رجل دين أردني يرسل الشباب للموت في سوريا
أبو سياف حارس "بوابة الجهاد" في معان الأردنية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أبو سياف يقود حلفًا إسلاميًا من معان الأردنية مع جبهة النصرة السورية، يرسل إليها المقاتلين، ويتهدد النظام الأردني بأنه لن يتركه وشأنه.
بيروت: في جنوب العاصمة عمان، يستقبل محمد الشلبي مجموعات من الصحافيين ويدعوهم لمشاركته في الجنازات التي تحتفل بمقتل أردنيين، لقوا حتفهم بالقتال في سوريا إلى جانب صفوف جبهة النصرة.
والشلبي رجل دين يتمتع بشعبية واسعة في الحركة الجهادية السلفية في الأردن، وهو معروف باسم "أبو سياف"، تحول إلى حارس لحركة الجهاد في الأردن بعد أن أصبح صلة الوصل الرئيسة بين المقاتلين الأردنيين والجماعات المتشددة التي تشارك في الحرب السورية.
ويستقبل أبو سياف الصحافيين في منزله، ويقدم لهم نظرة شاملة عن الجماعات الجهادية السلفية، ودور الإسلام السياسي على نطاق أوسع، في الاضطرابات الجارية في الشرق الأوسط.
نفوذ خطير وشعبية واسعة
تعكس وجهات نظر أبو سياف بشأن الحرب في سوريا الصورة الأكبر للرجال الذين يساعدون في تحديد خطوط المعركة السورية، وتشكل أيضًا المفهوم العام الذي يجذب المئات من الشباب الأردني، بناء على مبادئ الدفاع عن الإسلام وواجب الجهاد في سوريا.
ولا يعتبر أبو سياف رجل دين أو عالمًا إسلاميًا، لكن هذا لا ينفي أنه يتمتع بشعبية واسعة ونفوذ محلي خطير يجعله صاحب تأثير قوي على الشبان. وفي الوقت الذي يحتدم فيه الصراع في سوريا، ترتفع صيحة استنفار جديدة متخوفة من جيل جديد من المتطرفين الإسلاميين الذين يكتسبون خبرة في ساحات القتال السورية ويشكلون تهديدًا جديدًا للاستقرار في البلدان المجاورة وما وراءها.
جذور جديدة للقاعدة
في هذا السياق، اعتبرت صحيفة فورين بوليسي أن ايديولوجيا تنظيم القاعدة عادت لتزدهر وتنمو من جديد، بعد مرور أكثر من عشر سنوات على أحداث الأول من أيلول (سبتمبر). وأشارت إلى أن القاعدة ترسخ جذورًا جديدة لها في الشرق الأوسط.
الشيخ سامي العريدي، الملقب بـ "أبو محمود الشامي"، رجل دين أردني يعتبر مرجعية شرعية كبرى ضمن جبهة النصرة. ومن المتوقع أن يصبح مصدر قلق للكثير من الدول، بسبب جهوده الحثيثة والسريعة لبناء شبكة دعم واسعة للشبكات المتطرفة في مدينة معان.
والعلاقات السياسية والاقتصادية التي تربط بين هذه المدينة في جنوب الأردن مع سوريا هي أقدم بكثير من الحدود الحالية في المنطقة. فمعان تقع على خط الحجاز التاريخي، الذي كان يربط دمشق بالمدينة المنورة في السعودية، وهو أيضًا خط السكك الحديدية الشهير الذي قصفه مقاتلو لورانس العرب الأسطوري.
بعد مرور مئات السنين، تحافظ معان على جذورها الثقافية المحافظة، كما أنها مدينة قبلية، وذات أغلبية فلسطينية في الأصل، وفقًا لمعظم التقديرات.
زرقاوي جديد
وتعاني معان من صعوبات اقتصادية هائلة وهي من المدن التي تتجاهلها السلطة السياسية. فهناك عدد قليل من فرص العمل، ولا يمكن رؤية شرطي أو رجل أمن واحد يمثل سلطة الدولة بأي شكل من الأشكال. وهذا الواقع جعل مدينة معان مركزًا للتطرف، إذ تحولت في السنوات الأخيرة إلى معقل للشخصيات البارزة في الحركات الإسلامية الراديكالية.
يقول المحلل الأردني حسن أبو هنية: "هدف تنظيم القاعدة في مطلع القرن الماضي كان تجنيد المزيد من شرق الأردن من أجل نشر أيديولوجيتها إلى المناطق القبلية في البلاد، وأبو مصعب الزرقاوي، الزعيم السابق لتنظيم القاعدة في العراق، كان نتاج هذه الاستراتيجية، واليوم أبو سياف مثال آخر".
سجن فعفو فجهاد
مثل العديد من القادة الجهاديين السلفيين، لأبي سياف ماضٍ متقلب ومتعثر. ويقول أبو هنية: "قبل أن ينصب أبو سياف نفسه شيخًا، كان يقع في مشاكل دائمة ويخرق القوانين، وتعرفنا إليه في السجن لأسباب جنائية لا جهادية".
بعد فترة قصيرة، أصبح أبو سياف إمامًا مرخصًا من قبل الحكومة، لكن حُكم عليه بالإعدام بعد اتهامه بأعمال شغب في معان في العام 2002، أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل.
في العام 2004، أدين بالتخطيط لهجمات على القواعد الأردنية التي كانت تستضيف مدربين عسكريين أميركيين، لكنه تلقى عفوًا خاصًا في العام 2007 يخفف حكم الإعدام الصادر بحقه، ليعود ويطلق سراحه في العام 2011 مع متشددين آخرين بموجب عفو خاص أصدره الملك عبد الله، في الذكرى الثانية عشرة لتسلمه الحكم.
أرقام متضاربة
يقول أبو سياف إن ما لا يقل عن 1,800 أردني ذهبوا للقتال في سوريا، وهو رقم يفخر به كثيرًا إذ يعتبر أن الأولوية المطلقة هي حشد الدعم للقضية الجهادية في سوريا. ويشير إلى أن هناك ما لا يقل عن 10,000 عضو ومناصر لحركة الجهاد في الأردن، مضيفًا: "الشعب السوري طلب النجدة من المسلمين، لكن الجميع خذلهم باستثنائنا".
الارقام التي يقدمها أبو سياف مشكك بها من قبل كبار المسؤولين الأردنيين، فهؤلاء يقولون إن الارقام أقل بكثير. ويتهم أبو سياف الحكومة الأردنية باعتماد النهج السلبي تجاه الحرب السورية. ويقول: "الحكومة لم تدع الناس للجهاد في سوريا، لكنها تركتهم يفعلون ما يريدون في الوقت ذاته، فذهبوا وقاتلوا وعادوا من دون عقاب".
عدو عدوي صديقي
جماعة أبو سياف مناهضة للولايات المتحدة، إلا أنها على استعداد للعمل وفقًا لمبدأ عدو عدوي صديقي، على الأقل موقتًا. ولهذا السبب، يقول إنه لا يعارض الجهود الأميركية لتسليح الثوار السوريين.
ويقول أبو سياف: "نحن مع أي قوة تساعدنا على الإطاحة بالأسد. لكن أشك في أن حكومة الولايات المتحدة سوف تتدخل في الصراع السوري الآن، بسبب العداء تجاه الجماعات الإسلامية كجبهة النصرة" مشيرًا إلى أن الغرب سيستمر بدعم الجيش السوري الحر فقط.
وفي محاولة لشرح الفوارق بين الجماعات الجهادية السلفية في سوريا، قال أبو سياف: "نقطة الخلاف الرئيسة بين داعش وغيرها من الجماعات هو تنفيذ العقاب على انتهاكات القانون الإسلامي. الجماعات مثل جبهة النصرة والجبهة الإسلامية تفضل النهج التدريجي الذي يعتمد على التعليم والنصح قبل العقاب، لكن داعش لديها وجهة نظر أخرى وهي: إما تكون معنا أو ضدنا".
حلم أفغاني بنسخة سورية
عن سيناريو ما بعد الأسد، يقول أبو سياف: "الهدف إقامة دولة اسلامية سورية تجمع الجهاديين في العالم، وهو سيناريو شبيه بالحلم الأفغاني بعد الانسحاب الروسي في العام 1989". على الرغم من هذه الأحلام الكبيرة، يعترف أبو سياف بأن مسعاه يصطدم بعراقيل داخلية، فيقول إن حركته ليست مستعدة لمواجهة النظام السياسي في الداخل.
"قلت مرات عديدة إن النظام الذي يحكم الأردن نظام مرتد لا بد من إزالته، وعندما نصبح قادرين على ذلك، لن نترك هذا النظام وشأنه".
هذا التهديد يؤرق المسؤولين في عمان، الذي يأخذون كلام ابو سياف على محمل الجد. ويتخوف هؤلاء من أن المتشددين الاسلاميين يكتسبون خبرة قيمة في سوريا، وهذا يشكل تهديدًا للاستقرار في الأردن، كما يشتكون من أن العديد من الدول في الخليج تعمل على دعم الجماعات المسلحة في الأردن.