بحقوق الانسان؟
على الرئيس القادم أن يدعم ملف حقوق الانسان، لأن المصريين لن يتسامحوا مع الافتئات على حقوقهم بعد قيامهم بثورتين. أي رئيس لا يعي ذلك يحفر قبره بيديه، لكن لا بد أن يتعامل مع الملف بوضوح وشفافية، بحيث لا تعمل أي منظمة بحثية مهتمة بحقوق الانسان في مصر إلا بعد الحصول على ترخيص، ومن خلال رقابة الدولة او وفق قاعدة المعاملة بالمثل المعروفة في التعامل بين الدول. ولا بد من مراقبة الاموال التي تتحصل عليها منظمات حقوق الانسان، والجمعيات العاملة في هذا المجال من خلال وزارة التضامن الاجتماعي.
وانا هنا اتفق مع ممثلي المجتمع المدني ونشطاء حقوق الانسان في اجتماعهم التشاوري الاخير، الذي عقد بمقر المنظمة المصرية لحقوق الانسان، ومنها أن يكون تأسيس الجمعيات الاهلية بمجرد الإخطار من دون قيود، وان يكون دورها تنمويًا.