شبح التطهير العرقي يطلّ برأسه في القرم الأوكرانية
بوتين على خطى ستالين في التنكيل بتتار القرم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يخشى التتار في القرم الأوكرانية، ممن بدأوا يتعرضون لسلوكات عنصرية، على مستقبلهم. فروسيا ستالين نكلت بهم وهجّرتهم، وروسيا بوتين تسير على ذات النهج بسبب دعم تلك الأقلية للسلطات الجديدة في كييف.
عبدالإله مجيد من لندن: يمضي علي تارسينوف هذه الأيام غالبية لياليه مع رجال آخرين في حراسة مسجد قريتهم.
وخلال ساعات النهار تمنع زوجته فريدة ابنتهما الكبرى من الذهاب الى الكلية لمواصلة دراستها الجامعية في سيمفروبل عاصمة القرم.
وقالت فريدة تارسينوف وهي تعد مائدة عامرة بالأكلات التتارية "نحن رهائن هنا" مضيفة ان اول من سيعانون بسبب هذا النزاع وأول من سيُهجرون هم تتار القرم. وليس لدينا مكان نلجأ اليه".
ستالين وسياسة التهجير
كان اجداد فريدة حكموا شبه جزيرة القرم التي تطل على البحر الأسود ثلاثة قرون ابتداء من عام 1441.
وذات ليلة في ايار/مايو 1944 قرر ستالين بجرة قلم تهجير تتار القرم الى آسيا الوسطى وتطهير شبه الجزيرة من غالبية المسلمين الذين لا ينتمون الى العرق السلافي.
وما ان انهارت القيود التي كانت مفروضة على حركة التتار مع انهيار الاتحاد السوفياتي حتى عادت عائلة علي تارسينوف الى القرم.
واليوم يواجه نحو 260 الف تتاري يشكلون زهاء 12 في المئة من سكان القرم خطرا وجوديا جديدا في وطنهم الأصلي بضم شبه الجزيرة الى روسيا أو اعلان انفصالها بقيادة صنائع تحركهم موسكو.
وتبدّد أمل التتار بخيار آخر يُبقي القرم تحت السيادة الاوكرانية بعد الاجتياح العسكري الروسي.
راهنوا على الحرية... لكن
وكان التتار دعموا بقوة استقلال اوكرانيا ونظامها السياسي المنخور بالفساد مراهنين على تطور الديمقراطية الوليدة واتساع الحريات المتاحة.
ولكن النزعة القومية الروسية التي أفلتت من عقالها في القرم منذ التدخل الروسي تعيد التذكير بما عاناه تتار شبه الجزيرة من عمليات تهجير تعود الى سيطرة روسيا القيصرية في عهد كاترين الكبرى على القرم عام 1783.
شبح التطهير العرقي
واستحضر ظهور قوميين صرب في القرم خلال الأيام الماضية لدعم "الأشقاء" الروس شبح التطهيرات العرقية التي شهدتها البلقان في عقد التسعينات وخاصة ضد مسلمي البوسنة.
إذ رُسمت علامة الصليب على بيوت يسكنها تتار في عاصمتهم التاريخية باختشي سراي فيما تُركت بيوت الروس دون ان يمسها أحد.
عنصرية مفرطة
وقالت فريدة تارسينوف لصحيفة وول ستريت جورنال "لا داعي لوضع علامات على بيوتنا فان قريتنا كلها مأهولة بتتار القرم".
واضاف زوجها علي "إذا بدأوا مهاجمتنا فانهم يستطعيون طردنا في غضون ايام".
وقالت فريدة ان الروس يسمون التتار "ذوي الوجوه السوداء" في إشارة عنصرية الى الأجانب غير الاوروبيين.
وكان التتار قاموا بدور مميز في التظاهرات المؤيدة لحكومة كييف الجديدة في القرم حيث انتهت بعضها باشتباكات مع متطرفين روس. ولكن وضع التتار يبقى صعبا في شبه الجزيرة حيث يدعم الجيش الروسي حكومة محلية يقودها حزب هامشي ونُصبت بعملية انقلابية.
مقاطعة الإستفتاء
ودعا قادة التتار الى مقاطعة الاستفتاء المقرر اجراؤه في 16 آذار/مارس على مستقبل القرم.
وقالت فريدة ان المقاطعة "خطوة انتحارية ولكن ليس امامنا خيار آخر" متوقعة ان تعقب المقاطعة اعمال انتقامية ضد التتار، بما في ذلك تهديد حقهم في ملكية ارضهم وبيوتهم.
قال علي: "الروس سيذهبون ابعد ولن نكون قادرين على حضور اجتماعات والكلام بحرية. فنحن تعودنا خلال السنوات العشرين الماضية على عيش حياة حرة".
صمت العالم
وكان قادة التتار قالوا لشعبهم ان الولايات المتحدة وعدت بحماية سيادة اوكرانيا الاقليمية ووحدة اراضيها في اتفاقية بودابست عام 1994.
واليوم يتساءل التتار ويسألون المراسلين الغربيين في المنطقة ما إذا كان الرئيس اوباما سيهب لمساعدتهم. ولكن دامير تارسينوف ابن علي البكر قال غاضبا ان العالم سمح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالعربدة في القرم كما يحلو له.
وكانت علائم التعب والقلق بادية على والدي دامير اللذين أمضيا 23 عاما من الكدح لبناء منزل العائلة الذي لم يكتمل حتى الآن ولا يعرفان ما إذا كان سيكتمل ذات يوم.
ويتشبث علي تارسينوف ببارقة من الأمل قائلا "ان روسيا لا يمكن ان تقف ضد العالم بأسره، 150 مليونا ضد 6 مليارات حتى وإن امتلكوا أسلحة نووية".