أخبار

مخاوف من تقييد حريات المُصلين

تونس تشدد رقابتها على المساجد بعد أن خرجت عن سيطرتها

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

قررت السلطات التونسية تشديد قبضتها على المساجد بعد أن سيطر متطرفون على الكثير منها واستغلوها منابر للتكفير والحضّ على العنف. ورغم أن التوجه العام كان مرحبا بالقرار، إلا أن جمعيات اسلامية حذرت من مغبة تقييد حريات المصلّين وروّاد المساجد.

محمد بن رجب من تونس: أثار قرار وزارة الشؤون الدينية في تونس، بتحديد فتح وغلق المساجد والجوامع لأداء الصلاة، ردود فعل متباينة من جمعيات دينية رأت في ذلك تضييقا على المصلّين بينما اعتبرها خبراء أمنيون خطوة إيجابية من أجل "استعادة المساجد التي تم افتكاكها من طرف المتشددين" و"تضييقا على الإرهاب".

إحكام سير المساجد

"حرصا على مزيد إحكام سير المساجد ومنعا لاستغلال بيوت اللّه وتجهيزاتها لغايات تتنافى وحرمة هذه الأماكن المقدّسة والأهداف التّي شيّدت لأجلها، وقطعا مع مظاهر الإهمال والتهاون التي تمّ تسجيلها في بعض الجوامع والمساجد كالمبيت بها واستغلال مكوّناتــها وتجهيزاتــها بصفة غير قانونيّة"، قررت وزارة الشؤون الدينية فتح الجوامع والمساجد قبل صلاة الصبح بساعة واغلاقها بعد أداء الصلاة بنصف ساعة ثم تبقى مفتوحة قبل صلاة الظهر وحتّى صلاة العشاء وتغلق بعد أداء الصلاة بنصف ساعة.

وأكدت الوزارة في بيان لها "تواصل دعمها وتشجيعها لإقامة الدروس والإملاءات القرآنيّة ومختلف الأنشطة الدينيّة بالمساجد والجوامع طبقا للتراتيب الجاري بــها العمل".

رفض للوصاية

عبّرت جمعية الخطابة والعلوم الشرعية في صفاقس وجمعيّة المحافظة على القرآن الكريم والأخلاق الفاضلة في صفاقس والجمعية التّونسية لأئمة المساجد والجمعيّة التّونسية للعلوم الشرعيّة فرع صفاقس وجمعية العلوم العربية والشرعيّة وجمعيّة الدعوة والإصلاح وجمعيّة لسان المساجد عن "رفضها القطعي لكلّ ما من شأنه أن يفرض وصاية على المسجد".

وأبدت تلك الجمعيات "استياءها من هذه المواقف والادّعاءات".

واعتبرت في بيان مشترك أنّ:"إبعاد المساجد عن التجاذبات السياسية والتوظيف الحزبي ليس مطلب المجتمع المدني فحسب وإنّما أيضا مطلب أئمّة المساجد كي يؤدّوا رسالتهم على النحو الذي يضمن توازن الخطاب الإسلامي وخدمته للمصلحة العامّة بما ينسجم مع التعاليم الشرعية".

تحديد المسؤولية

ثمّنت الجمعية التونسية للوعاظ والإطارات الدينية قرار الوزارة ولكنها لفتت النظر إلى أنّ المنشور (القرا) "لم يحدد المسؤول عن المعلم الديني خلال فترة فتحه أهو الإمام الخطيب أم إمام الخمس أم المؤذن أم القائم بشؤون المسجد".

وشددت على أنّ ذلك يفتح الباب أمام الخلافات فيتنصّل كل من مسؤولية فتح المعلم وهو ما قد ينجر عنه مخالفات وسرقات.

وقالت الجمعية "كان من الأولى معالجة المعالم التي تعرف انفلاتا وترك المعالم الأخرى على حالها".

لا يجوز شرعا

اعتبر الدكتور سالم العدّالي رئيس الجمعية التونسية لأئمة المساجد أنّ قرار وزارة الشؤون الدينية "غير جائز شرعا"، ولكن تماشيا مع المناخ السياسي فلا بأس بذلك لأنه قرار وقتي.

وأوضح لـ"إيلاف": "إذا كان جمع من الشباب متمرّدا وخاضعا لأياد خارجية ليستولي على المساجد التي تحدث بها الفوضى واستغلالها في أشياء لم تشيّد من أجلها، فإنّ لهذا القرار فائدة وهي احترام حرمة المساجد".

وقال الدكتور العدالي: "هذا القرار لا يمكن أن يقيّد أحد الشيوخ المعترف لهم بالكفاءة العلمية أن يقدّم درسا مفيدا للمسلمين ولكنه في الوقت نفسه يحرم بعض المتطفّلين من القيام بالدروس".

ولم يعتبر العدّالي هذا القرار تضييقا على المصلّين لأنه قرار داخلي لا يصل إلى درجة القانون ويمكن تطبيقه في بعض المساجد دون أخرى تماشيا مع الظروف الخاصة المحيطة بها.

تحييد المساجد

أكّد العدالي أنّ تحييد المساجد كلمة أسيء فهمها من طرف بعض الأوساط السياسية بالدرجة الأولى والتي تجهل رسالة المسجد لأنهم لم يطلعوا على العلوم والأحكام الإسلامية.

وقال :"نحن نفهم تحييد المساجد من زاوية واحدة فالإمام الخطيب لا يدعو لحزب معيّن أو لأشخاص معيّنين أما عدا ذلك على غرار الحديث عن الأخلاق والقيم الحضارية الإنسانية والشؤون الإجتماعية والإقتصادية والفساد الإداري أو مشاكل التربية أو الميوعة لدى الشباب والزنا والإغتصاب وحتى بعض الجوانب السياسية مثل عملية انتهاك البيت المقدس مثلا أوعندما تنتهك المقدسات في تونس ويقع المسّ بالقرآن الكريم أو الذات الإلهية أو الرسول صلى الله عليه وسلم".

واستنكرت المنظمة التونسية للشغل الحوارات حول تحييد المساجد بعيدا عن التأويل والإجتهاد "حتى لا يتحول الأمر إلى شعار يرفعـه البعض لإرهاب روّاد المساجد ودفعهم إلى هجرهـا على سبيل الحيطة والحذر أو مدخلا لزرع الفتنة بين جموع المصلين أو ذريعة لتصفية حسابات سياسية أو حتى نقابية".

إجراء تنظيمي

أكد عبدالستار بدر، مدير ديوان وزير الشؤون الدينية، أنّ الإجراء تنظيمي بحت وتم اتخاذه لأسباب عديدة منها المحافظة على الطاقة اعتبارا إلى الإستهلاك الكبير الذي نسجله في المساجد إلى جانب ضرورة المحافظة على هيبة الجوامع وقداستها بعد أن تحوّلت كأماكن للمبيت والطبخ واجتماعات خارجة عن نظام المسجد.

وأشار بدر لـ"إيلاف" إلى أنه يتم التنسيق مع وزارة الداخلية حيث يتم تحديد مجموعة من المساجد في جهات البلاد في كل مرة ويعيّن أئمة لها ينصّبون وفي صورة وجود معارضة من الأطراف المستولية على هذه المعالم يتمّ الإستعانة بالسلطة التنفيذية وبهذا التمشي وعلى مدى ثلاثة أشهر يكون العمل على استرداد نحو 150 مسجدا وجامعا افتكّت منذ فترة لتعود إلى وزارة الشؤون الدينية.

محاربة الإرهاب

ثمّن الخبير في الشؤون الأمنية مازن الشريف قرار وزارة الشؤون الدينية مؤكدا أنّه يعمل على استرجاع المساجد التي افتكّتها الجماعات المتشددة في جهات عديدة.

واعتبر الشريف في تصريحات لـ"إيلاف" أنّ منابر بعض المساجد التي اعتلاها متطرفون يدعون إلى القتل والعنف في ظل حكومات ضعيفة لم تكن قادرة على حماية مؤسسات الدولة وبالتالي، إيقاف هؤلاء المتطرفين ومحاكمتهم.

وقال: "جاء قرار وزارة الشؤون الدينية كخطوة صحيحة في إطار محاربة ظاهرة الإرهاب التي بدأت تطلّ علينا في تونس ولا بد من محاربتها قبل أن تستفحل".

وأعلنت وزارة الشؤون الدينية بأنها "تنسّق مع الجهات المعنيّة بالفتوى والمعهد الوطني للرّصد الجوّي من أجل إعداد ملف تلفزي وإعلامي لإنارة الرّأي العام بحقيقة هذه المسألة وستنشر قريبا الرّأي الفقهي الشّرعي والعلمي الفلكي بتفصيل وتدليل".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف