أخبار

الإسلاميون عطلوا العدالة الإنتقالية فعاد الفلول إلى الساحة

غضب في تونس من تسريح أركان النظام السابق

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

غادر وزراء ومستشارو بن علي، وكبار المسؤولين في عهده، السجن. بعضهم التحق بأحزاب سليلة للحزب الذي تم حله، وآخرون أطلوا عبر الاعلام لإدانة الثورة. وهو ما خلف استياء بالغا في نفوس حقوقيين وسياسيين.

محمد بن رجب من تونس: أطلق القضاء التونسي مؤخرا سراح عدد من رموز نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

وأثار إطلاق سراح كل من رضا قريرة وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ونذير حمادة وزير البيئة في عهد الرئيس بن علي، واللذان يحاكمان بتهم الفساد، ردود فعل مستنكرة حول جدية المحاكمات التي تستهدف عددا من المتهمين بالفساد من رموز النظام السابق وندّدت بذلك قضاة وناشطون حقوقيون.

وقررت السلطات القضائية الأسبوع الماضي الإفراج عن ابنة شقيقة ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس المخلوع في قضية متعلقة بشبهة فساد مالي.

وكان القضاء قد أفرج خلال شهر يوليو الماضي على كل من عبدالعزيز بن ضياء وعبدالله القلال وعبدالوهاب عبدالله ومحمد الغرياني وعبدالرحيم الزواري والبشير التكاري وغيرهم من رموز النظام السابق.

ومؤخرا، ظهر بعض المسؤولين في عهد بن علي، على شاشات القنوات التلفزية وعبر الاذاعات والصحف، لتبييض فترة حكمهم والتبرؤ من تهم الفساد والاستبداد.

مؤشر خلل

أكد رئيس "المرصد التونسي لإستقلال القضاء"، أحمد الرحموني، أنّ عملية إطلاق سراح رموز النظام السابق بعد الثورة كانت تعقبها مظاهرات شعبية في أغسطس 2011، مشددا على أنّ هذا الإفراج هو مؤشر على وجود خلل في القضاء التونسي الذي لم يقدر على إجراء هذه المحاكمة ولكن الملفات التي أحيلت تتعلق بالحق العام من لجنة تقصي الحقائق وهي لا تمثل مخالفات أو جرائم جدية لأنها "ملفات فارغة" في أغلبها وهذا ما أدى إلى إطلاق سراح رموز النظام السابق بتعلاّت أخرى هي عبارة عن مسائل إجرائية تتعلق بإنتهاء مدة الإيقاف التحفظي لأن القضاء نفسه لم يحلهم على المحاكمة.

غياب المؤسسات الحقوقية

أكد البشير النفزي عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية والنائب بالمجلس التأسيسي أنّ إطلاق سراح رموز النظام السابق يتنزّل في إطار أنّ النظام السياسي الجديد لم يبن بعد منطقه الحقوقي، والمؤسسات الحقوقية لم تر النور بعد، وبالتالي لا يمكن أن تحاكم رموز نظام بن علي بنفس الأدوات التي كانوا صاغوها في فترة من الفترات وبنيت فعلا على عدم القدرة على محاسبة هؤلاء.

وشدّد النفزي لـ"إيلاف" على ضرورة انتظار بناء المؤسسات الحقوقية الجديدة، وذلك من خلال نظام العدالة الإنتقالية الذي اختير له أن يبنى شيئا فشيئا داخل أرقة المجلس الوطني التأسيسي ولذلك يجب الإنتظار حتى يكون الوضع العام جاهزا للمحاسبة.

ملفات فارغة

استنكرت الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين الإفراج عن وزير الدفاع السابق في نظام بن علي رضا قريرة.

وأوضحت أنّ "القضايا التي أحيل بسببها رموز النظام السابق كانت فارغة من ملفات الإدانة، لأن سجن هذه الرموز بعد الثورة مباشرة كان بغاية حمايتهم من أي ردود فعل منتظرة وليس لمحاسبتهم".

أضافت: "الملفات كانت فارغة من أي إدانة حقيقية لذلك يتم الآن ومن قبل إطلاق سراحهم بعد أن هدأت الأمور".

واتهم كثيرون حكومة الترويكا وأساسا حركة النهضة بعدم سعيها إلى محاكمة أركان النظام السابق، وحملوها مسؤولية عودنهم إلى الساحتين السياسية والإعلامية.

سياق سياسي

أشار القاضي أحمد الرحموني لـ"إيلاف" إلى أنّ إطلاق سراح رموز النظام السابق جاء في سياق سياسي يتميز بأن الرموز قد شغلت الحياة العامة وهي تتواجد على المستويين السياسي والإعلامي وهو ما يمثل معوّقات جدية للعدالة الإنتقالية لأنهم يعتبرونها الملجأ، بينما هي المحاسبة ولن تكون المصالحة إلا نتيجة أخيرة لهذا المسار الذي لم يبدأ بعد وعجز القضاء نفسه عن التتبع.

وأوضح الرحموني أن القضاء الجنائي هو مكون من مكونات العدالة الإنتقالية لم يلعب دوره في هذا الخصوص كما أن نتائج القطب القضائي ما تزال غير ملموسة بشأن تتبع رموز الفساد.

العدالة الإنتقالية

قال البشير النفزي عضو المجلس التأسيسي: "عندما يبنى النظام الجديد على قوانين أكثر صلابة وعلى قاعدة منظومة العدالة الإنتقالية ستعاد محاسبة كل هذه الرموز وسيفتح بالباب للنظام القانوني الجديد لمحاسبة الجميع منذ 1955 وكل تونسي بإمكانه أن يتقدم إلى منظومة العدالة الجديدة لتقديم شكوى في كل من ظلمه وعاقبه وعذبه وبالتالي يتنزّل إطلاق سراح رموز الناظم السابق في هذا الإطار ولن يفلت أحد من المحاسبة وهي عملية غربلة جديدة مثل العقد التشريعي العام للمرور من غربال العدالة الإنتقالية حتى يسترد الجميع حقوقهم"، مؤكدا أنّ الدولة ليست متسرّعة في محاسبة هؤلاء.

وأضاف لـ"إيلاف": "حتى بعد خروج رموز النظام السباق من السجن فلن يفلتوا إطلاقا من المنظومة القانونية الجديدة التي ستكون أكثر عدالة وستأتي المحاسبة".

وحول توفر ملفات الإدانة التي سيحاسب بها هؤلاء، قال:" من هنا تأتي المنظومة الجديدة فالقانون الذي تم إقراره في الفترة الأخيرة في المجلس التأسيسي من خلال هيئة الحقيقة والكرامة التي يتيح لها القانون أن تضع يدها على كل وثائق الدولة سرية كانت أو معلومة وفي الإدارة التونسية يمكن الحصول على كل الوثائق والمعلومات ولا إمكانية للإفلات".

إصلاح القضاء

قال القاضي الرحموني حول اتهام القضاء وغياب الإرادة السياسية: "القضاء ما يزال يعيش خللا ولا يمكن أن ننكر مسؤوليته مثلما هي مسؤولية جهات أخرى عديدة، فقد فشلنا في جعل القضاء آلية ذات أهمية للقطع مع الماضي ولمحاسبة المنظومة السابقة".

وأكد الرحموني: "لقد بدأنا فعلا في إصلاح القضاء جزئيا فالمنظومة التي أقرّها الدستور في باب السلطة القضائية يمكن أن تكون قاعدة لعملية إصلاحية".

وأضاف: "تنفيذا للتنظيم المؤقت للسلط العمومية وقع إقرار هيئة وقتية وهو إصلاح هيكلي ولكنها تتعرض لصعوبات عديدة وبدون ضمانات لكل القوانين التي أقرّها الدستور لا يمكن أن نتحدث عن عملية إصلاحية متكاملة للمنظومة القضائية".

وكان عدد من نواب المجلس التأسيسي تقدموا في يوليو 2013 بعريضة لمساءلة كل من رئيس الحكومة علي العريض ووزير العدل نذير بن عمّو على خلفية إطلاق سراح رموز النظام السابق.

عراقيل جدية

وأشار الرحموني إلى المعوقات التي تعاني منها العدالة الإنتقالية مؤكدا أنّ التجمع الدستوري الديمقراطي (حزب بن علي) الذي تمّ حلّه رمزيا في ظل وجود نحو أربعين حزبا تجمعيا حاليا تحوّل الآن إلى حقيقة على طاولة الأحزاب والمجلس التأسيسي والنخب السياسية والحوار الوطني حيث شاركت بعض هذه الأحزاب في انتخاب رئيس الحكومة، وبالتالي لا يمكن الآن الحديث عن عدالة انتقالية دون وجود عراقيل جدية.

وختم قائلا: "لم يكن رموز النظام السابق في بداية الثورة يجرؤون على الظهور وتغير الحال الآن حيث بدأنا نسمع تلميعا لصورة التجمّع وهذا يمثل إشكالا حقيقيا".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف